خلال الفترة الأخيرة حصلنا على فرصة ثمينة من يوبي سوفت لحضور حدث حصري للإعلاميين لتجربة موسعة للعبة Assassin’s Creed Mirage المُنتظرة والتي تعتبر عودة اللعبة إلى جذورها بعد ثلاثة أجزاء قضتهم اللعبة بنظام RPG وحجم محتوى ضخم ابتعدت به عن ما كانت عليه أجزاء السلسلة الأولى، وعودة أيضًا للعبة للأراضي العربية لأول مرة منذ الجزء الأول وهذه المرة تدور أحداث اللعبة في العراق، وتأخذنا تجربة الديمو إلى 3 مناطق مختلفة. إليكم انطباعنا الكامل والشامل عن لعبة أساسنز كريد السراب.
أولًا: مراحل تجربتنا الثلاثة…3 نسخ من باسم كل منهم بطابع مختلف
استطعت تجربة اللعبة لمدة وصلت إلى 3 ساعات، قُسمت على فترات من حياة باسم، في المرلحة الأولى يكون لصًا في بداية حياته، يشق طريقه نحو جني المال في محافظة الأنبار، وتستعرض هذه المرحلة مراحل التخفي والسرقة وتعرفنا بشخصية باسم في بداياته كلص شوارع، وشخصية ماكرة وذكية تمتلك من الدهاء ما يكفي ليلفت نظر “المستترين” أو The Hidden Ones وهو الاسم الذي يُطلق على الأساسنز في الألعاب الجديدة.
المرحلة الثانية تسلط الضوء على قلعة “ألموت” وتدريب المُعلمة Roshan لباسم على تقاليد وأساليب المُستترين في القتال وقواعدهم الثلاثة المعروفة، وهنا بدأت في استخدام بعض الأدوات المتاحة لباسم والتدريب على الأنظمة التي تقدمها اللعبة بشكل أكثر توسعًا مثل نظام الاغتيال، وقفزة الثقة (Leap of death) والتسلق، ثم ننتقل إلى القتال بالسيف والحصول على أداة النصل المحفي (Hidden Blade).
في المرحلة الثالثة ننتقل إلى بغداد “المدينة المدورة” جوهرة الحكم العباسي في عصرها الذهبي، بكل جمالها ورونقها الذي ينقله الاسم وحده، فما بالك بالتواجد فيها افتراضيًا؟ يكون الهدف من التواجد بالمدينة هو التوصل إلى هدف يكون عليك اغتياله والغرض من تجربة المرحلة هو استعراض أسلوب الاغتيال الجديد والذي من المفترض أن يعود بنا إلى أسلوب الـBlack Box الذي وصل لذورته مع إصدارة Assassin’s Creed Unity و Syndicate.
إيجابيات التجربة….تعيد للسلسلة بريقها الذي أصابه الصدأ في السنوات الأخيرة
بشكل شخصي، أعترف بأنني أعجبت جدًا بلعبتي Assassin’s Creed Origins و Valhalla ولكني كنت على تمام العلم بأنهما فقدا عناصر كثيرة مما كان يجعل سلسلة أساسنز كريد محبوبة، وأعترف بأن Mirage تحاول إصلاح كل تلك الأخطاء عن طريق تقديم تجربة مكثفة، سينمائية، بعالم أصغر حجمًا وأكبر قيمة.
أول ما لاحظته في Mirage عودة الأسلوب السردي السينمائي، والحد من عناصر RPG بشكل كبير، وتقديم مدن بتصميم معمار مُكدس يجعل التنقل عبر الأسطح شيئًا أكثر قابلية للتنفيذ عن الثلاثية السابقة، والتي احتوت على مساحات واسعة من الحقول والمناطق المفتوحة والتي جعلت التنقل الأيقوني على أسطح المنازل شيئًا نادرًا، كما أن الاهتمام بالتخفي عاد ليكون أمرًا كبيرًا، واستطعت إكمال معظم وقتي مع اللعبة بدون الدخول في معارك مفتوحة ومباشرة.
اما عن مهمات الاغتيال، فقد كان تعتمد على التحقيق ولا تزيد من إرشادك إلى المهمة بل تتركك تفكر قليلًا فيما عليك فعله، وبالطبع احتوت على أكثر من مسار للتسلل للمكان المجرو، لك للأسف. أسلوب الاغتيال نفسه كان موحدًا وهو الأمر الذي أحبطني كثيرًا نتيجة لأن المراحل التي يتم استعراضها في مثل هذه الأحداث الموجهة للإعلام غالبًا ما تكون الأفضل في اللعبة كلها، فهل هذا أفضل ما سيتم تقديمه؟ لا نمتلك إجابة أكيدة ولكني شخصيًا كنت أتمنى أن أرى حرية بمستوى ألعاب Hitman الأخيرة في كيفية إكمال الاغتيالات.
بعض المخاوف التي قد تؤثر على جودة التجربة الكاملة
بالطبع لم تكن التجربة كلها إيجابية ومثيرة للحماسة تجاه اللعبة، فالذكاء الاصطناعي – المشكلة الأزلية ليوبي سوفتةوألعابها- لا يزال متواضعًا للغاية ولا يقدم أي مستوى من مستويات التحدي، خصوصًا أثناء التخفي، على الرغم من تقديم بعض الألعاب الأخرى حلولًا لهذه المشكلة وأولها Hitman بأجزاءها الثلاثة الأخيرة.
استمتعت بأسلوب التخفي والاهتمام الكبير بيه في ميراج، ولكن في قرارة نفسي كنت على تمام العلم بأن حتى الإخفاق لم يمتلك عواقبًا وخيمة وسيمكنني تدراكه بسهولة كبيرة وهو ما قلل كثيرًا من قيمة العمل الذي قام به المسؤولين عن جانب التخفي باللعبة.
هناك أيضًا عيب آخر لن يكون واضحًا لمن نسي الأجزاء الثلاثة السابقة وهو إعادة استخدام الأصول المستخدمة في الأجزاء السابقة بشكل ملحوظ. نعم، أساسنز كريد ميراج هي لعبة صغيرة تأتينا بسعر أقل من سعر اللعبة الكاملة حاليًا (تأتينا بسعر 50$) و قد يعني ذلك بالضرورة أنها لعبة ذات “قيمة إنتاجية مُخفضة” ولكن أعتقد بأن تكرار الأصول وشعور أن كل ما تراه مألوفًا قد يكون شيئًا محبطًا لعشاق السلسلة الذين تمنوا من ميراج أن تكون هي العودة الحقيقية للسلسلة، خصوصًا بعد أن غابت لمدة 3 سنوات كاملة.
تتناول قصة ميراج مراحل كثيرة في حياة باسم بن إسحاق، على الرغم من أن الشائعات قد أفادت بأن عمر اللعبة هو 15-20 ساعة فقط، وهو ما يعني أنه هناك بعض السنوات في حياة باسم التي لن نراها من خلال أحداث اللعبة، وقد بدى لي من خلال الديمو الذي جربته أن هناك قطع كبير في الأحداث ينقلنا للأمام حتى الوقت الذي أصبح باسم فيه أساسن متمرس، على طريقة لعبة Cyberpunk 2077 في تجاوز الأحداث بعد تقديم شخصية V لصديقه “جاكي”، وإذا كان هذا الشيء صحيحًا فإعتقد بإنه سيكون محبطًا للكثيرين. لست متأكدًا مما رأيت لأن السبب في ذلك “ألمونتاج” قد يكون لنقل الصحفيين الذي وجه لهم ذلك الديمو إلى أجواء اللعبة أكثر دون حاجتهم لخوض ساعات طويلة من اللعبة. ننتظر ونرى..
التعريب…فصل جديدة في مشوار دعم المنطقة العربية
لا تدخر يوبي سوفت مجهودًا في دعم المنطقة العربية في كل ألعابها منذ سنوات طويلة، ومنذ بدأت في دبلجة مجموعة كبيرة من الألعاب الكبيرة التي تمتلكها الشركة، كانت أساسنز كريد أحد تلك الألعاب إلا أن دعم اللغة العربية كلغة دبلجة للحوارات توقف في الثلاثية الأخيرة، ولكنه يعود من جديد مع كوكبة مميزة من الممثلين العرب على رأسهم الفنان إياد نصار الذي يلعب دور باسم بامتياز وقد أضاف وجوده في مثل هذا الدور الهام رونقًا خاصًا للشخصية وللعبة ككل، ويمكنني القول بأنه واحد من أكثر الاختيارات الموفقة للأداءآت الصوتية منذ بدأت الألعاب تقدم أصواتًا عربية.
أما عن الترجمة فقد كانت من الأفضل في تاريخ يوبي سوفت، فقد استخدمت ألفاظًا بليغةً، وفصيحةً وعبرت بشكل ناجح عن كامل معاني الحوارات بل واعطت للحوارات عمقًا أكبر من اللغة الإنجليزية التي شعرت أنها بغير محلها هنا. لا طريقة للعب ميراج سوى بالعربية، ولذلك من الرائع أن تكون العربية بمستوى عظيم هذه المرة دونًا عن باقي المرات.
الموسيقى قد تكون أفضل بكثير مما توقعنا في Assassin’s Creed Mirage
أكثر ما أعجبني في أساسنز كريد ميراج كان الموسيقى الحماسية، والممتزجة بطابع عربي في كل لحن من ألحانها. لقد شعرت بحرارة صحراء العراق، وانتقلت بوجداني وروحي إلى العصر العباسي من خلال الموسيقى أكثر مما استطاعت اللعبة نفسها أن تنقلني. لا شيء يفوق الموسيقى جودةً في أساسنز كريد ميراج وفي حقيقة الأمر أعتقد أنها تستحق ترشيحًا لموسيقى العام خلال حفل جوائز الألعاب بنسختيه العربية والإنجليزية.
عزف تلك الألحان المُلهمة للروح والأذن الموسيقي Brendan Angelides والذي لم يسبق له تلحين موسيقى لعبة من قبل، ولكنه معروف بموسيقى مسلسلات شهيرة ظهرت بالسنوات الأخيرة منها 13 Reasons Why.
في النهاية، وبشكل عام كانت تجربة Assassin’s Creed Mirage تجربةً إيجابية وتدعو للتفاؤل بما ستقدمه اللعبة الكاملة مع عودة كاملة لا تقبل التنازلات إلى جذور السلسلة وكل ما جعلها مميزة، وأول هذه الأشياء يمثلها باسم من خلال كونه شخصيةً مكتوبة بعناية وصاحب قصة مثيرة ومليئة بالتفاصيل. نحن الآن متحمسون رسميًا للعبة…نراكم في مراجعتنا الرسمية لها قبل الإصدار!
