تُعد منتجات Apple إحدى أكثر المنتجات التي يرغب معظم المستخدمين في اقتناء واحدة منها على الأقل، ويُصنف جزء كبير منها بأنها منتجات باهظة الثمن، ولهذا تقدم الشركة خدمة Upgrade Program لشراء هاتف iPhone بقسط سنتين والحصول على إصدار جديد سنوياً، وخدمة Apple Card لتقسيط منتجات الشركة واستبدالها مع دفع الفرق والحصول على مردود مالي بنسبة 3% على المشتريات.
الآن تشير بعض التقارير إلى أن الشركة تعمل على خدمة جديدة كلياً تسمح للمستخدمين باقتناء أحدث منتجات الشركة سنوياً مقابل دفع رسوم شهرية بطريقة تشبه الاشتراك في خدمات Apple المتنوعة مع امتلاك المنتج بشكل كامل عند سداد جميع الرسوم. فما الذي نعرفه عن الخدمة؟ ومتى سيتم إطلاقها؟ وكيف سيؤثر ذلك على طريقة شرائنا للمنتجات؟ هذا ما سنتناوله في مقالتنا.
تطور Apple خدمة “البيع بشرط الإيجار” لمنتجاتها بدلاً من شرائها!
صدر منذ عدة أيام تقرير من Bloomberg يكشف لنا المزيد من التفاصيل عن خدمة Apple المزعومة. حسب المصدر فإن الحصول على منتج يتم من خلال دفع رسوم شهرية عبر الدفع الإلكتروني بدلاً من شرائه دفعة واحدة، أي أن الخدمة تتشابه مع فكرة الاشتراك بخدمة Apple Music أو زيادة السعة التخزينية لمنصة iCloud.
يمكن وصف عقد الاشتراك بالخدمة قانونياً بمصطلح “البيع بشرط الإيجار” أي دفع أجرة المبيع حتى استيفاء كامل الثمن بحيث يتحول بعدها العقد إلى “بيع”، وفي حال الامتناع عن الدفع يتم فسخ العقد، ولا يتم استرداد ما دُفع ويُعتبر عربوناً أو تعويضاً عن المسؤولية العقدية التي تم الإخلال بها.
يُخير المستخدم بين شراء الجهاز بسعره كاملاً أو بدفع أقساط “البيع بشرط الإيجار” عبر البطاقة الائتمانية المرتبطة بحساب Apple ID المُسجل على المنتجات التي يتم شراؤها بهذا النظام، وإلا ستتخذ الشركة الإجراءات القانونية، وقد تمنعه من استخدام الجهاز عن طريق تشفيره إذا عجزت عن استرداده أو الكصوب على تكملة القِسط.. إنها Apple يا صديقي.
خدمة “بيع بشرط الإيجار” ليست بالجديدة
الخدمة ليست بالجديدة على مستوى الشركات ويوجد من بدأ باختبارها حالياً! فشركة Peloton Interactive تقوم مؤخراً باختبار خدمة اشتراك تسمح للمستخدمين باستئجار الدراجات الهوائية ومحتوى صحي مقابل 60-100 دولار في الشهر، وحتى العملاق Google قام بتجربة خدمة مشابهة لحواسيب Chromebooks المحمولة.
أيضاً الفكرة ليست جديدة بالنسبة لشركة Apple، فقد أشار بعض المحللين في بورصة Wall Street مسبقاً إلى اتخاذ Apple خطوة لتنفيذ خدمة “البيع بشرط الإيجار”، وقد طرح المحلل Toni Sacconaghi هذه الفكرة عام 2016 عندما أشار في ذلك الوقت أنها ستساعد Apple في الوصول إلى قيمة سوقية تبلغ التريليون دولار، وها قد تجاوزت قيمتها 2.84 تريليون دولار بدون إطلاق الخدمة!
الخدمة ستزيد من مبيعات Apple بشكل كبير مما سيزيد من قيمتها السوقبة بشكل أكبر! حسب Bloomberg، فإن Apple كانت تعمل على هذه الخدمة لعدة أشهر ثم توقفت عن ذلك مؤخراً وألقته جانباً مفسحةً المجال للعمل على خدمة “Buy now, pay later” الشبيهة بالتي تقدمها PayPal، والتي تسمح للمستخدمين بتقسيط عمليات الشراء التي تتم من خلال خدمة Apple Card، ومع ذلك فمن المُتوقع أن تصدر خدمة “البيع بشرط الإيجار” آخر العام الحالي أو بداية 2023 وقد يتم إلغاؤها تماماً.
خدمة “البيع بشرط الإيجار” قد تكون الطريقة الشائعة لشراء أي منتج في المستقبل!
إذا أطلقت Apple خدمة “البيع بشرط الإيجار” فحتماً سنرى كبرى شركات التقنية تتيح هذه الخدمة لشراء منتجاتها، ومن المعروف أن قرارات Apple تؤثر على باقي الشركات حتى لو كانت غير صائبة طالما كانت مُربحةً، ومن ذلك بيع الهواتف بسعر 1,000 دولار أو أكثر بدايةً من iPhone X، وتصميم Notch، وإزالة منفذ 3.5mm، وإزالة الشاحن والسماعات من العلبة.
سيتم تجربة الخدمة وإطلاقها في البداية لهواتف iPhone، وذلك لأنها أكثر المنتجات التي يرغب الناس في شرائها، كما أنها أكثر المنتجات التي تحقق أرباحاً للشركة، حيث تشكل إيرادات هواتف iPhone حسب Bloomberg عام 2021 حوالي 52.5% من إجمالي إيرادات الشركة التي بلغت 365.7 مليار دولار أي 192 مليار دولار!
ستكون الخدمة مفيدة للمستخدم لأنها ستساعده في شراء المنتجات التي يرغب بها لقاء مبلغ بسيط شهرياً، وسيتمكن من استبدال الأجهزة التي اشتراها بالخدمة بأجهزة جديدة كل عام دون دفع مبالغ باهظة، كما أنها تؤكد ملكيته للجهاز بشكل متواتر بسبب بيانات البطاقة الائتمانية وتتبع الأقساط بدقة، وقد تشتمل الخدمة على اشتراكات برامج الطرف الأول، وأخيراً تجنب المستخدم الخسارة الاقتصادية المفاجئة الناتجة عن فقدان الأجهزة وتلفها، وقد يُعفى من باقي الأقسط تماماً إذا اشتمل عقد البيع بشرط الإيجار على بند تأمين فقدان الجهاز.
في نفس الوقت تفيد خدمة “البيع بشرط الإيجار” الشركات لأنها تضاعف من إيراداتها وبالتالي أرباحها مما يزيد من القيمة السوقية لها. لكن بعض المزايا بالنسبة للشركات تكون عيوباً بالنسبة للمستخدم، وذلك لأن الشركات ستخلي مسؤوليتها من الضمان رغم عدم انتهاء الأقساط مما يقلل من عدد الأجهزة المُستبدلة وبالتالي تزيد الأرباح، كما أنها ستمنع المستخدم من بيع الأجهزة التي اشتراها بالخدمة ولن يستطيع التخلص منها إلا باستبدالها بجهاز جديد من الشركة بثمن بخس، أيضاً قد تقوم بعض الشركات بوضع بنود مجحفة بالمستخدمين مثل الفوائد والتعويضات عن الفسخ، وأخيراً قد تتجه الشركات لإطلاق المنتجات كل عدة سنوات وليس كل عام مما يؤثر بالسلب على تطور الصناعات.
في النهاية فإن Apple بوصفها أكبر الشركات الخاصة وأكثرها نجاحاً وأعظمها تأثيراً في السوق ستقع عليها تبعة تحديد مصير عملية الشراء التقليدية، فإما أن تقوم بصرف نظرها نهائياً عن هذه الخدمة وبالتالي لن تكون ذات صدى واسع في السوق، وإما أن تنفذها في وقت ما وبالتالي تغير جذرياً من طريقة تملكنا للأشياء -الإلكترونية منها بالذات- لأنها ستفتح الباب على مصراعيه لانتشار هذه الخدمة كالنار في الهشيم، ومثلها مثل أي خدمة لها مميزات وعيوب وتحقق مصالح مُقدمها الاقتصادية، ونأمل ألا تجبر الشركات مستخدميها على التعامل من خلال هذه الخدمة فقط دون شراء الأجهزة بطريقة عادية.
