مقالات

المتعة السطحية: لماذا فقدت الألعاب بريقها؟

في السنوات الأخيرة وبالتحديد منذ بداية الجيل الحالي، بدأ العديد من اللاعبين بملاحظة أن الألعاب فقدت رونقها وبريقها مقارنة بالألعاب القديمة. فالكثير من الألعاب جديدة تبدو بدون هوية، وغالبا ما ستحس كلاعب بأنها تحمل تجربة مشابهة للعبة أخرى جربتها من قبل. ف لماذا فقدت الألعاب بريقها؟ وما الأسباب التي أدت لذلك؟ 

الألعاب القديمة، ألعاب صنعت بشغف

Call of Duty: Black Ops 2

حقيقة أن الألعاب سابقا كانت تصنع بشغف، حقيقة لا يمكن لأي لاعب نكرانها. المطورون في الماضي كانوا دائما يجربون أفكارا جديدة. ودائما ما كانوا يدفعون الأجهزة لأقصى قوة ممكنة للحصول على لعبة مبهرة من كل النواحي. صحيح أن كل الألعاب لم تكن ممتازة، لكنك على الأقل ستحس بالمجهود الذي قدمه المطور من أجل تطوير لعبة جديدة مختلفة. وهذا عكس ما سنجده الآن في الكثير من ألعاب وقتنا الحالي، التي أصبحت تتبع “ترندات السوق”.

فأغلب أصحاب القرار الأن، كانوا مطورين – رؤساء شركات النشر أو حتى مستثمرين لا علاقة لهم بالمجال، لا يعطون اهتماما للابتكار والأفكار الابداعية الجديدة. لانها في وجهة نظرهم مجازفة قد يكون ثمنها خساىرا بملايين الدولارات. لذلك فأغلبهم يتبع الطريق المضمون و السهل. ألا وهو اعادة تدوير نفس الأفكار التي تم تكريرها في أجزاء، أو ألعاب سابقة حتى لو كانت أفكارا عفا عنها الزمن.

ميزانيات ضخمة وخوف الشركات

كما تكلمنا في الفقرة الماضية، تطوير الألعاب خاصة ألعاب الـAAA، أصبحت مهمة مكلفة جدا تصل لمئات ملايين الدولارات. وعند سماع مثل هذه الأعداد، من المنطقي أن يتخذ صاحب القرار “قرارات” تضمن الربح بعد صرف تلك المبالغ الضخمة. لهذا سنرى أن الألعاب الأن لا تعاني فقط من التكرار من ناحية أسلوب اللعب، بل في نواحي أخرى لها وزن في التجربة، كالأداء والتوجه الفني والقصصي. هذا ما سيعطينا ألعابا لها أجزاء سنوية، غالبا ما يكون الفرق الأكبر بينها هو العدد، أو العنوان الفرعي للجزء الجديد من السلسلة.

بطبيعة الحال اللوم لا يقع على الشركات المطورة والناشرة فقط. بل للاعبين يد في هذا الخوف أيضا. فالكثير من الألعاب الجيدة والممتازة التي تأتي بأفكار جديدة ومختلفة، لا يأتي معها ذلك النجاح الذي يشجع الشركات على التغيير. ولعل أشهر الأمثلة في جيلنا الحالي هي لعبة Alan Wake 2. اللعبة التي صدرت في سنة 2023، والتي نالت اعجاب اللاعبين والنقاد على حد سواء. لما تقدمه من أسلوب لعب رائع مليئ بالأفكار، وقصة فريدة من نوعها، وتوجه فني وموسيقي رائعيين. هذه اللعبة لم تنجح تجاريا، بل لم تقدر على تغطية تكاليف تطويرها، والبدء في جني الأرباح إلا بعد عامين من صدورها. 

التركيز على الربح السريع 

الربح السريع هو ما تفكر فيه أغلب الشركات، فبالربح السريع نعني إنتاجا أسرع، ما يعني ألعابا أكثر. وهذا ما يدفع الكثير من الشركات المطورة الى توظيف الأفكار الجاهزة التي تصبح مكررة مع الوقت، التقصير في الكثير من الجوانب كالجانب القصصي للعبة. أو التوجه الى جعل اللعبة عبارة عن منصة دائمة لجمع المال. وهو ما يجعل من أغلب هذه الألعاب، ألعابا ناقصة تحتم على اللاعب الدفع أكثر من أجل أخد التجربة الكاملة.

التقنيات الجديدة سيف ذو حدين، أحدهما أكثر ضرراً

صورة من “demo” لمحرك Unreal Engine 5

لكي لا أطيل الكلام، الكل يعلم أن أغلب الشركات بدأت تتجه لاستعمال محرك Unreal Engine 5. ومع أن هذا المحرك مليئ بالتقنيات المتطورة التي تمكن المطورين من الإبداع أكثر في ألعابهم. إلا أنه وكما تعلم عزيزي القارئ، من الصعب جدا صقل أداء الألعاب عليه. وهذا راجع لعدم مقدرة المحرك من استغلال المعالجات بشكل جيد، الشيء الذي أعطانا كميات كبيرة من الألعاب التي تعمل بشكل سيء.

هذه المشاكل التقنية يتم تصليحها مع التحديثات وغالباً ما تصبح الألعاب مستقرة نسبياً بعد أشهر. لكن، ما لا يمكن تغييره بالتحديثات هو التوجه الفني. يقدم Unreal Engine 5 تقنيات جبارة تجعل الألعاب تبدو خارقة رسومياً، لكن الكثير من المطورين ينسون أن الرسوميات بدون توجه فني جميل لا تساوي شيءً. وهذا مشكل أخر يجعل الكثير من الألعاب متشابهة، والذي قد ينفر الكثير من اللاعبين من تجربة بعضها. 

2026، سنة التغيير

بعد إجابتنا على سؤال “لماذا فقدت الألعاب بريقها؟”، سيطرح تلقائياً في أذهاننا سؤالاً آخر وهو: “متى سيتغير حال الصناعة؟”. وأظن أنه بعد المشاكل الكثيرة التي واجهتها أغلب شركات الألعاب في السنوات الأخيرة، قد تكون سنة 2026 هي السنة التي سترجع لنا فيها تلك الشركات بقوة بعد خمول دام سنوات. فمع اصدار ألعاب كبيرة ك Resident evil 9 و Grand Theft Auto VI، يبدو أننا نحن اللاعبون على موعدٍ مع تجارب تعيد إلينا ذلك الشغف الذي افتقدناه طويلاً.

Mehdi Alaoui

محب للألعاب، بالنسبة لي اللعبة الجيدة هي اللعبة الممتعة.
زر الذهاب إلى الأعلى