مقالات

تقنية التزييف العميق (Deep Fake)تعود لإثارة الخوف بسبب “الأفلام الإباحية المُلفقة”

جميعنا يمتلك ذلك الصديق الذي يُفضل عدم مشاركة صوره على مواقع التواصل الاجتماعي، قد تسخر من هذا الصديق في بعض الوقت ولكن احذر يا عزيزي لأنه يبدو أنه كان يمتلك هبة بعد النظر، فاليوم أصبحت رسميًا “خدمات تركيب وتلفيق مقاطع الفيديو والصور” واقعًا موجودًا، وكل ما يحتاجه الأمر هو صورة واضحة لك وتقوم تقنية Deep Fake بالبقية! فما هذه التقنية، وكيف يتم الأمر، كل هذا سنعرفه من خلال مقالتنا لليوم.

ما هي تقنية Deep Fake وكيف يتم استخدامها؟

ظهرت تقنية Deep Fake منذ سنوات قليلة ،وهي تقنية من صنع البروفيسور من جامعة واشنطن يدعى “ريان جورجي” وكان هدفها تعزيز فكرة الواقعية في تركيب الصور ومقاطع الفيديو لتكون أكثر واقعية من ذي قبل.

الفكرة نفسها موجودة منذ فترة في ولها استخدامات عديدة أحد أهمها هو السينما. رأى المخرجون الكبار في تلك التقنيات التي تتلاعب في الصور أملًا في إعادة ممثليهم المفضلين “إلى الحياة” ولو بشكل رقمي فقط، قام باستخدمها بالفعل بعض المخرجون في تصغير وجوه بعض الممثلين سنًا وإخفاء التجعايد لديهم، ليس بفضل تقنية Deep Fake نفسها، وإنما تقنيات تتشارك معها في الفكرة، مع مساعدة تقنية CGI. أمثلة على هذا تصغيير (De-aging) الممثل روبرت دينيرو في فيلم The Irishman وSamuel Jackson في فيلم Captain Marvel.

Samuel L. Jackson Reacts to 'Captain Marvel' De-Aging Him | IndieWire

يمكننا الاختلاف على مدى جودة التصغير في هذه الأفلام، ولكن لا يسعنا إنكار ما تُمثله هذه التقنية من قفزة في مجال التلاعب بالصور، ومع “قوى كبيرة تأتي مسؤليات أكبر” أو بمعنى آخر، مع كل تقنية متطورة، تأتي مشاكل تخص هذه التقنية وتحديات لا يمكن تجاهلها. توفرت هذه التقنية للعامة، وأصبح بإمكان أي شخص أن يقوم باستخدامها في تركيب صور النجوم المشاهير على وجهه كنوع من أنواع المزاح، ولكن هل تتوقع بأن جميع الناس سيستخدمون تقنية متطورة كهذه في المزاح فقط؟ لقد ظهرت بالفعل عدة مقاطع فيديو على الشبكة لشخصيات عامة تتحدث بطرق مغايرة عن الواقع، ليكتشف الناس لاحقًا بأنه كان أداءًا تمثيليًا باستخدام وجه هذه الشخصية المعروفة عن طريق Deep Fake. لقد وصل الأمر لأن أحد المعجبين بأفلام المخرج Martin Scorcese قد عدل على لقطات من فيلم The Irishman باستخدام التقنية لتكون أفضل حتى من الفيلم نفسه!

قديمًا كان التلاعب بالصور فكرة محدودة، تعاني من قصور في جوانب عدة تمكنا من الحصول على صور حقيقية قابلة للتفريق عن الصور المزورة، ولكن الجديد في تقنية التزييف العميق هو أن الذكاء الاصطناعي الخاص بالتقنية يقوم بمعالجة مشاكل قد يقوم الإنسان بتركها في الصورة عند التلاعب بها يدويًا.

Deep Fake

كيف تعمل هذه التقنية؟

تعمل التقنية بطريقة شديدة البساطة، إذ يقوم الذكاء الاصطناعي بتخزين الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالشخص الذي تريد إنتاج فيديو بوجهه، وكلما زادت جودة وعدد هذه الصور والمقاطع زادت قدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج مقاطع فيديو أكثر إقناعًا للجميع. لذلك تجد أكثرية الصور المنتشرة هي لنجوم هولييوود، وسياسيين أمريكيين ممن يظهرون كثيرًا في الإعلام، وتملأ صورهم وسائل الإعلام.

Deep Fake

عانت النجمات Scarlett Johansson و Gal Gadot من استمرارية تركيب صورهم على مقاطع فيديو إباحية، وأبديتا استياءهما عن ضبابية مستقبل هذه التقنية خصوصًا وأنها خدمة مجانية أو شبه مجانية يمكن لأي حد استخدامها بدون قيود أو عقوبات قانونية في الوقت الحالي.

لا يوجد شيء يمنع أحدهم من نسخ ولصق صورتي أو صورة أي أحد ووضعها على جسد مختلف، وجعلها تبدو واقعية بالقدر المطلوب

هكذا صرحت سكارليت لصحيفة واشنطن بوست في 2018. ولايزال الوضع يزداد سوءًا، ولكن السؤال هنا، هل يتعرض النجوم المشاهير فقط لهذه الافتراضية المُرعبة؟ الإجابة وبكل أسف يا صديقي، هي لا.

ما الخطر الذي ظهر مؤخرًا؟

الخطر الذي ظهر مؤخرًا ببساطة هو بداية انتشار “خدمات” تدفع فيها الأموال لتركيب صورة أحدهم على أجساد ممثلي الأفلام الإباحية! نعم لقد أصبح هذا الشيء حقيقيًا، ويدفع فيها الناس أموالًا كثيرة، ما قد يعادل30 دولار للخمس دقائق! كل ما يتطلبه الأمر هو الدفع، ومن ثم إرسال صور للشخص المطلوب بشروط محددة، أولها ألا يكون مرتديًا للنظارات، وأن تكون الصورة مستقيمة بغير زاوية، وأن تكون الدقة عالية (ما لا يقل عن 720P). كل هذا تم ذكرة بالتفصيل في تقرير قامت به جامعة MIT

Deep Fake

مخاطر هذه الخدمات الغير قانونية هو أنها تولد الكثير من الأموال، ويتسبب ذلك في نموها وزيادة الطلب عليها، وبالتالي قد تتحول إلى تجارة كبيرة مٌربحة لأصحاب النفوس الضعيفة، وقد تؤدي إلى تسهيل الابتزاز في المجتمعات التي لا تتمتع بالوعي الكافي بخطورة هذه التقنية. خصوصًا وأن العامة قد يجدون صعوبة في تفرقة الصور الحقيقة عن المزيفة بشكل فعال.

كيف يمكن التعرف على مدى واقعية هذه الفيديوهات

في الحقيقة التعرف على الصور المزيفة صعب للغاية، ولكنه ليس مستحيلًا. يمكنك رصد بعض الظلال الغير واقعية في الصور، أو افتقاد العيون لحيوتها بشكل بلاستيكي، أو خطوط سوداء على حدود الوجه. لحسن الحظ هناك برامج ذكاء اصطناعي متخصصة في التعرف على مدى واقعية الصور ومقاطع الفيديو، ولكن على الجانب الآخر فإن الذكاء الاصطناعي المتخصص في صنع هذه الصور المزيفة تتطور يومًا بعد يوم. تقوم وكالة الدفاع الأمريكية DARPA بإنفاق الأموال على الباحثين لإيجاد طرق أفضل للكشف عن الصور ومقاطع الفيديو وإيجاد عيوب في الذكاء الاصطناعي الصانع لها، تكون فعالة لاعتمادها لمكافحة الجرائم الإلكترونية حال حدوثها.

Deep Fake

ما هو هدفنا من هذه المقالة؟

قد يسأل البعض، هل أريد أن أعرف الناس على طرق الشر حتى يسلكوها؟ في الحقيقة لقد فكرت في أن هذا قد يكون أحد نتائج الكتابة عن الموضوع السلبية التي لا أريدها، ولكن على الجانب الآخر يجب أن ننشر الوعي فيما بيننا عن ما وصل إليه عالم التقنية، خصوصًا إذا كان هذا الشيء يمثل خطرًا علينا. أطلب من الجميع عدم تصديق جميع ما يرونه على شبكة الانترنت، وأن يتسلحوا بالمعرفة عن هذه التقنية والقراءة عنها حتى يتفادوا الوقوع في مشاكل كبيرة.

Deep Fake

في النهاية، لقد أصبح الأمر مخيفًا للكثيرين، وأعتقد أنني أدين للاعتذار لأصدقائي الذين كانوا يخشون وضع صورهم على شبكات التواصل الاجتماعي عند دخولهم، لأنهم تفكيرهم سبق الجميع في توقع الأحداث. أظن أنها مسأله وقت قبل أن تصبح التقنيات المتخصصة في التعرف على ما هو الحقيقي وما المزيف خدمات متوفرة لدى جميع أجهزة الشرطة المتخصصة في محاربة الجرائم الإلكترونية، وقد يصبح أيضًا في كل قسم شرطة فريق متخصص في تحليل الصور والفيديوهات!

Mostafa Argoun

رئيس التحرير ومدير المحتوى بالموقع،أحب ألعاب الفيديو منذ زمن بعيد، وأول لعبة قمت بتجربتها كانت لعبة فيلم هرقل (Hercules) علي الحاسب الشخصي. أحب ألعاب الRPG وخصوصًأ التي تهتم بالقصة وتفرعاتها، ولا مانع من ألعاب اللعب الجماعي التي تقدم شيئًا جديدًا، وتحترم وقت اللاعبين. أعمل في صحافة الألعاب منذ عام 2012 وأحب الكتابة كهواية جانبية.
زر الذهاب إلى الأعلى