حظيت بفرصة رائعة بلعب A Plague Tale Requiem مبكرًا جدًا قبل الإصدار بفترة كافية جعلتني أتمهل في تجربتي وأتخذ وقتي لهضم كل أحداث القصة والتجربة بشكل عام، وكان تقييمي للعبة مرتفعًا للغاية. يمكنك قراءة المراجعة من هنا لكن الآن يا صديقي أنا هنا لكي أناقش كيف وضع الجزء الجديد السلسلة بين كبار الألعاب مثل God Of War الأخيرة و The Last of us؟
لعلك تقول الآن: أنت أكيد مجنون لكي تقارن God of war و TLOU بلعبة من استوديو صغير نسبيًا مثل A plague tale، ولكني لست مجنونًا يا صديقي هذا ما ستشعر به بكل كينونتك عندما تجرب إصدارة requiem بسبب ما قدمته من أسلوب سردي وتركيبة أسلوب اللعب. هيا بنا لنغوص في التفاصيل.
تحذير تحتوي الفقرة القادمة على حرق لبعض تفاصيل The Last of Us الأولى.
ليس تقليدًا، بل تأثر بالأسلوب..ما هي أوجه التشابه بين A plague Tale Requiem و The Last of us و God Of War؟
ألم تلاحظ بأن مؤخرًا زادت الألعاب التي تقدم قصصًا مبنية على رحلة هدفها بسيط تظهر فيها التعقيدات في الطريق؟ تقريبًا جميع ألعاب سوني الحصرية خلال آخر 10 سنوات كانت هكذا، مثل Ghost OF Tsushima و Days Gone و DeathStranding و Horizon Zero Dawn و Forbidden West و حتى Uncharted وغيرها من الألعاب، وأنجح تلك الحصريات كانت تلك التي قدمت في مركز الأحداث علاقة إنسانية بين شخصين يصاحبان بعضهما خلال هذه الرحلة، وأنا هنا أشير طبعًا إلى The Last of Us الأولى و God of war بتركيزهما على علاقة Joel بEllie و Kratos بAtreus كعلاقة إنسانية في ظروف صعبة تنمو مع الوقت وتبدأ في التأثير بالقرارات التي تتخذها تلك الشخصيات خلال أحداث القصة.
تبدأ تلك الألعاب بهدف واضح وصريح، في The Last of us كان الهدف إيصال Ellie بوصفها بالبضاعة إلى مكان، أما في God of war كان الهدف الواضح هو نثر رماد والدة أتريوس من أعلى قمة جبل في العوالم التسعة للأساطير النوردية (نعم هذا هدف بسيط بالنسبة لكريتوس) لكن بالطبع لأن الأمور لا تكن أبدًا كما تبدو ولا تسير كما خُطط لها، تظهر الصعاب التي تلهيك عن الهدف الأساسي، ومع ذلك تجد نفسك مستمتعًا بذلك ولا تريد أن تصل لهدفك حتى لا تنتهي الرحلة.
أي أن هذه الألعاب دائمًا ما تبدأ معها تجبرتك وأنت تظن أن الهدف هو الوصول إلى المهمة الأخيرة التي وضعها الشخصيات هدفًا لأنفسهم، إلا أنك تكتشف بأن الكنز في الرحلة وليس الوصول، وهو ما تبنى عليه تلك التجارب انجذاب اللاعب لها. جاذبية الرحلة والغموض الذي يشوب السيناريوهات التي يمكنك توقعها. أنت لا تستطيع توقع أي شيء مما كان يحدث لEllie و Joel أو لكريتوس وأتريوس ولذلك خضت الرحلة معهم بكل سرور لأنك أردت أن تخوض مغامرة جديدة.
هذا “الغموض الجذاب” الذي يجذبك لخوض الرحلة من الطبيعي أن تقل حدته مع الوقت، ولكن تلك الألعاب لا تعول عليه أكثر من الازم وتستبدله بشيء أكثر جاذبية، ألا وهو “لغز القصة الكبير” والذي يبدأ غالبًا في الظهور واتخاذ مقعد مركزي في القصة بعد مرور ساعات. إذا أمعنت النظر في السيناريو ستجد أنه كان موجود طيلة الوقت وأنت لم تركز معه لأنه لم يكن مهمًا في البداية. في The Last of us كما ذكرت لك بالأعلى بأنه يطلب من جول توصيل Ellie إلى مقر منظمة The Fire flies وهي مهمة واضحة لكن السؤال الذي قد -وقد لا تطرحه عند الوصول للنقطة التي يتم فيها تكليفك بالمهمة في اللعبة هي الآتي:
لماذا إيلي بالتحديد؟ وماذا تريد منظمة الFire flies بخصوص طفلة مراهقة في هذا العمر لا يبدو عليها أي شيء مميز؟ وبعد ذلك يظهر سؤال جديد أكثر إلحاحًا ألا وهو: لماذا لم تتحول إيلي إلى زومبي عندما تم عضها؟
هذه الأسئلة الملحة التي تظهر في منتصف الأحداث كانت هي الأسلوب الأساسي التي تعتمد عليه لعبة Uncharted في إعطاءك لمحة أو تفصيلة واحدة كل فترة لتكتمل الصورة الكاملة مع اكتمال الأحداث. في الجزء الرابع كان اللغز هو مكان كنز هنري إيفري القرصان المختفي بكنزه الضخم، ومع الوقت تحول الأمر ليكون ما هو هدف سام الحقيقي وماذا يخفي عنك ؟
هذه الطريقة لم تكن مقتصرةً على ألعاب سوني فقط، بل هناك ألعاب عظيمة أخرى قدمت الأسلوب السردي نفسه والذي يقع في مركزه لغز يغذي دافعك للاستمرار. لعبة Red Dead Redemption 2 مثلًا كانت مهتمة كثيرًا بإبراز لغز “من أوشى بالعصابة في حادث Black Water” على الرغم من اتخاذه لمقعد خلفي لفترة من الزمن في عمر القصة، ولعبة Bioshock أيضًا ركزت على العلاقة بين Elizabeth و Booker Dewitt والتي يشوبها لغز من هي إليزابث ولماذا طلب شخصان مجهولان من بوكر استعادتها لهم؟
يمكنك ملاحظة بأن في ألعاب العالم المفتوح قد لا تركز اللعبة على شيء محدد ويكون للاعب حرية التركيز بنفسه على القصة أو على العالم المفتوح بنشاطاته المختلفة، وهو حال RDR2 ولكن على الرغم من ذلك كانت القصة قابلة للعب بشكل خطي متصل دون الحاجة للعالم المفتوح كثيرًا، ولذلك نجحت نجاحًا باهرًا من حيث التأثير في اللاعبين، أما Bioshock هي لعبة خطية قصصية تتشابه مع بقية الألعاب التي أشرت إليها، وهناك مثال جديد يظهر على الساحة الآن وهو A Plague Tale Requiem والتي أشببها كثيرًا بلعبة The Last of Us تحديدًا لعدة أسباب.
هناك العناصر المشتركة الواضحة والتي تتمثل في الرحلة التي يخوضها شخصين (الأخوين هنا) ويكون هدفها هو النجاة وعلاج الأخر الأصغر هيوجو من مرض الMacula، وهو هدف بسيط وواضح لكن المشكلة تكمن في الطريق للوصول إليه، كما أن للعبة خطية وتدور حول انتشار الفئران وخطرهم على البشر في إشارة صريحة إلى الطاعون مع لمسة من لمسات الخيال العلمي. خطر يهدد البشرية وأعداء غير بشريون وغير بشريون يمثلون خطرًا عليك، وعلاقة أخ بأخته تقويها الأيام الصعبة التي يخوضاها معًا، هل يذكرك هذا بشيء؟ نعم…قصة إيلي وجول.
كيف تم تطبيق ذلك التطور في A Plague Tale Requiem في القصة واسلوب اللعب معًا؟
الخطوك العريضة كانت هي فقط ما يتشابه فيه عنوان Requiem مع TLOU ولكن التفاصيل كانت مختلفة بشكل كافٍ حتى أشعر بأني أمام تجربة فريدة. القصة في A plague tale requiem اعتمدت على لغز رئيسي حول ماهي الماكيولا ولماذا يستطيع هيوجو التحكم في الفئران والشعور بهم؟ إنها أسئلة ملحة كثيرًا ولكنها ليست أكثر إلحاحًا من الحاجة للنجاة من مواقف صعبة ومثيرة تلهيك عن الأسئلة المهمة.
تعتمد A plague tale في جزئها الثاني على أسلوب تنويع الأفكار والأجواء معًا، فهناك أجزاء من اللعبة ذكرتني بأنشارتد وتومب رايدر من حيث استكشاف تاريخ المنطقة التي كان البطلين فيها، وهناك لحظات أخرى تذكرت فيها لعبة Thief ولحظات أكشن 100% ذكرتني بأنشارتد وأحداثها المكتوبة (Scripted Events) كما أن لحظات الدراما ذكرتني بكل الألعاب التي تأثرت بقصتها كثيرًا، ومنها طبعًا جميع الألعاب التي ذكرتها في هذا المقال.
الرائع في Requiem هو كيف مزجت بين كل هذه الأنواع في قالب واحد ظهر بشكل متناسق وقدم استمرارية مرضية في التنويع. كان هذا على صعيد الأجواء والسرد، أما على صعيد أسلوب اللعب فآليات اللعب تتنوع في كل فصل لتناسب ما يتم تقديمه من أجواء. هناك تقديم لأسلحة وآليات لعب تدعم أسلوب الأكشن لتجعلك تشعر بأنك غير مستضعف مثل الجزء الماضي، وهناك آليات لعب يتم تقديمها تدعم الاستكشاف والتخفي بشكل مقنع ومبدع على حد سواء.
لماذا لم يقال الكلام نفسه عن A Plague Tale Innocence ؟
A Plague Tale Innocence كان مشروعًا طموحًا ولكنه لم يكن على قدر الجودة التي قدمها الجزء الثاني بأي حال من الأحوال. أعتمد تصميم المراحل في الجزء الأول على الخطة الزائدة وأساليب التخفي المعتادة والتي تعتمد على أفكار عفى عليها الزمن إلى حد كبير. هذا لم يتغير كثيرًا في الجزء الثاني ولكنه خصوصًا من حيث الذكاء الاصطناعي لكن تصميم المراحل الأكثر انفتاحًا وتقديم الأدوات الجديدة ساعدا في وضع اللعبة في مكانة أعلى. ثم أن القصة وكتابتها المتقنة وأحداثها غير المتوقعة، والتمثيل الرائع للمثلين ساهم في رفع جودة التجربة ككل. A Plague Tale Innocence لم تكن تقارن بلعبة The Last Of us لكن أتوقع بأن يقارن الجزء الثاني بها كثيرًا، وربما يكون مفضلًا أكثر عند البعض منا.
كان هذا كل الشيء صديقي الجيمر محب ألعاب القصة، الذي لا شك لدي بأنه سيتجه لشراء لعبة A Plague tale Requiem بعد قراءة هذا المقال ودعني أخبرك بأنك تقوم بالشيء الصحيح لأن مثل هذه الألعاب هي التي تستحق أن تدفع عليها المال.