كيف أصبحت Xiaomi من أعظم شركات التكنولوجيا؟

لطالما كانت معظم الشركات الصينية في تطور سريع منذ نشأتها، والكثير منها وصل إلى القمة، كما أن الكثير منها وصل إلى القاع، ولقد لفتت شركة Xiaomi الناشئة إليها معجبين من كل أنحاء العالم، فلنتعرف سويًا على تلك الشركة بشيء من التفصيل منذ بدايتها حتى الآن…

تأسيس Xiaomi:-

شركة Xiaomi هي شركة صينية، مركزها العاصمة بكين، نشأت في أبريل 2010، رئيسها Lei Jun وقام بتأسيسها 6 أشخاص آخرون، وهم: Lin Bin وZhou Guangping وLiu De وLi Wanqiang وHuang Jiangji وHong Feng.

لقد شاركت في تأسيس الشركة العديد من الشركات التي استثمرت في أسهم Xiaomi، وهم Tamasek Holdings، وهي شركة قابضة متخصصة في الاستثمارات والمشاركة بالأسهم مملوكة لحكومة سنغافورا، وIDG Capital الصينية المتخصصة في الأغراض التجارية، وQiming Venture Partners الصينية التي تستثمر في التكنولوجيا، وQualcomm الأمريكية المتخصصة في صناعة أشباه الموصلات.

تطور الشركة:-

أصدرت الشركة في أغسطس 2010 أول هاتف ذكي Mi 1، ويعمل بنظام Android بواجهة MiUI، والتي كانت في البداية بمثابة خليط بين واجهة Touch Wiz من Samsung ونظام IOS من Apple.

في أغسطس 2013 أعلنت الشركة أن مساعد رئيس Google السابق Hugo Barra -في إدارة المنتجات التي تعمل بنظام Android- سيعمل لدى Xiaomi كمساعد رئيس لمساعدة الشركة على الانتشار خارج الصين.

بعدها بشهر أطلقت هاتف Mi 3 الذي حقق للشركة شهرة واسعة داخل الصين، حيث أنها تفوقت على HTC في أكتوبر واحتلت المركز الخامس في بيع الهوانف في الصين، وباعت في تلك السنة 18.7 مليون هاتف ذكي.

في عام 2014 أعلنت الشركة توسعها خارج الصين، بمركز إدارة في سنغافورا، فقامت بشراء Domain لموقع لها على الإنترنت mi.com بدلًا من xiaomi.com بمبلغ 3.6 مليار دولار، وهذا رقم قياسي كأغلى نطاق إنترنت في الصين. باعت الشركة في ذلك العام أكثر من 60 مليون هاتف ذكي.

توسعت الشركة مرة أخرى خارج الصين إلى البرازيل في 2015، حيث أطلقت Redmi 2 وهو هاتف متوسط ومحلي الصنع، وتلك أول مرة تقوم الشركة بتجميع جهاز خارج الصين، وما برحت حتى خرجت منها في 2016، ودخلت بعدها بنجلاديش، وفي نفس العام أصبحت منتجاتها متاحة داخل دول الاتحاد الأوروبي.

شهد العام 2017 نقلة نوعية كبيرة، حيث افتتحت الشركة متاجر في كل من الهند وباكستان وبنجلاديش واليونان وبدأت في بيع هواتفها بإسبانيا، وفي الربع الثالث من ذلك العام تفوقت في الهند على Samsung وأصبحت هواتفها الأكثر مبيعًا بعدد 9.2 مليون وحدة في تلك الفترة.

بعدها في 2018 افتتحت الشركة متجر في كل من الفلبين وفرنسا وإيطاليا، ثم قررت اقتحام سوق البورصة في هونج كونج للتجارة في أسهمها وكانت تسعى لزيادة قيمة الاكتتاب العام (قيمة الأسهم) بمقدار 10 مليارات دولار، وكان من المُتوقع أن يكون أعلى زيادة اكتتاب عام عالميًا منذ 2014، وفي نفس العام بدأت ببيع أجهزتها في كل من المملكة المتحدة وأيرلندا وأستراليا والدنمارك والسويد والولايات المتحدة الأمريكية.

تبدأ حقبة جديدة في إنجازات Xiaomi، حيث تخطت Apple وحصلت على المركز الثاني عالميًا في مبيعات الهواتف الذكية في الربع الثاني من 2021، ودخلت مجالاً جديداً في عام 2021 بإعلانها في مؤتمرها يوم 31 مارس أنها ستستثمر 10 مليارات دولار في السيارات الكهربائية، وفي يوليو أصبحت ثاني أكبر بائع للهواتف الذكية في العالم بدلًا من Apple.

الاسم والشعار:-

لعلك تعجبت من اسم Xiaomi وطرحت على نفسك سؤالًا، ألا وهو: “هل اسم الشركة له معنى في اللغة الصينية؟” حسنًا لذلك الاسم معنيان؛ أولها millet and rice أي حبوب الدُخْن والأرز، ولقد فسر لنا Lei Jun -رئيس الشركة- سبب إطلاقه لهذا الاسم، حيث قال إن لفظ Xiao -وفقًا لمنظور في الديانة البوذية- يعني أن البدء بالأشياء الصغيرة خير من السعي في البداية إلى المثالية. أما لفظ mi فله تفسيران؛ أولهما أنه اختصار لجملة Mobile Internet، ثانيهما mission impossible بسبب العقبات التي واجهت الشركة.

أما الشعار فهو أبسط ما يكون، حيث استخدمت الشركة حتى الآن شعارين، الأول شعار مربع حاد الزوايا بداخله كلمة Mi، الثاني شعار مربع بزوايا دائرية حتى كلمة Mi أقل حدة في الزوايا، وبدأت استخدامه في 31 مارس 2021، وهو من تصميم المصمم الياباني الشهير Kenya Hara. كلف التصميم 300,000 دولار، هذا التصميم هو الحد الأوسط بين زوايا المربع والدائرة، وأيًا ما كان فلا يوجد شخص غير محب لذلك الشعار البسيط.

العلامات التجارية وسلالات الهواتف:-

لا يخفى على أحد أن Xiaomi لديها علامات تجارية فرعية للهواتف؛ منها Redmi للهواتف الاقتصادية والمتوسط، بالإضافة إلى Poco التي تقدم أجهزة بقيمة مرتفعة مقابل السعر وواجهة مختلفة قليلًا وهي MiUI for Poco، وBlackshark المخصصة لهواتف الألعاب (Gaming) بواجهة مناسبة لمحبي الألعاب وهي Fun UI، وتوجد علامات أخرى لا تعتبر شركات فرعية بل سلالات هواتف مثل Mix وMax وMi وCC وCIVI.

بالنسبة للسلالات فهي أكثر بالتأكيد، سلالات Poco هم F وX وM، وسلالات Mix هم العادية وFold وAlpha الرائدتان، أما Max فليس لها إلا السلالة العادية، وسلالات Mi هم العادية الرائدة وNote، وسلالات Redmi العادية وNote الاقتصاديتين وK شبه الرائدة، أما علامتي CC وCIVI فليس لهما إلا سلالة واحدة، ويجب أن تعلم أن Xiaomi تشتهر بأنها قد تفرق بين أسماء بعض الهواتف حسب الدولة، فمثلًا هاتف Redmi Note 10 Pro 5G في الصين هو Poco X3 GT عالمياً وهذا يتكرر كثيراً عزيزي القارئ!

ما هي كل منتجات Xiaomi؟

كثير من الناس لا يعلمون بأن شركة Xiaomi في الأصل متخصصة في أنظمة التشغيل أو ما يعرف باسم Software، ولكن سرعان ما دخلت في مجالات كثيرة، هذه المجالات التي سنذكر أهمها وهي:

•الهواتف الذكية والهواتف اللوحية (Tablets) والحواسيب المحمولة (Laptops).

•تطبيقات وخدمات خاصة بالشركة.

•شاشات التلفاز والحواسيب وحوامل شاشات التلفاز وأجهزة استقبال التلفاز.

•أجهزة العرض المنزلي (Projectors) وأجهزة اتصال الإنترنت (Routers) والطابعات.

•الشواحن السلكية واللاسلكية والبطاريات الخارجية (Power Banks) ومقابس كهرباء الحائط.

•كاميرات المراقبة ومصابيح المنزل وأقفال الأبواب.

•فرش أسنان وماكينات الحلاقة الكهربائية.

•الساعات الذكية والميكانيكية والسماعات السلكية واللاسلكية ومكبرات الصوت.

•منقيات الهواء وأجهزة التكييف والمراوح والثلاجات.

•مكانس كهربائية وغسالات أطباق وأجهزة الخلاط.

•ملابس خارجية وداخلية وأحذية عادية ورياضية ونظارات شمس والحقائب.

•أجهزة التحكم اللاسلكية (Remote Control) والأسلاك مختلفة الأغراض.

•دراجات كهربائية (Scooters) وسيارات كهربائية وطائرات مسيرة (Drones).

سياسة Xiaomi في الربح والجودة:-

لطالما كانت منتجات Xiaomi رخيصة الثمن وجودتها مناسبة بل وأفضل بالنسبة للسعر، وفي مؤتمر إطلاق هاتف Mi 6X وعدت الشركة بسياسة ربح 5% على الأكثر من تكلفة تصنيع منتجات، وهذا لا يدع مجالًا للشك بأن هذه الشركة غير مهتمة بالدرجة الأولى بجني الأرباح، ووعدت بتحقيق جودة منتجات ممتازة أيضًا!

هنا يثور التساؤل: “كيف تقوم شركة ناشئة بالحصول على ربح 5% فقط، ومع ذلك تستطيع بتغطية نفقات البحث والتطوير وتصاميم المنتجات والتوسع في دول جديدة والوصول إلى القمة، وكل هذا بجودة عالية؟”.

الإجابة على هذا السؤال تكمن في الأرباح التي تحققها الشركة من تطبيقاتها وخدماتها المدفوعة على العديد من المنتجات، والإعلانات التي تُعرض في واجهة هواتفها الذكية خاصةً أي عن طريق البرمجيات.

بالطبع هذه الخدمات لا تحقق ربح ضخم ولكنها كافية وتزيد بزيادة عدد الأجهزة التي تبيعها الشركة، البيع يجد أساسه في السعر الرخيص والجودة العالية المقدمان من الشركة كيث يقابلهما طلب عالي وبالتالي يزيد عرض الأجهزة بكميات أكبر.

الصعوبات التي واجهت نمو الشركة:-

دائمًا ما تواجه الكيانات الناجحة عقبات كثيرة، وشركة Xiaomi من الناجحين في مجالات متعددة، تلك العقبات نوجز أهمها فيما يلي:

توقفت خدمة جهاز إرسال Set Top Box لمدة أسبوع -في نوفمبر 2012- بسبب مشاكل بين الشركة وإدارة الدولة للراديو والأفلام والتلفاز في الصين، وسرعان ما تم حل الأمر في يناير 2013.

بعدها في ديسمبر 2014 رفعت شركة Ericsson الشهيرة دعوى على Xiaomi تدعي بأن الأخيرة انتهكت براءات اختراع خاصة بها، فحكمت المحكمة العليا لولاية ديلهي الهندية بمنع استيراد وبيع أجهزة Xiaomi في الهند حتى يوم 5 فبراير 2015.

بدايةً من العام الجاري اتخذت حكومة الولايات المتحدة إجراءات ضد Xiaomi على أساس شكوك متعلقة بالأمن القومي، حيث وُصفت الأخيرة بأنها متورطة في علاقات بالجيش الصيني وبعض قادته، ووُضعت في قائمة سوداء تمنع المستثمرين الأمريكيين من الاستثمار في الشركة وتمنحهم مهلة لسحب أسهمهم، وفي مايو 2021 توصلت الشركة لاتفاق مع وزارة الدفاع الأمريكية وتم إزالتها من القائمة السوداء.

بعدها في 19 يناير رفعت الشركة الألمانية للخطوط الأرضية والاتصالات KPN دعوى ضد Xiaomi، وتطالبها فيها بالحصول على مقابل لانتهاكات براءات اختراع، ولقد رفعت نفس الشركة دعوى متعلقة بنفس براءات الاختراع ضد Samsung في عامي 2014-2015.

في نفس العام أرسلت Xiaomi إلى Amazon تقريراً مضمونه أن Wyze Labs قامت بتقليد براءة اختراع مكنسة آلية خاصة بها من 2019، وقد سارعت الأخرى في 15 يوليو ورفعت دعوى ضد الأولى تدعي فيها بأسبقية التصاميم عن Xiaomi مطالبًة الحكم ببطلان براءات اختراع الأخيرة.

مستقبل Xiaomi:-

ليس من الصعب بمكان التنبؤ بمستقبل Xaomi وأهدافها المستقبلية إذا ما درسنا الوضع الراهن، حيث تسعى الشركة في سوق الهواتف الذكية أن تحصل على المرتبة الأولى في مبيعات الهواتف الذكية عالمية بشكل دائم، وهذا ليس بالصعب على شركة سريعة النمو كهذه.

تسعى أيضا الشركة إلى توفير عدد لا بأس به من براءات الاختراع لكي تستفيد بها فيما بعد، ولا يخفى على بال أحد أنها ترغب في تحقيق نظام بيئي Ecosystem متميز يساعده عدد ضخم من الأجهزة المنزلية والشخصية، ولن تكل الشركة من الدخول في تصنيع منتجات أخرى بكميات أكبر، وإتاحة الكثير من منتجاتها الحصرية في الصين للعالم كله.

نلاحظ أيضاً خطوات الشركة للمنافسة بشكل فعال في معظم الأجهزة الإلكترونية، فعلى سبيل المثال دخلت الشركة مؤخرًا في مجال الهواتف القابلة للطي لمنافسة Samsung، كما دخلت مجال الهواتف اللوحية لمنافسة Apple، وتميزت مؤخرًا في كاميرا الهواتف الرائدة لمنافسة هواتف Huawei الرائدة في ميزتها الوحيدة، كما أنها تفوقت على شركات BBK وعلى رأسهم Oppo في سرعات الشحن السلكي واللاسلكي.

يبدو أن Xiaomi ستصل إلى مركز متقدم إن لم تكن الأولى في الكثير من المنتجات وخاصة الهواتف الذكية، فقد أكد المدير التنفيذي للشركة أنها ستصبح الأولى عالمياً في مبيعات الهواتف الذكية قريباً. ستكون تلك الشركة نموذجاً يحتذى به لكل الشركات الناشئة، فقد حققت إنجازات لا مثيل لها محلياً الصين وعالمياً وفي الكثير من الدول العربية ومنها مصر، واكتسبت خبرة جيدة بالنسبة لشركة لم تتجاوز 11 عامًا. فسوف نرى تلك الشركة المحبوبة قريباً أحد عمالقة التكنولوجيا.