لطالما كانت ألعاب تقمص الأدوار (RPG) جزءًا أساسيًا من صناعة الألعاب، حيث توفر عوالم ضخمة، حرية الاستكشاف، وسردًا غنيًا يعزز تجربة اللاعب. منذ إصدار Skyrim في 2011، أصبحت ألعاب العالم المفتوح معيارًا جديدًا، لكن التحديات تتزايد، خاصة مع المنافسة من عناوين مثل Kingdom Come Deliverance 2. فهل تستطيع The Elder Scrolls 6 تجاوز التوقعات؟
تأثير Skyrim على عالم الألعاب

هل تتذكر عندما لعبت Skyrim لأول مرة، أو على الأقل سمعت عنها؟ في ذلك الوقت، كان من المستحيل تقريبًا تجنب الحديث عنها. ملايين اللاعبين غامروا في عالمها، خاضوا معارك ضد الوحوش والحيوانات، تعلموا قدرات جديدة، واستمتعوا بتفاصيلها الفريدة. رغم أن القتال لم يكن دائمًا الأفضل، إلا أن عالمها المفتوح، وتصميم المهام، والكم الهائل من المحتوى جعلها تجربة مميزة للغاية.
لقد كانت Skyrim بمثابة معيار جديد لألعاب تقمص الأدوار فهي واحدة من أكثر الألعاب تأثيرًا في تاريخ صناعة الألعاب. حيث تركت بصمة دائمة على ألعاب تقمص الأدوار (RPG) والعالم المفتوح. إليك بعض الجوانب التي أثرت فيها Skyrim على عالم الألعاب:
1. تعزيز مفهوم العالم المفتوح
- قدمت Skyrim عالماً شاسعاً مليئًا بالتفاصيل، حيث يمكن للاعبين استكشافه بحرية دون قيود. هذا ألهم العديد من الألعاب مثل The Witcher 3 و Breath of the Wild لتقديم عوالم مفتوحة ضخمة تعتمد على استكشاف اللاعب.
2. حرية اللعب وصياغة القصة الشخصية
- لم تفرض Skyrim مسارًا خطيًا للقصة، بل سمحت للاعبين بخلق مغامرتهم الخاصة، وهو ما أصبح معيارًا في ألعاب RPG الحديثة.
3. التعديلات (Mods) وتأثيرها على مجتمع اللاعبين
- دعمت Skyrim التعديلات بشكل كبير، مما جعلها بيئة خصبة للمطورين الهواة والمجتمع الإبداعي. هذا شجع ألعابًا أخرى على تبني أنظمة تعديل مشابهة.
4. نظام القتال والتطور التدريجي للشخصية
- مزجت Skyrim بين القتال القائم على المهارات والتطوير التدريجي القائم على الاستخدام، مما ألهم ألعابًا مثل Elden Ring لتحسين أنظمة القتال في ألعاب RPG.
5. التأثير على تطوير ألعاب الجيل الجديد
- حتى بعد أكثر من عقد على إصدارها، لا تزال Skyrim تُعتبر معيارًا للمقارنة عند تقييم أي لعبة RPG جديدة، مما يضع ضغطًا على The Elder Scrolls 6 لتقديم تجربة أعمق وأفضل.
بالمختصر، Skyrim لم تكن مجرد لعبة ناجحة، بل أصبحت نموذجًا يُحتذى به، ومصدر إلهام لعشرات الألعاب التي تبعتها.
تراجع بيثيسدا في السنوات الأخيرة

ولكن ذلك كان في عام 2011. ومنذ ذلك الحين، لم تحافظ بيثيسدا على نفس المستوى من الجودة. يمكننا أن نشير إلى Fallout 76 كمثال، وهي لعبة واجهت انتقادات شديدة عند الإطلاق لكنها تحسنت مع مرور السنوات. أما Fallout 4 فقد قدمت تجربة جيدة، خاصة مع النجاح الذي حققه المسلسل التلفزيوني المقتبس منها. ومع ذلك، فإن إطلاق Starfield في سبتمبر 2023 لم يكن على المستوى المتوقع. فعلى الرغم من الأنتظار الشديد لها، لم تستطع Starfield التغلب على عدد اللاعبين الممتزامين على منصة Steam وقت الأطلاق الخاص بلعبة Fallout 4.
فقد حققت Fallout 4 في 2015 أكثر من 472 ألف لاعب متزامن. بينما Starfield حققت 330 ألف لاعب متزامن. نعم 330 ألف رقم كبير، ولكن نحن نتكلم عن بثيسدا كان المتوقع ان يتخطى الرقم المليون لاعب مثل ما حدث مع Elden Ring. وفي لحظة كتابة هذه المقالة عدد اللاعبين المتزامين على منصة Steam ويلعبون Starfield في اليوم الواحد لا يزيدون عن 4000 لاعب. وإنما Skyrim اللعبة الصادرة في 2011 عدد لاعبيها المتزامن في اليوم أكثر من 21 ألف لاعب.
المشكلة ليست فقط في العدد، بل في التكرار الذي أصبح يميز ألعاب بيثيسدا. فعندما تكون ألعابك السابقة ناجحة بشدة، تكون التوقعات عالية جداً لألعابك القادمة -هذه ضريبة النجاح-. وهذا للأسف ما لم يجده الكثير من اللاعبين في Starfield أو Fallout 76، بل وجدوا المزيد من تكرار والخوف الشديد من تقديم أشياء محورية مختلفة وجديدة.
لعبة Kingdom Come 2 تضع معيارًا جديدًا

وسط هذا التراجع، يبرز Kingdom Come Deliverance 2 كمنافس قوي يمكن أن يفرض تحديات جديدة على The Elder Scrolls 6. هذه اللعبة تركز على الواقعية التاريخية، وتقديم تجربة لعب غنية مليئة بالتفاصيل، وهو ما يجعلها مختلفة عن الأسلوب الخيالي المعتاد في ألعاب بيثيسدا. بدلاً من الاعتماد على عناصر الفانتازيا السحرية، يقدم Kingdom Come Deliverance 2 تجربة تعتمد على التاريخ الحقيقي. حيث يجب على اللاعبين التعامل مع تحديات العالم الواقعي مثل إدارة الموارد، والتفاعل مع المجتمع بطريقة أكثر منطقية.
Kingdom Come: Deliverance 2 ترفع سقف التحدي وتضع معيارًا جديدًا لألعاب تقمص الأدوار (RPG)، خاصة من حيث الواقعية، القتال، وسرد القصة. إليك كيف يمكن أن تؤثر هذه اللعبة على مستقبل الصناعة، وتحديدًا على The Elder Scrolls 6:
1. واقعية غير مسبوقة
- تعتمد اللعبة على نظام قتال شديد الواقعية مستوحى من المبارزات التاريخية، مع حركة ديناميكية دقيقة وأسلحة تتأثر بالفيزياء.
- تقدم تفاصيل دقيقة في إدارة الموارد، مثل الطعام والنوم والإصابات، مما يجعل تجربة اللعب أكثر عمقًا من الألعاب التقليدية.
2. عالم تفاعلي ومقنع
- NPCs في اللعبة يتصرفون بطريقة طبيعية، مع أنظمة يومية معقدة تجعل العالم يبدو حيًا ومليئًا بالتفاصيل.
- القرارات التي يتخذها اللاعب تؤثر على القصة بشكل كبير، مما يعزز الشعور بالانغماس.
3. تطور رسومي مذهل
- تستخدم Kingdom Come 2 تقنيات بصرية حديثة تجعل البيئات، الإضاءة، والتفاصيل أكثر واقعية من أي وقت مضى، مما يشكل تحديًا لـ The Elder Scrolls 6 للحفاظ على مستواها.
4. سرد قصصي أعمق
- تعتمد على أحداث تاريخية حقيقية، مما يضيف طبقة إضافية من الغموض والاندماج في العالم، على عكس Skyrim التي تركز على الفانتازيا الخيالية.
Kingdom Come: Deliverance 2 ليست مجرد تكملة، بل هي خطوة كبيرة في عالم الـ RPG، مما يجعل المنافسة أكثر شراسة بين ألعاب هذا النوع، خاصة مع اقتراب إصدار The Elder Scrolls 6.
التحديات التي تواجه Elder Scrolls 6

إذا أرادت بيثيسدا أن تستعيد مجدها، فعليها أن تتعلم من بعض الميزات القوية في Kingdom Come Deliverance 2:
1- المهام الجانبية المؤثرة:
- بدلاً من المهام الجانبية السطحية، يجب أن تكون للقرارات تأثيرات فعلية على القصة والعالم المحيط. يجب أن يشعر اللاعب بأن كل خيار يتخذه يغير مجرى القصة.
2- التفاعل العميق مع العالم:
- يجب أن يعتمد الحوار والتفاعل مع الشخصيات على عوامل متعددة مثل الكاريزما، والملابس، والنظافة الشخصية. في Kingdom Come Deliverance، تؤثر كل هذه التفاصيل على كيفية تفاعل الشخصيات الأخرى معك، مما يجعل العالم أكثر ديناميكية.
3- عالم حي ومليء بالتفاصيل:
- لا يكفي مجرد تقديم عالم مفتوح، بل يجب أن يكون مليئًا بالأحداث والأنشطة الجانبية التي تجعل اللاعب يشعر أنه جزء منه. يجب أن يكون لكل قرية وكل مدينة طابعها الخاص، وسكانها الذين يتفاعلون بطرق منطقية مع البيئة.
4- نظام القتال العميق:
- القتال يجب أن يكون أكثر استراتيجية وليس مجرد ضغط عشوائي على الأزرار. استخدام نظام قتال قائم على الفيزياء والمهارات الفعلية سيكون خطوة مهمة لجعل المواجهات أكثر تحديًا وإثارة.
5- نظام تقدم واقعي:
- يجب أن يعتمد تطوير الشخصيات على التعلم والممارسة الفعلية وليس مجرد توزيع نقاط المهارة. هذا يجعل الرحلة أكثر إقناعًا ويعطي اللاعبين إحساسًا حقيقيًا بالتطور والنمو في العالم.
6- الواقعية في الاستكشاف:
- بدلاً من مجرد وضع علامات على الخريطة، يجب أن يتم استكشاف العالم بطرق أكثر طبيعية، مثل الاستماع إلى الشائعات أو العثور على أدلة في البيئة.
7- التفاعل مع الفصائل:
- بدلاً من أن يكون الانضمام إلى الفصائل أمرًا بسيطًا، يجب أن يكون هناك تحديات وعواقب حقيقية لكل خيار يتخذه اللاعب.
- ولا يمكنك الأنضمام إلي جميع الفصائل في نفس الوقت -لأن الفصائل متحاربة مع بعضها بطبيعة الحال-. فيجب عليك الأختيار وتحمل نتيجة الاختيار
الخاتمة

لا شك أن The Elder Scrolls 6 لديها فرصة كبيرة للنجاح. ولكن عليها أن تتعلم من الألعاب الحديثة مثل Kingdom Come Deliverance 2. يجب أن تقدم تجربة أكثر تفصيلاً وتفاعلًا، وإلا فقد تجد نفسها متأخرة في المنافسة أمام العناوين التي تقدم تجربة لعب أعمق وأكثر واقعية. في النهاية، التحدي الحقيقي أمام بيثيسدا ليس فقط تقديم عالم ضخم، ولكن جعله ينبض بالحياة بطريقة تجعل اللاعبين يشعرون أنهم جزء منه بالفعل.
إذا استطاعت Bethesda أن تأخذ ملاحظات اللاعبين بعين الاعتبار، وتعمل على تحسين اللعبة بشكل حقيقي، فقد تتمكن من إعادة بناء علاقتها مع جمهورها.