تُعد سلسلة Avatar واحدة من أعظم سلاسل أفلام الخيال العلمي والمغامرة، والتي بدأها المخرج القدير James Cameron عام 2009، ليحقق الفيلم تقييمات عالية من قِبل الجمهور، ويحصد إيرادات هائلة تخطت إيرادات فيلم Titanic الذي ظل يتصدر المركز الأول للإيرادات عالمياً لمدة 12 عاماً، ليكون الفيلم الأول الذي يحقق إيرادات بقيمة 2 مليار دولار!
لقد تميز فيلم Avatar بشيء لم يكن موجوداً من قبل في صناعة الأفلام، ألا وهو تقنية الفيلم ثلاثية الأبعاد “3D”. صدرت العديد من أجزاء Avatar آخرها جزء The Way of Water الذي صدر عام 2020، وبالتأكيد لا يخلو هذا الجزء من التميز، فقد تمكن Cameron من تقديم أفضل فيلم يدعم معدل إطارات مرتفع “HFR”، بعيداً عن فيلم Gemini Man الذي لم ينل إعجاب العديد من النقاد.
رغم أن فيلم Avatar: The Way of Water لم يقدم أعلى معدل إطارات وُجد في الصناعة، إلا أن Cameron استطاع استغلال معدل الإطارات بأفضل شكل ممكن، فبدلاً من أن يكون الفيلم بمعدل إطارات ثابت طوال الوقت، تعمل المقاطع سريعة الحركة بمعدل إطارات عالٍ يبلغ 48 إطاراً، بينما تعمل المقاطع الهادئة بمعدل 24 إطاراً مثل معظم الأفلام. إذاً كيف يحدث هذا الأمر؟ وما تأثيره على تجربة المشاهدة؟ هذا ما سنتعمق فيه بمقالتنا.
ما الذي يميز فيلم Avatar: The Way of Water عن أي فيلم آخر بمعدل إطارات مرتفع؟
لقد ظهرت بضعة أفلام بمعدل إطارات مرتفع خلال البضعة عقود السابقة، أشهرها ثلاثية The Hobbit بمعدل 48 إطاراً، وكل من Billy Lynn’s Long Halftime Walk و Gemini Man بمعدل 120 إطاراً، رغم أن المسارح الداعمة لهذا المعدل الفائق بالكاد يمكن عدها على أصابع اليد! لكن ما يميز فيلمنا كما ذكرنا سابقاً هو تغير معدل الإطارات حسب المشهد بدلاً من ثباته طوال الفيلم، فمعظم مشاهد الفيلم تعمل بمعدل 48 إطاراً باستثناء بعض المشاهد الهادئة التي تعمل بمعدل 24 إطاراً، وهو المعدل الطبيعي لمعظم الأفلام.
التبديل المتكرر لمعدل الإطارات بين المشاهد يربك الدماغ البشري ويحول دون اعتياد العين على معدل إطارات معين، ونتيجة لذلك يكون معدل الإطارات المرتفع ملحوظاً بدلاً من أن يكون تقليدياً للعين إذا ما كان ثابتاً. قم التركيز في أحد مشاهد الفيلم، وستجد حتماً أن معدل الإطاراع تغير أكثر من مرة، بينما ستجد فيلماً مثل Gemini Man يعمل بكامل مشاهده بنفس معدل الإطارات. لقد أبدى James Cameron وجهة نظره عن هذا الأمر سابقاً في عام 2016، فقد أكد أن تقنية معدل الإطارات المرتفع “HFR” أداة وليست مجرد صيغة “Format”.
معدل الإطارات المتغير يجعل من فيلم Avatar: The Way of Water تجربة لا تُنسى!
بغض النظر عن أن معدل الإطاراع المتغير “HFR” قد يكون مربكاً للعين عند الدقائق الأولى من الفيلم، فهذه التقنية تجعل من تجربة الفيلم بالتقنية ثلاثية الأبعاد “3D” غاية في النقاء والسلاسة مما يضمن انغماس المشاهد في عالم Pandora الخيالي الساحر. لا تقلق من ارتباك العين عند التبديل بين معدل الإطارات، فالأمر يستغرق فقط القليل الوقت لتبدأ عيناك بالاعتياد على هذا التغير ذهاباً وإياباً. على الجانب الآخر، إذا شاهدت فيلم The Gemini بمعدل إطاراته البالغ 120 إطاراً، فلن تمر أكثر ربع ساعة قبل أن يتكيف دماغك مع هذه السلاسة الفائقة، وبعد الفيلم ستشعر أن أي محتوى بمعدل إطارات أقل هو أبطأ شيء في الكون!
مرت بضعة دقائق وبدأت عيناك بالاعتياد على الفيلم؟ إذاً فلتستعد لرؤية عالم Pandora كما لم تراه من قبل! سترى لقطات تحبس الأنفاس لغابات خضراء تفوق غابات الأمازون جمالاً، وسترى لقطات تسحر العينين لمحيطات تفوق الفيروز جاذبيةً، بل أن الكائنات الحية الخيالية الموجودة بالفيلم كالأسماء الطائرة والحيتان الفضائية قد تشعر لوهلة بأنها حقيقية. أيضاً، تعمل هذه التقنية مع رسوم CG المتقدمة، فهذه الرسوم أحياناً لا تبدو واقعية، وهو ما لا يكون مشكلة مع تقنية معدل الإطارات المرتفع “HFR”.
ذكرنا سابقاً أن معظم مشاهد تعمل بمعدل 48 إطاراً بينما تعمل بعض المشاهد الأخرى بمعدل 24 إطاراً، وهذا لم يكن أمراً سهلاً، فكلما زاد معدل الإطارات، أصبحت هناك حاجة للمزيد من مصادر الضوء، ولكن لحسن الحظ أنه لم يتطلب مرتين ونصف الضوء كما هو الحال مع Gemini Man البشع بصرياً! بعد الانتهاء من إعداد الفيلم للمشاهدة السينمائية، تم رفع سطوع مشاهد الفيلم ورفع دقتها “Upscaling” إلى 4K. لمشاهدة الفيلم بدقته ومعدل إطاراته الكاملين وبالتقنية ثلاثية الأبعاد “3D”، لا بد التوجه لمسارح IMAX ومشاهدته عبر شاشات الليزر الأحادية.
تقنية معدل الإطارات المرتفع “HFR” قد تبدو مضيعة للوقت والمال ولكن James Cameron أثبت العكس!
شاهد أحد أفلام ثلاثية Hobbit، وستجد أن تقنية معدل الإطارات المرتفع كانت مضيعة لوقت مطوريها ووسيلة أخرى لخداع الجماهير برفع أسعار التذاكر وإجراء عملية شفط لجيوبهم. لقد فشل Peter Jackson في تغيير طريقة تصوير ثلاثية Hobbit، تماماً كما فشل في إعادة ثلاثية أفلام Lord of The Rings لرونقها، والنتيجة ظهور أفلام وكأنها أُنتجت بميزانية من الدرجة الثانية. حاول Ang Lee أيضاً استغلال هذه التقنية، وبالفعل حققت التقنية أداءً جيداً بفيلم Billy Lynn’s Long Halftime Walk وجعلت مشاهد الحوار غاية في الواقعية، ورغم أنه أثبت إمكانيات هذه التقنية بفيلم Gemini Man، إلا أنها لم تؤتِ ثمارها بسبب السيناريو الفوضوي وحاجة الفيلم لميزانية أفلام عملاقة.
لقد تعلم James Cameron حقاً من أخطاء المخرجين الذين سبقوه بأعمال تتضمن تقنية معدل الإطارات المرتفع “HFR”، فهو أدرك أن هذه التقنية ليست باقة زهور ليأخذها بأكملها، وإنما مجرد أداة يمكنه أن يأخذ ما يلزمه منها وبالشكل الذي يراه ملائماً. يُقال أن صناعة ألعاب الفيديو تأخذ ما توصلت إليه صناعة الأفلام وتضيف لها، ولكن هذه من المرات القليلة التي يحدث فيها العكس. لطالما كان معدل الإطارات المرتفع أمراً عادياً في الألعاب منذ سنوات، ويبدو أن الأمر عينه قد يتكرر مع الأفلام، خصوصاً أن فيلم Avatar: The Way of Water يُعد واحداً من أعظم الأفلام وأنجحها والذي قدم تقنية معدل الإطارات المرتفع “HFR” بشكل رائع وتأثير إيجابي.