تتجاوز ألعاب الفيديو كونها مجرد صناعة في قلوبنا جميعًا، ولكن بالنسبة لبعض المطورين، قد لا يكون الأمر كذلك؛ فأرباح صناعة الألعاب اقتربت من 160 مليار دولار في 2020، وتقريبًا نصف هذا الرقم كان من نصيب ألعاب الهاتف المحمول فقط ناهيك عن التوقعات التي تقول بارتفاع الرقم إلى 250 مليار دولار في 2023، وهذا أمرٌ مغرٍ للغاية.
شخصيًا، قلما أستمتع بالألعاب عندما أجربها على الهاتف المحمول، ربما لأن الفرصة لم تسنح لي لتجربة لذة بعض الكنوز المدفونة، وربما كان حظي عثرًا.
أما بالنسبة للملايين، فالألعاب خُلقت لتكون على الهاتف؛ فهو سهل المنال وأصبحنا جميعًا نمتلك هاتفًا بإمكانيات لا بأس بها، على الأقل بمعايير الألعاب الحالية. ازدهرت التكنولوجيا وغدونا نرى شاشات بحجم 6 بوصات بعد أن كنا محجوزين في إطار الإنش ونصف الخاص بهواتف النوكيا القديمة. تنوعت الألعاب على الهواتف والآن نستمتع بعناوين كثيرة لم نكن لنتخيلها سوى على شاشات الحواسيب الشخصية.
ألعاب مثل DOOM (الجزء الأول والثاني)، وGTA 3، وSan Andreas، وVice City موجودون الآن على هواتفنا، فلماذا نتركهم ونذهب إلى حواسيبنا أو أجهزة الكونسول ونكلف أنفسنا وأعضاءنا الحركية عناءً في ظل الركود البدني الذي تملكنا؟
اللعبة الأولى
يعتقد الكثيرون أن أول لعبة على الهاتف المحمول كانت لعبة الثعبان التي صدرت على هاتف Nokia 6110 عام 1997، ولكن هذا ليس صحيحًا.
عُد بالزمن ثلاث سنوات إلى الوراء، أي إلى عام 1994، وستجد على هاتف Hagenuk MT-2000 نسخة مثبتة بالفعل من لعبة Tetris، وهي أول ألعاب الهاتف والأيقونة الآركيدية الشهيرة ناهيك عن كونها أحد أكثر الألعاب مبيعًا في التاريخ بأرباح تخطت المئة مليون دولار.
المؤسسون الأصليون
بعد اللعبة الأولى، انهالت على الهواتف آلاف من الألعاب الأخرى. تخطى عددها اليوم 900 ألف على App Store، والـ 450 ألفاً على Play store.
إذا عدنا لعام 1997، عندما صدرت لعبة الثعبان لأول مرة، سنجد أنها أحدثت طفرة على الهواتف المحمولة وتفشت في العالم أجمع بسبب بساطة أسلوب اللعب الذي يجعلك تدمنها، والتصميم المريح للمراحل المختلفة، وبالتأكيد كونها مناسبة لجميع الأعمار. نجاح اللعبة جرّأ المطورين لإصدار نسخة احتفالية في 2017 على أجهزة النوكيا 3310 بمناسبة مرور 20 عامًا على اللعبة الأولى.
وبذلك، يمكننا تتويج لعبة Tetris ولعبة الثعبان بلقب الآباء المؤسسين للصناعة على الهواتف المحمولة ولولا نجاحهما لما وصلنا إلى هذه النقطة.
أول هاتف “جيمنج”؟
تبدأ الحقبة الثانية من 1999 إلى 2005 وفيها ظهرت ألعاب نالت رواجًا هي الأخرى مثل Alien Fish Exchange وSpace Invaders. أيضًا شهدت تلك الفترة، وبالتحديد مع مطلع الألفية الجديدة، ظهور هاتف نوكيا N-Gage الذي جمع بين خصائص هاتف “الجيمنج” وخصائص الهواتف العادية.
سمح لنا الهاتف بتجربة ألعاب ساحرة ثلاثية الأبعاد مثل Tony Hawk’s Pro Skater وكان منافسًا لجهاز Nintendo Game Boy الذي قدم عروضًا وخصومات قوية للاعبين في الأسواق الغربية في 2005.
البداية مع Angry Birds
مع ظهور الآيفون على الساحة في 2007، وظهور متجر التطبيقات الخاص به App Store في 2008، وُلدت حقبة جديدة من ألعاب الهواتف.
قدّم App Store حوالي 500 تطبيق مع بداية إصداره، ومن ضمن تلك التطبيقات شهدنا ألعابًا مثل Texas Hold’em وSuper Monkey Ball. ومع إمكانيات الشاشات الجديدة والتحكم في الهاتف بمجرد اللمس، استغل المطورون هذه النقطة وجلبوا لنا لعبة الطيور الغاضبة Angry Birds التي ذاع صيتها وكانت مصدرًا ألهم الكثير من المطورين في آخر 10 سنوات ومنذ تلك اللحظة تقريبًا أصبح الابتكار على أشده ورأينا ثورة في عالم ألعاب الهواتف.
ألعاب العقد
في 2012، ظهرت لعبتان ما زالا حتى يومنا الحالي من أكثر مسببات الإدمان لدى الملايين من معظم الفئات العمرية. نحن نتحدث عن Candy Crush وClash of Clans.
ازدهرت الصناعة أكثر فأكثر وبدأنا نرى فئات جديدة كليًا من الألعاب مثل تلك التي تعتمد على الواقع المعزز أو AR- based games مثل لعبة Pokémon Go وWizards Unit. ولكن كثرة التطبيقات لم تأت بالخير على الجميع؛ فمع وجود أكثر من 7 ملايين تطبيق الآن على متاجر الألعاب المختلفة بدءًا من متجر الأندرويد ومتجر ال iOS ومرورًا بمتجر الويندوز وليس انتهاءً بمتجر أمازون، أُصيبت ألعابٌ كثيرة بالتيه ولم تصمد سوى ألعاب معدودة ظلت معنا حتى اليوم، يتردد صداها وتحقق مئات الملايين من الدولارات.
أين وصلنا مع ألعاب الهواتف؟
إدمان الهواتف المحمولة واستحالة الاستغناء عنها أصبح الوتر الحساس الذي تضرب عليه الشركات الآن وهم يحاولون جاهدين أن ينقلوا لك متعة الألعاب التي تحصل عليها من الحاسب الشخصي أو أجهزة الكونسول على شاشتك الصغيرة ذات البوصات المعدودة.
في واحدة من أبرز اللقطات المتعلقة بألعاب الهواتف في 2020 كانت إصدار لعبة Genshin Impact على الهاتف المحمول بنفس واقعية ومتعة الأجهزة الأخرى تقريبًا. نجحت اللعبة لدرجة أنها حصلت على 15 مليون تحميل وحققت أكثر من 150 مليون دولار في الشهر الأول فقط من صدورها.
ما يميز هذه اللعبة أن جودتها على الهاتف لم تختلف كثيرًا عن الحاسب الشخصي أو الكونسول رغم أنها لعبة عالم مفتوح. ستحصل على نفس التجربة تقريبًا إن كان هاتفك قويًا، وهذا أمر إعجازي من الاستديو المطور miHoYo. وبنجاح اللعبة أعتقد أن هذه هي الخطوة الأولى في مشوار تحويل الألعاب كلها على الهواتف المحمولة.
بالطبع لن يسير الأمر بسلاسة، وستوجد ألعاب يستحيل تشغيلها على تلك الأجهزة الصغيرة، ولكن من يدري؟ فربما نجد Elden Ring أو Horizon Forbidden West على الهواتف يومًا ما.