أعلنت مايكروسوفت اليوم استحواذها رسميًا على شركة Activision Blizzard، أحد أكبر شركات تطوير ونشر الألعاب على الإطلاق، في صفقة بقيمة 70 مليار دولار! لك أن تتخيل أن تدفع مايكروسوفت رقم يوازي ميزانية دول كاملة في امتلاك شركة واحدة، لا ننكر قيمتها في السوق ولكنها في النهاية شركة واحدة! لماذا تقدم مايكروسوفت على مثل هذه الخطوة؟ وكيف أصبح موقف سوني الآن؟ هذا ما سنعرفه في مقالة اليوم.
أولًا: سبب قيام مايكروسوفت بالاستحواذات العملاقة وأخرها Activision Blizzard
هل تطمح مايكروسوفت لإصدار الحصريات؟ لا أمتلك إجابة قصيرة لهذا السؤال، ببساطة لأن مايكروسوفت لم تصرح بشكل علني عن نيتها، ولكن عند النظر إلى الأرقام والإحصائيات، يمكننا استنباط أن مايكروسوفت تريد التوسع في كل المجالات. لقد حققت خدمة Game Pass أرباحًا تقدر بمبلغ 123 مليون دولار في عام 2021 وحيدًا، ووصل عدد المشتركين إلى 25 مليون مشترك.
هذه الأرقام تجعلنا نستنتج أن الاستحواذ على الشركات وجلب ألعابهم للخدمة منذ يومها الأول سيكون ضامنًا للمزيد من الأرباح لشركة مايكروسوفت (مثال: Call of duty و Crash Bandicoot و Diablo و Overwatch إلخ)، ولكن ألم تستطع مايكروسوفت إنتاج ألعابًا ذات جودة مرتفعة عوضًا عن الاستحواذ على شركات مثل Bethesda و Activision Blizzard؟
عليك عزيزي القارئ أن تعود بذاكرتك لمنتصف عمر الجيل الماضي حين حظيت مايكروسوفت ببداية متخبطة للجيل، وحصريات ذات إنتاجية جبارة وجودة رائعة، ولكن بإقبال جماهيري ونقدي متوسط مثل Ryse son of Rome و Quantum Break. لقد افتقرت مايكروسوفت للخبرات المطلوبة لإنتاج ألعاب بالضخامة التي تجعل منصتهم هي المنصة المتوفقة من حيث الحصريات وجودتها، بالرغم من امتلاك الأموال لإنتاج تلك المشاريع الضخمة المبهرة.
قررت مايكروسوفت أن تستحوذ على استوديوهات كبيرة لجلب هذه الخبرات إلى داخل أسوار “قلعة” مايكروسوفت، ولعلك لا تعلم ذلك ولكن Bethesda و Activision عانيتا من مشاكل عديدة قبل استحواذ مايكروسوفت عليهم، أي أن ذلك الاستحواذ يأتي كخطوة مضادة للأزمات من وجهة نظر تلك الشركات لتعويض الخسائر المادية التي قد تتكبدها بسبب المشاكل الداخلية التي تمر بها تلك الشركات.
التوسيع في كل الاتجاهات لا يشمل إصدار ألعاب حصرية فقط، وإنما التوسع في خدمات مثل Xbox Cloud Gaming ومدى توافقها مع عدد أكبر من الأجهزة ،و ألعاب الجوالات. تنوي مايكروسوفت جعل لعب الألعاب أكثر سهولة من ذي قبل حسب تصريحات سابقة من داخل الشركة. هذه هي رؤية مايكروسوفت المُعلنة.
هل ستصدر Call of duty على بلايستيشن مرة أخرى؟
من المبكر التنبؤ بمثل هذه القرارات المصيرية، شخصيًا لا أتمنى أن تتحول الصناعة (صناعة الألعاب) إلى حرب من الحصريات بين المنصات، لأن وقتها سيكون على اللاعبين شراء منصتين أو أكثر ليتمتعوا بنفس التجربة التي كنا جميعًا نتمتع بها في وقت سابق. وهو شيء لا أتمناه مُطلقًا.
ولكن بالنظر للأرقام مرة أخرى، 70 مليار دولار مبلغ كبير للغاية، ولكي تكون مستعدًا لإنفاق مثل هذه المبالغ عليك أن تمتلك خطة لاسترداد ذلك المبلغ مع هامش ربح مريح في فترة ليست كبيرة. لا أعتقد أن إبقاء الوضع على ما هو عليه بإصدار الألعاب التي تمتلكها Activision ومنها Call of duty على بلايستيشن سيحقق ربحًا كبيرًا لمايكروسوفت، بل الخيار الأكثر منطقية هو الاستفادة من عدد اللاعبين الضخم الذي ينتظر الإصدارة كل سنة، وإجبارهم على شراء منصة إكس بوكس أو اشتراك Game Pass.
الاستشهاد بما حدث مع سلسلة The Elder Scrolls قد يجيب على تساؤلنا، لقد صرح فيل سبنسر المدير التنفيذي لإكس بوكس بأن ألعاب سلسلة The Elder Scrolls المستقبلية (وكذلك ألعاب Fallout) المملوكة لبثيسدا ستكون حصرية لمايكروسوفت، ولن تصدر على منصة بلايستيشن.
كيف ستتغير صناعة الألعاب بعد تلك الخطوة؟ وما البطاقات التي تمتلكها سوني للرد؟
قد تسألني، وما علاقة سوني بالموضوع؟ إجابتي هي أن الخطوة التي اتخذتها مايكروسوفت قد تسحب البساط من تحت أقدام سوني إذا لم تتخذ خطوات صحيحة نحو الحفاظ على لاعبيها من الإغراءات العديدة التي تشكلها في الوقت الحالي منصات مايكروسوفت (ويندوز أو إكس بوكس) للاعبين.
بدايةً بتسعير الألعاب، لقد أصبحت تكلفة 70 دولارًا للعبة الواحدة خيارًا أقل ما يقال عنه غبيًا أمام إمكانية تجربة جُل الألعاب التي تريدها مع خدمة مثل Xbox Game Pass. وأعتقد أن سوني تعي ذلك، ولذلك ظهرت شائعات عديدة تشير إلى تحضير سوني للإعلان عن خدمة Spartacus التي ستنافس بها خدمة Game pass، ولكن هل يكون ذلك كافيًا؟ هل تتحول الصناعة إلى جيشين، لكل منهما جنوده (حصرياته)؟
أعتقد أن هذا الأمر وارد، ولكن الاحتمال الآخر والذي أفضله أنا هو المزيد من الانفتاح، المزيد من التداخل بين المنصات. قد يكون مستقبل الصناعة في أن تتم الهدنة بين سوني ومايكروسوفت، ويبدأ بينهم انفتاح وتداخل يتمثل في إصدار الحصريات بين المنصات بعد فترة محددة، وهو ما تفعله سوني مع الحاسب الشخصي مثلًا. تصبح وقتها المنصات مجرد مسميات، وتحكم الخدمات السوق. قد تكون هذه الرؤية وردية بعض الشيء، ولكنها احتمال من ضمن الاحتمالات الواردة نظرًا للمستقبل.
أما عن الرد المباشر على خطوة شراء أكتيفجن، أعتقد وأن سوني قد تقدم على شراء شركة Square Enix أو إبرام اتفاق يجعل ألعاب تلك الشركة كلها حصريات دائمة لبلايستيشن، وستكون هذه خطوة قوية أيضًا ولكنها تسير بنا إلى الاحتمال الذي لا أفضله أنا شخصيًا -ومعي الكثيرين- في أن تتحول صناعة الألعاب إلى حرب طاحنة من الاستحواذات.
الخطوة التالية التي سيكون على سوني التفكير فيها هو تسعير الألعاب بسعر 70$ والذي يجعل خدمة Game pass بديلًا أفضل للاعب العادي الذي يستهدف تجربة أكبر قدر ممكن من الألعاب كل عام.
الخطوة الثالثة ستكون دراسة منافسة خدمة Game pass بخدمة جديدة، ولكن هذا لن يعوض خسارة عناوين مثل Call of duty و Crash Bandicoot. تطوير عناوين حصرية بديلة قد يكون خيارًا متاحًا أيضًا.
في النهايةإجابة على السؤال في عنوان المقالة، لا المنافسة لم تُحسم بعد ولكنها تميل الآن لكفة مايكروسوفت بشكل كبير، الاستحواذ على بيثيسدا وأكتيفيجن يعني أن مايكروسوفت تمتلك خططًا طويلة الأمد، وخطوة قد تجبر المنافس سوني على اتخاذ خطوات مماثلة. من المبكر القول بأن ما تقوم به مايكروسوفت يعتبر احتكارًا، ولكنه بكل تأكيد يضمن للاعبي الإكس بوكس المزيد من الحصريات الضخمة، ولمستخدمي خدمة Game Pass المزيد من القيمة مقابل السعر. لننتظر ونشاهد!