تقوم Dying Light: The Beast و Silent Hill f بالشيء نفسه ولكن بطرق مختلفة تمامًا. وتحديدًا، من خلال إعادة التوازن بين الأكشن والرعب في ألعاب رعب البقاء -survival horror-، للتذكير بأننا هنا من أجل الخوف قبل أي شيء آخر. إنه اتجاه آخذ في الظهور بوضوح أثناء متابعتي للألعاب القادمة. فمن Cronos: The New Dawn إلي Resident Evil Requiem، يبدو أن ألعاب الرعب مؤخراً أخذت تصحح طريقها نحو التركيز على “سرد قصص نفسية عميقة” وإعادة الشعور بالخوف الحقيقي للاعب أثناء اللعب.
وحتى إن Capcom نفسها استبعدت أحد أبرز أبطال Resident Evil ووصفته بأنه “غير مناسب تماماً” للرعب لكونه بطوليًا أكثر من اللازم، فهل يعني ذلك نهاية هوس ألعاب رعب البقاء بأبطال الأكشن؟ ولمعرفة أجابة هذا السؤال نقلت لكم الحوار الذي دار بين Techland (مطور Dying Light) و NeoBards (مطور Silent Hill) مع موقع gameradar للإطلاع على رؤيتهم بشأن أعمالهم القادمة. لكن، أياً كانت الطرق التي أتبعتها الاستوديوهات لإعادة التوازن، فإن الرسالة واضحة: الرعب قد عاد إلى الساحة من جديد.
تحطيم الصمت

على مدى سنوات، ظل التوازن الدقيق بين الرعب والأكشن في ألعاب رعب البقاء متقلبًا. فبعد Resident Evil 4 و 5 و 6 أصبحت تجارب ألعاب رعب البقاء مختلفة تمامًا عمّا كان عليه في أواخر التسعينيات، حيث أتخذت Resident Evil 4 أولى الخطوات لتعديل الصيغة، مع التركيز بشكل أكبر على مشاهد الأكشن على حساب عنصر الخوف.
وحين بدأت Capcom في إعادة تقديم كلاسيكياتها القديمة، بدءًا من Resident Evil 2 Remake عام 2019، أرست ما قدمه الجزء الرابع: منظور الشخص الثالث من فوق الكتف، وهو الأسلوب الذي أثر لاحقا في العديد من الألعاب الأخرى. يُعد Silent Hill 2 Remake مثالا بارزا على هذا التأثير؛ فحتى مع وفرة عناصر الرعب فيه، كان تحويل لعبة PS2 ذات الكاميرا الثابتة إلى قالب رعب البقاء الحديث كفيلًا بمنحها طابعًا أكثر ميلاً للأكشن مقارنة بالأصل.
هذا ما سعى منتج سلسلة Silent Hill في كونامي Motoi Okamoto، إلى تصحيحه في أول إصدار رئيسي جديد منذ عام 2012. فمع تولي كاتب الرعب الياباني المعروف Ryukishi07 مسؤولية القصة، تهدف Konami وNeoBards (المطور التايواني) إلى “تعزيز جانب الرعب” في Silent Hill f بطريقة لم تُنفذ منذ أيام Silent Hill 4: The Room.

وبحسب ما قاله مخرج اللعبة Al Yang، فإن إعادة التوازن بين عناصر الرعب والأكشن هو جزء من تطوير ليس فقط سلسلة Silent Hill، بل النوع بأكمله.
قال عن تركيبة اللعبة الفريدة:
“إذا كان كل شيء متشابهًا، فلن يبرز أي شيء“. مستمدًا التأثير من أول جزء في السلسلة، ومستفيدًا من خبرة Ryukishi07 في هذا المجال. وأضاف: “الرعب الياباني أكثر بطئًا، ويركز بدرجة أكبر على الأجواء، وعلى الصور العامة التي تغمر اللاعب بها”. أما بالنسبة للقتال؟ فقد أوضح: “ليس الأمر وكأنه يخلو من الأكشن، لكن أولويتنا القصوى كانت التركيز على ذلك الإحساس العميق بالرهبة”.
إن التركيز على بناء العالم في Silent Hill f أكثر من القتال يبدو أمرًا مثيرًا للاهتمام بالنسبة لي، وأنا متحمس لرؤية كيف يمكن لهذا التوازن الجديد أن يمنح السلسلة اتجاهًا واضحًا بعد سنوات طويلة من السكون. أما Techland، فهي تعزف لحنًا مختلفًا على الأغنية نفسها، وحتى مع إرث يمتد لعقد واحد فقط مقارنة بأكثر من عقدين لـ Silent Hill، فإن قواعدها لا تقل صرامة.
وحش من نوع جديد

قال Tymon Smektała، مدير سلسلة Dying Light:
“مع Dying Light: The Beast، نهدف إلى إعادة الرعب إلى ألعاب رعب البقاء. لقد أدركنا أن هذا التوجه هو بالضبط ما يتوق إليه جمهورنا.”
وباعتبارها سلسلة أحدث بكثير، فمن الطبيعي أن Dying Light ليست مثل Silent Hill. فمن الصعب تصنيفها ضمن نوع محدد، إذ تشتهر بمزجها الفريد بين القتال بالأسلحة البيضاء من منظور الشخص الأول، والنجاة عبر صناعة الأدوات، والمواجهات المرعبة مع الموتى الأحياء حيث لا يمكنك سوى الهرب.
يقول Smektała:
“لم نستهدف أبدًا تقديم تجربة رعب خالصة، لذلك لا تتم مقارنتنا بكلاسيكيات مثل P.T. أو Amnesia. لكننا نواجه مجموعة مختلفة من التوقعات، ولاعبونا صارمون للغاية في هذا الصدد.”
اتضح أن Dying Light لا تحتاج إلى إرث قديم من الرعب لتكوين قاعدة توقعات؛ فجمهورها يتكفل بذلك. وصف Smektała اللاعب النموذجي للعبة بأنه “منجذب إلى التجارب الصعبة والتحديات، ولا يتراجع أبدًا أمام الخطر أو الرعب”. وبطريقة ما، فإن تصاعد هذه التوقعات يعكس رغبة Techland الدائمة في التفوق على نفسها مع كل إصدار جديد.
كما أن هذا يرجع أيضًا إلى مدى تنوع تجربة Dying Light مقارنة بالقواعد الأكثر صرامة التي تحكم أفضل ألعاب رعب البقاء الكلاسيكية. فهويتها المرنة تجعلها منافسها الأكبر، من دون الحاجة إلى جذور في “الرعب الخالص”.
تظهر شخصية Kyle Crane وهو يتأمل غروب الشمس في اللعبة القادمة Dying Light: The Beast. ويبدو أن Techland هي أيضاً أكبر ناقدة لنفسها. فبعد إطلاق Dying Light 2: Stay Human عام 2022، عبّر Smektała عن أسفه لأن اللعبة “فقدت رعبها” في سعيها وراء طموحات أكبر.

لقد كانت تجربة عالم مفتوح ضخمة فاقت حجم ونطاق Dying Light 1 بكثير، مع بطل جديد أصابته عدوى الزومبي بسرعة، مما جعل دورات الليل والنهار الشهيرة في السلسلة أكثر إزعاجًا من كونها مرعبة. لكن بعودة البطل الأصلي المحبوب Kyle Crane، وإضافة تحسينات تقنية غامرة، والتركيز مجددًا على أهوال المواجهات الليلية، فإن Dying Light: The Beast يعيد المؤشر نحو جوهر ألعاب رعب البقاء.
ومع ذلك، يظل عنصر الأكشن مهمًا للغاية في Dying Light – وربما أكثر من معظم ألعاب رعب البقاء الأخرى.
قال Smektała:
“نهدف إلى تقديم انغماس جسدي وواقعي للغاية. نحن نسعى إلى وحشية صادمة وقاسية في وجه اللاعب مباشرة. نحن مطالبون ببناء التوتر من خلال الظلام والأجواء المزعجة.” وأضاف: “آمل أن يرى اللاعبون أنه مع Dying Light: The Beast، نريد أن نتفوق على أنفسنا في كل تلك الجوانب.”

تلك كلمات قوية من Techland و NeoBards معًا، وهي بالنسبة لي مؤشر على تحول جديد آخر في مشهد ألعاب رعب البقاء. ولا يفاجئني ذلك على الإطلاق؛ فكما يقال: “ما صعد لا بد أن يهبط“. لقد كنت في انتظار أن يتوازن ثِقَل الأكشن منذ أيام Resident Evil 5. من المثير أن نرى هذا النوع ما يزال يتغير وينمو ويحضن نسخته التالية مع كل لعبة جديدة تمزج بين الرعب وإطلاق النار. الهروب أو عدم الهروب؟ هذا هو السؤال الذي أتمنى أنه يطرحه المطورون أنفسهم في تصاميم كل ألعابهم القادمة.