بعد النجاح الهائل الذي حققه الجزء الأول، تعود سلسلة الطيران الأيقونية Microsoft Flight Simulator بجزء جديد يحمل معه تطورات جذرية ومستوى من التفاصيل يقترب بشكل غير مسبوق من الواقعية. لعبة Microsoft Flight Simulator 2024 تِعد بتقديم تجربة طيران محسّنة ومبهرة تفوق بكثير ما قدمته الإصدار السابق، حيث واعدت اللعبة بتقديم محاكاة شاملة لكوكب الأرض بتفاصيل مذهلة تجعلك تشعر وكأنك تستكشف العالم من قمرة طائرة حقيقية وأنت جالس في غرفة منزلك. إليكم مراجعة وتقييم لعبة Microsoft Flight Simulator 2024.
رغم هذا، لم يكن إطلاق اللعبة خاليًا من التحديات. فقد واجهت مشكلات تقنية عند الإطلاق، خاصة فيما يتعلق بالخوادم، مما أثر على تجربة المستخدمين في البداية؛ ومع ذلك، سرعان ما استجابت مايكروسوفت وفريق التطوير لهذه الانتقادات وعملوا بشكل مكثف على معالجة المشكلات وتحسين الأداء. حاليًا، تقدم اللعبة تجربة مستقرة نسبيًا، لكن من المهم الإشارة إلى أنها تتطلب جهازًا بمواصفات قوية واتصال إنترنت عالي السرعة للاستمتاع بها بكامل إمكانياتها.
لكن هل تمكنت مايكروسوفت فعلاً من رفع مستوى الواقعية إلى الحد الذي يجعل اللاعب يشعر وكأنه في قمرة قيادة طائرة حقيقية؟ وهل استطاعت اللعبة تقديم تجربة تفوق توقعات عشاق السلسلة الذين اعتادوا على مستوى عالٍ من الدقة والتفاصيل؟ بالإضافة إلى ذلك، هل أستطعت اللعبة أن تحاكي تجربة الطيران الحقيقية بشكل كامل؟
محتوى اللعبة
تأتي اللعبة بتحديثات جذرية تضيف أبعادًا جديدة لتجربة محاكاة الطيران. تضمنت الإضافة الجديدة 45 طائرة جديدة بالكامل وتحسينًا شاملاً لـ50 طائرة من الإصدار السابق لعام 2020.
تتنوع الطائرات في هذا الإصدار لتشمل خيارات متعددة، مما يتيح تجربة تناسب الجميع. بالنسبة للمبتدئين، تم توفير طائرات خفيفة وشراعية، وهي مثالية للانطلاق بسهولة دون الحاجة إلى رخصة طيران أو معدات معقدة. أما عشاق الطائرات القوية والمغامرة، فيمكنهم الاستمتاع بطائرات عسكرية مثيرة وتجربة التحكم فيها بفضل تحسينات ديناميكيات الطيران.
إلى جانب الطائرات، حظيت المروحيات بتطويرات بارزة، حيث أُجريت تحسينات جوهرية على ديناميكيات الطيران لجعل التحكم فيها أقرب للواقع؛ وتماشياً مع هذه التوسعات، تم توفير حوالي 80,000 منصة لهبوط الطائرات المروحية، ومطارات مخصصة للطائرات الشراعية، بالإضافة إلى مئات منصات النفط البحرية.
يُعد الاعتماد على البنية السحابية من أبرز تطورات لكن في نفس الوقت أكثرها عيوبًا هذا الإصدار. في النسخة السابقة لعام 2020، كان المستخدمون يعانون من الحجم الضخم للملفات اللعبة المحلية. الآن، يتم تحميل المحتوى المطلوب أثناء اللعب فقط، مما يقلل من التخزين المحلي.
مع ذلك، سوف تواجه تحديات عند ضعف الإنترنت؛ إذ يؤثر ذلك سلبًا على جودة الرسومات والتجربة بشكل عام. في الوقت نفسه، إن كنت تمتلك إنترنت سريعًا ولكن محدود الاستهلاك الشهري قد تجد صعوبة بسبب الاستهلاك الكبير للبيانات، حيث تحتاج اللعبة على إعدادات Ultra إلى سرعات تصل إلى 100 ميجابت في الثانية، مما يستهلك كميات هائلة من البيانات.
طور القصة (Career Mode)
تأتي اللعبة بأحد أكثر التحديثات إثارة وهو تقديم طور القصة المعروف بـ “الطور المهني” (Career Mode) لأول مرة. يُضيف هذا الطور بُعدًا جديدًا للمحاكاة الواقعية للطيران، ويضع اللاعبين في مسار مهني افتراضي ينبض بالحياة، مما يتيح لهم الانطلاق من الصفر كطيارين مبتدئين وصولًا إلى تحقيق إنجازات مهنية بارزة.
ينطلق اللاعبون في هذا الطور من خلال الالتحاق بمدارس طيران مخصصة، حيث يمكنهم اختيار المدرسة التي تناسبهم من أي مكان في العالم. يُقدم النظام التدريبي في اللعبة تجربة غنية تشمل 64 وحدة تدريبية تُغطي جميع جوانب الطيران. يتيح هذا التدريب التدرج في تعلم أساسيات الطيران وإتقانها، بدءًا من التحليق بالطائرات الصغيرة إلى التعامل مع الطائرات المتقدمة. مع إكمال الاختبارات التدريبية، يحصل اللاعبون على شهادات مهنية داخل اللعبة، مثل رخصة الطيار الخاص (PPL) ورخصة الطيار التجاري (CPL). كل شهادة تُفتح أمام اللاعبين فرصًا جديدة للطيران بطائرات متطورة والدخول إلى مهام أكثر صعوبة وتعقيدًا.
بمجرد انتهاء مرحلة التدريب، يُتاح للاعبين استكشاف عالم مليء بالمهام الواقعية التي تُحاكي احتياجات العالم الحقيقي. تشمل المهام البسيطة مثل نقل البضائع والركاب، بالإضافة إلى مهام أكثر تحديًا، مثل البحث والإنقاذ حيث سوف تتنقل في ظروف صعبة للعثور على ناجين أو تحديد مواقع ضائعة؛ أو رش المحاصيل الزراعية عبر التحليق بمهارة على ارتفاع منخفض فوق الأراضي الزراعية لرش المحاصيل. بالإضافة إلى التصوير الجوي عبر التقاط صور بجودة عالية مع تلبية متطلبات محددة، مثل تضمين معالم معروفة كالاهرامات أو عليك التصوير صورة القمر ظاهر في الإطار.
يتضمن الطور نظامًا متجددًا للمهمات اليومية التي تُحاكي أحداث العالم الواقعي، مثل التغيرات الجوية أو حالات الطوارئ. يستخدم هذا النظام التوليد الإجرائي لإنشاء أكثر من 3 ملايين مهمة، مما يُضمن تجربة متجددة. ترتبط المهام بتوقيت معين، حيث تختفي بعض المهام إذا لم يتم تنفيذها في وقتها المحدد، مما يُضيف عنصر الواقعية والإلحاح.
ولمحبي التحديات السريعة، يُوفر الطور مجموعة من المهام القصيرة التي تتراوح مدتها بين دقيقتين إلى عشر دقائق. قد تشمل هذه التحديات الهبوط بدقة في مواقع ذات تضاريس وعرة، أو التحليق بسرعات عالية عبر مسارات ضيقة، مثل وادي جراند كانيون.
يدمج الطور الجديد نظام تخصيص متقدم يتيح للاعبين تعديل شخصياتهم بالكامل. يمكنهم اختيار تفاصيل مثل الملابس (مثل القمصان والسراويل والأحذية) والإكسسوارات (مثل النظارات وقبعات الرأس)، أو حتى مظهر مساعد الطيار. على الرغم من أن هذا التخصيص لا يؤثر على طريقة اللعب، فإنه يُعزز الشعور بالانغماس الشخصي.
واحدة من أبرز الإضافات هي إدخال نظام صيانة الطائرات قبل الطيران. يُمكن للاعبين إجراء فحص شامل للطائرة، بما في ذلك، إزالة الأغطية وفحص الأجزاء المختلفة والتأكد من عدم وجود أعطال أو أضرار. هذا النظام ليس تجميليًا فقط، بل له تأثير حقيقي. على سبيل المثال، إذا نسي اللاعب إزالة غطاء أنبوب الضغط (Pitot Tube)، فإن ذلك يؤدي إلى قراءات غير دقيقة لسرعة الطيران. تُشجع هذه الميزة على الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، مما يُحاكي الممارسات الواقعية للطيارين.
بالإضافة إلى الطيران، يُمكن للاعبين التطور ليصبحوا أصحاب شركات طيران. يتيح الطور شراء طائرات مستعملة وصيانتها، وتوسيع الأسطول تدريجيًا. تؤثر جودة الطيران على تكاليف الصيانة، حيث يساعد الطيران الحذر في تقليل التكاليف وتحسين أداء الطائرات.
رسوميات وعالم اللعبة
شهدت تفاصيل تضاريس اللعبة قفزة نوعية مذهلة، حيث ارتفعت دقة التضاريس بمعدل 4000 ضعف مقارنة بإصدار 2020. لم تعد الجبال والوديان مجرد أشكالٍ مرسومة؛ بل أصبحت محاكاة واقعية كما لو كانت حقيقية. كما أن المياه تطورت بشكل كبير، حيث باتت تمتلك تأثيرات ديناميكية تحاكي الأمواج واتجاهها عند إقلاع الطائرات البحرية وهبوطها.
تُركز اللعبة على تقديم نسخة رقمية شديدة الدقة لكوكب الأرض، معتمدة على صور الأقمار الصناعية، حيث إن تم إضافة بيانات وصور حديثة لتحسين دقة التضاريس والبيئات. كما تم مضاعفة عدد المدن المصممة باستخدام تقنية الفوتوجرامتري، ما يمنح المستخدم تجربة واقعية عند التحليق فوق المناطق الحضرية، حيث تبدو المباني والشوارع وكأنها حقيقية.
لأول مرة، أُضيف نظام بيئي ديناميكي يحاكي تنوع الكوكب البيولوجي. يشمل ذلك تقريبًا جميع الحيوانات المتعرف عليها. تتفاعل هذه الكائنات مع بيئاتها الطبيعية، ما يضفي بُعدًا جديدًا للتجربة ويمنح اللاعبين فرصة استكشاف الكوكب بطريقة لم تكن ممكنة من قبل.
شهدت اللعبة إدخال المواسم الديناميكية بشكل كامل، مما يتيح للاعبين رؤية التغيرات الطبيعية على مدار السنة. في الخريف، تتحول أوراق الأشجار إلى ألوان دافئة، وفي الشتاء تغطي الثلوج الأرض وتتجمد البحيرات، بينما في الربيع والصيف، تُزهر النباتات وتنبض الطبيعة بالحياة مع ألوانها الزاهية.
تم تحسين نظام الطقس في اللعبة ليصبح أكثر دقة وواقعية. بفضل دمج بيانات الطقس الحية، يمكن للاعبين تجربة الأعاصير والعواصف الرعدية وحتى الشفق القطبي. كما شهد نظام السحب تحسينات كبيرة لمحاكاة حركة الهواء والضوء، مما يجعل الرحلات الجوية تجربة بصرية مدهشة.
إيجابيات التجربة
- اللعبة تقدم مستوى استثنائي من التفاصيل يجعلها واحدة من أكثر ألعاب المحاكاة واقعية وإثارة. بفضل التقنية المتقدمة المستخدمة في تصميم البيئات، سوف يجد اللاعب نفسه في عالم رقمي يحاكي الواقع بدقة مذهلة. من المدن الضخمة إلى المناظر الطبيعية الساحرة مثل الغابات الكثيفة، الصحارى الشاسعة، والقمم الجبلية المغطاة بالثلوج، نجح المطورون في خلق تجربة بصرية تأسر الأنفاس وتجعل كل رحلة فريدة ومميزة.
- توفر اللعبة أيضًا تنوعًا كبيرًا في الطائرات والأنشطة. يمكن للاعبين الاختيار بين قيادة طائرة خفيفة والتحليق فوق الجبال، أو قيادة طائرات شحن ضخمة في رحلات طويلة عبر القارات. كل طائرة مصممة بعناية لتوفير تجربة قيادة مختلفة تلائم كافة أنواع اللاعبين، من المبتدئين إلى المحترفين.
- ميزة أخرى تُضاف إلى قوة اللعبة هي الوضع المهني، الذي يتيح للاعبين فرصة خوض تجربة منظمة وممتعة في تطوير مسيرتهم كطيارين. يتيح هذا الوضع اللعب بأسلوب تقدم هيكلي، مما يضفي مزيدًا من العمق والمتعة، حيث يمكنك العمل على تحسين مهاراتك، تنفيذ المهام المختلفة، وترقية رخصتك وسمعتك المهنية.
سلبيات التجربة
- أكثر ما أزعجني بصفة شخصية هو اعتماد اللعبة على اتصال إنترنت دائم وسريع للغاية، نظرًا لنظام الخدمة السحابية. هذا الشرط قد يكون مزعجًا للكثير من اللاعبين الذين يفضلون اللعب دون الحاجة إلى الاتصال بشبكة الإنترنت، لا سيما أولئك الذين يعانون من اتصال غير مستقر وضعيف أو إنترنت محدود.
- رغم العناية الكبيرة بالتفاصيل البيئية والطائرات، إلا أن تصميم الشخصيات يبدو أقل جودة ومحدود، إلى جانب أصوات مولدة بالذكاء الاصطناعي تبدو غير طبيعية أو واقعية، مما قد يقلل من الانغماس في تجربة اللعب.
- تعاني أيضًا اللعبة من بعض المشكلات التقنية، لا سيما في الطور المهني وأثناء الطيران الحر. تظهر أخطاء متكررة في المهام، بالإضافة إلى مشكلات في تحميل الرسومات قد تؤدي إلى أوقات تحميل طويلة للغاية، مما قد يكون محبطًا لبعض اللاعبين.
هل أنصحك بشراء اللعبة
تقدم لعبة Microsoft Flight Simulator 2024 تجربة طيران استثنائية تعكس تقدمًا هائلًا في محاكاة الواقع، مما يجعلها واحدة من أفضل ألعاب المحاكاة المتاحة؛ لذلك إذا كنت شغوفًا بالطيران، وتملك جهازًا قويًا واتصال إنترنت سريع، فإن اللعبة تُعد خيارًا استثنائيًا بفضل تفاصيلها المذهلة وميزاتها الغنية مثل الطور المهني ونظام الطيران المحاكي للواقع: ومع ذلك وركز جيدًا هنا، إن كنت تفضل ألعابًا بدون الحاجة لاتصال دائم بالإنترنت أو تعاني من اتصال ضعيف أو حتى محدود، فقد تواجه بعض الإحباطات لذلك لا تفكر فيها من الأساس لأنها ليست لك.
ملخص المراجعة
محتوى اللعبة - 9.5
التجربة البصرية - 9
العالم والتصميم البيئات - 9.5
طور Career Mode - 9
أداء اللعبة - 7
الأتصال الدائم بالإنترنت - 7
8.5
عظيمة
تأخذ Microsoft Flight Simulator 2024 تجربة الطيران إلى مستوى جديد بفضل التحسينات المذهلة المحاكية للعالم الحقيقي. توفر اللعبة استكشافًا واقعيًا وممتعًا لمحبي الطيران، إلا أن متطلبات الاتصال العالية قد تكون عائقًا لذوي الإنترنت الضعيف أو المحدود، فقد تصبح اللعبة تحديًا أكثر من كونها تجربة ممتعة، لذا تحقق من جاهزيتك مسبقًا قبل اقتنائها لضمان تجربة ممتعة.