عندما تذكر اسم Death Stranding دائمًا ما ستسمع عبارات من معظم اللاعبين حول أنها مجرد لعبة توصيل طرود لمناطق مختلفة في عالم اللعبة، والعبارة الأشهر التي يتم وصف اللعبة بها هي “محاكي المشي” أو “Walking Simulator” ونعم لن أكذب عليك وأقول أنها ليست محاكي للمشي بل هي كذلك يا صديقي فهذه مهمتك طوال اللعبة، لكن اللعبة أعمق من ذلك بكثير بمجرد الدخول في عالمها الخالي من جميع أنواع الحياة.
أنا لم أتي هنا لأفرض عليك رأيي الشخصي في Death Stranding أو أقول لك أنه يجب عليك تجربة اللعبة فهذا قرارك في النهاية، بل كل ما في الأمر أنني في هذا المقال سأتحدث عن الأسباب التي جعلتني أحب اللعبة وهي ذاتها الأسباب التي قد تدفعك ربما لتجربة اللعبة في القريب العاجل.
قصة غامضة تحاول استكشافها طوال رحلتك لتكافئك بعدها بلحظات لا تُنسى
كعادة Hideo Kojima فهو دائمًا ما يقدم قصص رائعة في ألعابه وفي نفس الوقت تكون تلك القصص غامضة، وتحاول طوال اللعبة استكشاف خبايها لتحصل في النهاية على لحظات لا تنسى ومفاجآت صادمة، وهذا هو الحال مع Death Stranding أيضًا. تدور القصة بعد حدوث مجموعة من الانفجارات تسمى بجنوح الموت، والتي أدت إلى تغيير نظام وشكل كوكب الأرض للأبد، حيث ظهرت كائنات الـ BTs أو أطياف البرزخ وهي أرواح الموتى حيث أصبح بإمكانهم الدخول إلى عالم الأحياء بعدما تداخل عالم الاموات مع عالم الاحياء نتيجة لجنوح الموت، وظهور تلك الكائنات يتبعه ظهور أمطار زمنية تتسبب في زيادة عمر أي شيء تسقط عليه.
ونتيجة لتلك الانفجارات وظهور الأطياف والأمطار الزمنية تفرق الشعوب وقل التواصل بينهم بشكل كبير، وهنا يأتي دورك. ستلعب بشخصية Sam Porter Bridges الذي يعمل لدى منظمة Bridges كساعي لتوصيل الطرود لمختلف المناطق بالولايات المتحدة الأمريكية، وبالتعاون مع هيئة UCA سيسعى Sam إلى إستعادة التواصل بين البشر مرة أخرى من خلال توصيلهم بشبكة Chiral أو الشبكة الكريالية.
عند النظر لقصة اللعبة ستجد أنها قصة غامضة وهذه هي طبيعة القصص الخاصة بألعاب المخرج الياباني Hideo Kojima. تبدأ لعبة Death Stranding بإخبارك بأن العالم على وشك الانهيار بسبب ما يسمى بجنوح الموت لكنك تستمر في سؤال نفسك وتقول “ما هو جنوح الموت ومن أين أتى ومن تسبب في حدوثه ؟” لتأخذك اللعبة في رحلة مليئة بالاخطار لاستكشاف سر جنوح الموت، وبعد رحلة مرهقة ستكافئك اللعبة دائمًا بالإجابة عن الأسئلة التي كنت ترغب في الحصول على إجابة لها، وبعض الإجابات ستحمل معها مفاجآت صادمة ستجعلك مذهولاً.
كعادة كوجيما فإن قصة Death Stranding هي قصة غامضة يتم سردها بطريقة رائعة. بمجرد انتهاء اللعبة ستجد أن معظم الاسئلة قد اجيب عنها بالفعل وأن الغموض قد أزيل بالكامل، حيث يتم الإجابة عن كل الأسئلة بإجابات منطقية في الوقت المناسب وبدون عشوائية مما سيجعلك تخرج راضيًا عن القصة.
الأداء المذهل لجميع الشخصيات في Death Stranding الذين تم تأدية دورهم بواسطة وجوه مألوفة لنا جميعًا
هل سبق ورأيت لعبة فيديو تقدم هذا العدد من الممثلين الكبار ؟ بالطبع لا لكن هنا في Death Stranding الوضع مختلف تمامًا. حيث تقدم اللعبة عدد كبير من الوجوه المألوفة والمحببة للعديد منا، فمع تقديم اللعبة لشخصيات من تقديم نجوم كبار أمثال Mads Mikkelsen و Norman Reedus و Troy Baker بالإضافة إلى الأداء التمثيلي الرائع سيشعرك أنك تشاهد فيلمًا ولا تلعب مجرد لعبة، فلقد أراد كوجيما أن يؤثر على اللاعبين، والطريقة الوحيدة لفعل ذلك هي استقطاب عدد كبير من الممثلين الكبار وتقديمهم في اللعبة بأصواتهم وملامحهم الأصلية، ناهيك بالطبع عن الأداء التمثيلي المميز من هؤلاء الممثلين.
ولأن تمثيل الشخصيات في Death Stranding تم من قبل ممثلين كبار فإنك دائمًا ما ستنتظر ظهورهم في مشاهد سينمائية وستود معرفة المزيد من التفاصيل عنهم، فعلى سبيل المثال كنت دائمًا انتظر المشاهد التي تظهر بها شخصية Cliff Unger الذي تم تمثيل دوره بواسطة Mads Mikkelsen -اعتقد أنك حزرت السبب- ذلك لتمثيله للدور بإتقان وتمتعه بالكاريزما العالية، بالإضافة إلى فضولي الشديد في معرفة ماضيه ومن يكون.
الأمر ذاته ينطبق على باقي الشخصيات فقد تم تمثيل جميع الشخصيات بدقة عالية، وكل شخصية لها دورها وماضيها في اللعبة فلا يتم التركيز على شخصية دونًا عن الأخرى، فإن اللعبة ستعرفك على ماضي كل شخصية في الوقت المناسب وبطريقة سلسلة لن تشعرك بأنك تائه في وسط كل هذه الأحداث، والأمر المفاجئ انك ستكتشف أن كل شخصية قد سميت باسمها نتيجة لحدث ما في ماضيها. بشكل عام وجود هؤلاء الممثلين قد يدفع أي شخص -حتى لو كان كارهًا للعبة- لتجربتها في اقرب وقت ممكن لأنك بالفعل ستتأثر بقصة اللعبة نتيجة لتواجد هؤلاء الممثلين.
أسلوب اللعب: نعم إنه من ضمن الأسباب فهو ليس مجرد توصيل للطرود يا صديقي
إذا سألت أي شخص عن لعبة Death Stranding وقلت له ما هو محتوى اللعبة أو ما هي هذه اللعبة سيخبرك بلا شك أنها محاكي للمشي أو محاكي لتوصيل الطرود وسيقولها ساخرًا في أغلب الأحيان. دعني اخبرك أنه معه حق في تسمية اللعبة بمحاكي المشي لكن ليس تمامًا يا صديقي. أنت بالفعل ستقوم بتوصيل الطرود بين مختلف المناطق من أجل إعادة التواصل بين البشر مرة أخرى، لكن الأمر أعمق من ذلك بكثير وأكثر من كونه مجرد توصيل طرود.
مع كل عملية توصيل طرد يجب عليك التخطيط جيدًا للطريق قبل الانطلاق في رحلتك، حيث يجب عليك معرفة التضاريس التي ستمر بها واختيار الادوات التي تحتاجها مثل الخطاف أو السلم أو المظلات التي تضعها في أي مكان لتحميك من الأمطار الزمنية. كما يجب عليك معرفة الأعداء في طريقك سواء كانوا أعداء بشريين أو كائنات BTs لأنك في هذه الحالة ستحتاج أن تأخذ بعض الأسلحة والقنابل معك.
أسلوب اللعب في Death Stranding ليس مملًا على الإطلاق، فإن اللعبة دائمًا ما تجبرك على تغيير طريقتك في توصيل الطرد حسب ما ستواجهه في طريقك فتارة ستستخدم الدراجة النارية أو السيارة وتارة أخرى ستفضل السير على الأقدام إذا كان الطريق وعرًا بشدة ولا يسمح بسير الدراجات النارية والسيارات فيه. كل طريق في اللعبة سيجعلك تغير من أدواتك وتختارها بعناية، لأنك إذا لم تقم باختيار الأدوات المناسبة لعملية التوصيل قد تفقد الطرد وتعيد عملية التوصيل من البداية.
وبشكل عام فإن أسلوب اللعب في Death Stranding هو من افضل العناصر التي قد تجعلك تُقدم على تجربة اللعبة، وذلك بشرط أن تتعمق فيه وتستغل كل العناصر التي يوفرها لك أسلوب اللعب.
تعاون اللاعبين ومساعدتهم لبعضهم البعض في هذا العالم المتوحش
نعلم أن Death Stranding هي لعبة فردية وتعتمد على لاعب واحد ولا يمكن لعبها بأكثر من لاعب، إذًا كيف يساعد اللاعبون بعضهم البعض ؟. في كل لعبة يقدمها Hideo Kojima دائمًا ما يقوم بوضع أفكار عبقرية، وفي لعبته الأخيرة قام بفعل ذلك أيضًا. قصة اللعبة تعتمد على إعادة الإتصال والتواصل بين البشر لذلك استغل كوجيما هذا الشيء في أسلوب اللعب من خلال نظام يدعى Social Stranding System يعتمد على الإتصال بالإنترنت.
نظام Social Stranding System يعتمد على الإتصال بالإنترنت والتواصل بين اللاعبين من دون رؤية بعضهم كيف يتم هذا ؟ حسنًا على سبيل المثال يقوم أحد اللاعبين ببناء جسر في عالم اللعبة الخاص به، هذا الجسر سيظهر لدى باقي اللاعبين في العالم الخاص بهم إذا ما كانوا متصلين بالإنترنت ويمكن أن يستخدموه وفي المقابل سيحصل من قام ببناء الجسر على إعجابات من باقي اللاعبين. هذا ينطبق على باقي الاشياء في اللعبة سواء كان طريق أو أدوات يمكن استخدامها فأي شيء تبنيه في عالم أو تتركه خلفك يمكن لباقي اللاعبين استخدامه وإذا ساعدت هذه الأدوات أحدهم على تخطي عقبة سيقوم بمنحك إعجاب.
الأمر المثير للإعجاب في نظام Social Stranding System هو أنه يمكن لأكثر من لاعب المشاركة في بناء مختلف المباني مثل الجسور والطرق من خلال وضع عدد محدد من الموارد حتى يكتمل البناء وبذلك ستكون عمليات البناء أسهل بكثير مما سينتج عنه عمليات توصيل أسهل.
عالم مفتوح مميز يتأثر بما تفعله ويؤثر عليك في المقابل
يعد عالم Death Stranding واحد من العوالم التي تؤثر عليك وعلى البيئة من حولك وتؤثر عليه أنت أيضًا. على سبيل المثال الأمطار الزمنية تتسبب في تلف كل شيء من حولك تقريبًا، فإذا تساقطت تلك الأمطار على أحد من البشر سيزيد في العمر بسرعة كبيرة حتى يموت، بالإضافة إلى أنها تسبب تلف المركبات والطرود التي تحملها مما يشكل لك تحديًا إضافيًا، أي أن العالم سيشكل لك تحدي بجانب كائنات BTs والأعداء من البشريين.
لكن كيف سيتأثر العالم بما تفعله ؟ حسنًا قلنا أنه حدث لعالم Death Stranding إنفجار يسمى بجنوح الموت تسبب في تداخل عالم الاموات مع الأحياء، وإذا تم قتل أحد البشر ولم يتم حرقه في اسرع وقت سيتسبب ذلك في ظهور كائنات الـ BTs بحثًا عن تلك الجثة، وإذا وجودها والتهموها سيتسببوا في حدوث انفجار كبير، وهذا ما سيحدث عند قتلك لأحد الأعداء لذلك تحثك اللعبة على عدم فعل ذلك طوال رحلتك في عالمها.
بجانب جميع عناصر اللعبة فإن تصميم العالم من أكثر الأشياء المميزة فبعيدًا عن تفاصيل العالم، فإن تأثير العالم على البيئة وتأثيرك انت عليه هو من افضل الأشياء في اللعبة لأنه يقدم تحدي إضافي لك.
ختامًا:
منذ أن قام Hideo Kojima بالكشف عن لعبة Death Stranding لأول ونحن نعلم بأنها لن تناسب جميع الأذواق، فإن كوجيما لا يقدم ألعاب مناسبة لجميع اللاعبين في العادة. لكن يجب أن نرفع القبعة له على القصة الغامضة المليئة باللحظات الصادمة وعلى مخاطرته في تقديم لعبة لم نرى مثلها من قبل وتقديمه لأفكار جديدة، فهذه مخاطرة لن يجرؤ أي حد على القيام بها سوى كوجيما. فإذا كنت تملك اللعبة وأظن أنك حصلت عليها مجانًا من متجر Epic Games فأنصحك بإعطائها فرصة لأنها تجربة لن تتكرر.