عاشَت شركة Huawei الصينية أكبر أيام مجدها في العقد المنصرم، فأخذتْ مركزاً ثابتاً بين المراكز الثلاثة الأولى من حيث المبيعات عالمياً إلى جانب العريقتين Samsung وَ Apple. فوصلتْ شهرتها إلى جميع أصقاع الأرض في فترة قياسية وأصبحت واجهة عملاقةً لأجهزة الفئة المتوسطة، إلى أن أتى عام 2019 وبدأت أسهم الشّركة في الانهيار وتراجعت مبيعاتها إلى مستويات كارثية، فما الّذي حصل بالضبط؟
تاريخ المشاكل بين هواوي والولايات المتحدة
لم تبدأ المشاحنات بين العملاقة الصينية والحكومة الأمريكية منذ وقت قريب، فقد حدثَ في عام 2012 أن الحكومة الأمريكية أصدرت قراراً بمنع الشّركات الأمريكية من استخدام تقنيات الاتصالات الخاصة بالشركة الصينية، ما أشعل فتيل الحرب بين الجهتين، ومن ثم دخلت الأمور في مرحلة برود حتى تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، وبعد فترة من حكمِه بدأَ بالضغط على الصين كونها منافسته التّجاريّة واستهل الأَمر بقراره الشهير في مارس 2019 بإضافة شركة هواوي إلى القائمة السوداء للتعاملات التّجارية في أمريكا، ما يمنع الشركات الأمريكية من التعامل معها بحجّة أن الشركة تسَخّر أجهزتها لأمور التجسس على المستخدمين والشركات الأخرى.
توابع الحظر الأمريكي على شركة Huawei
امتثَلت الشركات للقرار الأمريكي وبدأت توقِف تعامَلاتها مع شركة Huawei فبدأَ الأمر بشركة Google الشهيرة ففي شهر مايو أعلنت أنَّ أياً من هواتف شركة هواوي المستقبلية لن يحصل على أي تحديثات نظام Android -علماً أن شركة Google المالكة للنظام من أصل أمريكي- ، الأَمر الّذي سبب صدمة كبيرة لعشاق الشّركة الصينية وهواتفها.
وعلى ذلك النَّسق بدأت العديد من الشّركات الأخرى توقف تعاملاتها مع هواوي من ضمنها موزّعون رسميّون للقطع التي تستخدم في تركيب الهواتف المحمولة، وعلى إثر ذلك بدأت الشركة تقع في المشاكل بسبب عدم وجود مواد تصنيعيَّة كافية لإكمال عمليَّة إنتاجها.ولكن رُغم ذلك لم تؤثر كثيراً عليها في عام 2019 بسبب إعطاء القانون مهلة زمنية قبلَ أن يتمّ تطبيقهُ فعلياً، فخرجَت هواوي من عام 2019 منتعشةً للمرة الأخيرة مع زيادة مبيعات بنسبة 19 بالمئة مقارنةً بالعام الّذي سبقه.دخلت هواوي لعام 2020 ببدايةٍ موفَّقة خصوصاً مع تكيُّفها مع الحظرالأَمريكي باعتمادها عدَّة بدائل بالإضافة إلى إعلانها عن نظامها الجديد HarmonyOS المبني من الصفر والذي كانت الشركة تنوي الاستغناء به عن نظام أندرويد كلّياً من خلاله. فسجَّلت ارتفاعاً في الرّبعين الأول والثاني من العام 2020، إلّا أنَّ جائحةَ كورونا أعطَت ضربة كبيرةً للعملاقة الصينية تزامناً مع تشديد الحظر الأمريكي فسجلّت انخفاضاً شديداً في المبيعات في الربعين الأخيرَين فقد انخفضت مبيعاتها من 54 مليون وحدة إلى 34 مليون وحدة فقط، الأمر الّذي لفت انتباه الجمهور وأنذّرَهم أن أمجاد شركة هواوي قد ولّت.
ولكن رغم ذلك ظلت الحكومة الصينية تدعم الشركة وتحاول تحسين ظروف سوقها من خلال التسويق لها محلياً ودعم الشركة بالمواد الأولية للتصنيع قدر الإمكان، ما أسهم في دعم الشركة ولكن ليس بالشكل الكافي.
هواوي تهبط بشكل كبير في 2021
بعد أن كانَت إحدى الشَّركات الثلاثة الأولى دائماً من ناحية المبيعات، ففي الربع الأول من العام الحالي حقّقت شركة هواوي رقماً كارثياً باحتلالها لـ 4% فقط من مبيعات السوق العالمية، ما أبعدها عن المراكز الخمس الأولى كسامسونج وآبل و الصينية شاومي الّتي احتلَّت المركز الثاني عالمياً في المبيعات في ذلك الحين، كما أنَّ هواتف هواوي لم تكن في قائمة أكثر 10 أجهزة مُباعة في الربع الأَوّل.أما عن الرّيع الثاني من هذا العام فقد ارتفعَت مبيعات الشّركة بشكل ملحوظ ولكنه لم يكن كافياً، محتلَّةً 10% من مبيعات الهواتف عالمياً، فرُغمَ أنَّه ارتفاع ملحوظ إلا أنه انخفاض كارثي مقارنةً بنفس الفترة من عام 2020 حيث امتلكت الشَّركة نسبة %32 من السّوق حينها.
مصير شركة هواوي ومآلها
خلالَ أقلَّ من عامين انتقلت شركة هواوي من إحدى أكبر الشركات في السُّوق عالمياً إلى شركة تأخذ بالكاد إحدى المراكز البعيدة عن القمّة، وأصبحَ من الخاطِئ مقارنتُها بالشّركات الكبُرى مثل Samsung وApple وحتى Xiaomi الّتي أصبحت تنافس آبل على المركز الثاني عالمياً بعد العملاق الكوري، وكلُّ ذلك بسبب قرارٍ أمريكي واحدٍ غيَّر خارطة عالم الهواتف.
من الصعب التنبؤ ما إذا كانت الشركة ستعود بقوةٍ إلى عالم الهواتف أم لا، خصوصاً مع التصريحات الأخيرة لرئيس مجلس الإدارة الخاص بالشركة والتي لا تبشر بخير، إلا أنه لا يمكن لأحد التيقّن من الأمر بشكل كامل وما زالت هناك احتمالية لعودة الشركة بشكلِ أقوى.
