إذا سُئلت عن أكثر سلاسل الألعاب الرياضية شعبية في تاريخ الألعاب، فأكاد أجزم أنك ستختار PES في القائمة بدون تفكير، وهذا منطقيٌ تمامًا. هذه السلسلة التي يحبها الجميع على اختلاف أعمارهم وهواياتهم. لا تحتاج أن تكون لاعبًا Gamer مُتمرس لكي تقع في حبها. شخصيًا، دخلت عالم الألعاب من بوابة PES 6، وعشقت هذه اللعبة وقضيت معها ساعات طويلة، ومن هنا استمرت رحلتي وما زالت مُستمرة رغم المشاعر المختلطة في السنوات الأخيرة.
مهما كانت درجة غضبك من Konami في السنوات الأخيرة، وامتعاضك من الطريق الذي سلكته ألعاب السلسلة في الإصدارات الحديثة، لا يُمكنك تجاهل حقيقة أنه في دولاب ذكريات كل شخص منا، يوجد رُكن خاص لألعاب PES لن يُمحى بمرور الزمن مهما حدث، هل نسي أحد منا قط الحكم الياباني Kazuki Ito في PES 6؟ هل لعبت بفريق مُهيب وقوي مثل برشلونة في PES 2013؟ ولكن في المقابل لا نستطيع أن نمحي من ذاكرتنا للأسف اللحظات السيئة في السنوات الأخيرة وخصوصًا مع اعتماد Konami على مُحرّك آخر بهدف منافسة ألعاب FIFA ولكن الأمور آلت في النهاية إلى نهاية سوداوية ونفق مظلم حتمي لألعاب السلسلة.
ما بين رحلة نوستاليجية خالصة نسترجع فيها اللحظات الجميلة وننفض الغبار على ذكريات الماضي التي لن تُعوض، ونحاول بقدر الإمكان تجاهل لحظات الغضب واليأس، نستعرض في هذه المقالة ترتيب ألعاب سلسلة PES من الأفضل إلى الأسوأ.
PES 6: “في حتة تانية”
الزمان: أواخر العقد الأول في الألفية الجديدة، أو بدايات العقد الثاني. المكان: أحد المقاهي الإلكترونية بعد الهروب خِلسةً من الدرس الخصوصي أو المدرسة، أو أحد أمسيات الخميس والجمعة المنزلية بعد نهاية الأسبوع الدراسي المُمل. أكاد أجزم يا صديقي أنك مررت بتجربة شبيهة وكنت مُنبهرًا في يوم من الأيام بلعبة PES 6 وربما حتى لا تزال تلعبها سِرًا في هذه الأيام بعد تثبيت باتش انتقالات 2023.
مثلكم جميعًا في تلك الحقبة، سحرتني PES 6 وأسرتني بملاعبها وفِرقها وأطوارها، وجدت فيها ضالتي وسلامي ولم أصدّق مدى التطور الرهيب الذي وصلته هذه اللعبة فيما يخص محاكاة كرة القدم في أفضل شكل مُمكن. مشكلة هذه اللعبة الأزلية هي الرومانسية الزائدة التي دفعتنا جميعًا للتعلق بها رغم مرور سنوات طويلة تخللتها أجيال عديدة من منصات الألعاب، ولكن تظل PES 6 في مكانة منفردة لن تتأثر بمرور الزمن وانقضاء السنوات.
ستشعر بقيمة كلماتي إذا لعبت في يوم من الأيام بفريق إنتر ميلان الأسطوري وجرّبت التسديد بأدريانو، ستحضر لحظة في ذهنك فور تذكر أحد الركلات الحرة المُسددة بواسطة رونالدينيو، ستُرسم البسمة على وجهك عند استرجاع اللحظات التي امتطينا فيها النعام على أرضية المستطيل الأخضر وارتدينا أغرب الألبسة. سيكون من المُجحف اختزال عظمة PES 6 في هذه الفقرة، ولكن بكل بساطة حسم: إنها الأسطورية والأفضل على الإطلاق!
PES 2013: الفترة الذهبية للسلسلة
ضلّت الإصدارات التالية من السلسلة طريقها للأسف ولم تحقق النجاح المرجو، وبدأ نجم ألعاب FIFA في البزوغ تدريجيًا بسبب اعتماد اللعبة على الواقعية بينما فضلّت ألعاب PES أن تستمر في نفس المدرسة الأركيدية الهجومية التي أصابت اللاعبين بالملل بمرور السنوات، وبالتالي كان لزامًا على Konami لملمة الأوراق ومحاولة العودة إلى الطريق الصحيح مُجددًا وهو ما حدث عن طريق PES 2013.
جمعت لعبة PES 2013 بين جميع العوامل التي كانت تفتقر إليها الإصدارات السابقة بدرجة جنونية من الدقة، حيث قامت بتصحيح الوتيرة الهجومية السريعة ومنحت اللاعبين قدرًا هائلاً من السيطرة على الكرة. تم تقديم ميزة تسمى PES Full Control في هذا الإصدار، مع التركيز على منح اللاعب مزيدًا من التحكم فيما يتعلق بتمرير الكرة واستلامها. ركزت هذه الميزة على منح اللاعب القدرة على وضع الكرة في المكان الذي يريده بالضبط – في أي ارتفاع و/أو سرعة و/أو اتجاه. أعطت كونامي للاعبين المزيد من السيطرة على باقي اللاعبين في الفريق أيضًا، حيث جعلت اللاعبين ينفصلون عن الخصم ويراقبونهم أثناء رميات التماس وما إلى ذلك، والمُحصلّة النهائية هي لعبة عظيمة يظل من بين الأفضل على الإطلاق في تاريخ السلسلة بأكملها.
PES 2020: محاولة جيدة لتحسين المسار
عاد وضع السُبات العميق ليسود حال السلسلة لمدة 6 أعوام تقريبًا شهدت تربع ألعاب فيفا على عرش قمة ألعاب كرة القدم وسط غياب تام من كونامي التي بدأت في الانحدار مع تلك الإصدارات في هذه الفترة الزمنية، ولكن PES 2020 كانت لعبة طيبة في السلسلة ونجحت ولو قليلًا في تخفيف مرارة الألعاب الفاشلة السابقة.
إحدى التحسينات الأكثر لفتًا في هذه اللعبة هي الجودة الرسومية داخل اللعبة. لم تكن حركات اللاعبين ووجوههم أفضل من أي وقت مضى. يتحرك كريستيانو رونالدو وليو ميسي تقريبًا مثل نظرائهما المباشرين على أرض الواقع. لا يقتصر الأمر على أفضل اللاعبين فحسب، بل حتى اللاعبين من فرق منتصف الجدول تم تصميمهم بشكل مثالي بواسطة Konami. ودعونا لا ننسى الطفرة الحقيقية التي حصل عليها طور Master League والذي كان مُهملًا في المقعد الخلفي لفترة طويلة، أنا شخصيًا استمتعت كثيرًا بذلك الجزء وكان مصدر سعادة لي ولأصدقائي عند التجمع سويًا ولعبه على أحد أجهزة الكمبيوتر المحمولة.
PES 2017: كونامي تتحسس أولى خطواتها نحو النفق المُظلم
مع إصدارة 2017 من PES، فإن الحرب ضد المنافسة فيفا كانت علي أشدها في تلك الفترة، فـ PES منذ 2015 كانت تتخذ خطوات ثابتة نحو استعادة جمهورها، وتعزيز إيجابيات ألعابها، وإثراء تجربة اللعب بشكل أكبر، ولكن ما الذي يريده اللاعبين من الأساس؟ يريدون لعبة محاكاة كرة القدم أن تكون محاكاة كاملة لما يحدث داخل وخارج الملعب، وللأجواء العامة للعبة، وهو ما نجحت PES 2017 في تقديمه، علي الرغم من غياب طور مثل The Journey في Fifa، ألا أن اللعبة كانت جيدة تمامًا في ذلك الوقت ونالت العديد من الإشادات والتقييمات الإيجابية.
PES 2017 كانت في مجملها لعبة أقرب من سابقاتها للواقعية، ولمحاكاة الرياضة بجميع مظاهرها، ولكن هذه التحسينات في أسلوب اللعب لم يقابلها تحسن في طريقة عمل فيزيائية الكرة نفسها للأسف، فمثلاً إذا قمت بتمرير الكرة بقوة، قد تجدها تُبطئ من سرعتها بشكل أسرع من المفترض ،بالإضافة إلي صدمات الكرة بالحارس أثناء خروجه لتخليص الضربات الركنية ،وباللاعبين بشكل غير مقصود والتي تبدو غير واقيعة في الكثير من الأحيان، فارتداد الكرة لا يبدو أنه يجعل للكرة وزن محدد لتشعر به أثناء اللعب.
Pes 2017 لم تُقدم محتوى ثورياً للأسف، ولا تغييرات جذرية علي أسلوب اللعب الذي يُعتبر هو نفسه منذ بداية اللعبة، وفي هذا الصدد فإن إصدارة 2017 لم تكن مرضية لأي لاعب، أما لعشاق اللعبة المعتادين عليها فإنها كانت خطوة جيدة جديدة حينها وأفضل من نسخة 2016 في أسلوب الدفاع والمراقبة وحراسة المرمى! ولكن لم تُواكب سلسلة Pes جميع التطورات من حولها للأسف من أجل محاولة التعايش معها، وهو ما نجحت ألعاب FIFA في استغلاله لتنال إعجاب الأغلبية الكاسحة من محبي كرة القدم وألعاب الفيديو، ولذلك فإن PES 2017 لا تستحق أن تتبوأ مركزًا أفضل في الترتيب الخاص بنا.
PES 2022: كتابة شهادة وفاة ألعاب بيس بشكل رسمي!
من هنا بدأ الطريق إلى الهاوية بشكل رسمي، ووضعت Konami أول قدميها في النفق المظلم التي بدأت في تحسس الخطوات إليه منذ أن قررت إجراء طفرة (على حد قولها) وقررت أن تُعيد تقديم علامة PES مرة أخرى بشكل مختلف حتى أنها أخفت تمامًا علامة PES التجارية، وأصبحت السلسلة تُعرف الآن باسم eFootball، وإصدارة eFootball 2022 كانت أول أجزاء هذه السلسلة الجديدة، والتي توفرت بشكل مجاني عبر الأجهزة المنزلية، وعُوملت كلعبة خدمية، تَحصل كل بضعة أشهر على تحديثات ومحتويات جديدة، مثلها مثل الإصدارات التالية.
كل الأمور السابق ذكرها كان يُمكن أن تكون تغييرات مُبشرة، تُنبئ أن شركة Konami تَرغب في الدخول إلى الجيل الجديد بحُلّة جديدة تُلائم متطلبات السوق، خاصًة مع زيادة مُحبي الألعاب الرياضية وكرة القدم بالتحديد في الآونة الأخيرة، ومع وصول لاعبينا العرب إلى العالمية. ولكن عندما تم إطلاق لعبة eFootball 2022 كانت خيبة الآمل لا مثيل لها، وأقرّ الجميع أن شركة Konami لم تَستثمر الخطوة التي أخدتها مع جزء PES 2020 جيدًا، حيث عادت ألف خطوة إلى الوراء بشكل غريب للغاية، ومحزن لمحبي سلسلة PES العريقة.
أحد أهم مزايا سلسلة PES في السنوات الأخيرة بخلاف أسلوب اللعب، كان عنصر الرسومات، سواء رسوم اللاعبين وتصميمهم وحركاتهم كذلك، أو حتى الملاعب والجماهير التي كانت تتفاعل أثناء اللعب، ولكن بإصدارة عام 2022، وقرار شركة Konami بتغيير محركهم الشهير Fox Engine إلى Unreal Engine 4، مثّل هذا التغيير صفعة على وجهنا جميعًا، بالرغم أن محرك Unreal Engine 4 قدم لنا رسومات مُبهرة بالكثير من العناوين الشهيرة، إلا وأنه هنا لم تُحسن Konami استغلال قدراته بالشكل المطلوب، وقدمت لنا رسومات وأنيميشن لم نَعهدها من قبل.
العنصر الغريب أيضًا كان محتوى اللعبة والذي تكوّن فقط من مباريات Kick-off سواء اللعب المحلي أو حتى اللعب عبر الشبكة، فكأنك بالفعل أمام نسخة ديمو، فلا وجود لأي محتوى بإمكانك قضائه مع اللعبة، فكل ما ستفعله ستدخل تلعب مباراة أثنين وتَغلق اللعبة، وربما تُقم بحذفها سريعًا مثلما نَفعل مع نسخ الديمو عند تجربة محتواها. كل هذه العوامل جعلت من PES 2022 أسوأ لعبة في السلسلة على الإطلاق! وهو لقب مُستحق تمامًا في الحقيقة.
سلسلة PES وسنوات الفُرص الضائعة!
في فئة ألعاب هادئة لا تكتظ بالمنافسين، يُعد الفشل غير مقبول وليس خيارًا مطروحًا من الأساس، قد يتسائل البعض بشكل مشروع لماذا ضلّت Konami طريقها، لماذا لم تنجح في استثمار الإنطلاقة الرائعة منذ أجيال المنصات الأولى، وتحويل PES إلى سلسلة ألعاب كرة قدم قوية وراسخة ولا تتأثر بألعاب FIFA وخصوصًا أنها امتلكت المقومات اللازمة للتربع على العرش، ولكنها العقلية يا صديقي وعدم احترام المنافس والاستسهال المُبالغ فيه في تطوير الألعاب والاستخفاف بعقول اللاعبين ربما هو ما قادنا في نهاية الأمر إلى هذا الوضع المُزري، إلى الخروج بلعبتين أو ثلاثٍ على الأكثر في فترة زمنية تقترب من العقدين!