لا يخفى على أحد إقبال عدد ليس بقليل من اللاعبين العرب والمصريين على تحميل الألعاب المقرصنة من الانترنت عوضًا عن شراءها من منافذ البيع الرسمية سواءًا كانت نسخًا رقمية أو فيزيائية. هذه الظاهرة معروفة منذ فترة طويلة ولكنها تجعلنا نتساءل، لماذا يقبل البعض في مصر على الألعاب المُقرصنة؟ وكيف يمكننا البديء في تعزيز سياسة الشراء عند اللاعب المصري؟ الإجابية في كلمة واحدة هي : متجر مصري على ستيم وبلايستيشن! أما عن التفاصيل عزيزي القارئ، فالسطور القادمة ستكون كافية ووافية.
فوائد وجود متجر مصري للألعاب؟
بما أن مشكلة الأسعار مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بدور الحكومة في دعم صناعة الألعاب، وحجم الضرائب المفروضة على المتجر، فإن الفوائد الفورية من توفر متجر مصري هي القضاء تمامًا على مشاكل توفر الدولار. يمكنك أن تشتري اليوم بطاقات لشحن حسابك على بلايستيشن بسعر مختلف عما كان يمكنك الشراء به من أسبوع مضى، وهي أمور مرتبطة بسعر صرف الدولار لا دخل للاعب المصري بها بتاتًا، كما أن اللاعبون سيتمكنون من الدفع باستخدام أي بطاقات ائتمانية مصرية، ولن يتوجب عليهم استخراج بطاقات Master card.
تسهيل طرق الدفع وتحسين الأسعار سيضمنان ابتعاد الناس عن الألعاب المٌقرصنة، فإذا كنت لا تعرف حجم الإنفاق الذي يتم على الألعاب سنويًا في مصر فهو 273 مليون دولار سنويًا بالتحديد حسب ماجد فراج، رئيس مجموعة عمل الألعاب الإلكترونية فى غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ويعتبر ذلك مبلغًا ضخمًا، يمكننا الاستنتاج من خلاله أن مع تقليل العقبات أمام اللاعب للوصول للعبته الذي يريد اقتناءها، قد نجد تراجعًا كبيرًا لشعبية الألعاب المُقرصنة.
تخيل أن يتم تداول 273 مليون دولار سنويًا بالعملة المصرية، ما التأثير الذي تتوقعه على الاقتصاد المصري؟ لست اقتصاديًا ولكن مع فهم بسيط لفكرة العرض والطلب وتأثيرها على الاقتصاد، فإن الأمر سيكون منعشًا للاقتصاد المصري.
ما المشاكل التي قد تواجه المتجر المصري..؟
أحد المشاكل المٌركبة التي تواجه المتجر المصري كفكرة على الورق، هو إمكانية استغلاله بشكل سهل من قبل لاعبي المناطق العربية الأخرى، والشراء من خلاله بسعر أقل، ومن ثم إهداء اللعبة لحساب سعودي أو إماراتي أو من أي منطقة عربية اخرى (إذا كان على ستيم) أو اللعب به في أي منطقة (Region) إذا كان على بلايستيشن! حسنًا، ستيم يقدم حلًا مناسبًا لهذه المشكلة مع الحسابات الروسية والتركية، وهو عن طريق خاصية Region Lock والتي تجعل تبادل الهدايا يقتصر على مجموعات من المناطق يجمعهم أسعارًا متقاربة للألعاب.
لماذا تختلف الأسعار على ستيم بين المتجر الروسي والتركي والأمريكي؟ وكيف يتم تحديد الأسعار؟
يقول Alan Wilson المدير التنفيذي لشركة Tripwire أنه عندما تقدم أوراق اعتماد ألعابك إلى منصة ستيم، اقتراح أسعار تلك اللعبة في مختلف مناطق العالم. قد يختلف كثيرًا سعر اللعبة الواحدة في منطقة من العالم عن الأخرى، ويقول بأنه من غير المعروف الطريقة التي يستخدمها ستيم، ولكنه يفترض كونها مستندةً على مستوى تداول العملة.
يقول ألين التالي:
فالف (المسؤولين عن ستيم) لديهم خبرة عملاقة في بيع الألعاب، وأكاد أجزم أنهم يجرون إحصائيات باستخدام المعلومات التي يحصلون عليها من خلال ستيم، ويحددون على إثرها سعر الألعبا بناءةً على الإقبال عليها، وسعر العملة في وقت تقديم اللعبة، ومتوسط الدخل في المنطقة أيضًا!
يمكنك من خلال موقع Steam DB الإطلاع على جميع الألعاب وأسعارها في جميع المناطق (Regions) الخاصة بمتجر ستيم. من خلال إلقاء نظرة مطولة على الأسعار ستلاحظ أن الدول التي تعاني من تراجع في عملتها، وأشهرهم في الوقت الحالي تركيا، تحظى بتخفيضات كبيرة قد تصل بعض الأحيان إلى فارق 60% عن السعر الأمريكي. ستيم ليست المنصة الوحيدة التي توفر الألعاب في المتجر الروسي أو التركي بشكل مُخفض، وإنما مايكروسوفت أيضًا تقدم الألعاب بأسعار رخيصة على المتجر الأرجنتيني مثلًا. هذا الشيء يعود إلى علاقة متبادلة من التسهيلات بين الحكومات وشركات الألعاب أو المتاجر. تتفق بعض الشركات مع الحكومات على مكافحة الألعاب المٌقرصنة، مقابل توفير تلك الألعاب بأسعار مناسبة لدخل الفرد.
في روسيا، دخل الفرد مثلًا يعادل 400 دولار في الشهر، وبالتالي ليس من المنطقي أن ينفق على اللعبة الواحدة 60 دولارًا، إذا عرضت عليه اللعبة بهذا السعر سيتجه للألعاب المٌقرصنة بلا شك. وبسبب أن شركات الألعاب تفهم ذلك، ولأنها تدرك أهمية السوق الروسي تقوم بتوفير الألعاب بما يعادل ال30 دولار فقط.
سأعطيك يا عزيزي مثالًا أكثر قربًا، متجر مايكروسوفت المصري يوفر لعبة فورزا هورايزن 5 بسعر 482 جنيهًا فقط أي ما يقارب ال30 دولار.
نطالب جميعًا بالحصول على متجر مصري يدعم الدفع بالعملة المصرية والتسعير حسب قيمة التداول!
إنه لمطلب جماهيري،بأن تقوم الحكومة المصرية بالتواصل مع الشركات المالكة للمتاجر الرقمية، مثل Steam و Epic و PlayStation، وإبرام اتفاقية تعاون ما تضمن للاعب المصري الحصول على الألعاب بأسعار مناسبة على غرار المتجر الأرجنتيني و الروسي، وأيضًا الحصول على طرق دفع مناسبة، ولنا في ذلك مثال ناجح مع شركة شبكة Netflix التي توفر اشتراكًا بسعر مناسب وهو 120 جنيهًا بشكل شهري، وطرق دفع سهلة، أشهرها خدمة فوري. في مقابل توفير تلك الأسعار المناسبة ستقدم الحكومة المصرية متمثلةً في وزارة الاتصالات حجبًا كاملًا لمواقع القرصنة، وهي خدمة لو تعلمون جليلة لشركات الألعاب لأن سوق الألعاب المصري أكبر مما نتوقع كلنا، ولكننا للأسف لا نمتلك إحصائيات رسمية لذلك.
توفير طرق الدفع السهلة، وتقديم الألعاب بأسعار تداول العملة، أو أسعارًا مناسبة لمتوسط دخل الفرد، وربما إعادة النظر في المبلغ الجمركي الضخم المفروض على أجهزة الألعاب، والذي يصل إلى 60% هي خارطة الطريق التي أناشد الحكومة المصرية باتباعها، وأؤكد للجميع بأن الإقبال على الألعاب المُقرصنة سينعدم وقتها.
مع تواجد مواقع القرصنة لسنوات وسنوات، يتساءل الكثيرين، لما لا تقوم شركات الألعاب التي تقوم تلك المواقع بتقديمها مجانًا بمقاضاتها؟ في السويد مثلًا تحميل المنتجات المُقرصنة جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن! فلماذا تهتم الحكومات بمنع الأمر أكثر من بعض شركات الألعاب نفسها؟
لماذا تترك شركات الألعاب مواقع القرصنة مفتوحة دون ملاحقة قانونية؟
صناعة الألعاب أكثر تعقيدًا مما نظن جميعًا عزيز القارئ، هناك الكثير من العناصر التي تؤدي لنجاح لعبة محددة، أحد أهم تلك العناصر هي الفرص التي يتيحها اللعب المقرصن للاعبين لم يكونوا ليجربوا لعبتك لولا وجود مواقع القرصنة! ينطبق هذا الشيء على الأعمال اترفيهية المرئية والمسموعة كلها. يقول Pawel Marchewka المدير التنفيذي لشركة Techland مطور لعبة Dying Light أن جزء كبير من جمهور لعبتهم قام بلعبها من خلال نسخًا مٌقرصنة، وعلى الرغم من إضرار ذلك بالمبيعات قليلًا، إلا أنه أفاد اللعب ةبتعريضها إلى كم أكبر من اللاعبين وقت صدورها، مما زاد في شهرتها، وبالتالي أصبح قاعدة أوسع من اللاعبين تنتظر الجزء الثاني الذي سيصدر في فبراير 2022، وعلى استعداد لإنفاق اموالهم عليها لأنهم يعرفون الآن مستوى المطور تكلاند. لقد باعت لعبة Dying Light الأولى 8 مليون نسخة حتى الآن وهو رقم ممتاز كلعبة جديدة (New IP).
إذًا لكي نُلخص الفكرة السابقة، معظم الشركات تُفضل أن يكون تجنب القرصنة خيارًا يختاره محبي اللعبة ليدعموا مطوريها، ويتأكدون من القيام برفع الوعي لدى اللاعبين، بأن النسخ المُقرصنة هي سرقة رسمية لمجهودات المطورين الذي يعتبر تطوير الألعاب مهنتهم التي ينفقون منها على أسرهم.
كل ذلك علاوة على السبب الرئيس، بأن ملاحقة هؤلاء المخترقين قانونيًا ليست بالسهولة التي قد يظنها البعض، فهي تحتاج إلى تعقب طويل الأمد، وهنا نحن نتحدث عن عدد من الخبراء في مجال التشفير، والاختراق، أي أنه سيكون من الصعب تعقبهم مقارنة بمستخدمي الانترنت العاديين، وبالتالي عملية تعقبهم ومعاقبتهم ستتطلب تسخير العديد من الموارد التي قد لا تملكها تلك الشركات في الأساس. هناك أيضًا سبب ثالث وهو عدم وجود قوانين دولية تجرم القرصنة بشكل صارم. معظم القوانين الموجودة لتجريم القرصنة تختلف من دولة لأخرى، وإن وجد فهو حكر على مجموعة قليلة من الدول.
هل نجحت تجربة المتجر السعودي؟
يعاني المتجر السعودي لبلايستيشن من مشاكل ملحوظة، أولها الضرائب التي تجعل من أسعار الألعاب في المتجر السعودي تتجاوز السعر الأصلي للعبة، وثاني هذه المشاكل هو حظر بعض الألعاب أسباب مقنعة.
في سبتمبر من العام الماضي مثلًا، فوجئ اللاعبون بأسعار خيالية في المتجر السعودي تصل إلى 3000 دولار للعبة الواحدة.
حدث ولا حرج عن المشاكل التي تواجه اللاعب السعودي فيما يتعلق الأمر بالمتجر السعودي لبلايستيشن، وللأسف يبدو أن عدد كبير من اللاعبين قد نفروا بالفعل منه، ولكن هذا لا يعني أن كل متجر عربي سيكون بنفس الشكل، وحتى وجود المتجر السعودي يضمن وجود هامش تحسن كبير، خصوصًا وأن سوق الألعاب السعودي هو أكبر سوق ألعاب عربي من حيث الأموال التي يتم إنفاقها فيه (متوقع أن يحقق $946 مليون دولار في 2022)
في النهاية، المطلب بسيط، متاجر مصرية على Steam و Epic و Playstation، يقع الأمر على عاتق الشركات أكثر من كونها بيد الحكومات، لذلك نريد أن تصل رسالتنا واضحة للجميع: نريد متجر مصري في أسرع وقت!
