مقالات

هل ماتت Battlefield 2042 قبل مرور عام على إصدارها؟

ما بين رغبة EA في التجديد، وسخط عشاق السلسلة القدامى

لا يخفى على أحد أن لعبة Battlefield 2042 هي العنوان الأكثر كارثية في تاريخ السلسلة حتى الآن، ومعالم الفشل واضحة منذ نسخة البيتا، والتي كانت كارثة هي الأخرى بجميع المقاييس والمعايير، على الرغم من صدورها قبل صدور اللعبة الكاملة بشهرين فقط. حتى بعد الإصدار، عانت Battlefield 2042 في المبيعات والتقييمات بشكلٍ مخيف لعشاق السلسلة، وعدد اللاعبين النشطين بالتزامن ظل ينخفض على مختلف المنصات، حتى شهدنا ألعابًا مثل Truck Simulator أو Farming Simulator تحقق أرقامًا أعلى من حيث اللاعبين النشطين على منصة Steam!

كل هذه الإخفاقات جعلت الاستوديو في موقف لا يُحسد عليه أمام لعبة تم التسويق لها بشكل واسع وضخم، والآن تجدها على رأس قوائم خصومات الألعاب بعد شهر واحد من صدورها، وليس ذلك فحسب، بل أيضًا تم إتاحتها مجانًا مؤخرًا في عطلة نهاية الأسبوع! تقييمات متدنية هي الأسوأ في تاريخ السلسلة، عدد اللاعبين النشطين في إنحدار وبمعدلات سيئة للعبة من سلسلة Battlefield، عشاق السلسلة وحتى اللاعبين العاديين في حالة سخط وغضب من اللعبة.. إذًا، ماذا حدث لنرى واحدة من أكثر ألعاب 2021 الواعدة والمنتظرة تعاني بهذا الشكل؟ ما هو المنعطف الكارثي الذي اتخذه المطورون؟

فقدان هوية السلسلة في Battlefield 2042

ماتت battlefield

كان ذلك منذ لحظة الإعلان عن التخلي تمامًا عن نظام “الفئات” أو “Classes” والتوجه لنظام جديد وهو “المتخصصين” أو “Specialists”، وهو ببساطة إضافة شخصيات يتمتع كل منها بقدرات خاصة وفريدة، مع إتاحة اختيار أي سلاح تفضله، على عكس ما كان عليه الحال في نظام “الفئات”. هذه الخطوة أثّرت بالسلب على هوية Battlefield في عنوانها الجديد بشكل كبير؛

  1. اللعب الجماعي أصبح شبه منعدم: حينما تجعل الاختيار بين العتاد الدفاعي والعتاد الهجومي دون قيود، فبكل تأكيد أن الأغلب سيتجه للعتاد الهجومي، وهذا سبب ندرة وجود أحد يقوم بدور الـ Medic الآن. بعبارات أخرى، لم يصبح اللاعب يشعر بأنه بحاجة لزملائه، فيمكنه ببساطة اختيار عتاد الصحة أو الـ Heal مع أسلحة هجومية أو قناصة مثلًا. هذه الخطوة كانت بمثابة الطعنة الأولى لهوية Battlefield الأصلية.
  2. تخوفات من توجه السلسلة نحو طابع ألعاب التصويب المعتمدة كليًا على القدرات “Hero Shooter”: إذا كنت لا تدري كيف كانت ألعاب Battlefield سابقًا، كانت لا تعتمد على القدرات كما هي الآن، كان اللعب الجماعي هو الأساس، فكان فرد يقوم بتوفير الذخيرة لزملائه، آخر يقوم بتوفير الصحة، وآخر يقوم بتصليح المركبات والدفاعات المتضررة، كانت الأمور بسيطة ومميزة، والفريق كان بحاجة لبعضه البعض لتحقيق الفوز. الآن كما ذكرت، تبدلت هذه الأمور وأصبحت Battlefield 2042 تعتمد على القدرات بشكل أكبر من ذي قبل، واحتياجك لزملائك لم يعد يؤثر على التجربة، وهي الطعنة الثانية نحو هوية Battlefield.
  3. تغييرات كبيرة في أسلوب اللعب جعلتها أشبه بـ Call Of Duty: لطالما تميزت Battlefield بأسلوب اللعب الواقعي المتزن، وللأسلحة فيها شعورٌ مختلف لا تحصل عليه إلا في Battlefield، ولكن في Battlefield 2042 أصبح أسلوب اللعب سريع الوتيرة بشكل كبير، فاقدًا بذلك شعور وهوية ألعاب Battlefield، وبالإضافة إلى ضخامة الخرائط والمساحات الواسعة في هذا الجزء، كثيرًا ما شعرت أنني ألعب Warzone وليس Battlefield: الكثير من الركض، والقليل من الفوضى والمعارك، والسبب هنا ربما يكون أن اللعبة كانت من المفترض أن تكون لعبة باتل رويال بشكلٍ كامل. وهي بمثابة رصاصة الرحمة لهوية Battlefield في عنوانها الجديد.
ماتت battlefield

لعلك تتساءل لماذا سلك المطورون هذا الطريق في الأساس؟ لماذا لم يحافظوا على ما يميز Battlefield مع محاولة تحسينه ببساطة؟ الإجابة عزيزي القارئ هي وضع الأرباح في المقام الأول وجعلها الهدف المطلق، مع الرغبة في مواكبة الاتجاه الرائج في ألعاب التصويب، دون التفكير في هوية Battlefield الأصلية. أرادت EA جذب المزيد من اللاعبين بالابتعاد عن هوية السلسلة والتوجه أكثر للنظام الرائج في ألعاب التصويب حاليًا، ظنًا منهم أنهم وجدوا الوصفة السرية للنجاح أو ما شابه! وفي محاولتهم لإرضاء الجميع وتوسعة قاعدة لاعبيهم، انتهى بهم الأمر لفقدان عدد كبير من عشاق السلسلة.

في الواقع، الأمر منطقي، فما الذي يدفع عشاق ألعاب مستقرة وناجحة -ومجانية- مثل Warzone و Apex Legends إلى التوجه نحو لعبة شبيهة بهما، ومعها الكثير من الكوارث التقنية التي تقتل متعة التجربة؟ التطور ومواكبة الاتجاه الرائج مطلوبان بالطبع، ولكن هناك أساسيات تجعل اللاعبين ينجذبون لبعض الألعاب في المقام الأول، وبالأخص في فئة ألعاب التصويب، والتخلي عن تلك الأساسيات هو غباء محض.

عملية التطوير كانت بمثابة فوضى يُرثى لها

ماتت battlefield

واجهت عملية تطوير Battlefield 2042 عددًا هائلًا من المشاكل والانتكاسات، وبالنظر إلى تلك المشكلات الآن، فاللعبة احتاجت المزيد من الوقت، على الأقل ستة أشهر، أو حتى عام كامل لنحصل على عنوان يليق بالسلسلة. وفقًا لما نشره الصحفي الموثوق Tom Henderson، إليك أبرز المعوقات التي واجهتها عملية تطوير Battlefield 2042.

البداية كانت مع إهدار الكثير من الوقت لترقية محرك Frostbite

مع إصدار الجيل الجديد من الأجهزة المنزلية، ومع التقدم الرهيب في الرسومات وفيزيائيات اللعب في جميع الألعاب الحديثة، كان من المستحيل أن يتم تطوير Battlefield 2042 باستخدام الجيل السابق من محرك Frostbite، والذي صدر في 2016 وتم استخدامه في تطوير العنوان السابق من السلسلة: Battlefield V؛ لذا مع بداية العمل على Battlefield 2042 في أواخر 2018 تعين على المطورين ترقية المحرك ليواكب الحقبة الجديدة، وهي عملية ليست ببسيطة على الإطلاق.

كان من المقرر الانتهاء من ترقية المحرك في 6 أشهر فقط، ثم التركيز على التطوير الفعلي للعبة استعدادًا لإطلاقها في 2021، ولكن ما حدث أن عملية ترقية المحرك استغرقت 18 شهرًا! والسبب الأبرز لهذا التأخير هو رحيل عدد كبير من المطورين الخبراء الذين عملوا على تطوير النسخ السابقة من المحرك، وتولي مطورين لم يتعاملوا من قبل مع محرك Frostbite من الأساس.

ماتت battlefield

سياسة EA الغنية عن التعريف وتسببها في رحيل المطورين الخبراء

بعد إصدار Apex Legends في فبراير 2019 وتحقيق نجاح مبهر، قررت EA الإصرار على جعل Battlefield 2042 لعبة باتل رويال بالكامل، منذ أن الشركة أرادت اقتحام هذه الفئة من الألعاب بقوة، نظرًا للنجاح الكبير لألعاب الباتل رويال جميعها تقريبًا في ذلك الوقت.

في الحقيقة أن قرار EA لجعل العنوان الجديد من Battlefield ما هي إلا لعبة باتل رويال جديدة، دفع عدد ضخم من أبرز مطوري DICE، الاستوديو المسؤول عن تطوير ألعاب Battlefield، على الرحيل بشكل نهائي، بسبب أن EA لا تعطيهم كامل الحرية الإبداعية في عملهم، بالإضافة إلى التركيز بشكل أساسي ووحيد على الأرباح فقط، حسبما وصف أحدهم.

العمل من المنزل بسبب جائحة كورونا

على عكس ما قد يظنه الكثيرون، فإنه ليس من الضروري أن تجد لدى كل مطور أجهزة Consoles من مختلف الأجيال والشركات بجانب الحاسب الشخصي، وهو في الواقع أمر أساسي في عملية التطوير، حيث أنه من الضروري إجراء الاختبارات والتجارب على ما يتم إجراؤه في عملية التطوير بشكل دوري، وعلى مُختلف الأجهزة أيضًا، فيجب إجراء الاختبار على جهاز PlayStation من الجيلين السابق والحالي، وكذلك على Xbox. تلك الأجهزة والموارد تكون متوفرة بشكل أساسي في مكان العمل، وليس بالضروري في منازل المطورين. هذا الأمر سبب بعض العشوائية في عملية التطوير، فمَن لا يملك جهاز Xbox مثلًا من المطورين، يبحث عن مطور آخر يملك ذلك الجهاز ليخبره أن يختبر شيئًا ما ثم يخبره بالنتائج.

ضف إلى ذلك نقل البيانات وتحديثها باستمرار، ففي مكان العمل هذه العملية تتم داخليًا في أوقات قصيرة لا تُذكر، على عكس في حالة العمل من المنزل تُضطر إلى استخدام الانترنت، ونحن هنا نتحدث عن أحجام بيانات ضخمة، أكبر حتى من حجم اللعبة النهائي.

فقدان الخبرة لدى المطورين كان العامل الأكبر في تعثر التطوير وتأخيره

رحيل أكثر من 100 مطور خبير من استوديو DICE ممن عملوا على العناوين السابقة من Battlefield، وعلى محرك Frostbite، لجأت الشركة إلى مطورين جدد يفتقروا للخبرة في سلسلة ضخمة مثل هذه، وربما يكون هذا أحد الأسباب وراء فقدان اللعبة لهوية Battlefield المعهودة. إذًا، رحيل المطورين الخبراء أدى إلى إهدار الكثير من الوقت في ترقية المحرك، بالإضافة إلى افتقاد الاستوديو لخبرة وهوية Battlefield المتمثلة في مطوري العناوين السابقة.

ليس ذلك فحسب، بل أنه في أوائل 2021 صرّح الرئيس التنفيذي لـ EA أن العنوان الجديد من Battlefield يسير تطويره بشكلٍ جيد وفقًا للجدول الزمني المتفق عليه بشكل غير مسبوق في تاريخ السلسلة، هذا بالطبع كان في نفس الوقت الذي تعاني منه عملية التطوير بشكل كارثي، وهو الوقت نفسه الذي كان يعمل فيه المطورون من المنزل. بالطبع هذه الخطوة وضعت الاستوديو في مأزق أكبر أمام الرأي العام، مما أدى إلى الاستعانة باستوديوهات أخرى تابعة لـ EA، استوديوهات تعمل لأول مرة على عنوان لـ Battlefield قبل شهور قليلة من إصداره، استوديوهات أُجبر مطوروها على التخلي عن مشاريعهم الحالية من أجل المساعدة في تطوير Battlefield 2042!

لم أرَ في حياتي استوديوهات يتم إجبارها على ترك مشاريعها التي تعمل عليها من أجل مساعدة استوديو آخر في تطوير لعبتهم

أحد المطورين الحاليين لدى استوديو DICE، وفقًا للصحفي Tom Henderson

التخلي عن فكرة الباتل رويال قبل عام واحد من الإصدار

مع إصدار Warzone في 2020 وما حققته من نجاح مميز، وبالنظر إلى أن سلسلة Call Of Duty هي المنافس الأول لـ Battlefield، قررت EA التخلي عن فكرة الباتل رويال والابتعاد عن منافسة من الصعب خوضها، وخصوصًا أن Warzone صدرت مجانية بالكامل. هذه الخطوة أتت بعد تصميم الخرائط والميزات داخل اللعبة بشكل مبدئي لتكون مناسبة للعبة باتل رويال، وربما هذا ما نرى أثره في حجم الخرائط غير المناسبة لعدد اللاعبين وأسلوب اللعب في أطوار Battlefield المعتادة.

أخيرًا.. هل ماتت Battlefield 2042 حقًا؟

في النهاية، لنكن إيجابيين قليلًا، بالتأكيد إنقاذ Battlefield 2042 لا يزال ممكنًا، ولنلتمس العذر للمطورين قليلًا بعدما اطلعنا على الصعوبات التي واجههوها، والتأثير السلبي لسياسة EA عليهم. أما بخصوص ما هو قادم، أرى أنه لا بد من جعل طور Hazard Zone مجانًا للجميع، في خطوة لاستعادة القاعدة الجماهيرية للعبة واعتذارًا على هذا الإطلاق السيء، بالإضافة إلى تدارك الكوارث التقنية التي تعاني منها اللعبة حاليًا وإضافة محتوى جديد بشكل دوري، محتوى جيد بشكل حقيقي، وليس مجرد وسيلة لكسب المال.

Seif Fayed

المدير السابق لقسم الألعاب بالموقع. مهتم أكثر بألعاب التصويب من منظور الشخص الأول. لعبة تصويب جيدة ذات قصة جذابة مكتوبة بإتقان هي الخلطة السحرية بالنسبة لي. أول لعبة جذبتني لألعاب التصويب كانت Black على PS2.
زر الذهاب إلى الأعلى