تعتبر سلسلة ألعاب Zelda واحدة من السلاسل الأكثر شهرة في صناعة الألعاب، وأحد ركائز ألعاب العالم المفتوح من حيث التأثير والتأسيس لهذا النوع من الألعاب. يعرف الجميع كم كانت إصدارة Breath of the Wild أيقونية ومميزة، ولكن قبل تلك الإصدارة كان هناك Ocarina of time وهي أحد إصدارات Zelda المميزة للغاية، بل هي أعلى لعبة تقييمًا في تاريخ الصناعة على موقع Metacritic بتقييم 99 للنقاد. اشتهرت هذه اللعبة في مجتماعتنا العربية بأنها “مسيئة للدين الإسلامي” فهل كان هذا صحيحًا؟ اليوم سنجيب عن هذا السؤال من خلال مقالة جديدة من سلسلة “كبسولة الجيمينج”.
ما قصة إساءة اللعبة للإسلام؟
من المعروف بأن لعبة Zelda تتبع نفس تركيبة أسلوب اللعب منذ بدايتها، وهي اتخاذ عالمًا مفتوح أو شبه مفتوح يتجول فيه اللاعب بحرية، ويحتوي ذلك العالم على المراحل التي تكون مقسمة إلى بيئات مغلقة بها أعداء تكون مشابهة لفكرة الـDungeon من حيث كونها زنازين أو بيئات مغلقة يدخل إليها اللاعب ويكون عليه أن يجتازها من خلال حل الألغاز ومواجهة عدو كبير في نهايتها.
أحد تلك المعابد أو الزنازين كان “معبد النار” والذي بمجرد الدخول إليه يسمع اللاعب موسيقى ذات طابع شرقي، بطيئة الإيقاع ولكن مع الوقت ترتفع أصوات مألوفة للغاية إذا ركزت في تفاصيلها ستجد بأنها أصوات الآذان ممزوجة ببعض الآيات القرآنية بشكل يطمسهما معًا.
هناك أيضًا علامة الهلال موزعة بشكل عشوائي على البيئات كجزء من تصميم المرحلة أو شعارًا لمعبد النار، وهو ما اعتبره البعض أيضًا إشارة للدين الإسلامي والمجتمعات العربية بشكل عام.
بتجاوز هذه المرحلة لا يكون هناك أي ذكر أو إشارة لأي من الأشياء التي تخص الدين الإسلامي وتعاليمه، وشعائره بأي حال من الأحوال وهو ما يجعلنا جميعًا نشك في الغرض من وراء تضمين شعائر إسلامية وآيات قرآنية في موسيقى اللعبة التصويرية.
هل كانت هذه اللفتة في لعبة Ocarina Of time مقصودة؟
في الحقيقة، قصة ألحان اللعبة قصة مثيرة جدًا للإهتمام، لأن الملحن هو العملاق Koji Kondo الذي عمل على ألحان ألعاب Super Mario و Punch Out و الجزء الأول من Zelda، ومن غير المعروف عنه امتلاك أي ضغينة شخصية مع الإسلام أو المسلمين.
يقول Koji بأن Shigeru Miyamoto عندما طلب منه مقطوعة تعكس أجواء اللعبة كان وصفه لما يريده غامضًا وترك Koji في حيرة من أمره لأول مرة. كانت تجربة غير مسبوقة لكوجي خصوصًا وأنه عمل مع مياموتو في مرات سابقة كانت الأمور فيها أكثر وضوحًا.
مشكلة Koji الأكبر كانت في موسيقى البيئات المغلقة المسماة بالمعابد، ببساطة لأن كل واحدة منهم تتمتع بتصميم مختلف وبالتالي كان مطلوبًا منه أن يعكس تلك التنوعية البيئية في موسيقاه، وأن ياتي بمقطوعات تعبر عن جميع الثقافات الإنسانية الموجودة شرقًا وغربًا على الكرة الأرضية لإضفاء صفة التنوعية على اللعبة وبيئاتها.
يترك Koji مدينة طوكيو بحثًا عن الإلهام ويتجه إلى كيوتو لينعزل. ساعده ذلك كثيرًا في المرات السابقة على إيجاد مصادر للإلهام على حد قوله. ولكن هذه المرة كان الأمر أكثر صعوبة، لم يجد Koji هوية يستطيع بناء ما يريد من أفكار عليها.
في أحد أيام إقامته في مدينة كيوتو الجميلة، وخلال تجوله في واحد من أكثر الأسواق ازدحامًا، وجد محلًا يبيع أدوات موسيقية واسطوانات موسيقية مختلفة خاصة بالمهتمين بتعلم الموسيقى والعزف، ومنها اسطوانة تحتوي على مجموعة من العينات غير خاضعة لحقوق الملكية التي يمكن للجميع استخدامها كموسيقى في أعمالهم.
كيف كان رد فعل شركة Nintendo؟
حسب قوانين شركة Nintendo وقتها، فإن أية إشارة إلى أديان أو معتقدات كانت ممنوعة، خصوصًا في النسخ غير اليابانية من الألعاب التي تقوم الشركة بنشرها أو تطويرها. ولكن بما أن العالم لم يمتلك الانترنت وقتها، ولم يكن الشرق الأوسط مسموعًا للكثير من المطورين حول العالم، صدرت النسخ الأولى من اللعبة بهذه الألحان، ولكن مع صدور العدد 148 من مجلة Nintendo Power كان قد أرسل أحد قراء المجلة جوابًا مستنكرًا فيه ما حدث، ووقتها حاولت Nintendo تدارك الوضع والتوجيه بإزالة تلك الألحان من النسخ التالية للعبة، ولكن كانت بعض النسخ المتضمنة للألحان الأصلية قد تم شحنها بالفعل.
تختلق الروايات حول توقيت اتخاذ Nintendo للقرار وسبب ذلك القرار. تقول بعض المصادر بأن عملية التطوير كانت قد انتهت وتم شحن بعض النسخ وأن الانتباه لمثل هذه الأشياء التي تمس المجتمعات المسلمة كان أمرًا داخليًا لاحظه مطوري اللعبة أنفسهم وتغير بعدها، وتقول بعض المصادر الأخرى أنه كان بسبب شكوى اللاعب المذكور بالإعلى في عدد 148 من مجلة Nintendo Power.
ما يجعلنا نظن أن هذه الحادثة لم تكن مقصودة هو استخدام Koji Kondo لمقوعات متتعدة من الاسطوانة نفسها في مختلف ألعابه وحتى في اللعبة نفسها (Ocarina of time) ويمكنك الإطلاع على ذلك والتاكد بنفسك من خلال الفيديو أدناه.
النتيجة النهائية، هي إزالة كل ما يشير للدين الإسلامي من قريب أو بعيد، وهي النتيجة المطلوبة بأي حال من الأحوال. الغريب في أمر هذه المقطوعة بالتحديد أن بعد تلك الأزمة تم استخدامها مرات أخرى في ألعاب أخرى غير تابعة لشركة Nintendo على الرغم من أن صيت الموسيقى سيئ السمعة قد ذاع في العالم كله وقتها، والأغرب هو أن الخطأ نفسه وقعت فيه شركات أخرى في السنوات التالية، والتي تعتبر العصور الذهبية لصناعة الألعاب.
لا أعتقد شخصيًا بأن تلك الحادثة كانت مقصودة، ولكن بكل حال أنا سعيد أن Nintendo فعلت الصواب، وأن الشركات الآن باتت أكثر انفتاحًا وتواصلًا مع اللاعبين وأكثر درايةً واستيعابًا لاختلاف الثقافات والأديان وتحاول بقدر الإمكان التعامل معها بحرص. خصوصًا مع العرب من خلال تعريب وتنقيح نسخ من الألعاب خصيصًا لتوزيعها بالشرق الأوسط، وهناك أمثلة كثيرة أحدها لعبة Rise Of the tomb raider، و Assassin’s Creed Odyssey.