مقالات

10 سنوات على Batman Arkham City: مُلهمة ألعاب العالم المفتوح

في أكتوبر 2011 صدرت الإصدارة الثانية من سلسلة Batman Arkham بعنوان Arkham City، والتي شهدت التوسع بعالم اللعبة ليكون عالمًا مفتوحًا كبيرًا، وتقديم تركيبة أسلوب لعب ومنظومة معارك أثرت كثيرًا على صناعة الألعاب فيما بعد، وخصوصًا ألعاب الأبطال الخارقين. كيف، ولماذا هما موضوعي مقالتنا اليوم بمناسبة إكمالها 10 سنوات (منذ الإصدار).

أولًا: من رحم ثلاثية كريستوفر نولان، ولد أول تقديم شبه واقعي لشخصية Batman في الألعاب:

فيما عدا لعبة Batman Begins و Superman Returns، لم يكن مطوري الألعاب- لسبب غير معلوم- مقتنعين بأن الأبطال الخارقين يستحقون تقديمًا شبه واقعيًا في الألعاب. فكيف يمكنك أن تقدم “بطل خارق” وأعداؤه بشكل يشوبه المنطق؟ لقد غيرت ثلاثية أفلام كريستوفر نولان تلك النظرة بشكل كامل، وامتدت لعالم الألعاب لنشهد مع لعبة Batman Arkham Asylum أول تقديم للشخصية برسوم وتصميم شخصيات شبه واقعي، عوضًا عن تصميم الشخصيات المنبثق عن مسلسل الرسوم المتحركة (Batman Animated Series) من خلال ألعاب Batman Vengeance و Batman Rise of sin tzu

فتح ذلك التقديم -شبه الواقعي- لشخصية باتمان وعالمه المليء بالأسرار والأعداء المثيرين للاهتمام لتقديم قصة أكثر واقعية وجاذبية لشريحة أكبر من اللاعبين، فقديمًا كانت ألعاب الأبطال الخارقين تستهدف المراهقين والأطفال، ولكن سلسلة Arkham بدأت باستهداف جميع شرائح اللاعبين لتقديم قصة وعالم أكثر ظلامية، وملائمة لأجواء باتمان التي أحببناها من ثلاثية نولان. لقد كانت إصدارة Arkham Asylum بمثابة تجربة لهذا الطرح، وقد نجحت نجاحًا كبيرًا لأن اللاعبين كانوا متعطشين لشيء يشبع طموحهم في التحكم بباتمان في عالم مثير للاهتمام، يفوق كونه مجرد قالب يمكنك في أداء بعض الحركات القتالية. عالم يمكنك استكشافه والتجول فيه!

فلسفة أسلوب اللعب المُكثف بلا أي تمطيط، والعالم المفتوح المليء بالنشاطات

كانت Batman Arkham City بمثابة تطبيق للرؤية الكاملة لدى استوديو Rocksteady للمشروع الذي يريد تطبيقه وإطلاقه للاعبين. عالم مفتوح كامل، يُشجع على الاستكشاف، ويمتلك في كل ركن منه إما لغز يمكنك حله ومعرفة المزيد عن العالم، أو أداء نشاط ما فيه. لقد كانت إصدارة Arkham City هي الأب الروحي لما نراه اليوم من عوالم مفتوحة مليئة بالنشاطات الجانبية. لقد ابتدع المطورين في Rocksteady ما نراه اليوم في أغلبية الألعاب الكبيرة، وطبقوه بشكل رائع ومتقن.

في Batman Arkham City يمكنك القيام بمجموعة من المهمات يمثل جانب من حياة شخصيةباتمان بالمدينة، ودوره في التصدي للزعماء المختلفين واتباعهم من الأشرار. هناك مثلًا مهمات شخصيات مثل Bane و Zsasz وDeadshot وMad Hatter وهم اعداء كلاسيكين لباتمان، ولكنهم لم يتم تقديمهم في القصة الأساسية وإنما في المحتوى الجانبي الذي لم يكن أقل جودة على الإطلاق. لم يكن هناك في وقتها (2011) لعبة تقدم محتوى جانبي بهذه الجودة الجبارة.

Batman Arkham City

تتمثل متعة أسلوب اللعب في عالم اللعبة نفسه. يمكنك أن تنخرط كثيرًا في مهمات القصة، ليقاطعك فجأة اتصال لاسلكي من ألفريد يبلغك بحدث جلل يحدث في أطراف المدينة، تضطر للذهاب لتفقده بسبب الفضول الذي يكاد لا يفارقك طوال أحداث اللعبة، لتجد أنك قد بدأت بالفعل مجموعة مهمات جانبية خاصة بأحد الاعداء، وأصبحت أمام خيار صعب بين استكمال مهمات القصة المثيرة، أو الاستمرار في أداء مهمات المحتوى الجانبي الممتع. في كل مكان تذهب إليه في ذلك العالم الافتراضي الكبير هناك ما سيثير اهتمامك، حتى وإن كنت ممن لا يحبون الأكشن المتواصل، هناك ألغاز Riddler البيئية التي تقدم تحدٍ مختلف عن أي شيء في اللعبة. فلسفة تقديم عالم مفتوح جذاب لهذه الدرجة، ومحتوى جانبي يصنف جانبي ليس لأنه أقل جودة، وإنما ليس له علاقة بالقصة الأساسية كانت كلها عناصر تميزت بها إصدارة Arkham City عن Arkham Asylum لتقديمها لتلك العناصر بشكل موسع، نجحت من خلاله في إعطاء دروس لألعاب العالم المفتوح في كيفية استغلال حجم العالم، وصناعة محتوى جانبي ذو قيمة كبيرة، تفشل الكثير من الشركات حتى الآن في استيعابه.

Batman Arkham City

نظام قتال ثوري، يليق ببطل أسطوري

كانت سلسلة Arkham بشكل عام هي أول من ابتدع نظام القتال المبني على الضغط المستمر على أزرار الضربات، ثم زر الCounter attack وهو نظام قتال امتد لألعاب كثيرة لاحقًا مثل سلسلة أساسينز كريد، و حتى لعبة Spiderman PS4. نظام القتال كان مبنيًا على إتقان باتمان لمجموعة من أنظمه القتال (MMA, Karate, Judo) وتنوع الأعداء الذي لا يجعل منها متكررة. أساءت بعض الألعاب استخدام ذلك النظام فيما بعد وقدمت معارك شديدة السهولة والتكرارية بسبب إهمالها لفكرة تنوع الأعداء وعتادهم.نظام القتال في Arkham City شهد تطويرًا كبيرًا وإضافة الكثير من الحركات والأدوات. كما أن ساعده اسلوب التنقل شديد السلاسة.

Batman Arkham City

في النهاية، أتذكر الساعات المتواصلة التي قضيتها في لعب Batman Arkham City، وشعوري بعدم الارتياح مع أي لعبة لعبتها بعدها لفترة طويلة حتى أنني كنت أضطر لإعادة لعبها حتى أحصل على جرعتي من الساعدة اليومية لأني لا أجد مصدر آخر. كانت تلك الأيام والساعات التي قضيتها أقل بكثير من تلك التي قضيتها مع لعبة مثل Assassin’s Creed Odyssey والتي لا أتذكر أي شيء عنها الآن بعد 3 سنوات فقط من لعبي لها. لماذا ذلك؟ لأن Arkham City لم تسعى لتقديم محتوى ضخم يأكل وقتك أكلًا، وإنما تقديم شيئًا تتذكره بعد الانتهاء منه، وتدمنه من فرط إتقانه وروعته. لقد قضيت مع اللعبة 22 ساعة فقط لكي أنهي كل محتواها (لم احتسب ساعات إعادة اللعب) ولازلت أتذكر تلك الساعات بتفاصيلها، وهو ما استطاعت فعله القليل من الألعاب في الآونة الاخيرة.

Batman Arkham City

بالنسبة لي شخصيًا، تعتبر Batman Arkham City واحدة من أفضل الألعاب بالتاريخ لأنها حاولت تقديم شيء مبتكر، بشكل متقن ومخلص للمادة الأصلية التي استمدت منها الشخصيات (الكتب المصورة لباتمان) ولذلك وإن كنت ممن لم يحالفهم الحظ لتجربة تلك التحفة الفنية، أنصحك بأن تجربها فورًا دون أي تردد.

Mostafa Argoun

رئيس التحرير ومدير المحتوى بالموقع،أحب ألعاب الفيديو منذ زمن بعيد، وأول لعبة قمت بتجربتها كانت لعبة فيلم هرقل (Hercules) علي الحاسب الشخصي. أحب ألعاب الRPG وخصوصًأ التي تهتم بالقصة وتفرعاتها، ولا مانع من ألعاب اللعب الجماعي التي تقدم شيئًا جديدًا، وتحترم وقت اللاعبين. أعمل في صحافة الألعاب منذ عام 2012 وأحب الكتابة كهواية جانبية.
زر الذهاب إلى الأعلى