مقالات

تقنية DLSS 3.5 تنقل تتبع الأشعة لمرحلة استثنائية!

مرت خمس سنوات منذ أن كشفت Nvidia عن تقنية DLSS المدعومة بأنوية Tensor تزامنا مع الإعلان عن بطاقات RTX 20، ومنذ هذا الحين أصبحت تجربة اللعب بمعدل إطارات مرتفع وجودة عالية أمراً ممكناً مع جميع بطاقات RTX، وبالطبع يطلق العملاق الأخضر إصداراً أحدث من التقنية حصرياً مع كل جيل جديد من بطاقات RTX الداعم للجيل الجديد من أنوية Tensor.

كانت تقنية DLSS 3.0 الحصرية لبطاقات RTX 40 آخر صيحات رفع معدل الإطارات في الصناعة، بقدرتها الرهيبة على خلق إطارات من اللا شيء، وها قد أتت DLSS 3.5 لتحتفظ بمزايا الإصدار السابق وتضيف عليه، ولكن لم يقتصر الأمر هذه المرة على تحسين رفع معدل الإطارات فقط، وإنما تحسين جودة تتبع الأشعة أيضاً فيما يُعرف بإعادة بناء الأشعة “Ray Reconstruction”، فما السحر الذي تخفيه لنا Nvidia مع تقنية DLSS 3.5؟!

تتبع الأشعة “Ray Tracing” حجر الأساس لتقنية DLSS 3.5:

لا يمكننا التحدث عن تقنية بناء الأشعة “Ray Reconstruction” بدون معرفة طريقة عمل تتبع الأشعة. بدايةً يقوم محرك اللعبة بتكوين المواد والهندسة الخاصة بالمشهد والتي تتمتع بخواص فيزيائية تؤثر على مظهرها وطريقة تفاعلها مع الضوء. بعدها يتم التقاط الأشعة من منظور الكاميرا وذلك لتحديد خواص مصادر الضوء وطريقة تفاعل الضوء عندما يصطدم بالمواد، فإذا كان الضوء يصطدم بمرآة، يتم تكوين انعكاسات موازية.

قد تظن أن الأمر يتم بسلاسة، ولكن ثمة مشكلة بسيطة، ألا وهي أن التقاط الأشعة الصادرة من كل بيكسل منفرد بالمشهد أمر يتطلب عتاداً خارقاً ووقتاً طويلاً، ولو كانت هذه العملية تحدث وفقاً لعمليات رندرة للمشاهد عبر تدريب مسبق يستغرق بضع دقائق أو ساعات. لذلك لا بد من استخدام عينات من الأشعة، أي إطلاق حفنة من الأشعة في نقاط مختلفة عبر المشهد لتمثيل الإضاءة والانعكاس والتظليل للمشهد بأكمله.

في النهاية تكون مخرجات العملية السابقة مشاهد مليئة بالضوضاء والفجوات والثقوب، ولكنها كافية لتحديد ماهية شكل المشاهد بعد إضافة تتبع الأشعة. لإكمال البيكسلات التي لم تلق نصيبها من تتبع الأشعة، تستخدم أدوات تقليل الضوضاء اليدوية “Hand-tuned denoisers” طريقتين مختلفتين لفعل ذلك؛ تجميع البيكسلات من إطارات مختلفة، أو محازاتها معاً بشكل متجاور لدمجها داخل المشهد، مما يحول مخرجات المشهد الفوضوية لصور داعمة لتتبع الأشعة، بهذه البساطة!

ثمة تحديات تواجه تقنية تتبع الأشعة “Ray Tracing” بدون تقنية DLSS الأحدث:

تتسم أدوات تقليل الضوضاء “Denoisers” السابق ذكرها بأنها مضبوطة يدوياً “Hand-tuned” ويتم معالجتها خصيصاً لكل نوع من أنواع تتبع الأشعة “Ray Tracing” داخل المشهد، مما يزيد من تعقيد وتكلفة عملية التطوير، كما يقلل من معدل إطارات الألعاب التي تعتمد بشكل كبير على تقنية تتبع الأشعة، حيث تعمل العديد من أدوات تقليل الضوضاء في نفس الوقت لرفع جودة الصور الداعمة لتتبع الأشعة لحدودها القصوى!

أثناء إنشاء عملية تتبع الأشعة “Ray Tracing”، تقوم أدوات تقليل الضوضاء “Denoisers” تقوم إما بجلب البيكسلات من الإطارات السابقة لزيادة التفاصيل عبر سرقة الأشعة من المشاهد السابقة، مما يهدد بمشكلة تداخل الظلال “Ghosting” وإزالة التأثيرات الديناميكية وتقليل جودة تأثيرات أخرى، وإما محازاة البيكسلات المجاورة، مما يهدد بخلط التفاصيل الرسومية وإنشاء تأثيرات ضوئية متباينة داخل نفس المشهد.

بعد إضافة تتبع الأشعة “Ray Tracing”، لم يبق سوى مرحلة أخيرة من مسار تتبع أشعة الضوء، ألا وهي عملية رفع الجودة “Upscaling”، فهي العنصر الفارق لتجربة الألعاب الأقوى رسومياً والأشد تطلباً بمعدل إطارات مرتفع. لكن مع إزالة بعض التأثيرات وانخفاض جودة البعض الآخر، تبدو محدودية أدوات تقليل الضوضاء “Denoiser” جلية في إزالة التفاصيل الدقيقة أو ما يُعرف بالمعلومات عالية التردد المطلوبة لتكوين مشاهد واضحة ونقية. لحسن الحظ، أتت تقنية DLSS 3.5 لحل هذه المشاكل.

تقنية DLSS 3.5 تنقل تتبع الأشعة لمستويات خرافية لكل بطاقات RTX!

DLSS 3.5

تتجنب تقنية DLSS 3.5 جميع مشاكل أدوات تقليل الجودة “Denoisers” بفضل عملية بناء الأشعة “Ray Reconstruction”، وهي أحد أجزاء أدوات الرندرة العصبية المُحسنة بالذكاء الاصطناعي، وذلك عبر استبدال أدوات تقليل الضوضاء المُحسنة يدوياً “Hand-tuned Denoisers” بشبكة الذكاء الاصطناعي المدربة على الحواسيب الخارقة من Nvidia، لتكوين بيكسلات عالية الجودة بين عينات الأشعة، ولجميع بطاقات RTX بما يشمل البطاقات غير الداعمة لتقنية DLSS 3.0!

DLSS 3.5

تتميز تقنية DLSS 3.5 بأنها مُدربة على كم بيانات يفوق ما تدربت عليه تقنية DLSS 3.0 بخمس مرات، مما يمكنها من تحديد تأثيرات متنوعة لتتبع الأشعة “Ray Tracing” لاتخاذ قرارات ذكية بشأن استخدام البيانات المؤقتة “Temporal” والمحيطية “Spatial” وإبقاء البيانات عالية التردد، لتقديم مستوى متقدم من عمليات رفع الجودة “Upscaling”. بفضل تدريبها مسبقاً على رندرة المشاهد، وهو ما يتطلب كماً فائقاً من القدرات الحاسوبية مقارنةً بالقدرات المتاحة أثناء رندرة مشاهد الألعاب في الوقت الفعلي، تقوم عملية بناء الأشعة “Ray Reconstruction” بتحديد أنماط الضوء من بيانات التدريب وإعادة تكوينها أثناء اللعب، مما يقدم مشاهد غاية في الروعة.

عند تشغيل لعبة Portal بدون تفعيل تقنية DLSS، تفقد أداة تقليل الضوضاء “Denoiser” صوابها أثناء محازاة البيكسلات حيث لا تتمكن من خلط بيكسلات كافية، مما يؤدي لظهور تأثيرات تشبه البقع. الوضع ليس أفضل مع تجميع بيكسلات الإطارات السابقة حيث لا تكون البيكسلات الجيدة كافية، مما يصيب الضوء بتأثيرات تشبه أدخنة الغليان. لكن فور تفعيل تقنية DLSS 3.5، يتم تحديد أنماط مرتبطة بالانعكاسات مع الإبقاء على استقرار المشاهد بالإضافة لتجميع بيكسلات دقيقة من الإطارات السابقة وخلط البيكسلات المجاورة لتكوين انعكاسات واقعية.

DLSS 3.5

ننتقل للعبة Cyberpunk 2077، عند عدم تفعيل تقنية DLSS، يصدر الضوء من المصابيح الأمامية للسيارة بشكل غير دقيق حيث يحيط بها من الجانبين، وذلك نتيجة لقيام أداة تقليل الضوضاء “Denoiser” بجلب تأثيرات الضوء من الإطارات السابقة غير آبهةً لعدم واقعية الضوء. لكن عند تفعيل تقنية DLSS 3.5، يبدو الضوء واقعياً جداً، حيث يصدر من مقدمة السيارة وينعكس على ما حولها من مبانٍ. ينطبق نفس الأمر على جميع الانعكاسات المذهلة داخل مدينة Night City، حيث تزداد جودتها ونقاؤها وواقعيتها بعد تفعيل تقنية DLSS 3.5.

DLSS 3.5

لا يمكن الاستمتاع بتجربة لعب سلسة للعبة Cyberpunk 2077 بوضع Overdrive الذي يقدم تتبع الأشعة “Ray Tracing” بشكل كامل إلا بتفعيل تقنيات DLSS المدعومة بالذكاء الاصطناعي ولو كان الحاسوب ببطاقة RTX 4090! بينما تقوم تقنية DLSS 2.0 بمعالجة الصور بجودة أقل ومن ثم رفعها بالذكاء الاصطناعي مما يزيد من معدل الإطارات بشكل كبير، تدعم تقنية DLSS 3.0 تكوين إطارات من الصفر “Frame Generation”، فيما تقوم تقنية DLSS 3.5 بتحسين تأثيرات تتبع الأشعة عبر إعادة بناء الأشعة “Ray Reconstruction”، وبجمع كل هذه التقنيات يزيد معدل الإطارات بمقدار خمس مرات عند إعدادات 4K مقارنةً بعدم تفعيل تقنية DLSS!

DLSS 3.5

لا يقتصر تأثير تقنية DLSS 3.5 على الألعاب فقط، وإنما للتطبيقات الإبداعية حظ وافر منها، فهذه التطبيقات تتضمن مجموعة واسعة من المحتوى الذي يصعب على أدوات تقليل الضوضاء “Denoisers” التعامل معه، نظراً لأنها تتطلب ضبطاً يدوياً “Hand-tuning” لكل مشهد، وهو ما يجعل جودة المحتوى دون المستوى. بفضل الشبكة العصبية، تتمكن تقنية DLSS 3.5 من تحديد مجموعة واسعة من المشاهد لتكوين صور عالية الجودة. من التطبيقات الإبداعية المُنتظر دعمها لتقنية DLSS 3.5 هذا العام هو D5 Render، ويبدو تأثير التقنية واضحاً أدناه.

DLSS 3.5

سيتمكن أصحاب بطاقات RTX 40 من الاستمتاع بما تقدمه تقنيات DLSS من مزايا الدقة الخارقة “Super Resolution”، وتنعيم الحواف بالتعلم العميق “DLAA”، وتكوين الإطارات “Frame Generation”، وإعادة بناء الأشعة “Ray Reconstruction” للحصول على تجربة لعب بأداء مرتفع وجودة عالية، وهو ما سيحصل عليه أصحاب بطاقات RTX 30 و RTX 20 أيضاً باستثناء تكوين الإطارات الذي يتطلب أنوية Tensor من الجيل الرابع. ستصل تقنية DLSS 3.5 هذا العام لألعاب Cyberpunk 2077، و Portal with RTX، و Chaos Vantage، وتطبيقات NVIDIA Omniverse، و D5 Render.

DLSS 3.5

Mohamed Tahazohier

رئيس قسمي التقنية والهاردوير في Games Mix ومدير محتوى بفروعها. خبرة تفوق 5 سنوات في التقنية وخصوصاً الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب. مهتم بصناعة الألعاب، ومحب لألعاب الشوتر والخيال العلمي. مؤسس صفحة تطبيقك على فيسبوك.
زر الذهاب إلى الأعلى