في خطوة تعكس عودة الخطاب حامي الوطيس إلى الواجهة، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على هواتف “آيفون” التي تُنتجها شركة Apple خارج الولايات المتحدة وتُباع داخلها. جاء هذا التهديد عبر منشور رسمي على منصته الاجتماعية “Truth Social”، حيث أكد ترامب أنه أبلغ الرئيس التنفيذي لأبل، تيم كوك، صراحةً بضرورة أن تكون الهواتف الموجهة للسوق الأمريكي مصنّعة محليًا داخل الأراضي الأمريكية.
وقال ترامب في تصريحه: “إذا أرادت Apple أن تبيع هواتفها في أمريكا، فعليها أن تصنعها هنا. تصنيعها في الهند أو أي مكان آخر سيكون له ثمن”. ويأتي هذا التصريح بعد مؤشرات واضحة على أن عملاقة التكنولوجيا تواصل توسيع قدراتها التصنيعية في الهند، في إطار سعيها لتنويع سلسلة التوريد والحد من اعتمادها المفرط على المصانع الصينية، خاصة بعد الأزمات المتكررة التي واجهتها خلال جائحة كوفيد-19 وسلسلة التوترات التجارية بين واشنطن وبكين.
وقد تسببت تصريحات ترامب الأخيرة في ردود فعل سريعة داخل الأسواق، حيث انخفض سهم شركة Apple بنسبة بلغت 2.5% في تداولات ما قبل افتتاح السوق، وهو ما انعكس بدوره على مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية، مما يدل على حساسية المستثمرين لمثل هذه التصريحات السياسية ذات الطابع الاقتصادي.
ورغم أن ترامب لا يشغل منصبًا رسميًا حاليًا، فإن نفوذه السياسي، خاصة مع استعداداته لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، يمنحه القدرة على التأثير في توجهات السوق وخطط الشركات الكبرى. ويُذكر أن إدارة ترامب خلال فترة رئاسته كانت قد فرضت بالفعل رسوماً جمركية على مئات المنتجات المستوردة من الصين، بما في ذلك الأجهزة الإلكترونية، ضمن سياسة “أمريكا أولاً” التي هدفت إلى إعادة الوظائف والتصنيع إلى الداخل الأمريكي.
من ناحية أخرى، قامت إدارة الرئيس جو بايدن بتجميد بعض هذه الرسوم مؤقتًا، بما في ذلك الضرائب المفروضة على الهواتف الذكية، حيث تم تعليقها لمدة 90 يومًا، مما منح الشركات الكبرى مثل Apple فترة مؤقتة لإعادة تقييم استراتيجياتها التصنيعية.
وتسعى الشركة الأمريكية حاليًا إلى تعزيز وجودها الصناعي في الهند بشكل خاص، حيث تشير التقارير إلى أن ما يقرب من 7% من أجهزة آيفون تُصنع هناك، في حين أن النسبة الأكبر لا تزال تُنتج في الصين. وقد بدأت أبل بالفعل في نقل بعض خطوط الإنتاج تدريجيًا إلى مصانع في ولايتي تاميل نادو وكارناتاكا في الهند، بالشراكة مع شركات كبرى مثل Foxconn.
الجدير بالذكر أن هذا النوع من الضغط السياسي قد يضع شركات التكنولوجيا في موقف صعب، فهي مطالبة بالتوازن بين كفاءة سلاسل التوريد العالمية، وتجنب الأزمات التجارية، وبين الاستجابة للضغوط الوطنية المتزايدة المطالبة بخلق فرص عمل محلية وتعزيز الاقتصاد الأمريكي.
يعكس هذا التهديد الجديد من ترامب استمرار التوتر بين التوجهات القومية في السياسة الأمريكية ويُنبئ بأن العلاقة بين شركات التكنولوجيا الكبرى والصراعات السياسية ستدخل مرحلة أكثر تعقيدًا، قد تُغيّر من معالم الصناعة العالمية كما نعرفها اليوم.