رأينا ألعابًا كثيرة عملاقة في السنوات الخمس السابقة لا يتشاركون جميعًا سوى في شيء واحد، وهو الحجم الهائل الذي يشغلونه. أحجام الألعاب خرجت عن السيطرة ولم يعد هناك مفرُّ من ذلك الأمر. ألق نظرة على الألعاب الصادرة مؤخرًا وستفهم ما أقصده؛ أحجام الألعاب وصلت إلى عشرات “الجيجات” بعد أن كانت تشغل أحجامًا متواضعة في البداية؛ لعبة Bully بكامل قصتها الطويلة الممتدة إلى 31 ساعة -لإنهاء كامل المهام- لم تشغل سوى 5 جيجابايت تقريبًا. لعبة مثل الجزء الأول من سلسلة Assassin’s Creed العتيقة لم يشغل سوى 8 جيجابايت.
لماذا نشهد ألعابًا الآن تصل أحجامها إلى أكثر من 100 جيجابايت مثل Call of Duty: Warzone، وForza Horizon 5، بل وحتى ألعابًا تتخطى الـ 150 جيجابايت مثل Red Dead Redemption 2؟ هل حان الوقت للتخلص من أقراص التخزين الخاصة بك والتي يصل حجم الواحد منها إلى 1 تيرابايت؟ ألم نكن نتباهى بهذه الأحجام؟ ما الذي حدث؟
هل الجودة هي السبب؟
إن فكرت في الأمر لمدة ثواني معدودة، فستخرج باستنتاج واضح ومباشر ألا وهو: التطور التقني الذي وصلنا إليه بفضل تقنيات عديدة منها CGI. تلك “الفريمات” ذات الجودات العالية، وتطور أساليب وتقنيات التصوير، والصوت، والخرائط، وكل شيء في الألعاب يحتاج مساحات أكبر بالتأكيد. صحيح أن الأمر كذلك، ولكن كيف؟ أو لماذا نحتاج هذه المساحات؟ ما أعنيه هو: لماذا لا يمكننا الاستمتاع بتجربة مثل Red Dead Redemption 2 على مساحة تخزين 20 أو حتى 50 جيجابايت؟
تخيل أنك تستمتع بأحد الألعاب بجودة 2K، واستوقفتك مجموعة من الإطارات أو “الفريمات” التي أدهشتك بتصميمها، وسألت نفسك: تُرى ما مساحة تلك المجموعة من الرسوميات؟
لنقل مثلًا أنك تريد تصميم أحد شخصيات أو أماكن لعبة ما برسوميات 2K وأردت تخزينها بمساحتها الأصلية بدون أي ضغط أو تقليص لتلك المساحة، ولنفترض أيضًا أن حجم “البيكسل” الواحد عبارة عن 4 بايت فقط، هذا سيعني أنك ستحتاج إلى حوالي 16 ميجابايت من أجل صورة واحدة فقط من صور اللعبة بجودة 2K (2K “2048*2048” ضرب 4 بايت).
أدرى أنك في حالة من الارتباك أو عدم الاستيعاب الآن، ولكن لا تقلق، فالأمور ستتضح. المهم أن تعلم أن تلك الأرقام تعني أنه حتى بالنسبة للعبة Red Dead Redemption 2 بحجمها الهائل والذي يصل إلى 150 لن تقدر على عرض أكثر من 9600 صورة بتلك الجودة الجبارة. وهذه الحسابات بناءً على جودة 2K، فما بالك بجودات مثل 4K أو 8K!
إذا كنت قارئًا حذقًا ولم تفقد انتباهك مع تلك التعقيدات -التي كانت لتحيرني بشدة إن لم أعطيها كامل انتباهي-، قد تتساءل عن لماذا لا نضغط تلك الصور؟ لماذا قُلت -في المثال السابق- بأننا نريد تخزين الصور بمساحتها الأصلية في الألعاب ولا نضغط تلك الصور؟ لماذا لا نستخدم جودات عادية مثل PNG أو JPEG؟
الفكرة هنا تكمن في سرعة معالجة الحاسوب أو المعالجات بصفة لدقة لتلك الصور؛ تلك الجودات لا تحتاج سوى أجزاء من الثانية ليتعرف عليها الحاسوب ويعالجها، فتخيل أن تمتلك لعبة كل “إطاراتها” مكونة من صيغ PNG أو JPEG، لن يحتاج المعالج سوى ثوانٍ أو حتى دقائق ليعالج كل تلك الصور؛ بصورة أبسط ولكي نحاول أن ننتهي من ذلك التعقيد: لن تستطيع اللحاق بعرض تلك الصور وستشعر أن اللعبة أسرع من الصاروخ نفسه.
هل نوع اللعبة هو السبب؟
أحجام الألعاب لا تتوقف على نوع اللعبة مطلقًا ولا تفرق بين عالم مفتوح ولا تقمص أدوار، الأمر يعتمد فقط على جودة الإطارات، ونوع الصوت، والفيديو، وهذا الأمر يتضح بين الكثير من الألعاب. على سبيل المثال لدينا لعبة مثل Rainbow Six Siege، وهي لعبة تصويب بامتياز صدرت أواخر عام 2015، بمساحة تخزين 50 جيجابايت، وفي الجهة المقابلة لدينا أحد ألعاب العالم الفتوح مثل The Witcher 3 والتي صدرت في نفس العالم، وبالتحديد في شهر مايو 2015، وعلى الرغم من اختلاف نوعها وأنها لعبة عالم مفتوح، قد تظن أن مساحتها أكبر من اللعبة الأولى، إلا أنها تحمل نفس المساحة تقريبًا.
مثال آخر يتجلى في لعبة كرة السلة NBA2K17، والذي جاءتنا بمساحة 66 جيجابايت، وبالرغم من أنها لعبة رياضية تقع أحداثها في مجرد صالات لكرة السلة، إلا أن حجمها أكبر من اللعبتين السابقتين والذين يحملان مساحات أكبر وعوالم متنوعة أكثر؛ فإذًا الأمر لا يعتمد على البيئة أو نوعية اللعبة مطلقًا.
هل ستستمر أحجام الألعاب في الارتفاع؟
مع استمرارية التطور التكنولوجي الذي يعيش أبهى عصوره سنة بعد الأخرى، من المتوقع أن ترتفع أحجام الألعاب إلى أرقام مهولة، وكما نرى، فكلُ عام يفاجئنا بلعبة أكبر من سابقاتها. السر كلهُ يكمن في الرسوميات ثلاثية الأبعاد Textures أو ما يريده اللاعبون من جودات لم نحلم بها مسبقًا، وبتالي من المنطقي أن نشاهد أحجام الألعاب “تلامس عنان السماء”، وإلى حين اختراع تقنيات جديدة تسمح لنا بتقليص تلك الأحجام بحريات كبيرة، وبدون مشاكل أثناء اللعب نفسه، سنظل مرغمين على تحمل أحجام الألعاب بسبب المتعة التي نحصل عليها في المقابل.