منذ أن ظهرت شخصية سينوا لأول مرة في Hellblade: Senua’s Sacrifice عام 2017 والاسم ارتبط بتجربة مختلفة عن المألوف. لم يكن سر نجاحها معتمدًا على عالم مفتوح ضخم أو أنظمة لعب معقدة بل على مزيج فريد من السرد النفسي والأداء التمثيلي الواقعي والتصميم الصوتي الذي وضع اللاعبين داخل عقل بطلة تعيش صراعًا مع الذهان. هذا الطابع جعل اللعبة الأولى تحظى بمكانة خاصة لدى جمهور يبحث عن ما هو أعمق من الترفيه التقليدي. إليكم مراجعة وتقييم لعبة Senua’s Saga: Hellblade II (نسخة PS5)

مع الجزء الثاني Senua’s Saga: Hellblade II رفعت Ninja Theory سقف الطموحات مستندة إلى قوة Unreal Engine 5 لإنتاج عالم أكثر واقعية من الناحية البصرية وتجربة سمعية أشد إغراقًا في التفاصيل. صدور اللعبة على Xbox وPC عام 2024 أثار انقسامًا واسعًا حيث اعتبرها فريق من النقاد واحدة من أكثر التجارب السينمائية تميزًا في جيلها بينما رأى آخرون أنها أشبه بفيلم تفاعلي قصير يفتقر إلى العمق الميكانيكي.
اليوم وبعد نحو عام ونصف تصل النسخة المحسّنة Enhanced Edition إلى PS5 لتفتح الباب أمام جمهور جديد يخوض هذه التجربة في شكلها الأكثر اكتمالًا. النسخة تحمل تحسينات تقنية إلى جانب إضافات خاصة مثل طور Dark Rot شديد القسوة وطور التعليق المطوّر الذي يكشف كواليس بناء التجربة.
فهل تستحق Hellblade II Enhanced Edition التجربة على الـ PS5 بعد مرور عام ونصف من صدورها الأول على منصات أخرى؟ وهل جاءت التحسينات التقنية بالفعل لتجعلها النسخة المثالية من اللعبة أم أنها مجرد تحسينات شكلية؟ وهل ينجح السرد النفسي والجانب السينمائي في أن يوازن بساطة أسلوب اللعب وقصر عمر التجربة؟
القصة بدون حرق
تبدأ Senua’s Saga: Hellblade II حيث انتهت رحلة الجزء الأول، لكن هذه المرة تنتقل البطلة إلى أرض جديدة هي آيسلندا القاسية في حقبة الفايكنج. اختيار هذا المكان لم يأتِ صدفة، فالمطورين أرادوا بيئة طبيعية تعكس قسوة الرحلة الداخلية لسينوا، لتجد نفسها محاطة بالبرد والضباب والمحيط الهائج، في مقابل العواصف النفسية التي لا تفارقها.
الحبكة تدور حول سعي سينوا لتحرير شعبها من الأسر والعبودية، لكنها في الوقت نفسه تحاول مواجهة ذنوبها المتخيلة وصراعاتها الداخلية. ما يميز القصة هنا ليس فقط الصراع الخارجي مع الغزاة والعمالقة، بل أيضًا الصراع النفسي المستمر الذي يجعل اللاعب في حيرة بين الحقيقة والوهم. كثير من اللحظات لا يمكن التأكد فيها إن كانت أحداثًا واقعية أم انعكاسات من ذهن البطلة الممزق، وهذا العنصر بالذات يضفي توترًا وتشويقًا على التجربة.

الأصوات الداخلية تظل المحرك الأساسي للسرد. همسات تتنقل بين أذنيك، تارة تحذرك، وتارة تشكك فيك، وتارة أخرى تشجعك على المضي قدمًا. هذه الأصوات ليست مجرد أداة فنية، بل هي جزء أصيل من شخصية سينوا، تجعل القصة أكثر قربًا من اللاعب وتفتح بابًا لتأويلات متعددة.
على طول الرحلة ستلتقي سينوا بشخصيات أخرى تضيف أبعادًا مختلفة للحبكة. بعضهم يشاركها الهدف، وبعضهم يظهر وكأنه مجرد انعكاس داخلي لأفكارها.
أحداث القصة ليست فقط عن معارك ضد أعداء أو عمالقة، بل عن رحلة وجودية تبحث فيها سينوا عن معنى الصمود وكيفية مواجهة الخوف والشعور بالذنب. هذه الثنائية بين الصراع الخارجي والمعركة الداخلية تجعل السرد أكثر ثراءً من ألعاب الأكشن المعتادة، وتؤكد أن Hellblade II لا تسعى إلى إبهارك بعدد ساعات اللعب، بل بتجربة نفسية تبقى حاضرة في ذهنك حتى بعد أن تنتهي.
أسلوب اللعب
- التجربة في جوهرها تعتمد على السرد، لذلك تصميم المراحل خطي لكنه مليء بلحظات مدروسة بعناية كي تخدم المشهد السينمائي، لا كي تفتح أمامك حرية الاستكشاف التقليدية.
- القتال بُني على فلسفة الإحساس بالثقل، حيث كل حركة لسيف سينوا تبدو وكأنها معركة ضد الجسد نفسه قبل أن تكون ضد العدو، فيظهر الإرهاق بوضوح على أنفاسها وتعابيرها.

- تنوع الحركات محدود لكنه محسوب؛ ضربات خفيفة وثقيلة مع الصد والتفادي، إلا أن وجود المرآة التي تسمح بإبطاء الزمن بعد تراكم الضربات يضيف لحظة قوة قصيرة تخلق فارقًا في الإيقاع.
- المواجهات دائمًا فردية حتى عندما تواجه أكثر من خصم، فالكاميرا تظل مثبتة على عدو واحد، ما يجعل كل قتال أقرب إلى مبارزة مسرحية مشحونة بالصوت والحركة أكثر من كونه مواجهة جماعية.
- رغم أن تنوع الأعداء بصريًا مقبول، إلا أن طريقة التعامل معهم متشابهة من البداية حتى النهاية، وهو ما يخلق شعورًا بالتكرار خصوصًا في النصف الأخير من التجربة.

- الألغاز البيئية تعود بأسلوب الرموز المألوف، حيث تبحث في البيئة عن أشكال تتطابق مع الرمز المطلوب، لكنها تنضم إليها ألغاز جديدة تقوم على إعادة تشكيل البيئة وجمع كرات ضوئية تفتح مسارات جديدة، وهي إضافات جميلة بصريًا لكنها لا تقدم تحديًا فعليًا.
- الاستكشاف يخلو من النشاطات الجانبية، لكنه يكافئ الانتباه البصري من خلال وجوه منحوتة في الصخور وتماثيل مرتبطة بالأساطير الإسكندنافية، ما يعمّق الإحساس بأن البيئة نفسها تحمل قصة خفية.

- قصر عمر اللعبة يجعل الاستكشاف محدود القيمة العملية، لكن كثافة التفاصيل السمعية والبصرية تعوض هذا النقص وتدفعك للتوقف أحيانًا لاكتشاف كل زاوية.
- عناصر التحكم بسيطة وسهلة الاستيعاب، وهو ما يتماشى مع طبيعة التجربة السينمائية التي تركز على الإحساس لا على تعقيد الميكانيكيات.
- النسخة المحسّنة أضافت طور Dark Rot الذي يمنح التجربة صبغة قاسية، حيث يسمح بثلاث وفيات فقط قبل أن يُمسح الحفظ نهائيًا، وهو وضع يضاعف التوتر ويحوّل حتى أبسط مواجهة إلى لحظة مصيرية.

- من الإضافات الجديدة كذلك طور التعليق المطوّر الذي يصحبك بصوت فريق التطوير ويكشف خلفيات الإخراج والتقنيات المستخدمة في تصميم المشاهد، ليمنح التجربة بعدًا توثيقيًا ممتعًا خصوصًا لمحبي فهم ما وراء الكواليس.
- وضع التصوير المطوّر يبرز قوة المحرك الرسومي ويسمح بالتقاط لقطات فنية من المشاهد الطبيعية والمعارك على حد سواء، ليجعل اللعبة ليست مجرد تجربة للعب بل أيضًا مساحة للإبداع البصري.
الإيجابيات
- الرسوميات من أقوى ما ظهر على الجيل الحالي بفضل محرك Unreal Engine 5 الذي أخرج تفاصيل دقيقة في الوجوه والبيئات والملابس والإضاءة الطبيعية وجعل المشاهد أقرب إلى الواقع
- الأداء الصوتي والتمثيل الحركي يقدمان واقعية نادرة حيث تُنقل تعابير سينوا وانفعالاتها الداخلية بكل ثقلها النفسي والجسدي بشكل مباشر إلى اللاعب
- التصميم الصوتي الثلاثي الأبعاد يجعل الأصوات الداخلية تهمس حول رأسك وكأنك داخل عقل البطلة وهو ما يضاعف الإحساس بالرهبة والانغماس خصوصًا عند استخدام سماعات الرأس

- البيئات الآيسلندية القاسية تظهر كأنها شخصية مستقلة بما تحويه من سواحل ممطرة ووديان خضراء وتضاريس جبلية مهيبة تضيف حضورًا طبيعيًا أصيلًا ينعكس على القصة والأجواء
- الأداء التقني على PS5 العادي ثابت وسلس مع توفر وضع الأداء بسرعة 60 إطار في الثانية، ما يمنح تجربة أكثر سلاسة من الإصدار الأصلي من دون خسائر واضحة في جودة الرسومية.
- السرد يستمر في معالجة الاضطرابات النفسية والذهان بجرأة وبأسلوب إنساني عميق نادر الوجود في ألعاب الأكشن التقليدية
السلبيات
- القتال يفتقر للتنوع فالمعارك دائمًا فردية والكاميرا تبقى مثبتة على خصم واحد مما يجعل جميع المواجهات متشابهة رغم تغيّر مظهر الأعداء
- الألغاز تبدو جميلة بصريًا لكنها سهلة للغاية وغالبًا تُحل دون جهد حقيقي بمجرد تغيير منظور الكاميرا أو الاقتراب من الرمز المطلوب

- الشخصيات الجانبية قليلة والتفاعل معها محدود مما يقلل من قوة العلاقات السردية رغم جودة الأداء التمثيلي
- اهتزازات وحدة التحكم DualSense أثناء التركيز مبالغ فيها وأحيانًا تقلل من الانغماس بدلاً من أن تعززه
دعم المنطقة العربية في Senua’s Saga: Hellblade II
- اللغة العربية: اللعبة تدعم القوائم والنصوص بالعربية.
- المشاهد الإباحية: غير موجودة
- المثلية: غير موجودة
- المساس بالمقدسات الدينية: غير موجود
- العنصرية: غير موجودة
- الموسيقى: قابلة للكتم عبر الإعدادات
هل أنصحك بشراء لعبة Senua’s Saga: Hellblade II نسخة PS5؟
إذا كنت تبحث عن تجربة سينمائية غامرة تتميز برسوميات مذهلة وصوتيات استثنائية وسرد نفسي عميق فـ Hellblade II Enhanced Edition على PS5 تستحق الشراء خاصة مع إضافات الجديدة والتحسينات، لكن تذكّر أن عمرها قصير وأسلوب لعبها محدود فإذا كنت تريد مغامرة طويلة مليئة بالتحديات فقد لا تناسبك، أما إن كنت تقدّر الأعمال الفنية التفاعلية وتجارب القصة المؤثرة فهي خيار أنصح به بقوة.
مُلخص المراجعة
القصة - 8
أسلوب اللعب - 6
التجربة البصرية - 10
التجربة الصوتية - 10
8.5
عظيمة
Hellblade II Enhanced Edition تجربة فنية نفسية بصرية فريدة على PS5، قصيرة في مدتها وبسيطة في لعبها، لكنها قوية في سردها وأجوائها، وتستحق التجربة لمحبي الألعاب السينمائية.