مراجعة وتقييم لعبة Indiana Jones and the Great Circle (نسخة PS5)

منذ لحظة إعلانها، جذبت Indiana Jones and the Great Circle الأنظار باعتبارها عودة طال انتظارها لإحدى أكثر الشخصيات شهرة في تاريخ ألعاب المغامرات. اللعبة من تطوير استوديو MachineGames، المعروف بسلسلة Wolfenstein، ومن نشر Bethesda Softworks. وقد أُطلقت في البداية كعنوان حصري على Xbox Series X/S والحاسب الشخصي، مما دفع كثيرًا من لاعبي PlayStation للتساؤل عما إذا كانت هذه المغامرة ستصل إليهم يومًا ما. إليكم مراجعة وتقييم لعبة Indiana Jones and the Great Circle (نسخة PS5).

والآن، وبعد شهور من الترقب، تصل اللعبة أخيرًا إلى PlayStation 5 بنسخة محسّنة ومتكاملة تُثبت أن الانتظار لم يكن عبثًا. فاللعبة لم تُنقل فحسب من منصات أخرى، بل من المفترض خضعت لتحسينات دقيقة تستفيد بذكاء من قدرات الجهاز، لا سيما وحدة التحكم DualSense، لتمنحك شعورًا غير مسبوق بالانغماس والتفاعل.

فهل نجحت Indiana Jones and the Great Circle في تقديم تجربة تليق باسم إنديانا جونز؟ وهل تمكنت بالفعل من استغلال إمكانات PlayStation 5 لتقديم مستوى جديد من الانغماس والتشويق؟ وهل كانت مغامرتها السينمائية كافية لإبقائك مشدودًا حتى النهاية، أم أن بعض عناصر التكرار في أسلوب اللعب أثّرت على المتعة؟

قصة اللعبة

في عام 1937، في فترة مضطربة من التاريخ، وبين مغامرتي Raiders of the Lost Ark وThe Last Crusade، يجد البروفيسور وعالم الآثار الشهير إنديانا جونز نفسه في مواجهة لغز جديد، أشد خطورة مما تخيّل.

تبدأ القصة حين تُسرق قطعة أثرية غامضة من أرشيف كلية مارشال، حيث يعمل جونز. لكن السارق ليس مجرد لص عادي، بل رجل غامض يُدعى لوكوس، يترك وراءه أدلة غريبة تقود جونز في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى قلب الفاتيكان.

هناك، يكشف جونز عن نمط مذهل يربط بين مجموعة من المواقع المقدسة حول العالم، جميعها متصلة ببعضها في تشكيل هندسي مثالي يُعرف باسم “الدائرة العظمى”.

لكن هذا الاكتشاف المثير لم يكن سرًا محفوظًا، إذ يكتشف جونز أن النازيين، بقيادة عالم الآثار المهووس بالخوارق إيمريش فوس، يسعون للسيطرة على “الدائرة العظمى” واستغلال قواها الغامضة لتحقيق هيمنتهم على العالم.

أسلوب اللعب

• اللعبة تأخذك في رحلة فريدة من نوعها من خلال منظور الشخص الأول، مما يجعلك تعيش كل التفاصيل وكأنك داخل هذا العالم بنفسك، لا كمشاهد، بل كمشارك فعلي في الأحداث.

• منذ اللحظة الأولى، تبرز آليات التسلل كعنصر أساسي في التجربة، حيث تعتمد على تجنُّب أن يتم رصدك أو التسلل خلف الأعداء للتخلص منهم بصمت.

• تمنحك الفكرة في البداية شعورًا بالقوة والسيطرة، لكن مع مرور الوقت، قد تشعر بأن عناصر التسلل تفتقر إلى التجديد أو التنوع الكافي؛ فلا تُضاف تحديات جديدة بشكل مستمر لكسر روتين التخفي. ومع ذلك، وعلى عكس ألعاب أخرى تعتمد على التكرار، نادرًا ما تشعر بالملل هنا، بفضل تنوع البيئات والغموض الدائم في الرحلة.

• أما إذا كُشف أمرك، فإن المواجهة تتحول إلى قتال يدوي سريع الإيقاع. يعتمد النظام القتالي بدرجة كبيرة على ردود الفعل الفورية، مثل صد الضربات، المراوغة، والهجمات المضادة. ومن أبرز الأدوات المتاحة السوط الشهير، الذي لا يُستخدم فقط كأداة هجوم، بل أيضًا لنزع أسلحة الأعداء أو تشتيت انتباههم.

• ورغم أن الفكرة ممتعة في البداية، إلا أن عمق القتال اليدوي يبدو محدودًا؛ إذ غالبًا ما يتكرر نفس النمط: صدّ، ثم هجوم مضاد، دون تطور حقيقي في الأسلوب، حتى بعد الحصول على ترقيات أو أسلحة جديدة.

• وإن قررت اللجوء إلى الأسلحة النارية، فإن وتيرة اللعبة تتغيّر تمامًا. عدد الطلقات محدود، واستخدام رصاصة واحدة كفيل بإشعال الفوضى، حيث يتهافت عليك الأعداء من كل اتجاه. تضيف هذه المواجهات بلا شك طبقة من التوتر والتحدي، لكنها أحيانًا قد تبدو متعارضة مع روح اللعبة الأساسية، التي تميل أكثر إلى التخطيط، الحذر، والتسلل بدلًا من المواجهة المباشرة.

• لكن إن كان هناك عنصر تتألق فيه اللعبة فعلًا، فهو تصميم الألغاز. هذا الجانب يعكس جوهر شخصية إنديانا جونز كمغامر وعالم آثار مولع بالحلول الذكية. الألغاز هنا ليست مجرد حواجز وقت، بل هي مصممة بعناية لتمنح اللاعب شعورًا بالإنجاز مع كل تقدم.

• بعضها مرتبط بالقصة ويتطلب تفكيرًا عميقًا، في حين يكون البعض الآخر أبسط، كفك رموز أو ترتيب أشياء بطريقة منطقية. ما يجعلها مميزة هو أنها مدمجة عضويًا في البيئة ولا تشعر أبدًا بأنها مفروضة.

• والأكثر إثارة أن اللعبة توظف منظور الشخص الأول بذكاء في حل الألغاز. فعلى سبيل المثال، لا تظهر لك الخريطة كأيقونة على الشاشة، بل تراها كعنصر ملموس تمسكه بيدك، تدقّق فيه، وربما تفتحه وتقلب صفحاته، كأنك تمسك مفكرة إنديانا نفسه، المليئة بالملاحظات، الرموز، والرسومات.

• حتى أثناء التفاعل مع الألغاز، ستحتاج إلى الإمساك بعناصر، تدويرها، تركيب تروس، أو صبّ سوائل في مذابح حجرية، مما يعزز الإحساس بأنك جزء فعلي من التجربة، لا مجرد لاعب خلف الشاشة.

• وإذا وجدت نفسك عالقًا، فلا تقلق. فالمفكرة لا توفر المعلومات فحسب، بل تأتي اللعبة أيضًا بنظام تلميحات متدرج، يقدم لك إشارات بسيطة دون أن يفسد متعة الاكتشاف، مما يحافظ على توازن رائع بين التحدي والمساعدة.

• أما عنصر الاستكشاف، فلا يقل إبداعًا. ستزور مواقع أثرية مبهرة تشجعك على الاستكشاف من خلال القفز بين المنصات، الزحف عبر الأنفاق الضيقة، واستخدام السوط الشهير لعبور الفجوات أو التسلق. التصميم الذكي لهذه البيئات لا يدلّك على الطريق بشكل مباشر، بل يدفعك للاعتماد على ملاحظاتك، مما يجعل كل لحظة تشعر وكأنها مغامرة حقيقية لاكتشاف طريق مفقود أو كنز مدفون.

• أما التحكم باستخدام وحدة DualSense فكان ممتعًا؛ إذ توفّر خاصية Haptic Feedback إحساسًا واقعيًا أثناء التفاعل مع البيئة، مثل الشعور بارتداد السوط أو اهتزازات الأسلحة النارية.  كما تُقدّم Adaptive Triggers مقاومة ديناميكية أثناء استخدام الأدوات أو الأسلحة، مما يُعزّز من واقعية التجربة. كذلك، يتغير لون شريط الإضاءة حسب حالة اللاعب؛ فيتحول إلى الأحمر عند انخفاض الصحة، وإلى الأصفر عند محاولة الأعداء اكتشافك، ما يُوفّر إشارات بصرية فورية تُسهم في تعزيز الانغماس في اللعبة.

إيجابيات التجربة

• تأخذك اللعبة في مغامرة سينمائية حيوية تجسد روح سلسلة أفلام إنديانا جونز، مع قصة مشوقة مليئة بالإثارة والحبكات الذكية. الأداء الصوتي لتروي بيكر في دور إنديانا جونز يُعد من أبرز نقاط القوة، إذ يضفي عمقًا إنسانيًا على الشخصية ويُعزز من تجربة السرد بشكل كبير.

• أسلوب اللعب متنوع بشكل لافت، إذ يمزج بين الاستكشاف، التسلل، وحل الألغاز، مع تركيز واضح على التفكير الاستراتيجي والذكاء، بدلًا من الاعتماد على المواجهات المباشرة والعنيفة. الألغاز مصممة بعناية فائقة، تتطلب التحليل والتفكير، وتُكافئ اللاعب بشعور حقيقي بالإنجاز عند التقدّم فيها.

• تُقدّم اللعبة تجربة رسومية مبهرة تُبرز القدرات التقنية لجهاز PS5، وتُعزز من الإحساس بالانغماس في عالمها المليء بالتفاصيل. تستفيد اللعبة بشكل مثالي من قوة الـ PS5، حيث تعمل بسلاسة على معدل 60 إطارًا في الثانية. أما على مستوى البيئات، فقد تم تصميمها بعناية لتبدو حيوية، مع إضاءة واقعية وتفاصيل دقيقة تخلق طابعًا سينمائيًا يُحاكي أفلام إنديانا جونز الكلاسيكية.

• من الناحية التقنية، تستفيد اللعبة بشكل مميز من ميزات وحدة التحكم DualSense، حيث تقدم ردود فعل لمسية واقعية ومقاومة ديناميكية في الأزرار تعزز الإحساس بكل تفاعل. هذه التفاصيل تجعلك تغوص فعليًا داخل أجواء اللعبة وتزيد من الانغماس.

• أما من حيث البيئات، فالتجربة تأخذك إلى أماكن أثرية خلابة حول العالم مثل الفاتيكان ومصر، وكل موقع مصمم بعناية وإتقان فني عالي، مما يمنح اللعبة تنوعًا بصريًا رائعًا ويحفز على الاستكشاف المستمر.

سلبيات التجربة

• رغم جودة التجربة، إلا أن بعض الأعداء يعانون من ضعف ملحوظ في الذكاء الاصطناعي، مما يجعل بعض المواجهات أقل تحديًا، ويؤثر على واقعية التسلل والاشتباكات.

• آليات التسلل نفسها، ورغم كونها جزءًا أساسيًا من أسلوب اللعب، تعاني من نقص في التجديد مع مرور الوقت. بعد ساعات من اللعب، قد يشعر اللاعب بشيء من التكرار في طريقة تنفيذ هذه المهام.

• أما القتال اليدوي، فبالرغم من بدايته الممتعة، إلا أنه يفتقر إلى العمق، حيث يعتمد بشكل كبير على نفس النمط المتكرر من صدّ الضربات والهجمات المضادة، دون تقديم تطور واضح حتى بعد فتح ترقيات أو الحصول على أسلحة جديدة.

هل لعبة Indiana Jones and the Great Circle نسخة PS5 تستحق الشراء؟

 نعم، وبكل تأكيد.

سواء كنت من عشّاق إنديانا جونز أو تبحث ببساطة عن تجربة مغامرات غنية بالقصة، الألغاز، والاستكشاف، فهذه اللعبة تقدم لك كل ذلك في حزمة واحدة أنيقة ومليئة بالإثارة. إنها مغامرة لا تُفوّت. فأنها ليست مجرد عودة لشخصية أيقونية نحبها، بل هي مغامرة متكاملة تُعيد إحياء روح الاستكشاف والغموض التي لطالما ميّزت السلسلة. ورغم بعض العيوب المحدودة في الذكاء الاصطناعي وتكرار بعض عناصر القتال، فإن التجربة العامة قوية، مشوقة، وتستفيد بشكل ذكي من إمكانيات PlayStation 5، سواء من حيث الرسومات أو استخدام وحدة التحكم DualSense لزيادة التفاعل والانغماس.