تُعتبر GTA 3 أحد الألعاب الأكثر تأثيرًا في صناعة ألعاب الفيديو، حيث أحدث تغييرًا جذريًا في مفهوم الحرية داخل الألعاب وفتح آفاقًا جديدة للاعبين لاستكشاف العوالم المفتوحة. صدرت اللعبة في عام 2001، وأصبحت علامة فارقة في تاريخ شركة Rockstar Games، إذ جسدت الإبداع الذي جعل من الشركة واحدة من أعظم استوديوهات الألعاب في العالم. ورغم كل هذا النجاح، كان هناك عنصر واحد مفقود في اللعبة: الدراجات النارية.
لغز غياب الدراجات النارية في GTA 3
في حين أن Grand Theft Auto: Vice City، التي صدرت بعد GTA 3، قدّمت الدراجات النارية كعنصر أساسي، لم تتضمن GTA 3 هذا النوع من المركبات. السؤال الذي طرحه العديد من عشاق اللعبة كان: لماذا؟ فمنذ ظهورها في Vice City، أصبحت الدراجات النارية عنصرًا لا غنى عنه في جميع إصدارات السلسلة اللاحقة.
وفقًا لموقع The Cutting Room، كانت هناك بالفعل بعض الأكواد البرمجية التي تشير إلى وجود دراجات نارية أو على الأقل نية لإدراجها في اللعبة. ومع ذلك، لم تكن هذه الأكواد كافية لاستعادة المركبات إلى اللعبة النهائية. يبدو أن هناك عقبة ما منعت وصول الدراجات النارية إلى عالم GTA 3، وقد لا يكون السبب تقنيًا بحتًا.
الإبداع في سرد الأحداث: حل Rockstar العبقري
الجواب العبقري قدمته Rockstar Games في لعبة أخرى من نفس السلسلة وهي Grand Theft Auto: Liberty City Stories، التي صدرت بعد GTA 3 كجزء من سلسلة الألعاب المحمولة على جهاز PSP. هذه اللعبة، التي تعتبر أحداثها مقدمة زمنية لأحداث GTA 3، تضمنت دراجات نارية، مما أثار تساؤلات إضافية: كيف يمكن للشخصية الرئيسية توني سيبرياني أن يقود دراجة نارية في هذه اللعبة، بينما في أحداث GTA 3 التي تجري بعد ثلاث سنوات لا توجد دراجات نارية؟ هنا يأتي الحل المذهل.
عندما تفتح علبة اللعبة وتتفحص كتيب التعليمات، ستجد أن Rockstar Games قامت بتضمين مقال مكتوب بأسلوب صحيفة خيالية تدعى Liberty Tree، وهي جزء من عالم اللعبة. في هذا المقال، الذي كتبه شخصية خيالية تُدعى Gaylord Morrisen، تم تقديم تفسير منطقي لغياب الدراجات النارية في GTA 3. المقال بعنوان “الدراجات النارية تقتل الأطفال ويجب حظرها”، وهو يمثل مقالًا من جماعة خيالية تحمل اسم A.R.S.E. (American Road Safety for Everybody).
وفقًا لهذا المقال، قادت هذه الجماعة حملة ناجحة لحظر الدراجات الهوائية في مدينة Liberty City، والآن وجهوا أنظارهم نحو الدراجات النارية، بحجة أن الأشخاص الذين يقودون الدراجات النارية يحاولون قتل الجميع. وجاء في المقال:
خلفية اقتصادية ساخرة
لم يكتفِ المقال بذلك، بل ذهب إلى أبعد من ذلك في التفسير، حيث كشف أن هذه الجماعة A.R.S.E. تم تمويلها جزئيًا من تبرعات شركة خيالية داخل عالم GTA تُدعى Maibatsu. هذه الشركة تركّز في تصنيع السيارات والشاحنات، وكانت تخطط لإطلاق سيارة Monstrocity، وهي سيارة رياضية متعددة الاستخدامات كانت تهدف إلى “إحداث ثورة في الضواحي” في عام 2001، وهو نفس العام الذي تدور فيه أحداث GTA 3.
هذا الربط العبقري بين اللعبة والعالم الخيالي الذي أنشأته Rockstar Games لم يكن مجرد حل تقني لمشكلة غياب الدراجات النارية، بل كان حلاً إبداعيًا مضحكًا وساخرًا، يعكس الاهتمام بالتفاصيل الذي اشتهرت به Rockstar. لقد استخدموا هذا العنصر السردي لخلق تفسير منطقي داخل اللعبة لعدم وجود الدراجات النارية في عالم GTA 3، رغم تواجدها في اللعبة التي تدور أحداثها قبلها زمنيًا.
يُظهر هذا المثال كيف تمكنت Rockstar Games من حل معضلة تكنولوجية بطريقة مبتكرة تتجاوز الحلول البرمجية البحتة، إلى دمج القصة والعالم الخيالي بشكل ذكي. غياب الدراجات النارية في GTA 3 لم يكن مجرد قرار فني أو عابر، بل كان جزءًا من السرد الشامل الذي جعل من عالم Grand Theft Auto أكثر عمقًا وتفصيلًا.