تُعد شركة Meta أكبر شركات التكنولوجيا في العالم من حيث الانتشار والقيمة السوقية، وذلك بفضل منصات Facebook و Instagram و Whatsapp، كما أنها من أكثر الشركات اهتماماً بعالم Meta Verse مستغلة Oculus التابعة لها المتخصصة في أجهزة الواقع الافتراضي.
لكن يبدو أن أرباح Meta في خطر، وذلك بسبب ميزة شفافية تتبع التطبيقات “ATT” التي أعلنت Apple عن نيتها لتفعيلها لنظامي iOS/iPad OS/tvOS والتي ستضر بأرباح منصات Meta، فقد صرحت الأخيرة في التقرير المالي لعام 2021 أن ميزة Apple ستكلفها خسارة بقيمة 10 مليارات دولار هذا العام، وهذا التصريح تسبب في انخفاض قيمة السهم يوم الخميس بنسبة 26%.
إذاً ما هي ميزة شفافية تتبع التطبيقات “ATT”؟ ولماذا ستلحق أضراراً بأرباح شركة Meta؟!
ما هي ميزة شفافية تتبع التطبيقات “ATT”؟
أعلنت شركة Apple في آخر شهر أبريل من عام 2021 عن ميزة App Tracking Transparency أي شفافية تتبع التطبيقات واختصارها “ATT”، وهذه الميزة مدعومة بدايةً من إصدار 14.5 من أنظمة تشغيل iOS/iPad OS/tvOS.
عند تفعيل هذه الميزة ستطلب التطبيقات من المستخدمين السماح بإذن تتبع أنشطة المستخدمين المتمثلة في المحتوى المعروض وسجلات البحث وما إلى ذلك عبر تطبيقات ومواقع الويب الأخرى، وذلك من أجل تخصيص الإعلانات الموجهة وقياس تفاعل المستخدمين معها، وهذا يساعد المعلنين على إيصال المنشورات والإعلانات الممولة للفئات المناسبة، وهذا يساعد كل من المعلنين وشركات المنصات مثل Meta أو Google على تحقيق المزيد من الربح.
كيف تعمل هذه الميزة بالضبط؟ تحتوي أنظمة التشغيل السابقة على برمجيات تتبع الهوية للمعلنين أو Identification for Advertisers software tracker واختصارها “IDFA”، وهي عبارة عن معرف عشوائي يسمح للمعلنين بتتبع أنشطة المستخدمين دون التعرض -كما يُقال على الأقل- لأي معلومات شخصية حساسة.
لذا عندما يقوم المستخدم بفتح تطبيق ما لأول مرة تظهر نافذة تطلب منه السماح بجمع بيانات عن أنشطته عبر التطبيقات ومواقع الويب الأخرى باستخدم المعرف العشوائي، وعندما يختار المستخدم عدم السماح بجمع البيانات فإن معرف “IDFA” يصبح عديم القيمة، حيث لن تتعرف التطبيقات والمواقع على أنشطة المستخدمين، وهذا يتسبب بخسائر للمعلنين وللمنصات.
لماذا ستلحق أضراراً بشركة Meta بسبب هذه الميزة؟!
احذر معي مصدر الربح الأساسي لشركة Meta.. نعم، الإعلانات الموجهة، فإذا لم يستفد أصحاب الأعمال من ترويج منتجاتهم عن طريق الإعلانات الموجهة، فلن يقوموا بإنفاق الأموال على عمل منشورات ممولة “Sponsored” على هذه المنصات.
تدعي Meta بأن ميزة “ATT” ستلحق ضرراً كبيراً بها يساوي 10 مليارات دولار في عام 2022، ولن تسلم المشروعات الصغيرة التي تعتمد على ترويج المنتجات عبر تتبع أنشطة المستخدمين، وصرحت بأن Apple لم تطلق هذه الميزة إلا لإرضاء جشعها وملء خزائنها!
كيف تستفيد Apple من حرمان Meta من الربح؟ إذا اختار المستخدمون عدم السماح بالتتبع، فستنخفض فاعلية الإعلانات الموجهة مما يجبر مقدمي التطبيقات المجانية -التي تعتمد في جني الأرباح على الإعلانات الموجهة- على فرض رسوم وعمليات شراء داخل تطبيقاتهم، وهذا يصب في مصلحة Apple التي تحصل على 30% من قيمة عمليات الدفع داخل التطبيقات، ولا تسمح Apple بأي عمليات دفع خارج المتجر. فهل تظن أنك تعرف تفكير Apple حقاً؟!
الواقع أنه ليست هناك ضحية لهذه المنافسة بين عملاقي التكنولوجيا الأمريكيين إلا المستخدمين، فهم دائماً السلعة التي تتنافس عليها هذه الشركات إن لم تتاجر بها، فنرى Apple تمارس الاحتكار بحجة الخصوصية وحماية المستخدمين، ونرى Meta تحارب من أجل الحصول على أكبر عائد من المستخدمين، فمن هو المحق في هذه اللعبة؟!