مراجعة وتقييم لعبة RoboCop: Rogue City

إذا كنت مُتابعًا وفيًا لعالم السينما، فأنت بالتأكيد على دراية بحقبة الأفلام الديستوبية التي تتناول التكنولوجيا المُستقبلية والروبوتات المتقدمة والسايبورغ والتي ظهرت في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات مثل مثل The Terminator، وPredator، وAliens؛ وبالتأكيد RoboCop الذي نجح في تقديم مفهوم جديد ومُغاير لشخصية الشرطي التقليدية وعملية تنفيذ القانون ومحاربة الجريمة.

كعادة جميع الأعمال السينمائية الناجحة من ذلك النوع، تم تكييف الفيلم الأصلي في العديد من الأعمال الفنية الأخرى المُشتقة وألعاب الفيديو المقبولة نوعًا ما، ولكن لم يلقَ أيًا منها نجاحًا لافتًا. تتجاهل لعبة Robocop: Rogue City من استديو Teyon البولندي كل تلك الأعمال كما لو أنها لم تصدر أبدًا، وتتجاهل حتى الفيلم الأخير الذي صدر في عام 2014، وتُحافظ على مستوى عريق من الأصالة قد لا تُقدرّه “بالشكل الكافي” إذا لم تشاهد الفيلم الذي يبلغ من العمر ستة وثلاثين عامًا من قبل، فماذا قدمّت لعبة الشرطي الآلي الجديدة التي صدرت في أكثر أوقات العام ازدحامًا من حيث الألعاب الجديدة؟

قصة اللعبة بدون حرق

تقع قصة لعبة RoboCop: Rogue City في مدينة ديترويت القديمة وتحديدًا بين أحداث الفيلمين الثاني والثالث اللذين صدرا في عامي 1990 و1993 على التوالي. يتمحور دورك في اللعبة حول إيقاف زعيم جريمة غامض وقوي يُعرف باسم “The New Guy in Town” يُخطط لجريمة كبرى ما ويسعى للاستعانة بجميع من لديه سجل إجرامي لإتمام هذا المخطط الشرير. تزداد المخاطر عندما تسيطر عصابة على محطة تلفزيون ديترويت، واحتجاز رهائن في محاولة لإثارة إعجاب زعيم الجريمة هذا والانضمام إليه.

لا يتمثل دور الشرطي الآلي Alex Murphy في تنظيف شوارع ديترويت القديمة وحل مؤامراتها الإجرامية فحسب، بل في محاولة السيطرة على الجانب الإنساني بداخله الذي يطغى عليه في الكثير من الأحيان ويؤثر على بعض القرارات في الأوقات الحاسمة مما يعود عليه بنتائج سلبية وخسائر لا تُعوّض ولحظات مهمة حاسمة قد يتغير فيها المشهد بشكل كامل إذا مكّن فيها العاطفة على المنطق.

شرح تجربة RoboCop: Rogue City باختصار

• RoboCop: Rogue City هي لعبة تصويب من منظور الشخص الأول تدور أحداثها فيما يصل إلى 10 ساعات لعب تقريبًا وحوالي 20 فصلًا كاملًا، يتم لعب بعضها في أماكن واسعة وبعضها سرية سيتعين عليك اكتشاف طريقة الدخول إليها بنفسك، بينما ستخوض مهمات في أماكن أخرى تحتوي على أسرار ومهام جانبية مثل النوادي الليلة وألعاب الفيديو وما إلى ذلك.
• ستجد نفسك في بداية اللعبة بدون مقدمات في مهمة مصيرية تتمثل في إنقاذ رهائن مُختطفين، ومن ثمّ ستنتقل إلى وسط مدينة ديترويت وهي مركز الأحداث والتي ستعود إليها كثيرًا طوال تجربة اللعبة.

• عالم اللعبة فسيح نسبيًا، وعلى الرغم من أنه ليس مليئًا دائمًا بالمناطق القابلة للاستكشاف، إلا أن مقدار المحتوى المخفي يمثل مفاجأة، بما في ذلك الأدلة والمُستندات التي يمكن تفويتها بسهولة في حالة التسرع في إتمام اللعبة، بالإضافة إلى المهمات الجانبية التي يقوم فيها روبوكوب بالتحقيق في سرقةٍ ما، أو حتى إصدار المخالفات السريعة مثل مخالفة ركن السيارات في أماكن محظورة.

• هناك فائدة إضافية لأخذ الوقت الكافي لاستكشاف عالم اللعبة بعناية: تعزيز نظام الترقيات المثير للاهتمام في RoboCop: Rogue City، والذي تتراكم فيه نقاط المهارة في كل مرة يصل فيها اللاعب إلى 1000 XP، والتي يمكن بعد ذلك الاستفادة منها في تطوير شجرة المهارات الخاصة بالشخصية والتي تؤثر بشكل محوري في تجربتك، مثل تعزيز قوة الدرع، أو القدرات القتالية المتطورة، أو ترقيات المهام الشُرطية الأخرى للمساعدة في التحقيق في مسارح الجريمة المختلفة، أو حتى ميزة تعمل على تحسين آلية إجراء الحوارات والتحقيقات.
• ستبدأ رحلتك في حل كل جريمة بسلاح وحيد فقط وهو مسدس Auto-9 الذي يُمكنك ترقيته على طول الطريق والذي يحتوي على عدد لا نهائي من الطلقات، وستتمكن طوال تجربتك للعبة من التقاط الأسلحة المختلفة من الأعداء التي تنحصر في المُسدسات والرشاشات الآلية والقنابل اليدوية فقط، بجانب تحليل الأدلة وجمع المستندات وما إلى ذلك.
• يمتلك Robocop قدرات قتالية محدودة تتمثل في توجيه اللكمات، التقاط الأشياء ورميها على الأعداء، مسك المجرمين من رقبتهم وإلقائهم بعيدًا، كما أن حركته ميكانيكية بالكامل ولا يمكنه الركض أو المراوغة أو الاختباء.
• القصة تُقدم العمق المطلوب وتُوازن بشكل مثالي بين تطبيق RoboCop للقانون ومحاربة الجريمة والبطش بكل مُخطئ والزج به في السجن، وبين الاعتماد على روح القانون في الكثير من الأحيان وترجيح العاطفة وعدم عقاب المجرمين في الكثير من الأحيان وإعطائهم فرصة لتصحيح الأوضاع.

• الحوارات مع الشهود والمُشتبه بهم مهمة للقصة وأغلبها يُعطيك الخيط لحل الجريمة التي تُحقق بها، واللعبة بشكل عام تُولي اهتمامًا كاملًا بالمشاهد السنيمائية والحوارات الدرامية ولقطات الفلاش باك التي يسترجع فيها الضابط Alex Murphy ذكرياته مع أسرته ويحاول الوصول إلى كينونته البشرية.

ما وجدته إيجابيًا في تجربة RoboCop: Rogue City

• مُتعة بصرية مذهلة بسبب تصميم عالم مدينة ديترويت الديستوبي الرائع الذي يمنحك شعورًا مذهلًا بأجواء حقبة السايبربانك في الثمانينيات، ولمسة بارعة في تصميم اللافتات الإعلانية وواجهات المباني وحتى الطرق وأعمدة الإنارة وكل العناصر في البيئة حولك وهو ما دفعني في أحيان كثيرة في ترك المهمة الأساسية جانبًا والاستمتاع بالتجربة البصرية واستكشاف المنطقة من حولي.

• قصة رائعة تمزج بين خيوط درامية عديدة في آنٍ واحد على الرغم من البداية البطيئة، فبجانب عمل RoboCop المُعتاد في محاربة الجريمة وتطهير الشوارع، نُقلع معه في رحلة يحاول فيها تغليب الجانب البشري في الكثير من الأحيان والابتعاد عن منهجيته الميكانيكية، هذا الخط الدرامي تحديدًا انسجمت معه بشكل كامل وتعاطفت مع أليكس مورفي وساعدني في ذلك مشاهد الفلاش باك وبعض الإسقاطات الذكية طوال أحداث اللعبة.
• بناء درامي جيد لجميع الشخصيات تقريبًا نتعرف فيه على خلفية كل شخصية ودوافعها لارتكاب الجُرم المشهود “التي قد تبدو منطقية في بعض الأحيان”، سبب كُرهها للنظام ورغبتها في الاستمرار في عالم الجريمة، بل وحتى زملاء RoboCop في العمل الذين لا ينفكون في التعامل معه بشكل سئ في الكثير من الأحيان وانتهازي. نجحت قصة اللعبة بامتياز في تهيئة الأجواء لرؤية روبوكوب من من أعين المُحيطين به والتعرف على مكنونات قلوبهم نحوه.
• التمهيد دراميًا بشكل رائع لظهور الشخصية الرئيسية الشريرة وعدو RoboCop من خلال وضع العديد من الأعداء في طريقك أولًا الذي يُفصح كل واحد منهم عن العديد من المعلومات عن تلك الشخصية الغامضة، ويساهمون في رفع مستوى الغموض والترقب بالشكل المطلوب.
• تصميم القوائم سهل وبسيط وهناك شرح لكل مهمة تقريبًا يجعلك تفهم المطلوب منك بالتحديد ويضع المحتوى كله أمامك بشكل مناسب.

ما وجدته سلبيًا

• أسلوب اللعب غير ممتع بالشكل الكافي وتغيب عنه عناصر الإثارة والحماس بسبب التضخيم في قوة RoboCop بشكل مبالغ فيه بعض الشئ لدرجة تجعله حصينًا ضد جميع الأعداء حتى في حالة عدم تطوير الدرع، لم أواجه أي مشكلة على الإطلاق في التصدي للأعداء الذين لم يتعدى ضررهم بعض النقص القليل في الصحة حتى عند استخدام الأسلحة الثقيلة تجاهي، أتفهم بالتأكيد مفهوم شخصية الشرطي الآلي الحصين الذين يمكنه التصدي لأي شئ، ولكن كنت أتمنى المزيد من الحماس داخل اللعبة والمواقف التي يتم وضعي فيها في مواقف مثيرة.
• لا يوجد أي تنوع على الإطلاق في الأعداء، فجميعهم على نفس الشاكلة تقريبًا ويفتقرون لأي عناصر تكتيكية في المواجهة مثل المراوغة والتطويق والمباغتة، ويتحركون بشكل مباشر وصريح وبطئ بشكل واضح يجعل من السهل اصطيادهم واحدًا تلو الآخر وإنهاء القتال في لحظات معدودة.
• عالم اللعبة ليس واسعًا بالشكل المطلوب، كنت أتمنى لو أتيحت لي الفرصة لاستكشاف المزيد من المناطق في مدينة ديترويت والاستمتاع والانغماس بشكل أكبر في التجربة.
• لم يبذل الاستديو جهدًا يُذكر في تصميم الشخصيات لدرجة وصلت أن ردود فعلها أصبحت غريبة وغير مفهومة عند إجراء الحوارات وتشعر كما لو أنها ميكانيكية في الكثير من اللحظات بسبب حركة الشفاه العشوائية وتعابير الوجه التي لا تتناسب مع الموقف المعنِي.

• سخافة بعض المهمات الجانبية لدرجة وصلت للسطحية المُبالغ فيها، فمثلًا هناك مهام تتطلب نقل شئٍ ما من مكان لآخر أو مساعدة بعض الزملاء الشُرطيين في إتمام بعض الأمور البسيطة التافهة، وبالتالي لم تُثري المهمات الجانبية بشكل عام تجربة اللعب بالشكل المطلوب.
• اختيار غير موفق للموسيقى وبشكل عام لم تُثر التجربة الصوتية إعجابي وأرى أنها لا تتناسب تمامًا مع أجواء اللعبة.
• أخطاء تقنية واضحة تخللت تجربتي للعبة على جهاز PS5، لن تقابلها كثيرًا ولكنها بارزة للعيان وغرابتها تثير السخرية في الكثير من الأحيان، ولكن كل ذلك يُمكن حله بالتأكيد في تحديث اليوم الأول.
• اللعبة لا تدعم اللغة العربية، ولكنه ليس بالأمر الجلل نظرًا لأن اللعبة لا تتطلب مستوى عالٍ من اللغة الإنجليزية لفهم الحوارات والتعامل مع القوائم، ولكن كان سيكون إضافة اللغة العربية أمرًا رائعًا وخصوصًا أن منطقتنا تعج بالكثير من مُحبّي شخصية RoboCop.

هل أنصحك بشراء اللعبة؟

نعم

لمحبي RoboCop، يُوصى بشدة بهذه اللعبة دون أي محاذير. RoboCop: Rogue City هي رسالة حب إلى السلسلة التي تعامل بطلها بإخلاص، وتمنحه الكرامة والنعمة التي يستحقها. يتم استكشاف كل فصل في القصة برؤية إبداعية في كل خطوة مصحوبة بالفكاهة الساخرة والكوميديا السوداء التي تنطوي في داخلها على بعض السمات البشرية البغيضة في الكثير من الأحيان، مانحةً اللاعبين لعبة جيدة في النهاية مع حبكة درامية تتسم بالعمق المطلوب على الرغم من سطحية أسلوب اللعب.

RoboCop: Rogue City ليست بأي حال من الأحوال لعبة FPS متطورة غير محدودة الميزانية، وقد تبدو المشاكل الرسومية الطفيفة والحركة البدائية إلى حد ما غير مرضية لأصحاب الأذواق الحديثة. وبغض النظر عن ذلك، يتم تعزيز هذه الجوانب من خلال السرد الفعال للقصة وتنوع المحتوى، ونظام الترقية الرائع، والسرد السلس والممتع لقصة شخصيتنا الرئيسية التي تنطوي بداخلها على العديد من الجوانب التي تتخطى محاربة الجريمة؛ هذه النقطة الأخيرة هي النقطة التي تتعثر فيها حتى أقوى ألعاب AAA بشكل متكرر.