يعد موضوع الأجندات النسوية في الألعاب من المواضيع المثيرة للجدال بين المهتمين بصناعة الألعاب والجمهور على حد سواء. لدرجة أصبح هناك سؤال يتردد دائماً بعد الأعلان عن كل لعبة جديدة وهو “هل اللعبة بها أجندات نسوية؟“. لقد أصبحت توجهات الصناعة بشكل عام تتجه نحو شمولية أكبر للنساء والفئات المختلفة في الألعاب. حيث يريد المطورون تقديم الشخصيات النسائية بشكل مختلف عن الشكل النمطي الذي كما كان بالسابق. لدرجة أصبحت جميع الألعاب الحديثة من بطولات نسائية.
هذا التمثيل المفرط له تأثيرات سلبية كبيرة، حيث أن التركيز الزائد على القضايا النسوية في تصميم الألعاب يقلل من التركيز على جودة اللعبة وتجربتها. وفي السطور القادمة سنوضح هذه التأثيرات السلبية التي تصيب الألعاب بسبب هذا الأفراط.
1. التضحية بجودة القصة والمحتوى
من الانتقادات الشائعة أن الألعاب التي تركز على الأجندات النسوية قد تُضحي بجودة القصة والمحتوى لصالح تعزيز رسائل اجتماعية أو سياسية. قد يرى البعض أن تصميم الشخصيات النسائية أو القضايا الجندرية يتم فرضه بطريقة تظهر وكأنه “أولوية فوق كل شيء”، ما قد يؤدي إلى قصة ضعيفة أو شخصيات غير متطورة تفتقر إلى عمق أو مصداقية. بالتالي، قد تكون هذه الألعاب أقل جذبًا لأجزاء كبيرة من الجمهور الذي يبحث عن تجارب غنية وممتعة دون أن يشعر بأنه يتعرض لدروس اجتماعية.
2. تشويه الشخصيات القديمة
في بعض الأحيان، “تمكين” الشخصيات النسائية يساهم في تدمير الشخصيات القديمة التي كانت قد نجحت في سياقها الأصلي. على سبيل المثال، في بعض الألعاب التي كان فيها البطل الرئيسي ذكرًا، قد يتم تغيير هذا البطل إلى شخصية نسائية دون مبرر منطقي من خلال القصة، مما يراه الكثيرون محاولة لتغيير “التقاليد” بشكل قسري. هذا قد يؤدي إلى إبعاد الجماهير القديمة أو محبي اللعبة الذين يشعرون بأن هناك “تحولًا غير مبرر” في الشخصيات أو الحكاية.
3. عدم الفصل بين “الأجندة” والتسلية
الألعاب، في جوهرها، هي وسائل ترفيهية، ويشعر اللاعبين أن إدخال الأجندات السياسية أو الاجتماعية في هذا المجال يُعتبر تدخلاً غير ضروري قد يفسد التجربة الترفيهية. على سبيل المثال، عندما يشعر اللاعب أنه مجبر على قبول رسائل اجتماعية بشكل مستمر أثناء اللعب (مثل التركيز المبالغ فيه على القضايا النسوية)، قد تؤثر هذه العناصر على متعة اللعبة نفسها وتجعلها تبدو وكأنها “مواعظ” أكثر من كونها تجربة فنية أو ترفيهية.
4. التكرار والاستخدام المبالغ يحول الألعاب لقوالب جاهزة
عندما يتم التركيز بشكل مفرط على الأجندات النسوية في الألعاب. تتحول مراحل تطوير الألعاب إلي التكرار. حيث يتم إعادة إنتاج نفس الرسائل أو الشخصيات في عدد كبير من الألعاب، مما يفقده عنصر المفاجأة أو الأصالة. بالنسبة للكثيرين، هذا قد يجعل الألعاب تبدو وكأنها تعتمد على قوالب جاهزة ومواقف استهلاكية، بدلاً من تقديم تجارب مبتكرة وفريدة.
5. إنخراط التوجهات السياسية على حساب المتعة
من بين الأجندات التي تلاصق الأجندات النسوية هي “أجندات الشمولية” والتي تركز على تلميع أعراق أو أقليات أخرى في الألعاب بطريقة مفرطة أيضاً. يؤديذلك إلى جعل الألعاب أداة سياسية أكثر من كونها تجربة ترفيهية. في هذا السياق، يشعر البعض أن التوجهات السياسية قد تطغى على عناصر مثل المرح والتحدي في اللعبة. هذا يخلق شعورًا بأن المطورين لا يركزون على توفير تجربة ممتعة بقدر تركيزهم على دفع أجندات اجتماعية معينة، مما قد يؤدي إلى فقدان التركيز على جوانب اللعب الرئيسية مثل آلية اللعب أو الابتكار.
6. ردود فعل سلبية من جمهور اللاعبين
لقد أصبح اللاعبين أكثر وعياً، فعند فرض الأجندات النسوية بشكل مفرط في الألعاب، يتسبب ذلك في ردود فعل عنيفة من جزء كبير من الجمهور. حيث يشعر هؤلاء اللاعبون، خاصة أولئك الذين لا يتفقون مع هذه الأجندات، بأنهم مُستبعدون أو أن اللعبة ليست موجهة لهم. بعض اللاعبين يعبرون عن خيبة أملهم عندما يشعرون أن اللعبة تروج لأيديولوجية معينة على حساب جوانب أخرى من اللعبة التي كانوا يحبونها سابقًا، مثل التركيز على القتال أو الاستكشاف أو القصة.
كل هذا يجعل اللاعبين يمتنعون عن الشراء مما يؤدي الي خسائر كبيرة للشركات، الأمر الذي يدفع الشركات لطرد الموظفين وغلق الأستديوهات. وهذا يعني اننا نخسر فرص الحصول على ألعاب جيدة في هذا العالم.
7. إلغاء الشخصيات أو الألعاب التقليدية
أيضاً هناك من يرى أن محاولة فرض التنوع المفرط قد تؤدي إلى إلغاء بعض الألعاب أو الشخصيات التقليدية التي لم تكن تركز على الأجندات النسوية. في بعض الحالات، قد تُحذف أو تُعدل بعض الشخصيات في ألعاب قديمة أو سلسلة معروفة لتناسب “التمثيل الجندري المتوازن”. وهذا يزعج المعجبين الذين يرون في ذلك محاولة لتغيير هوية اللعبة بشكل غير مبرر.
8. النظرة السطحية لقضايا نسوية معقدة
في بعض الألعاب، قد تُعالج القضايا النسوية بشكل سطحي للغاية، مما يؤدي إلى تقليل جدية تلك القضايا أو التعامل معها بشكل غير مناسب. بدلاً من بناء حوار عميق حول قضايا مثل المساواة في الأجر أو حقوق النساء في صناعة الألعاب أو في المجتمع، قد يتم التعامل مع هذه الموضوعات بشكل مبتذل أو سطحي، مما يجعل اللاعب يشعر بأن القضية ليست أكثر من “إضافة” غير ضرورية.
يجب على المطورين أن يستمعوا لنا
إن الانتقادات والهجوم لحشر الأجندات النسوية في الألعاب يجب أن يستمر. فنحن اللاعبون نشعر بالقلق حيال هذه الصناعة التي نحبها، ولقد قام اللاعبون بعمل جيد فيما يخص بعض الألعاب الفاشلة التي كانت مستنقع بالأجندات. إن الخسائر المالية هي من ستجعل الشركات تخضع لطلبات اللاعبون
لا يعارض اللاعبون التمثيل الجيد والمنصف للمرأة، ولكن يعارض اللاعبون الحشر والتمثيل المفرط الذي يأثر بالسلب على جمالية الألعاب. ورغم أهمية تمثيل المرأة في الألعاب، ولكن يجب أن يتم هذا بطريقة تلتزم بجوهر القصة وتجربة اللعب بدلاً من أن يكون أداة لتحقيق أغراض اجتماعية أو سياسية قد تؤثر على جودة اللعبة ومتعة اللاعبين.
أطلع أيضاً
متى أصبحت الألعاب ناعمة إلى هذه الدرجة؟
أجندة تشويه صورة الشخصيات النسائية أسوأ مما تظن