لماذا أرى أن Apex Legends أفضل لعبة باتل رويال؟

لا زالت أولى لحظاتي في Apex Legends حاضرة في ذهني، حين سجلت فيها للمرة الأولى واستمعت لموسيقاها الأصلية الرائعة التي تحتفظ بمكانها في قلبي حتى الآن، حين لعبت أول مباراة واخترت شخصية استعرت انتباهي بعد أن وجدت أن قدرتها تتيح لك رؤية الأعداء وراء الجدران، حين تعلمت استخدام شخصية Pathfinder ونجحت في أول Grapple، حين فزت بمباراتي الأولى بعد مجهود جماعي رائع مع فريق لم أعرفه ولم نتواصل باستخدام الميكروفون حتى.

Apex Legends هي لعبة باتل رويال من منظور الشخص الأول، حيث يتنافس 60 لاعبًا للبقاء على قيد الحياة في ظروف باتل رويال مختلفة قليلًا. اللعبة من تطوير استوديو Respawn Entertainment التابع لشركة EA، وصاحب سلسلة التصويب المميزة Titanfall ولعبة Star Wars Jedi: Fallen Order. الاستوديو الأمريكي الذي تم تأسيسه في 2010، والذي تولى مؤسسُه Vince Zampella مؤخرًا الإشراف على تطوير 2042 Battlefield سعيًا لإصلاحها.

لعبة Apex Legends صدرت مجانًا في 4 فبراير عام 2019، وقت سيطرة Fortnite و PUBG على تصنيف الباتل رويال، لتترك بصمة لا تُمحى ولترسم معاييرَ جديدة، حين صدرت فجأة وتم الإعلان عنها في يوم الإطلاق بمقطع قصير عبر قناة اللعبة عبر يوتيوب، وبدون أي حملة تسويقية مسبقة ولا حتى عروضٍ تشويقية، حققت Apex Legends أرقامًا قياسية حيث وصل عدد لاعبيها في الأسبوع الأول إلى 25 مليون لاعب، وبعد مرور أول شهرٍ وصل ذلك العدد إلى 50 مليون لاعب! كما حققت جوائز عديدة على الصعيد الرسمي، أبرزها جائزة أفضل لعبة أونلاين في 2019 من The Game Awards، وهي أعلى ألعاب الباتل رويال تقييمًا من النقاد. الآن وبعد أكثر من 3 أعوام من الإصدار دائمًا ما تجدها في قائمة الألعاب صاحبة أكثر اللاعبين النشطين على مختلف المنصات، وضمن الألعاب الأكثر مشاهدة عبر Twitch، وهي أنجح عناوين EA حاليًا.

إذًا ما الذي يجعل Apex Legends أفضل ألعاب الباتل رويال وأنجحها؟ كيف لعنوان جديد كليًا، لم يسبق الإعلان عنه أو التسويق له أن يحقق مثل تلك الأرقام الخرافية وأن يستمر نجاحه لسنوات؟ اسمح لي بعد أن قضيت ما يقارب الـ 2000 ساعة في عالم Apex Legends عبر منصات مختلفة أن أستعرض بعض النقاط الأساسية التي جعلت منها لعبة فريدة بشكلٍ يجذب حوالي 120 مليون لاعب نشط شهريًا عبر مختلف المنصات.

Apex Legends أتت بمعطيات ثورية لتصنيف الباتل رويال

استرجع معي قليلًا أوضاع ألعاب التصويب في 2019 وما قبلها، حين سيطر تصنيف الباتل رويال على الألعاب الجديدة بشكل جعلها جميعها متشابهة ومكررة إلى حد الملل، وحتى أن أشهر ألعاب التصويب اتخذت من هذا الاتجاه الجديد -حينها- دربًا لها أملًا في الحصول على قطعة من الكعكة، فرأينا Call of Duty: Black Ops 4 تطلق طور الباتل الرويال الخاص بها تحت عنوان Blackout، كما تبعتها Battlefield V وأسمته Firestorm، ولكن لم يحقق أي منهما النجاح المنشود على الرغم من ارتباطهما بأشهر عناوين ألعاب التصويب.

لا أقول أن تلك الألعاب وغيرها فشلت لأنها كانت سيئة، ولكنها لم تقدم أفكارًا جديدة بشكل يستقطب لاعبي Fortnite و PUBG مثلًا -أبرز ألعاب الباتل رويال حينها-، فكانت عناصر أسلوب اللعب هي نفسها تقريبًا، حيث تهبط لتبحث عن أسلحة وعتاد مناسب، ثم تحارب لاعبين آخرين بينما تسابق الزمن نحو المنطقة الآمنة أملًا في الفوز. أين التجديد في ذلك؟

Apex Legends جاءت بنفس الأسس التي ستجدها في أي لعبة باتل رويال، ولكنها عدَّلت على بعضها وأضافت عليها بشكل إيجابي حبذه اللاعبون، وهو ما جعلها تجربة فريدة في عالم ألعاب الباتل رويال منذ وقت إصدارها وحتى يومنا هذا.

إمكانية عودة اللاعب بعد إقصائه

هذه الإضافة لم تكن موجودة في ألعاب الباتل رويال حينها، بل أن الألعاب التي تحتوي على هذه الخاصية الآن: Warzone و Fortnite و PUBG والكثير، قرروا إضافتها بعد إصدار Apex Legends ونجاحها الباهر. فكانت وقتها إطاحة اللاعب “Knockdown” تعني أن فرصته الوحيدة للعودة للمباراة هي بمساعدة أصدقائه وإحيائهم له، ولكن الإقصاء “Elimination” كان بمثابة نهاية المباراة لأي لاعب، وهو ما كان يصيب كثيرًا من اللاعبين -وأنا من ضمنهم- بالإحباط، ألَّا تتوفر لديهم فرصة أخرى للعودة واستكمال المباراة مع أصدقائهم بدلًا من مشاهدتهم فحسب.

Apex Legends قدمت إضافة إعادة الإحياء للاعبين “Respawn”، ولكن ليس بشرط أن يظل زملاؤه في الفريق على قيد الحياة فحسب، بل عليهم الحصول على بطاقة زميلهم من “صندوق الأغراض” الخاص به، وهو الذي يخلفه اللاعبون وراءهم عند إقصائهم. تلك البطاقات يتم استخدامها عند “منارات الإحياء” أو “Respawn Beacons” كي يعود اللاعب للمباراة، ولكن دون أي من أغراضه. تلك البطاقات لها مدة معينة، وبعدها تنتهي صلاحيتها ويتم إقصاء اللاعب تمامًا من المباراة.

هذه الإضافة يمكن ملاحظة تأثيرها المباشر على مجريات أي مباراة، وكيف أنها تجعل لـ Apex Legends طابعًا خاصًا دون ألعاب الباتل رويال الأخرى. مثلًا، عندما تقصي لاعبًا أو اثنين من فريقٍ آخر، فأنت تعلم أن مَن تبقَّى من ذلك الفريق سيحاول العودة للحصول على بطاقات زملائه، فيمكنك انتظاره وإقصاؤه هو الآخر بذكاء، أو يمكنك حتى أن تدعه يأخذ البطاقات وتذهب لتقصيهم جميعهم للمرة الأخيرة عندما يعودون للحياة! فماذا سيكون قرار اللاعب؟ هل يتخلى عن زملائه لاستكمال المباراة ومحاولة الفوز بها وحده، أم يخاطر بكل شيء من أجل استعادة زملائه؟ إنها تلك الحرية في الخيارات وأساليب اللعب المختلفة التي يعشقها لاعبو Apex Legends.

وجود مثل هذه الخاصية يجعل للاعبين فرصةً أخرى كما ذكرت، وكون Apex Legends هي لعبة الباتل رويال الوحيدة التي كانت تتيح لك فرصة أخرى -وقت إصدارها- بهذا الشكل وبهذه الطريقة، هو سبب كافٍ لجذب الكثير من عشاق ألعاب الباتل رويال، والدليل على ذلك أن أشهر ألعاب الباتل رويال الآن تحذو حذو Apex Legends بهذا الصدد.

تقديم شخصيات ذات قدرات مختلفة (Hero Shooter) في أجواء الباتل رويال لأول مرة

اعتاد عشاق ألعاب التصويب على أن تصنيفي الباتل رويال والـ Hero Shooter هما تصنيفان منفصلان لا يجتمعان في لعبة واحدة، فمثلًا هناك Overwatch وغيرها من الألعاب التي تعتمد على القدرات والشخصيات الفريدة والتي هي ليست ألعاب باتل رويال، وهناك ألعاب الباتل رويال. جاءت Apex Legends لتغير هذا المبدأ لتطبق عناصر الـ Hero Shooter كما يقول الكتاب، مع وضعها في أجواء الباتل رويال وتوظيفها للعمل الجماعي، وهو خليط جريء لم نشهده من قبل في ألعاب التصويب التي وصلت للنور.

تصنيف الـ Hero Shooter لا يقتصر على قدرات الشخصيات فحسب، بل أن يكون لكل شخصية هوية فريدة على صعيد أسلوب اللعب وأيضًا الطابع المختلف الذي يصلك عند اختيار تلك الشخصية والأجواء التي تخلقها، وهو ما تجده بامتياز في Apex Legends.

نظام مثالي للتواصل بين اللاعبين في المباراة (Ping System)

منذ بداية الاتجاه نحو ألعاب الباتل رويال زادت الحاجة للتواصل بين اللاعبين من أجل التخطيط سويًا والسعي لتحقيق الفوز، تمامًا كما في ألعاب التصويب التكتيكية -وربما أكثر منها-، فألعاب الباتل رويال تتميز بأجوائها الحادة وتنافسيتها الشديدة أكثر من ألعاب التصويب الأخرى، فمثلًا في مباراة 5 ضد 5 في Call of Duty لا يشكل التواصل الواضح والمفهوم بين اللاعبين عنصرًا جوهريًا للاستمتاع بالتجربة كاملة، فإذا تم إقصاؤك ستعود بعد ثوانٍ قليلة على أي حال لتقضيَ وقتًا خفيفًا تحاول فيه قتل الأعداء وتجنب أن يظفروا بك دون ضغوط، بينما في ألعاب الباتل رويال هناك أمور كثيرة على المحك، وإذا كنت تأخذها على محمل الجد فالتواصل والتخطيط المتناسق بين أعضاء الفريق هما عنصران أساسيان للتجربة. حسنًا، ماذا لو لم يكن لدى أحد اللاعبين ميكروفون، أو حتى إذا كان يعاني من رهاب اجتماعي فحسب؟ فلا يزال يحق للجميع الاستمتاع بالتجربة كاملة!

هنا يأتي نظام الإشارة أو “Ping System”،والذي كان بدائيًا وبمثابة إضافة جانبية لا تحظى بالاهتمام الكافي، حتى رأينا النظام الخرافي الذي تقدمه Apex Legends؛ حيث يمكنك التواصل مع زملائك بخصوص أي شيء -حرفيًا- داخل اللعبة دون أن تنطق -أو تكتب- كلمة واحدة. تريد ذخيرة؟ تريد سلاحًا أصلًا؟ ليس لديك عناصر صحة كافية؟ ماذا عن الإشارة لأي شيء من أجل زملائك؟ أتريد اقتراح الهجوم على منطقة معينة أو الدفاع عن أخرى؟ كل هذا وأكثر بكثير، وبضغطة زر بسهولة شديدة! هذا فضلًا عما تقوله الشخصيات بشكل تلقائي عند إحداث شيء هام في المباراة، مثلًا عند إطاحة عدو أو قتله، عند جاهزية القدرات أو الإقدام على استخدامها، عند إعادة تلقيم السلاح، ومؤخرًا إضافة التحدث عند كسر درع العدو، والقائمة تطول.

لذا فالأمر هنا لا يقتصر على العنصر المرئي للإشارات في الخريطة، بل العنصر الصوتي أيضًا يلعب دورًا هامًا، وما يساعد هنا أن لكل شخصية في Apex Legends هوية فريدة تتمثل في نواحٍ عديدة، أبرزها طريقة التحدث والمقولات الخاصة لكل منها، والتي لن تسمع شخصية أخرى تنطق بها -ليس بنفس الأسلوب على الأقل-.

إصدار محتوى جديد بشكل دوري وثابت، دون تكاليف إضافية!

من أهم ما يميز Apex Legends ويجذب إليها اللاعبين على الدوام، هي الاستمرارية في إصدار محتوى جديد متنوع يدفع الملل عن اللاعبين ويبتعد باللعبة عن شبح التكرارية الذي يطارد مطوري الألعاب الخدمية دومًا.

Apex Legends تعمل بنظام المواسم، وفي كل موسم ينطلق عدد لا بأس به من الأحداث الجديدة المصحوبة بمحتوى جديد، فضلًا عن إصدار شخصية جديدة تمامًا في مطلع كل موسم مع تذكرة موسمية (Battle Pass) جديدة. ذلك المحتوى يتمثل في خرائط جديدة، أسلحة جديدة، أنماط لعب جديدة كليًا، أو حتى إعادة إطلاق نمط قديم في حلة جديدة على سبيل الحنين للماضي -وهو ما يفضله مجتمع Apex Legends بالمناسبة-.

بغض النظر عن الإضافات التجميلية من أزياء وملحقات للأسلحة، والتي لا تمنح أفضلية من أي نوع، ذلك المحتوى يكون مجانيًا تمامًا ومفتوحًا لجميع اللاعبين دون تكاليف إضافية، على غرار معظم الألعاب الخدمية حاليًا.

ذلك المحتوى لا يقتصر على الخرائط والشخصيات والأغراض التجميلية وما إلى ذلك، بل أيضًا يتضمن إضافات وتعديلات على أسلوب اللعب لإنعاش الأجواء قليلًا، فمثلًا تم إضافة منارة Respawn محمولة لاستخدامها في أي مكان واستعادة زملائك، وأيضًا هناك الدرع الحراري “Heat Shield” الذي يسمح لك بالبقاء خارج المنطقة الآمنة دون تلقي ضرر، كما أن هناك سيارات ومدافع جاذبية تطلق اللاعبين بعيدًا لتغيير مكانهم، والمزيد والمزيد من الإضافات التي لم تكن موجودة من البداية وتُضاف -أو تُعدل- باستمرار.

كما أنه مؤخرًا، واستكمالًا لما حدث في الموسم الخامس، بدأ المطورون في العودة مجددًا لتسليط الضوء على الجانب القصصي بوسائل داخل اللعبة نفسها، بجانب المقاطع السينمائية، عن طريق إطلاق قصة خاصة بشخصية Bangalore على هيئة فصول يتقدم فيها اللاعب عن طريق إكمال بعض التحديات في ساحة التدريب “Firing Range”، ليسمع حوارات بين Bangalore وشخصيات أخرى نستكشف فيها أبعادًا جديدة للشخصية. شخصيًا أتمنى العمل على نمط قصة كامل، حتى وإن كان مدفوعًا، فعالم Apex Legends غني بشخصيات متنوعة وخلفية درامية تم بناؤها على مدار 13 موسم.

أخيرًا: Apex Legends تبعث بشعور خاص بها، جاعلها تجربةً فريدة

كل ما عرضناه ينتج عنه مزيج سحري فريد تتفرد به Apex Legends وتحسِّن فيه يومًا بعد يوم، وهو حقًا مزيج يضع اللاعب في أجواء يصعب لا يمكن إيجادها في لعبة أخرى، من الرسوم الكرتونية والواقعية في الوقت ذاته، مرورًا بكل العناصر التي ناقشناها، وحتى تصميم الأسلحة نفسها من أصوات وتحريك هو الآخر جانب تتميز به Apex Legends. لا زلت أتذكر المرة الأولى التي جربت فيها بندقية Peacekeeper، وعلى الرغم من صعوبة استخدامها وعدم احترافي لها إطلاقًا في البدايات، فإعجابي بطريقة إعادة التلقيم وصوت السلاح نفسه وتحريكه في أيدي الشخصية كان ولا يزال شديدًا، والقائمة تطول في هذا الصدد!

تنوع أساليب اللعب هو الآخر يجعل Apex Legends تجربة باتل رويال فريدة من نوعها. أتريد اللعب بشكل تكتيكي مساعدًا لفريقك؟ اختر Bloodhound أو Seer أو Valkyrie، أم تريد اللعب بشكل فردي وتعتمد بشكل أقل على فريقك؟ اختر Octane أو Wraith أو Pathfinder مثلًا، وإن أردت اللعب بشكل دفاعي منتظرًا الفرق الأخرى، العب بـ Caustic أو Rampart أو Wattson على سبيل المثال، وهكذا من الاحتمالات المختلفة لكيفية خوض التجربة بطرائق مختلفة، وهو ما يجعل الإصابة بالملل صعب الحدوث في هذه التجربة!

كل مباراة في Apex Legends مليئة بالحماس والأحداث سريعة الوتيرة، حتى إن كنت مبتدئًا، أضمن لك قضاء وقت ممتع يتضمن حبس الأنفاس، فقط لا تغضب حيال تخريب المعركة التي تخوضها من فرق أخرى، أو كما يدعوها مجتمع اللعبة: “Third Parties”، ولا تفقد الأمل في تحسن مستواك، فتذكر أن Apex Legends هي أكثر لعبة يواجه فيها اللاعبون الصعوبات وفقًا لمتجر Steam!

بالتأكيد Apex Legends ليست خالية من العيوب، ولكن حالها كحال الألعاب الأخرى، بل أن مشاكلها ليست كارثية ويمكن التأقلم عليها بسهولة.

في الحقيقة أنه لو أخذت أسرد فيما أعشقه حول Apex Legends فلن يكفي هذا المقال نصفه حتى وإن طال، ولكن بعيدًا عن العواطف، وباستخدام المنطق، أرى أنها تتفوق على ألعاب الباتل رويال حاليًا بفارق واسع، وأن أقرب منافسيها Warzone تمر بفترات صعبة مؤخرًا بشكل يبعدها عن منافسة Apex Legends بأشواط.