الحماية الموجودة في ألعاب منصة الحاسب هي بمثابة حفظ لحقوق الشركات وعائداتها السنوية، وقد بدأت حماية الألعاب في التطور بشكل ملحوظ بداية من منتصف الجيل السابق لتقف بالمرصاد أمام فِرق القرصنة، فهل كان النصر حليف شركات صناعة الألعاب أم كان لفِرق القرصنة الكلمة العليا؟ هيا بنا عزيزي القارئ نتعرف على القصة الكاملة لتطور حماية الألعاب على منصة الحاسب الشخصي.
حماية ضعيفة وتفوّق فِرق القرصنة على شركات الألعاب
قبل منتصف الجيل السابق كانت معظم ألعاب الحاسب الشخصي محميّة بحماية المنصة الموجودة عليها فقط كحماية Steam علي سبيل المثال، ويعتبر هذا النوع من الحماية ضعيف جدًا فلذلك كان يتم إختراق حماية هذه الألعاب فور صدورها، أو حتي تسريب ملفات هذه الألعاب قبل إصدارها!
وبالتأكيد لم يكن هذا الوضع مرضيًا لمعظم شركات الألعاب وبالأخص الاستديوهات الصغيرة، فبعض اللاعبين قد يتجهون للنسخ المقرصنة من العابهم بدلًا من شرائها وبالتالي سيؤثر هذا بالسلب على عائدات هذه الشركات.
سعادة تغمر شركات الألعاب وحزن يسود فِرق القرصنة
استمر الوضع كما هو عليه حتى شهر ديسمبر عام 2014 عندما صدرت لعبة FIFA 15 والتي استخدمت حماية Denuvo القوية، وهي حماية من تطوير شركة أسترالية كان موظفوها على عِلم بالطرق التي تستخدمها فِرق القرصنة لاختراق حماية الألعاب، بل وكانوا يقرصنون الألعاب في الماضي!
وبالفعل استطاعت حماية Denuvo العنيدة الوقوف أمام أعظم فِرق القرصنة الذين عجزوا عن اختراقها، لأنها تغير نفسها باستمرار دائم مما يجعل عملية الهندسة العكسية المطلوبة لقرصنة الألعاب أكثر صعوبة وإرهاقًا لفِرق القرصنة.
ومرت الشهور بدون حدوث أي جديد حتى ظن البعض أن عصر قرصنة الألعاب قد انتهى تمامًا، ولكن مطوري حماية Denuvo صرحوا بأن إختراق الحماية أمر حتمي ولكن اختراقها سيتطلب وقتًا أكثر من أي حماية أخرى.
وبسبب صمود لعبة FIFA 15 أمام فِرق القرصنة، أصبحت الشركات الكبرى تستخدم حماية Denuvo للحفاظ على حقوقها من الإختراق ولشل حركة فِرق القرصنة حتى أصبحت هذه الحماية جزء لا يتجزأ من الألعاب التي تصدرها الشركات الكبيرة في عالم الألعاب.
ومن صعوبة إختراق الحماية قررت بعض فِرق القرصنة اعتزال هذا المجال وأشهرهم فريق 3DM الصيني لتكون رسالة لشركات الألعاب مفادها أن هذه الحماية ستؤثر بالسلب على مجال صناعة الألعاب في القريب العاجل.
عودة الصراع بين الطرفين مرة أخرى
مرّ قرابة عام كامل بدون إختراق حماية FIFA 15 أو حتى إختراق حماية باقي الألعاب التي استخدمت حماية Denuvo، حتى جاء اليوم المشؤوم لشركات صناعة الألعاب ويوم السعد بالنسبة لفِرق القرصنة وانصارهم، فمع صدور لعبة Rise Of The Tomb Raider في سنة 2015 والتي كانت تستخدم حماية Denuvo لم يكن يتوقع أحد أن يتم إختراق حمايتها، حتى خرج فريق القرصنة CPY من الظُلمة واستطاع أن يخترقها عن طريق ثغرة تم إكتشافها في الحماية.
فريق CPY في عصره الذهبي
أصبح CPY هو فريق القرصنة الأشهر في هذه الفترة بسبب تميزه عن باقي الفِرق الأخري بقدرته على اختراق الألعاب التي تحمل حماية Denuvo المستعصية، ومع إختراقه للألعاب تبيّن للاعبين أن هذه الحماية تقلل من أداء الألعاب حتى على أقوي الأجهزة، لدرجة أن أحد المراجعين كشف أن النسخة المخترقة من Rise Of The Tomb Raider تعمل أسرع من النسخة الأصلية بحوالي 30 إطار في الثانية، مما جعل مشتري هذه الألعاب ناقمين علي حماية Denuvo لأنها تفسد تجربتهم لهذه الألعاب.
تطوّر حماية Denuvo وهدنة بين الطرفين
كان فريق CPY هو أسوأ كوابيس حماية Denuvo لذلك قررت الشركة المسؤولة عنها تطوير الحماية لإصدارات متعددة مما جعل الأمر أصعب على الفريق لاختراق حماية الألعاب، وأصبح اختراق حماية لعبة واحدة يحتاج لعدة أشهر بسبب احتياجهم لفهم الطريقة التي يعمل بها الإصدار الجديد من حماية Denuvo ومن ثم تطبيقه على الألعاب التي تحمل نفس الإصدار من هذه الحماية.
ولكن كان الأمر مُرضيًا إلي حد كبير بالنسبة لشركات تطوير الألعاب لأن في خلال شهرين على سبيل المثال ستكون الشركات قد جمعت أرباحًا كافية من اللعبة، وعند اختراق حماية أحد الألعاب فستقوم هذه الشركات بتخفيض سعر اللعبة حتى تستقطب عددًا جديدًا من اللاعبين.
اختفاء فريق CPY وظهور مجهول جديد
في أواخر عام 2018 وبدون أي سابق إنذار تم القبض علي المقرصِن البلغاري Voski الشهير صاحب موقع REVOLT، وبعدها بمدة اختفى فريق CPY من الساحة في عام 2019، ولم يكن هناك أي فريق يقوم باختراق حماية الألعاب في هذه الفترة!
حتى ظهر المدعو Empress الذي يدّعي أنه فتاة من روسيا وأنها كانت فردًا سابقًا في فريق Codex الشهير، وقامت باختراق حماية كل الألعاب منذ هذه الفترة حتى وقتنا هذا، بشرط وجود دعم مادي كافي حيث صرحت بأن إصدارات Denuvo الحديثة أصبحت معقدة جدًا وتحتاج لوقت طويل بالإضافة لاحتياجها لعدة أجهزة لتجربة الإختراق.
شركات واستديوهات خارج إطار حماية Denuvo
فمثلًا شركة روكستار تستعمل حماية Arxan بالإضافة إلى حماية منصة Social Club الخاصة بها والتي تضعها في كل ألعابها، وهذه الحماية لا يستطيع أحد اختراقها سوي باستخدام محاكي المقرصِن Goldberg، لذلك استطاعت لعبة Red Dead Redemption 2 الصمود أمام القرصنة لقرابة سنة كاملة حتى استطاع Goldberg تطوير المحاكي الخاص به ليتمكن من إختراق حماية Social Club بالتعاون مع Empress.
على الناحية الأخرى فهناك بعض الشركات والاستوديوهات لا تسمح لها ميزانيتها من وضع حماية قوية أو لا تهتم بوجود حماية في ألعابهم مثل CD Projekt ،Microsoft ،Guerrilla Games فلذلك يتم اختراق حماية العابهم بعد دقائق من صدورها لاكتفائهم بحماية المنصة المتواجدة عليها والتي تعتبر ضعيفة جدًا ولا تحتاج لمجهود كبير لإختراقها.
في النهاية، الصراع ما بين شركات تطوير الألعاب وفِرق القرصنة سيظل مستمرًا للأبد، فستظهر حمايات أخري أقوى وسيظهر معها فِرق قرصنة جديدة تخترق هذه الحمايات لكن الأهم أننا نأمل ألا يؤثر هذا الصراع على مجال صناعة الألعاب في أي فترة من الفترات.