منذ بداية ظهورها على ساحة الألعاب في نهاية تسعينيات القرن الماضي، وبالتحديد عام 1997، قلبت سلسلة ألعاب GTA موازين عالم الألعاب. البداية الحقيقية كانت مع بداية الألفية الجديدة عندما رأينا Grand Theft Auto 3 وبدأ صدى اللعبة يتردد على مسامع جميع اللاعبين، من وقتها وحتى يومنا هذا.
عوامل كثيرة جذبت اللاعبين لتلك السلسلة الإجرامية والمليئة بالمتعة والتشويق، وأحد أهم تلك العوامل كان الشيء المُلفت للنظر والذي اهتمت به Rockstar لإضفاء لمسة المهابة النهائية للعبة التي سيطرت على الجيل الخامس والسادس للألعاب تقريبًا، ذلك الشيء كان التعليق الصوتي وظهور بعض الممثلين ذوو المكانة في هوليوود.
بغض النظر عن الكيفية التي تردد بها ذلك التعليق الصوتي على مسامعنا، كانت حركة أفواه الشخصيات وأصواتهم المهيبة أحد أسباب تعلقنا بالسلسلة. لم تختر Rockstar ممثلي أصوات عاديين، ولكنها ركزت على شخصيات شهيرة وبرزت في أفلام العصابات وقتها (سنذكر أمثلة) لتتماشى مع أجواء اللعبة الإجرامية وعالمها المفتوح. بدأ التمثيل الصوتي القوي مع GTA 3 ولم يتوقف مع الأجزاء اللاحقة.
GTA 3 – البداية
في 22 أكتوبر 2001 كانت البداية الحقيقية لسلسة ألعاب GTA عمومًا والتعليق الصوتي الجذاب خصوصًا. رصفت اللعبة الطريق للتعليق الصوتي من خلال الاستعانة بممثلين كِبار. صمت كلود (الشخصية الرئيسية) لم يعن أن اللعبة ستتغاضى عن الحوارات، فقط Rockstar لم تستغل بطل اللعبة في جذب اللاعبين من خلال التعليق الصوتي.
بعيدًا عن كلود، تمكنت اللعبة من جعل قلوب اللاعبين وعقولهم تتشبث بشخصيات أخرى محورية عن طريق الاستعانة بالممثلين المشهورين وقتها. الضابط الفاسد Ray Machowski هو مثالنا الأول، والذي قام الممثل الشهير روبرت لوجيا بالأداء الصوتي له. يُعرف لوجيا بظهوره في الكثير من الأعمال السينمائية القوية مثل Scarface (بشخصية فرانك لوبيز) للمثل القدير آل باتشينو، والفيلم الكوميدي BIG لتوم هانكس.
الشخصية الثانية هي شخصية الزعيم الشرير Salvatore Leon والتي تولى أمرها الممثل الكبير فرانك فنسنت. ظهر فنسنت في أعمال قوية وبالأخص في أفلام العصابات مثل Goodfellas (بدور بيلي باتس) وفيلم Casino بدور فرانك مارينو.
بشخصية Dale Cooper، اشتهر الممثل كايل ماكلاشلان. عمل ماكلاشلان مع المخرج David Lynch واشتهر بمسلسل Twin Peaks بشخصيته النبيلة، أما في GTA، فكان عكس ذلك تمامًا. لعب كايل ماكلاشلان دور المليونير الفاسد، وآكل لحوم البشر، والشخصية القذرة Donald love. شخصيتان متناقضتان تمامًا خرجا من نفس الممثل وبإتقان عالٍ.
Vice City وSan Andreas يتابعان المسيرة
انتهينا من GTA 3 ومشاكلها المتعلقة بالرسوميات مقارنةً بالأداءات الصوتية القوية، ودخلنا عالم Vice City. ظن بعض اللاعبون أن الأمر سيكون مبتذلًا، ولكنه لم يكن كذلك.
أخذت Vice City الكثير من أخطاء سابقتها وعدلت عليها. جعلت Rockstar اندماج الممثلين أكثر واقعية. على عكس GTA 3 والتي جسدت الفترة الزمنية وقتها، أخذتنا Vice City (صدرت أكتوبر 2002) بالزمن إلى الوراء؛ إلى حقبة مدينة ميامي في أواخر الثمانينيات وبدايات التسعينات.
على عكس الشخصية الرئيسية في GTA 3، رأينا زعيم العصابات ذو الدوافع الواضحة، تومي فيرسيتي، وRockstar تهتم به وبأدائه الصوتي. راي لايوتا، من منا لا يعرفه؟ بطل فيلم Goodfellas (بدور هنري هيل) والذي يختلف عليه وعلى دوافعه الكثيرون. مجرم ومُحاط بأجواء العصابات في كلا العملين.
الممثل الثاني في اللعبة كان فيلب مايكل توماس والذي اشتُهر بدور ريكاردو تابس في مسلسل Miami Vice والذي يحمي عن الأجواء الإجرامية في الثمانينيات. تولى فيلت توماس مهمة الأداء الصوتي لشخصية Lance Vance (صديق تومي فيرسيتي). وبالمناسبة، كان مسلسل Miami Vice أحد المؤثرين في Rockstar وأحد العوامل التي استندت عليها لعبة GTA: Vice City.
لم تنته أدوار الممثلين في Vice City بعد، بل رأينا William Fichtner، والشهير بدور ألكساندر ماهون في مسلسل Prison Break، بدور Ken Rosenberg في اللعبة. أيضًا الممثل Danny Trejo بدور Umberto Robina والذي يحمل شكله الحقيقي بالمناسبة. وأخيرًا، الممثل القدر Burt Reynolds بدور Avery Carrington.
في لعبة San Andreas، ذهبت Rockstar في اختيار الشخصيات إلى درجات أعمق؛ فاختارت الشركة الممثلين الصوتيين بناءً على حالتهم وطريقة معيشتهم الاجتماعية والاقتصادية. تجلى ذلك الأمر في اختيار مغنى الراب، Young Maylay، للعب دور CJ وأيضًا في اختيار الممثل ذو النبرة المميزة صامويل جاكسون بدور الضابط Frank Tenpenny.
ما بعد الـ 2D في ألعاب GTA
في زمن الألعاب عالية الرسوميات والجودة، قررت Rockstar التخلي عن فكرة اختيار ممثلين مرموقين للقيام بالأدوار الصوتية لشخصياتها في ألعاب GTA، ولكنها جلبت الممثلين أنفسهم داخل اللعبة عوضًا عن ذلك. رأينا ذلك الأمر يتجلى في Grand Theft Auto 4 عندما جلبت اللعبة الكوميديان والمقدم الإذاعي السابق ريكي جيرفيه، وكذلك الحال مع الرابر والممثل الأمريكي كات ويليامز.
أما عن العنقود الأخير في السلسلة، GTA 5، فقررت الشركة أن تهدأ من روعها وتقلل ظهور المشاهير، ولكنها اعتمدت على محاكاتهم عن طريق صنع شخصيات تشبههم (مثلما حدث مع Umberto Robina في سان أندرياس). شخصيات مثل Solomon Richards كانت تحاكي الممثل الشهير Mel Brooks.
أيضًا شخصية Trevor Philips، المجرم، ومقتحم البنوك، والشخصية الأهم عند الكثير من اللاعبين، تم تمثيل أداءها الصوتي بواسطة الممثل والمؤدي الصوتي Steven Ogg والذي ترشح بذلك الدور عن أفضل أداء صوتي.
أما عن نسخة الأونلاين من اللعبة، فرأينا مغني الراب، Dr. Dre. بنفسه في اللعبة، وكان هذا مسك الختام لألعاب GTA، وربما سيستكمل غيره المسيرة في النسخ القادمة -إن وجدت- من السلسلة الأعظم في تاريخ Rockstar.