أجمل ما في صناعة الألعاب هو اللامحدودية في الأفكار و غياب القيود الموجودة في بعض الصناعات الأخرى. يظهر ذلك في اختلاف رؤية المطورين للتصنيفات المختلفة و كيفية تطويع تلك التصنيفات لتكوين القالب الأمثل لفكرة لعبتهم. استطاع ستوديو Blackmill Games استحداث تصنيف جديد هجين بين ألعاب التصويب و المحاكاة و إضافة عنصر ليس برائج في عالم الألعاب و هو الوثائقيات التاريخية. ليتميز الاستوديو بسلسلة ألعاب وثائقية تفاعلية (interactive documentary). ليقدم لنا حقب تاريخية مختلفة من منظور الجندي بتفاصيل حدثت بالفعل.
لعبة Isonzo هي لعبة تصويب حربية اونلاين من منظور الشخص الأول (FPS) و تعد جزء من سلسلة WW1. هي كما ذكرت في مقدمتنا سلسلة ألعاب خليط بين ألعاب التصويب و الوثائقيات التفاعلية و المحاكاة. تهدف لمحاكاة معارك حقيقية بين دولتين حدثت على أراضي موجودة بالفعل. تملك السلسلة بالفعل لعبتين هم Tannenberg و Verdun و تعد Isonzo الجزء الثالث في السلسلة.
قصة اللعبة:
تمثل Isonzo أحداث عدة معارك حدثت خلال الحرب العالمية الأولى بين دولتي إيطاليا و الإمبراطورية النمساوية المجرية. حيث استمرت الحرب بينهما لمدة عامين تألفت من 12 معركة على ضفاف نهر Isonzo الذي يقع في شمال إيطاليا. تملك Isonzo 6 معارك فقط حدثت في أماكن مختلفة أثناء الحرب.
Isonzo ليست لعبة قصصية في المقام الأول. لذلك ليس هناك ما يمكن مناقشته حول أحداثها. لكن طريقة عرض و تلقين الحدث التاريخي الخاص بالمعركة التي أنت مقبل عليها تتمثل في كتابات جانبية في شاشات التحميل و التجربة بذاتها. و يعتبر هذا الهدف الأساسي للعبة كما صرح Jos Hoebe مؤسس الاستوديو قائلًا:
“لم تأتي اللعبة أولًا ثم بدأنا في إضافة القصة. بل حصلنا على أحداث تاريخية شيقة و طورنا اللعبة المناسبة لها.”
Jos Hoebe
يعتبر عنصر العرض التاريخي للأحداث هو الأبرز و الذي نجح المطورين في تقديمه من خلال طريقة كتابة مختصر و جيدة في شاشات التحميل تلخص لك كيف قامت تلك المعركة و بأي تاريخ و أين مكانها بالضبط موفرة بعض التفاصيل الأخرى لتكون بوابة اللاعب الأولي للدخول في أجواء التجربة التفاعلية.
محتوي اللعبة:
Isonzo هي لعبة أونلاين تتألف من طور يشبه كثيرًا طور domination في ألعاب Battlefield. حيث يسعي اللاعبين للسيطرة علي الخريطة من خلال السيطرة علي مناطق محددة لكن الأمر يحمل أبعاد مختلفة في Isonzo نظرًا للتوجه المختلف في تصميم الخريطة.
لتصبح المحاكاة ناجحة فهي مرهونة بشكل أساسي بالتجربة البصرية التي يحصل عليها اللاعب. هذا ما يدركه مطوري اللعبة لذلك قاموا بزيارة أراضي المعارك بنفسهم لدراستها و تصميمها بأدق تفاصيل ممكنة. تتكون بيئات اللعبة في معظم الأحيان من تلال و جبال متوسطة الارتفاع. و في أحيان أخرى غابات و مباني. تم تصميم الخرائط بشكل أفقي حيث ينتقل اللاعب من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ليسيطر على الخريطة. الهدف وراء هذا التصميم هو إجبار اللاعب على الإقتراب من المعارك حسب تصريحات المطورين.
شكل هذا النوع من التصميم بالنسبة إلي عائق في الحركة خصوصًا في إحدى الخرائط و التي كانت مليئة بالأسلاك الشائكة بعرض الخريطة. لتعبر إلى المعركة يوجد ممرين من خلال تلك الأسلاك و إذا لم تكن حافظًا لمكان تلك الممرات بالتحديد فقد تمر دقيقة كاملة و أنت تبحث كيف أمر إلى الجانب الآخر و قد تبدأ في الغضب كحالي و تقرر اختراق الأسلاك الشائكة و تموت بشكل سخيف.
لكن جدير بالذكر أن هذا الأمر لا يعمم على جميع الخرائط فبعضها مميز و يعلق في ذهن اللاعب و تصميمه واقعي.
الرسوميات و المؤثرات:
أما عن الرسوميات و المؤثرات. الرسوميات ليست أفضل ما يميز اللعبة. تصميم الخريطة جيد مقارنة بإمكانيات الاستوديو المطور. لكن بالنظر لرسم و تفاصيل الشخصيات و الأسلحة و المباني فهي تذكرني بلعبة Call of duty 2 التي تم إصدارها بتاريخ 2005 من ناحية تصميم الأسلحة. ناهيك عن أسلوب اللعب الذي لا مهرب له من تلك المراجعة. قد تكون مقارنة بالأجزاء السابقة من السلسلة قد أحرزت Isonzo تقدم رسومي بعض الشئ ما قد يعتبره مطوري اللعبة إنجاز لكنني بشكل شخصي لا أري ذلك.
المؤثرات البصرية تعد إيجابية من إيجابيات اللعبة. ليندمج اللاعب مع أجواء الحرب فعليه الشعور بالخطر الدائم و اقتراب هلاكه. يتمثل ذلك من خلال انفجارات القذائف المدوية من حولك و التي لفتت أنظار النقاد حتى في الأجزاء السابقة. بالإضافة إلي النيران المشتعلة في الأشجار و المباني و التي تميزت بمظهر واقعي أيضًا يستحق الثناء.
صوتيات ذات أفكار مميزة:
بحكم أننا أمام تجربة جزء منها وثائقي تاريخي فبالتأكيد عنصر الموسيقى و الصوتيات مهم للغاية. بالحديث عن الموسيقي فلا شيء مميز سوى بعض الأغاني الإيطالية القديمة. لكن أهم إيجابية تتمثل في أصوات الجنود من حولك بجانب صرخات الهجوم و الحماس و أوامر القادة و التي رأيناها في عدة ألعاب حربية سابقة. عند تلقي الجنود رصاصة قاتلة لا يسقطون جثة هامدة فقط. ستسمع صرخات الألم و أصوات الأنفاس الأخيرة لهؤلاء الجنود الأمر الذي يزيد من هول الحدث و بشاعة الحروب. في بعض الأحيان تجد الجندي الذي تتحكم به يبكي بصوت مكتوم محزن للغاية و كأنه أدرك أن المعركة قد بدأت و زملائه يتساقطون و أن موته أصبح محتومًا لكن لا مجال للتراجع.
أسلوب اللعب:
لعبة Isonzo هي لعبة حربية في المقام الأول لذلك الاهتمام بأسلوب اللعب أمر حتمي لا يمكن أن يظهر بشكل ضعيف. قد تكون قد استشفيت من الفقرات السابقة أننا على مشارف لعبة مميزة ستحصد قاعدة جماهيرية كبيرة. لكن عند تجربة اللعبة و الـ Gameplay سيصيبك الإحباط.
الإيجابيات
تمتلك Isonzo أفكار ممتازة و تنفيذها رائع كانت لتكون أفضل بكثير في حالة أسلوب لعب سلس. بالتشابه مع لعبة Battlefield والعاب أخرى تحتوي Isonzo علي 6 كلاسات Rifleman, Assault, Sniper, Engineer, Officer, Mountaineer.
بطبيعة الحال كل شخصية تمتلك ما يميزها عن الأخرى. فمثلًا الضابط (Officer) يستخدم المسدسات كسلاحه الرئيسي و أيضًا كجزء من إقحام الواقعية في التجربة فدور الضابط في الحروب يعتبر قيادي و توجيهي. لذلك يملك الضابط مسدس Flare Gun و الذي يستخدم لإرسال إشارة نداء. تمامًا كما في اللعبة فعن طريق إحدى القوائم يمكنك تحديد الأمر المطلوب. فمثلًا, يمكن أن تكون إشارة لإطلاق قذائف مدوية أو هجوم جوي أو إطلاق غازات كيميائية سامة و التي تمتلك جميع الشخصيات قناع مضاد لتلك الغازات.
لكل شخصية مزايا رائعة تجعلك ترغب بشدة في تجربة جميعها لكن تكمن المشكلة في التقدم في المستويات. فأحد عيوب اللعبة هو البطء الشديد في تقدم مستواك لفتح أسلحة و قدرات ومزايا جديدة مما يجعل من الصعب تجربة عدة شخصيات مختلفة و رفع مستواهم. فقد يتطلب ذلك منك ساعات طول. استغرقني 6 ساعات من اللعب لرفع الشخصية لمستواها الرابع. جدير بالذكر أنه يتم فتح المزايا و الأسلحة الجديدة كل 5 مستويات.
يوجد عناصر جيدة مثل قذائف القنابل و التي تساعد كثيرًا في اختراق أماكن العدو و أيضًا القنابل اليدوية و أسلحة الرشاشات الثقيلة الموزعة علي الخريطة.
السلبيات:
ميكانيكيات الحركة و التصويب. اللعبة تمتلك نظام تحكم مماثل لنظام التحكم الموجود في جميع ألعاب تصنيف التصويب. الانطباع الأول عن الـ Gameplay يعطيك شعور أنك تلعب لعبة تصويب عتيقة على منصة بلايستيشن 2. الحركة ثقيلة بشكل مزعج خصوصًا في البيئات المليئة بالتلال ستجد صعوبة في الحركة و التسلق. الحركة أثناء التصويب صعبة جدًا حيث يتم إبطاء اللاعب, قد يكون ذلك عاديًا فمعظم ميكانيكيات التصويب تبطئ اللاعب أثناء التصويب (Aim Down Sight) لكن غياب السلاسة في الانتقال بين التصويب و عدمه أثر على التجربة سلبيًا و زادها سوءًا.
الاهتمام بتحقيق الواقعية في كل تفاصيل اللعبة لم يكن موفقًا في تنفيذ تلك الفكرة على أسلوب اللعب. كما كان تنفيذ التصويب سيئًا في اللعبة, فإطلاق النار كان كذلك. عند إطلاق النار يهتز السلاح و هذا أمر طبيعي خاصة مع أسلحة الحرب العالمية الأولى القديمة. لكن مع الثقل و غياب السلاسة أصبح من الصعب قتل أكثر من عدو بسرعة فعليك إعادة ضبط تصويبك مرة أخري و الأمر يزداد سوءًا مع الأسلحة ذات معدل إطلاق النار المنخفض.
بذكر الأسلحة فنظريًا اللعبة تحتوي عدد جيد من الأسلحة خاصةً أنها تمثل حقبة الحرب العالمية الأولى و التي لم يمتلك جيوشها تنوع كبير في الأسلحة. لكن فعليًا اللعبة تحتوي عدد قليل جدًا من الأسلحة. كيف ذلك؟
ترسانة Isonzo تحتوي على Rifles و مسدسات يدوية و بعض الأسلحة الآلية. ثلاثة تصنيفات للأسلحة تحمل مساحة شاسعة للإبداع في التنويع لكن الحقيقة أن أسلحة كل تصنيف متشابهة و أحيانًا أخرى متماثلة. فمعظم الأحيان تقدمك في اللعبة يفتح لك إضافات جديدة على سلاح و ليس سلاح جديد كليًا. فمثلًا,بندقيات الـ Rifles ستجدها متاحة في بداية اللعبة و لاحقًا يتاح لك سلاح قناصة لتتفاجأ أنها نفس البندقية لكن مع Scope.
الأداء التقني للعبة:
المستوى التقني للعبة مقارنة بإمكانيات الاستوديو المطور جيدة. لكن يعيبها بعض الجليتشات. أحيانًا عند عودتك للخريطة تجد نفسك وسط عدة صناديق لا يمكنك التحرك. للإنصاف هذا الأمر لا يتكرر كثيرًا و يمكن وصفه بالحدث النادر.
بسبب كبر عدد اللاعبين في الخريطة فاتجه المطورون لملئ قائمة اللاعبين بالـ Botsو الذي سبب عدة مشاكل فأحيانًا تجدهم يخترقون الحواجز و الحوائط و لا يخطئون في تصويبهم.
اللعبة تعمل بشكل ممتاز على الـ PC دون مشاكل في معدل الإطارات على أعلى الإعدادات.
في النهاية
الاهتمام بتصنيفات غير مفضلة عند كثير من اللاعبين أمر لا يخاطر الكثير من المطورين بإنتاجه. وجود ستوديو يشكل هويته من خلال سلسلة حربية تلقن اللاعب الأحداث التاريخية في إطار مسلي ترفيهي أمر يستحق الثناء والاحترام خاصةً مع الاتجاه لأسلوب لعب يناسب وجهتهم أكثر فأكثر على الرغم من صعوبته.
لا ينفي ذلك عيوب أسلوب اللعب التي كانت لتنقل التجربة لمستوى آخر لو تم تنفيذها بشكل أفضل. قد يكون لحجم الاستوديو و الميزانية و قلة الموارد البشرية دور كبير في ذلك لكن سبق و شاهدنا ألعاب مستقلة استطاعت تقديم تجربة تضاهي في سلاستها تجارب ألعاب ضخمة. لذلك قد يكون الاهتمام بتجربة لعب أقرب للاعبين حيث لا يشعرون بالغربة هي مفتاح صعود استوديو طموح يحمل هوية مميزة.
مميزات اللعبة:
- خلفية تاريخية مميزة و طريقة عرضها سهلة و مسلية
- تصميم الخرائط جيد عدا خريطة واحدة
- موسيقي جيدة و صوتيات ذات تفاصيل مميزة جدًا
- اللعبة من نوع Hardcore Shooter مما يتناسب مع اتجاه الواقعية المأخوذ
عيوب تجربة Isonzo:
- أسلوب لعب بطيء و ممل أفسد التجربة
- قلة عدد أسلحة اللعبة و تشابهها بشكل كبير
- الذكاء الإصطناعي (Bots) ملئ بالعيوب و لا يخطئ في التصويب
هل أرشح لك هذه اللعبة؟
لا أرشح Isonzo إذا توقعت خوض تجربة حربية مختلفة ممتعة وسلسة, فلن تجد ذلك بسبب أسلوب اللعب البطيء و التصويب الممل. قد تكون جيدة لسهرات الأصدقاء و سعرها رخيص نسبيًا.
ملخص المراجعة
أسلوب اللعب - 4.5
القصة و الخلفية التاريخية - 7
الرسوميات و المؤثرات البصرية - 7
الصوتيات و الموسيقي - 8
6.6
متواضعة
لعبة Isonzo هي لعبة تصويب أهملت الاهتمام بجانب أسلوب اللعب الذي يعد العنصر الأهم في هذا التصنيف. و توجيه كل الاهتمام لتفاصيل أخري في محاولة جيدة لمحاكاة المعارك الحربية في الحرب العالمية الأولى. لكنه لم يكن كافيًا لتقديم تجربة Shooting مميزة.