أعلنت شركة SpaceX منذ عدة سنوات عن مشروع Starlink للإنترنت الفضائي، والذي سيغير مستقبل الإنترنت للأبد، وقد بدأت خدمة Starlink بالعمل بشكل تجريبي في أمريكا الشمالية في نوفمبر من 2020. فما هي خدمة Starlink؟ وهل نراها في مصر؟ هذا ما سنتحدث عنه في مقالتنا.
لمحة عن خدمة Starlink
تم الإعلان عن خدمة Starlink للجمهور أول مرة عام 2015 بالتزامن مع إقامة منشأة لتصنيع أقمار Starlink في مدينة ريدموند بولاية واشنطون تحت تصرف SpaceX للفضاء، وقد صرح Elon Musk مالك SpaceX والمدير التنفيذي لشركة Tesla بما يلي:
لا يزال هناك طلبات كثيرة غير ملباة في جميع أنحاء العالم على خدمة إنترنت رخيصة، وتستهدف Starlink إنشاء تغطية تمثل 50% من حركة جميع الشبكات وما يصل إلى 10% من حركة الشبكات المحلية بالمدن عالية الكثافة السكانية.
في مارس 2018 منحت لجنة الاتصالات الفيدرالية “FCC” بالولايات المتحدة الإذن لشركة SpaceX لإطلاق 4,425 قمراً اصطناعياً، وقد قدرت SpaceX نفقات المشروع مبدئياً بحوالي 10 مليارات دولار، ثم حصلت على موافقة من إدارة تنظيم الاتصالات لإطلاق 7,518 قمراً اصطناعياً بالإضافة إلى الأقمار السابقة. حصلت SpaceX على إعانات من لجنة الاتصالات الفيدرالية بقيمة 900 مليون دولار. كما قامت لجنة الاتصالات الفيدرالية بتقديم طلب إلى اتحاد الاتصالات العالمي لإطلاق 30,000 قمراً اصطناعياً غير الـ12,000 السابقة.
أعلنت SpaceX في فبراير 2021 أنها تمكنت من إطلاق 10,000 قمر اصطناعي وفتحت الطلب المسبق لخدمة Starlink، وجمعت الشركة قبل 6 أشهر من هذا التاريخ 3.5 مليار دولار من تمويل الأسهم، وأعلنت في مايو من نفس العام أنها تلقت 500,000 طلب على خدمة الإنترنت الفضائي، وأكثر من 100,000 مستخدم للخدمة، وتشير تقارير SpaceX التي صدرت عام 2017 بأن عائدات المشروع المُتوقعة ستصل إلى 30 مليار دولار بحلول عام 2025، في الوقت الذي توقعت فيه وصول عائدات إطلاق الصواريخ إلى 5 مليار دولار فقط في نفس الفترة!
كيفية الحصول على الإنترنت بخدمة Starlink
خدمة الإنترنت بالأقمار الاصطناعية تشبه خدمة التليفزيون قليلاً، حيث تعتمد على مصدر مرسل للإنترنت ووسيلة استقبال، وفي خدمة Starlink أقصد قمراً اصطناعياً موضوع في مدار منخفض حول الأرض يبث موجات لاسلكية، وجهاز استقبال “Starlink Kit” لهذه الموجات اللاسلكية مكون من طبق يتم توصيله بجهاز إنترنت مخصص “Router”، وكيف يقوم القمر الاصطناعي بالاتصال بشبكة الإنترنت؟ لدى SpaceX قواعد إرسال لاسلكية متصلة بالإنترنت في جميع أنحاء العالم لكي ترتبط الأقمار الاصطناعية ببعضها وتوصيلها بشبكة الإنترنت العالمية ليتمكن المستخدمون من الحصول على الإنترنت، وتعمل الشركة على تقنية إرسال ليزرية لتستغني الأقمار الاصطناعية عن قواعد الاتصالات وترتبط ببعضها بشكل مباشر مما يزيد من سرعات الإنترنت ويقلل معدل التأخير.
إذاً كيف تحصل على خدمة Starlink؟ الأمر بسيط جداً، فلكي تحصل على هذه الخدمة يجب أن تكون مقيماً في دولة داعمة للخدمة أو ستدعمها في ميعاد محدد، وستقدم طلب الحصول على الخدمة من خلال موقع Starlink واختيار نوع الخدمة (عادية/مميزة) والعنوان ووسيلة الدفع. إذا كانت دولتك داعمة للإنترنت الفضائي من “Starlink” ستصل أجهزة “Starlink Kit” إليك خلال أسابيع، أما إذا كانت دولتك ستدعم الخدمة في ميعاد محدد فلن تصل إليك أجهزة “Starlink Kit” إلا بعد دعم الدولة لها، وما الذي يميز خدمة Starlink عن الإنترنت العادي؟ تتميز خدمة Starlink بأنها تقدم سرعات إنترنت 100Mb/s-200Mb/s بمعدل تأخير يصل إلى 20ms للخدمة العادية، وسرعات 150Mb/s-500Mb/s بمعدل تأخير يتراوح بين 40ms-20ms، وبالطبع يمكنك نقلها لأي مكان في العالم بسهولة، وهذه المزايا لا نجدها في أي خدمة إنترنت أخرى.
هل سنرى خدمة الإنترنت الفضائي في مصر؟
إذا قمت بتقديم طلب للحصول على خدمة Starlink بعنوان داخل الأراضي المصرية، سوف يشير الموقع إلى وصول الخدمة إلى مصر عام 2023 للخدمة العادية فقط، وللعلم فإنه يجب دفع عربون بقيمة 100 دولار قبل الحصول على الخدمة، وستكلف أجهزة “Starlink Kit” للحصول عليها 500 دولار أي 7,880 جنيه مصري، وخدمة الإنترنت شهرياً بسعر 100 دولار أي 1,570 جنيه مصري، وقد تظن أن هذه التكلفة مرتفعة ولكنها ليست كذلك، فخدمة Starlink تقدم إنترنت غير محدود بسرعات أعلى من التي توفرها شركات الإنترنت في معظم مدن مصر.
لكن الحصول على خدمة Starlink ليس بهذه البساطة، وذلك لأن تفعيل أي خدمة في مصر يتطلب حسب المادة رقم 48 من قانون الاتصالات رقم 10 لعام 2003 من مستوردي ومصنعي أجهزة الاتصالات الحصول على تصريح من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والذي يحدد الإجراءات والشروط، ويتم الرفض أو الموافقة على منح التصريح خلال 90 من تقديم الطلب، ويُعد السكوت رفضاً ضمنياً. ماذا يحدث في حالة الإخلال بهذه المادة؟ تنص المادة 77 من نفس القانون أن عقوبة الإخلال بالمادة السابقة الحبس مدة لا تقل عن عام أو الغرامة التي لا تقل عن 20,000 جنيهاً ولا تزيد عن 50,000 جنيهاً أو كلا العقوبتين، ويتم مضاعفة العقوبات لحالة العود على الجريمة، كما تتحول العقوبة من حبس إلى سجن إذا كان الغرض من الجريمة المساس بالأمن القومي المصري.
ما الحكمة من التجريم؟ في الحقيقة يتعلق الأمر بالأسباب الأمنية أكثر من أي سبب آخر، وذلك لأن أجهزة الاتصالات قد يكون الغرض منها التجسس على المستخدمين أو إفشاء أسرار الدولة أو للتجسس لمصالح دول أخرى، ولذلك يجب أن تخضع أجهزة الاتصالات للرقابة الحكومية، ويجب أن نستبعد الغرض الاقتصادي، لأن القانون صدر في عام 2003 أي في الوقت الذي كانت تقدم فيه شركات الإنترنت فيه خدمة إنترنت غير محدودة وبسرعات مرضية جداً في هذه الفترة. تزداد حكمة التجريم هذه الأيام مع التطور التكنولوجي الرهيب الذي نشهده اليوم، فقد يتم استخدام هذه الأجهزة لتحديد الأماكن الحيوية بالدولة واستهدافها مما يخل بأمن البلاد، أو استخدامها في تحديد تمركزات أفراد الشرطة أو معسكرات الجيش والقواعد العسكرية، والسبب الأخير هو الأبرز لمنع طائرات “Drones” من دخول البلاد، ولذلك يجب أن تقبل Starlink بالشروط التي يحددها القانون المصري.
هل سيتم الموافقة على خدمة Starlink في مصر؟ في الغالب ستضطر Starlink إلى الدخول في مفاوضات مع الحكومة المصرية ممثلةً في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك لتنظيم استخدام الخدمة والرقابة عليها مع مراعاة مصلحة شركات الاتصالات بالطبع التي قد تخرج من المنافسة تماماً إذا لم يتم تنظيم خدمات الإنترنت بالشكل اللائق. وفقاً لوكالة سكاي نيوز عربية، فإن مصر تستعد لتفعيل خدمة الإنترنت الفضائي باستخدام قمر “طيبة 1” الذي تم إطلاقه عام 2019، ومن المقرر تفعيل هذه الخدمة عام 2023 بشكل أساسي لإمداد القطاع الحكومي بالإنترنت الفضائي وكذلك الأفراد لدعم المدن التي تقيمها الحكومة المصرية في الصحراء بالإنترنت الفضائي بدلاً من إنفاق ملايين الجنيهات على خدمات الإنترنت الأرضي، بالتالي ستواجه Starlink عدة عقبات أهمها المنافسة مع القمر الاصطناعي الجديد، وقد تكون في مفاوضات على إدخال خدمتها في مصر بشكل رسمي!
هذا كل ما نعرفه عن خدمة Starlink، وميعاد توافرها في مصر. يبدو أن الإنترنت الفضائي هو المستقبل، وستتجه الكثير من الحكومات والمؤسسات إلى استخدام الإنترنت الفضائي نظراً لكفاءته العالية وقلة تكاليفه. لكن لكل سلاح حدين، فقد تُستخدم الخدمة لتسهيل حياة البشر، وقد تُستخدم لتدميرها أيضاً، والدولة التي تجد بديلاً محلياً هي التي ستصل إلى بر الأمان!