الآن، وبعد ما يقارب عقدًا من التحديثات والإضافات التي حصلت عليها Civilization VI، أطلقت شركة Firaxis لعبة Sid Meier’s Civilization VII، التي تعد واحدة من أكثر الإصدارات المنتظرة في تاريخ السلسلة. وكما هو متوقع، لا تزال اللعبة تحافظ على جوهرها الأساسي المتمثل في قيادة حضارة عبر العصور المختلفة، ولكن مع تغييرات جوهرية ربما تكون الأكبر في تاريخ السلسلة.
في هذه المراجعة، سنناقش كل ما تقدمه Civilization VII، بما في ذلك النظام الجديد الذي يفصل بين القادة والحضارات، نظام العصور الثلاثة الجديد، التعديلات على أنظمة المعارك والإدارة، وأخيرًا التحديات التي قد تواجه اللاعبين أثناء التجربة.
محتوى اللعبة
Civilization VII هي لعبة استراتيجية تُعد واحدة من الألعاب الأيقونية في فئتها، حيث تقدم تجربة استراتيجية عميقة تعتمد على دور اللاعبين. كل لاعب يأخذ دورًا لإدارة حضارته، مع إمكانية القيام بعدد محدود من الحركات خلال دوره، مثل تحريك القوات العسكرية، بناء المدن، والتطور العلمي والثقافي.

من أول الأشياء التي ستلاحظها عند بدء تجربة Civilization VII هو التغيير الجذري في اختيار القائد والحضارة. على عكس الأجزاء السابقة، لم يعد اللاعب مجبرًا على اختيار قائد محدد لكل حضارة، بل أصبح لكل قائد مهاراته الفريدة التي يمكن استخدامها مع أي حضارة متاحة، مما يفتح الباب أمام استراتيجيات أكثر تنوعًا.
على سبيل المثال، يمكنك اختيار ابن بطوطة ليقود الصينيين أو حتشبسوت لقيادة الرومان. هذه المرونة تمنح اللاعبين حرية غير مسبوقة في تصميم استراتيجياتهم الخاصة، وتجعل كل تجربة لعب فريدة تمامًا عن الأخرى.


أحد أكبر التغييرات في Civilization VII أن اللعبة لم تعد تقتصر على قيادة حضارة واحدة طوال المباراة. بل سيتعين عليك اختيار ثلاث حضارات مختلفة خلال تقدمك عبر ثلاث عصور رئيسية، مما يجبرك على التكيف مع متغيرات اللعبة باستمرار.
العصور القديمة (Antiquity Age)
يُعد هذا العصر نقطة الانطلاق لكل حضارة، حيث يبدأ اللاعبون في تأسيس مدنهم الأولى، واستكشاف البيئة المحيطة، والتفاعل مع القبائل البدوية أو المدن المستقلة. يركز اللاعبون على تطوير التقنيات البدائية مثل الزراعة والكتابة، مما يمهّد الطريق لظهور الحكومات المبكرة والديانات التأسيسية. كما أن القرارات في هذا العصر تؤثر بشكل كبير على مسار الحضارة في المستقبل، مثل اختيار الموقع المثالي للعاصمة وبناء أولى العجائب.

عصر الاستكشاف (Exploration Age)
مع تطور الحضارات، تبدأ الحدود في التوسع عبر إنشاء مستعمرات ومدن جديدة. يُعد هذا العصر ذروة الاكتشافات الجغرافية، حيث يستفيد اللاعبون من السفن المتقدمة والتجارة البحرية لاكتشاف قارات جديدة والتفاعل مع حضارات أخرى. يتم التركيز على تطوير الدبلوماسية، وتوسيع الجيوش، واستغلال الموارد الطبيعية لتحقيق التفوق الاقتصادي والعسكري. بالإضافة إلى ذلك، يشهد هذا العصر تطور الأديان والمعتقدات، مما يفتح المجال لصراعات دينية أو تحالفات ثقافية.

العصر الحديث (Modern Age)
في هذه المرحلة، تصبح المنافسة شديدة بين اللاعبين، حيث تسعى كل حضارة إلى فرض سيطرتها وتحقيق النصر في أحد المسارات المتاحة، سواء كان ذلك من خلال القوة العسكرية، أو التفوق التكنولوجي، أو السيطرة الثقافية، أو الانتصار الدبلوماسي. يشهد هذا العصر تطوراً هائلاً في الصناعة والتكنولوجيا، مما يؤدي إلى تسارع وتيرة الأحداث واتخاذ قرارات مصيرية قد تغير موازين القوى. الحروب الكبرى، الأزمات الاقتصادية، والتغيرات البيئية تصبح عوامل رئيسية تؤثر على مسار اللعبة، مما يتطلب استراتيجيات متقدمة وخططاً طويلة المدى للوصول إلى النصر.

الانتقال بين هذه العصور ليس مجرد تغيير في الزمن، بل هو إعادة هيكلة كبيرة لكل ما يحدث في اللعبة. حيث أنك تتخلى عن حضارتك الحالية لتتبنى حضارة جديدة تمامًا، مع الاحتفاظ بمدنك وجيشك لكن مع تغيرات جوهرية في تقنياتك وخصائصك الفريدة. هذا الأمر يجعل كل مباراة غير متوقعة، إذ لم يعد بإمكان اللاعبين الاعتماد على استراتيجياتهم القديمة، بل عليهم التكيف باستمرار مع المتغيرات.
إيجابيات اللعبة
- إدارة الجيوش وتحريك الوحدات العسكرية في سلسلة Civilization كانت دائمًا جزءًا أساسيًا من أسلوب اللعب، لكنها أحيانًا تصبح مرهقة، خاصة مع زيادة عدد الوحدات. في Civilization VII، تم تقديم نظام القادة العسكريين (Commanders)، الذي يسمح بتجميع عدة وحدات ضمن كتيبة واحدة تحت قيادة شخصية عسكرية بارزة، مما يجعل إدارة الجيوش أكثر سهولة وفعالية.

- كذلك، أُضيف نظام التعزيزات (Reinforcements System)، الذي يتيح نقل القوات بسرعة عبر الخريطة دون الحاجة إلى تحريك كل وحدة بشكل فردي، مما يقلل من التعقيد ويحسن تجربة المعارك.
- أما التغيير الأبرز، فهو إلغاء نظام الولاء (Loyalty System)، الذي كان يفرض قيودًا على التوسع في Civilization VI. الآن، لم تعد المدن معرضة للانشقاق بسبب انخفاض الولاء، مما يمنح اللاعبين حرية أكبر في بناء إمبراطورياتهم دون القلق المستمر من فقدانها.
- إلغاء العمال (Builders) – نظام تطوير أكثر ذكاءً في الأجزاء السابقة من Civilization، كان على اللاعبين تدريب وحدات العمال يدويًا والقيام بتحسين الأراضي المحيطة بمدنهم، مثل بناء المزارع والمناجم وإنشاء الطرق. أما في Civilization VII، فقد تم التخلص منه، وأصبح تطوير الأراضي يتم تلقائيًا بناءً على احتياجات المدينة والموارد المتاحة.
- نظام المدن والبلدات في Civilization VII تحسن جدًا حيث تبدأ المدن كبلدات صغيرة ذات قدرات محدودة، مما يقلل من تعقيد الإدارة في المراحل المبكرة. لا تتطلب هذه البلدات متابعة مكثفة، وتنمو تدريجيًا إلى مدن كبرى بمرور الوقت، مما يوفر تجربة توسع أكثر تنظيمًا وسلاسة.

- إحدى الإضافات البارزة هي تحسين العلاقات مع الدول المدينة، حيث لم تعد مجرد كيانات صغيرة تقدم مزايا محدودة، بل أصبح لها دور أكثر تأثيرًا. يمكن الآن تشكيل تحالفات قوية معها تمنح ميزات استراتيجية، مثل الدعم العسكري أو المكافآت الاقتصادية، مما يفتح المجال لاستخدامها بذكاء ضمن الخطط الدبلوماسية.

- إلى جانب ذلك، تم توسيع خيارات العقوبات الاقتصادية والعسكرية، ما يمنح اللاعبين أدوات جديدة للضغط على الخصوم دون الحاجة إلى خوض الحروب مباشرة. يمكن فرض قيود على التجارة، تقليل النفوذ الدبلوماسي لدولة معينة، أو حتى تنظيم تحالفات ضد حضارة مهيمنة، مما يضيف طبقة جديدة من العمق الاستراتيجي.

- أما سلوك القادة، فقد أصبح أكثر ديناميكية وتفاعلًا مع سياق الأحداث. بدلاً من التصرفات العشوائية أو الأنماط الثابتة التي رأيناها في الأجزاء السابقة، سيقوم القادة الآن بتغيير قراراتهم وفقًا للوضع السياسي والعسكري، مما يجعل الدبلوماسية أكثر منطقية وتحديًا في الوقت نفسه.
- أحد أبرز التغييرات هو إدخال نظام Live Service، والذي يعني أن اللعبة ستتلقى تحديثات مستمرة وإضافات على مدار السنوات القادمة، سواء كانت مجانية أو مدفوعة. هذا النموذج يهدف إلى إبقاء اللعبة نشطة ومتجددة من خلال تحسينات مستمرة وإضافة محتوى جديد يثري تجربة اللاعبين.
- على صعيد اللعب الجماعي، تم تحسين سرعة الأدوار وتقليل التباطؤ أثناء اللعب عبر الإنترنت، مما يجعل الجلسات الجماعية أكثر سلاسة وأقل إزعاجًا بسبب الانتظار الطويل بين الأدوار، وهو أمر كان يشكل تحديًا في الأجزاء السابقة.
سلبيات اللعبة
- رغم التحسينات الكبيرة التي قدمتها Civilization VII، لا تزال هناك بعض الجوانب التي قد تزعج اللاعبين المخضرمين. على سبيل المثال، تمت إزالة ميزة الاستكشاف التلقائي للكشافة، وهو قرار يبدو غريبًا بالنظر إلى الجهود المبذولة لتقليل عناصر الإدارة الدقيقة.
- أما بالنسبة للذكاء الاصطناعي، فهو لا يزال يحمل عيوبه المعتادة في السلسلة. بعض الحضارات تقوم بتأسيس مدن في أماكن غير منطقية، مثل الفجوات الصغيرة بين مستوطناتك. وعلى الصعوبات العالية، تعتمد اللعبة على تعزيزات غير عادلة في الموارد والقوة العسكرية لتعويض قرارات الذكاء الاصطناعي غير المنطقية.
- التخصيص في إعدادات اللعبة يبدو محدودًا مقارنة بالإصدارات السابقة، حيث لا تتوفر الكثير من الخيارات لتعديل نوع الخريطة، توزيع الحضارات، أو تفضيلات البداية، مما يجعل التجربة تبدو متكررة بعد عدة جلسات لعب.
هل تستحق Civilization VII الشراء؟
بكل تأكيد، Civilization VII هي واحدة من أكثر ألعاب السلسلة طموحًا حتى الآن، حيث قامت بتقديم تغييرات جذرية في طريقة اللعب، جعلتها تجربة جديدة حتى للمحترفين في السلسلة.
ملخص المراجعة
أسلوب اللعب وتصميم القوائم - 9
الأجواء وخريطة اللعبة - 10
الأداء التقني والرسوميات - 9
التجربة الصوتية - 10
نظام المعارك - 6
اختلاف الحضارات عن بعضها - 8
توازن القوة بين كل فصيل أو حضارة - 7.5
8.5
عظيمة
لعبة Civilization VII تأخذ السلسلة إلى مستوى جديد من العمق الاستراتيجي، مع تحسينات جوهرية في أسلوب اللعب، الذكاء الاصطناعي، وإدارة المدن وتقدم تجربة أكثر سلاسة. ومع ذلك، فإن إزالة بعض الميزات الكلاسيكية قد لا تُرضي جميع اللاعبين. إذا كنت من عشاق السلسلة، فاستعد لخوض تجربة إدمانية ستلتهم ساعات لعبك دون أن تشعر!