قد يزعج هذا المقال الكثير من الآباء لأنه يتحدث عن فوائد الألعاب الإلكترونية (Gaming)، ولكنه من أجل المنفعة العامة وتحقيق المعادلة الصعبة. فبعيدًا عن المتعة الهائلة التي يحصل عليها اللاعب، فإنه أيضًا قد يحقق استفادة عقلية ونفسية. وفي هذا المقال، سنحاول توضيح بعض هذه الفوائد المدعمة بالأبحاث العلمية.
الألعاب الإلكترونية تجعلك أذكى
على عكس كل الأقاويل بأن الألعاب الإلكترونية تفسد الدماغ، ظهرت الكثير من الدراسات التي تؤكد عكس ذلك؛ فبحسب دراسة نشرتها مجلة PLOS ONE العلمية عام 2013، فإن مجرد تشغيل جهاز ال PlayStation أو ال Xbox يزيد من النشاط الإدراكي لدينا.
في الدراسة، قام الباحثون بالتركيز على خمس مجموعات وجعلوهم يلعبون بعض ألعاب الهاتف ساعة يوميًا لمدة 4 أسابيع، وقاموا بقياس نشاط الدماغ عن طريق بعض الاختبارات مثل اختبار الذاكرة قصيرة المدى، ليجدوا أن جميع الألعاب، سواء الأكشن أو غيرها، رفعت من مستوى النشاط الإدراكي لدى اللاعبين.
أما بالنسبة لألعاب الأكشن، فالأمر أكثر وضوحًا فيما يتعلق بموضوع الذكاء، حيث أوضحت دراسة نشرتها الأكاديمية الوطنية للعلوم عام 2014 أن ألعاب الأكشن تزيد من قدرة الشخص على التعلم؛ فهذه النوعية من ألعاب الفيديو تُبقي العقل في حالة من التركيز ومن التأهب لما هو قادم من مراحل مختلفة في اللعبة نفسها.
من المعروف عند الكثير من الباحثين أن قدرة الرجال على ترتيب الأشكال ثنائية وثلاثية الأبعاد في أدمغتهم تفوق قدرة النساء، لكن عندما طُلب من غير اللاعبين -ذكورًا وإناثًا- أن يواظبوا على 10 ساعات من ألعاب الفيديو على جلسات متفاوتة، جاءت النتائج صادمة؛ حيث تساوت القدرة بين الذكور والإناث فيما بترتيب الأشكال في أدمغتهم.
وهي عبارة عن مادة موجودة في الجهاز العصبي المركزي، وتشكل معظم الطبقة الخارجية من الدماغ، كما أنها مسؤولة عن التحكم بالحركة ومرتبطة بالذاكرة والعواطف.
زيادة المادة الرمادية
بالعودة إلى موضوعنا، نجد أن ألعاب الفيديو لها القدرة على زيادة هذه المادة وبالتالي زيادة قدرات الدماغ. قام مجموعة من الباحثين في جامعة العلوم والتكنولوجيا بالصين، وكذلك من جامعة ماكوري بأستراليا بقياس نشاط الدماغ لدى 27 لاعب محترف ممن قاموا بالفوز ببطولات محلية أو دولية في لعبة League of Legends أو DOTA2، وقارنهم بمجموعة ثانية من غير اللاعبين باستخدام تقنية FMRI لمسح الدماغ ليجدوا أن المجموعة الأولى زادت عندهم المادة الرمادية والقدرة على الإدراك.
القدرة على الإبداع في حل المشاكل
بالحديث عن الأمور الحياتية والمشكلات اليومية، يمكن لألعاب الفيديو أن تساعد أيضًا. فكلما لعب المراهقون ألعابًا استراتيجية مثل ألعاب تقمص الأدوار RPG، زادت قدرتهم على حل المشاكل وكذلك نتائجهم الدراسية وفقًا لدراسة طويلة كبيرة نُشرت في 2013.
كذلك الأمر بالنسبة للإبداع. في دراسة قامت بمتابعة تأثير لعبة Minecraft ومقارنتها بمشاهدة التلفاز وبلعبة سباق سيارات. ضمن الدراسة 352 مشاركًا، وقام الباحثون بتكليف المشاركين ببعض المهام الإبداعية من ضمنها رسم كائن فضائي يختلف في الشكل عن أي كائن بشري رأوه من قبل، فأدى اللاعبون أفضل من غيرهم.
كما تم تقسم اللاعبين بعد ذلك إلى مجموعتين، الأولى قيل لها أن تلعب بإبداع، والثانية تركت وشأنها، فأدت المجموعة الثانية أفضل حيث كان لها مطلق الحرية في استكشاف العوالم والمخلوقات الغريبة على عكس المجموعة الأولى التي شعرت بأنها مقيدة.
قدرة الـ Gaming على تخفيف الآلام
قد يكون هذا أفضل عذر تتعلق به إذا شعرت بأنك لست بخير أو لا تود زيارة الطبيب. نشرت الدورية الأمريكية للطب الوقائي دراسة عام 2012، وجدت فيها أنه خلال 38 دراسة، تحسنت الحالة الصحية ل 195 مريض من الناحية الفسيولوجية والنفسية.
بالإضافة إلى أنه في عام 2010، قُدم بحث في American Pain Society’s conference، يثبت أن ألعاب الفيديو وبالأخص ألعاب الواقع الافتراضي Visual Reality تساعد على تخفيف القلق والآلام الناتجة عن الأمراض المزمنة.
ال Gaming يتغلب على عسر القراءة عند الأطفال
قد يبدو الأمر غريبًا، ولكن في دراسة نشرتها دورية Cell الأكاديمية عام 2013، أثبتت أن ألعاب الأكشن -مثل Rayman Raving Rabbids- قد تساعد الأطفال من سن 7 إلى 13 سنة (الذين يواجهون عسر القراءة) على القراءة بشكل أسرع وبدقة كبيرة. السبب في ذلك يرجع إلى سرعة إيقاع الألعاب واندماج الأطفال معها بشكل كبير، معطين كل تركيزهم واهتمامهم لما أمامهم من تشويق وإثارة.
كانت النتائج مماثلة، بل وتفوقت في بعض الأحيان، على نتائج العلاج التقليدي. مما يساهم في تقليل الوقت، والمال، والأمر الأكثير أهمية أنه ممتع.
زيادة العلاقات الاجتماعية والمهارات الفكرية
هناك صورة نمطية خاطئة تمامًا عن اللاعبين، وهي أن جميعهم منطوون وغير اجتماعيين. حيث أكدت العديد من الدراسات عكس ذلك تمامًا وبالأخص على الأطفال.
انتشرت دراسة قام بها باحثون دوليون في كلية ميلمان للصحة الطبية بجامعة كولومبيا، قاموا فيها بقياس لآلاف الأطفال من سن 6 إلى 11 عام. قام الباحثون بجمع النتائج عن طريق نموذج استطلاعي تم توزيعه على الآباء والمدرسين.
بالأخذ في الاعتبار الاختلافات في التطور والجنس، وجد الباحثون أن ممارسة ألعاب الفيديو لأوقات طويلة كان مرتبطًا بزيادة القدرة الفكرية بنسبة أكبر ب 1.75 من الأشخاص العاديين. وكما قلنا فإن ألعاب الفيديو مرتبطة بالانعزال والتوحد نوعًا ما، إلا أن الفريق البحثي وجد عكس ذلك تمامًا. وجد أن هناك علاقة وثيقة بين كثرة اللعب وتكوين العلاقات الاجتماعية.
فبعد ذكر هذه الفوائد، أحب أن أختم هذا المقال باقتباس ريدلي بيرسون.
“ثق دائمًا بألعاب الكمبيوتر”