هل يشك أحدكم أننا نعيش في عصر السرعة؟ أصبحنا نشعر أن الوقت يمر كالصاروخ، ولم يعد معظمنا -نحن الجيل Z- يطيق مشاهدة فيلمًا وثائقيًا أو حتى فيديو تعليمي يمتد لعشر دقائق. ولمن لا يعرف، فالجيل Z أو “الزوومرز” هم مواليد 1997 إلى 2012.
وبما أن أصحاب المنصات دائمًا ما يسعون إلى جذب أكبر عدد من الجماهير لأكبر وقت ممكن، غدونا نرى مختلف أساليب التفنن في اختراعات تُقَصر من عمر المحتوى المرئي على الإنترنت احترامًا لتشتت عقول الجماهير وقِصر قدرتهم على التركيز Short Attention Span. هذا جعلنا نرى مقاطع فيديو لا تتجاوز مدتها الثلاثين ثانية أو حتى دقيقة مثل YouTube shorts، والريلز Reels، وغيرها.
وفي هذا المقال، تحدثنا عن أزمة فيسبوك وخسارته لمليارات الدولارات، وقلة عدد المستخدمين في العالم لأول مرة في تاريخ الموقع، وذِكر مارك زوكربيرغ لمواقع مثل TikTok على أنها متميزة وتعرف كيف تجذب الجماهير بسبب فيديوهاتها القصيرة، وهذا ما دفعه ليفكر مثل تلك المواقع ويتبنى فكرة الرييلز أو الـ Reels، فما هي؟ وهل حقًا ستنقذ فيسبوك؟
ما هي الـ Facebook Reels؟
باختصار شديد، هي نوعية من الفيديوهات القصيرة والشبيهة بفيديوهات الـ TikTok، مع بعض الاختلافات الطفيفة. في Facebook Reels، غالبًا ما سترى الفيديوهات ملثمة بالموسيقى الجذابة، وتحتوي على كل شيء يمكن لصانع المحتوى أن يجذبك به. ألوان كثيرة، وكوميديا سريعة، ومقالب اعتدنا أن نراها في تلك النوعية من الفيديوهات، وبالتأكيد لن تخلو من النصائح التي تسهل عليك حياتك أو الـ Tips and tricks!
ظهرت الـ Reels لأول مرة كسلاح مضاد لمحاربة توسع تطبيق TikTok، ومن الإنستغرام بدأت تلك الخاصة، وأدرك مارك أن مشروع Meta يجب أن يعتمد على الـ Reels بشكل أو بآخر وهذا جعله يأتي بها إلى الفيسبوك في الربع الأخير من 2021 فتواجدت أولًا لدى المستخدمين في الولايات المتحدة الأمريكية في سبتمبر إلى أن وصلت إلى أكثر من 150 دولة إلى الآن.
بمجرد وصولها إلى الإنستغرام، انفجرت شعبية التطبيق أكثر وأكثر لدرجة جعلت الشركة تعترف أن الـ Reels هي أكبر مساهم في نمو جماهيرية تطبيق الصور الشهير. وعلى الرغم من أنها لا تحقق أعلى العوائد بسبب نجاح وسمعة الخصائص الأخرى مثل الصفحة الرئيسية أو الـ Instagram Feed، وكذلك القصص أو Stories، إلا أن Meta تؤمن بأن ال Reels ستغير كل شيء وتصبح السبب الرئيسي لارتفاع العوائد مع الوقت.
كيف تتأكد من وجود الـ Reels في تطبيقك؟
أولًا يجب أن تعرف أن نسخة الفيسبوك على أجهزة الحواسيب الشخصية أو الحواسيب المحمولة لا تحتوي على الـ Reels، وإذا أردت أن تتأكد من توافرها في منطقتك فعليك أن تتأكد إما من الأندرويد أو الأيفون.
ولكي تتأكد من وجودها، هناك طريقتان: الأولى عن الطريق التوجه إلى مكان القصص أو Stories وستجد كلمة Reels بجوارها، وأما في الطريقة الثانية، ستدخل على القائمة أو الـ Menu الخاص بك أعلى يمين أو يسار الصفحة الرئيسية ومن ثم ستجد كلمة Reels أيضًا كما هو موضح بالصورة. بمجرد الضغط على الكلمة ستتمكن من مشاهدة الفيديوهات القصيرة أو حتى صنع الـ Reels الخاصة بك.
كيف يمكنك أن تصنع الـ Reels الخاصة بك؟
في الصفحة الرئيسية، وبعد الضغط على كلمة Reels المجاورة إلى Stories، يمكنك أن تبدأ في صناعة المحتوى خاصتك عن الطريق الضغط على Create reel والبدء فورًا عن طريق الضغط على زر الكاميرا الذي سيظهر في أعلى يمين الشاشة. وإذا كنت تمتلك مقطعًا لك بالفعل مسجل على ذاكرة الهاتف، فيمكنك أن ترفعه عن طريق الضغط على زر الكاميرا أو الاستديو الموجود بأسفل الـ Reels.
إن كنت ستسجل الفيديو الخاص بك مباشرةً من التطبيق فستجد خمس خيارات على يمين الشاشة، وهم: الصوت، والسرعة، والتأثيرات، والمؤقت، والشاشة الخضراء. السرعة والمؤقت لا يحتاجان إلى تفسير، ولكن ركز في الثلاثة خيارات الأخرى؛ فمن خلالهم يمكنك أن تتفرد عمن سواك من صناع المحتوى.
أما الصوت (الموسيقى)، فهو المميز للكثير من الفيديوهات ويمكنك أن تتصفح ما تريد من الموسيقى وتختار الذي يناسبك، وستجد أن الموسيقى الرائجة مميزة بعلامة نجمة. وأما التأثيرات فهي الفلترات؛ ويمكنك من خلالها أن تختار الشكل الذي سيظهر به الفيديو خاصتك. وأخيرًا بخصوص الخلفية الخضراء، فهي خاصية مميزة جدًا يمكنك عن طريقها أن تُغير الخلفية التي تستخدمها في تصوير الفيديو.
إذا كنت صانع محتوى، كيف يمكنك الاستفادة من Facebook Reels؟
هناك طريقتان أساسيتان للاستفادة من Facebook Reels وكلاهما متعلقان بسرعة الوصول وسمعة فيسبوك نفسها:
1. الوصول إلى جمهور أكبر
على عكس الإنستغرام، فتلك الخاصية على الفيسبوك تسمح لفيديوهاتك الخاصة أن تظهر على الصفحة الرئيسية للمستخدمين، سواء أكانوا يتابعونك أم لا، سيظهر لهم الفيديو خاصتك. هذا الأمر سيعطى فرصة -ولو ضئيلة- لجمهور أكبر أن يتعرف عليك.
2. تحقيق الدخل
ضخت الشركة حوالي مليار دولار من أجل الاستثمار في صناع المحتوى وذلك عن طريق إطلاقها لبرنامج Reels Play bonus يمكن لصناع المحتوى أن يتربحوا من خلاله عن طريق الإعلانات التي ضعها فيسبوك لهم سواء على هيئة ملصقات أو لافتات.
المميز بشأن تلك الإعلانات أنها لن تقطع عليك الفيديو أثناء مشاهدته، بل ستظهر بشكل مصغر أعلى أو أسفل الشاشة.
هل ستنقذ Facebook Reels الفيسبوك؟ ولماذا وصلنا إلى هنا؟
الأمر يعتمد على إنقاذه من ماذا؟ إذا كنا نعني من هبوط الأسهم وخسارته مليارات الدولارات، فربما. ولأكون صريحًا، لا أحد يملك الإجابة بالتأكيد، ولكن وفقًا لما نملكه من معطيات وبناءً على جماهيرية فيسبوك الواسعة، فالإجابة تميل إلى نعم.
قد لا ينجح الأمر لأن تطبيق الفيسبوك ليس متخصصًا في تلك النوعية من الفيديوهات، على عكس التيك توك والذي كرس الأمر كله لتلك الفيديوهات القصيرة وبنى قاعدة جماهيرية لا يُضاهيها شيء في نفس الفئة.
أما إذا نظرنا للصورة الكاملة، فسنرى أن نجاح تلك الفيديوهات يُعزى إلى ضعف مدى الانتباه Attention Span لدى البشر. ولمن لا يدري، فمدى الانتباه هو قدرة الفرد على التركيز الكامل على هدف ما دون التشتت أو التفكير في أي شيء آخر. وصدق أو لا تصدق؛ في بداية هذه الألفية كان مدى انتباهنا حوالي 12 ثانية، والآن أصبح 8 ثوان فقط وهو معدل أقل من الأسماك الذهبية أو Goldfish بمقدر ثانية كاملة.
هذا الأمر إن دل على شيء فهو يدل على مدى استعجالنا وضجرنا المستمر، ربما بسبب كثرة خياراتنا التي لم تكن تتوافر في الماضي؛ فالآن يمكنك أن تشاهد ملخصًا لمباراة كاملة في 10 دقائق، وأصبح بإمكانك أن تشاهد ما تشاء في الوقت الذي تريده. لم تكن الحياة بتلك السهولة منذ 20 أو 30 سنة. دائمًا ما تشعر بحاجتك للمزيد وأن هناك ما سيفوتك؟ هذا شيء طبيعي في ظل السيطرة الرأسمالية السريعة التي تحسرك بين خيارين أحلاهما مر: إما أن تكون مواكبًا لكل ما يحدث وتنخرط مع التيار وتنسى معنى الحياة وإما أن تتروى وتستمع باللحظة الآنية وفقط!