مستقبل صناعة الألعاب: أن تدخل عالم اللعبة بنفسك ولا تحتاج لجهاز ألعاب؟

تعتبر المرحلة التي نحن فيها الآن من تاريخ صناعة ألعاب الفيديو مرحلة فارقة، نقف فيها على شفا أبوابًا جديدة ستفتح لنا احتمالات جديدة. لمن لا يعرف ما يحدث الآن، فالسنوات القادمة ستشهد الانطلاق الرسمي للجيل الجديد من الألعاب برسوم أفضل وذلك بفضل محركات الرسوم الجديدة مثال Unreal Engine 5 الذي وصل بنا لمستويات خرافية ظهرت خلال الديمو التقني The Matrix Awakens. كذلك نحن على بعد سنوات من إطلاق المشروع الطموح لشركة Meta أو فيسبوك سابقًا، الميتافيرس. بين هذا السبق التقني، وذاك، أين تقع صناعة الألعاب، وكيف يمكن أن يكون شكل الصناعة بعد سنوات من الآن؟ إليك بعض العناصر التي سنراها تتوسع، فكيف يكون مستقبل الألعاب ؟

الواقع الافتراضي: لم يعد الأمر بعيدًا

يستخدم الواقع الافتراضي منذ سنوات كثيرة في التدريبات العسكرية، وفي التدريب على قيادة السيارات والطائرات في بعض دول العالم، ولكن استخدامه في الألعاب لم يبدأ إلا منذ سنوات قليلة. ونادرة هي الألعاب التي تستغل إمكانيات التقنية بشكل كامل، بل وأننا بتنا لا نطمح لأن يتم استغلال قدرات التقنية، وإنما نكتفي بالمُطالبة بالحصول على عناوين تقدم الحد الأدنى من الممكن.

ما يؤخر تقدم تلك التقنية ودخولها كل منزل هي المشاكل الصحية المُصاحبة لاستخدام الواقع الافتراضي لأوقات كثير، مثل الدوار الشديد الذي يصيب الكثيرين، والصداع والغثيان. هذه المشاكل الصحية جعلت من شركات الألعاب غير قادرة على إطلاق ميزانياتها العملاقة نحو تطوير ألعاب ضخمة تستغل هذه التقنية بسبب استخدام أعداد محدودة من اللاعبين لها. مع دخول الميتافيرس سيتغير الوضع، وقد تصبح نظارات الواقع الافتراضي كسماعات الهاتف المحمول، في كل منزل ولكل شخص النظارة خاصته، حتى وإن عانى بعض المشاكل الصحية بسببها، والتي سيتغلب عليها بالاستخدام القليل لتلك الأجهزة لكن سيأتي الوقت الذي سيكون فيه استخدام تلك الاجهزة ضروري، غير قابل للاستغناء عنه، وإنما قابل للحد منه.

تلك هي اللحظة التي تٌفتح الأبواب على مصراعيها أمام مطوري الألعاب لتقديم عناوينًا ضخمة تستغل تلك التقنية الرائعة بكامل قدراتها. سيضطر المطورين لتعلم كيفية تطوير الألعاب التي تستخدم تلك التقنية بشكل أكثر فعالية من الآن. ولكن هل يعني ذلك أننا لا نملك ألعاب رائعة تستخدم التقنية؟ بالطبع هناك ألعاب ممتازة مثل Half Life Alyx و Hitman 3 و Resident Evil 7 و The Walking dead saints and sinners، ولكنها لا تزال تفتقر للكثير لتصل لمستوى الألعاب التي لا تستخجم تلك التقنية في الوقت الحالي.

الHaptic feedback وتوسيع مفهومها:

تعتبر الHaptic Feedback هي الخاصية الأولى من نوعها في اكسسوارات الألعاب التي تُدخل حاسة اللمس في الحسبان،وتتيح للمطورين التنويع بين ردود أفعال بيئة اللعبة. هذه التقنية قد لا تكون مُستغلة الآن ولكن سرعان ما سيتم الاعتماد عليها أكثر لأنها ببساطة تقنية ثورية تدخل حاسة إضافية من الحواس الخمس في تجربة اللعب والاستمتاع بما تقدمه اللعبة من معارك أو تنقل والشعور به. تقنية الصوت المحيطي جعلت من الصوت عنصرًا مهمًا في الألعاب، وهناك بعض العاوين التي تستغلها بشكل عظيم مثل Hunt Showdown من تطوير استوديو Crytek. وهي تعزز من اندماج اللاعبين في تجربتهم، كذلك ستكون تقنية الHaptic feedback وما يليها من اختراعات ستمكننا من الشعور بالأشياء من حولنا عند دخولنا إلى تلك العوالم الافتراضية باستخدام الواقع الافتراضي. تخيل لو اخترع أحدهم تقنية تجعلك تشعر بالروائح من حولك! أعلم، هذه فكرة مجنونة ومستحيلة نظريًا، ولكن أولم تنعت الاجيال السابقة فكرة الواقع الافتراضي بالفكرة المجنونة؟

اللعب السحابي:

فكرة امتلاك اللعبة بشكل فزيائي أصبحت احتمال ضمن احتمالات عديدة أخرى، أحدهم الاشتراك في خدمة من الخدمات التي توفر لك الألعبا لفترات محدودة -طيلة فترة الاشتراك- والاحتمال الآخر هو اللعب السحابي، دون حتى امتلاك جهاز ألعاب قوي. لقد دخلت جوجل إلى هذا المجال عن طريق منصة Google Stadia ولكنها لم تستطع الاستمرار فيه لأسباب يطول شرحها، ولكنها لاتزال فكرة فعالة بفضل خدمات GeForce Now و Xbox Cloud Gaming التي تنوي مايكروسوفت التوسع فيها بشكل كبير في المستقبل.

فكرة اللعب السحابي متوفرة أيضًا عبر منصة بلايستيشن من خلال خدمة PlayStation Now التي لا تلقى استحسانًا من بعض الناس، ولكني شخصيًا أراها خدمة جيدة، تمتلك هامش تحسن عملاق.

قد تكون خدمات “تأجير الألعاب” هي مستقبل الألعاب:

حتى وإن امتلكت الأجهزة اللازمة لتشغيل الألعاب بشكل محلى من جهازك وليس عبر خدمات “البث السحابي” فإن فكرة إمتلاك الألعاب قد اختلفت كثيرًا عن السابق، وقد تختلف أكثر في المستقبل. منذ أن صدرت منصة نتفليكس لبث الأفلام والمسلسلات، تحاول صناعة الألعاب الاستفادة من تلك التجربة. عند صدور منصة الإكس بوكس ون سمعنا بأن إكس بوكس تنوي العمل على خدمة لتأجير الألعاب، ومن ثم تم التراجع عن ذلك القرار وإعطاء الضوء الأخضر لخدمة الجيم باس لترى النور، وتحقق نجاحًا باهرًا يقدر بمبلغ 128 مليون دولار من الأرباح في 2021 فقط. فكرة الخدمات التي توفر لك ألعابًا دون امتلاكها بشكل منفصل هي فكرة ليست ببعيدة تأجير الألعاب وإمكانية لعبها لفترة محددة ثم نقلها سواء بشكل رقمي أو فزيائي لشخص آخر ليستمتع بها ثم ينقلها هو الآخر. فكرة شبيهة بنوادي الفيديو القديمة لتأجير الأفلام، لكنها أكثر واقعية بفضل سرعات الانترنت الآخذة في الازدياد مع الوقت. في عالمنا العربي قد يكون هذا الموضوع أبعد بسبب خدمات الانترنت ومحدوديتها في مصر مثلًا، ولكنها ليست مستحيلة.

إذا فكرنا في دمج فكرتي اللعب السحابي، وتأجير الألعاب، فإننا بصدد فتح الأبواب لأعداد مهولة من الجماهير لتدخل عالم الألعاب، دون امتلاك أجهزة، أو ألعاب بشكل فيزيائي، وإنما امتلاك الانترنت السريع -بما فيه الكفاية – يكفي. وصدقني حين أقول لك، هناك الكثير من “اللاعبين” الذين لا يعرفون بعد مدى حبهم وشغفهم بعالم الألعاب بسبب عدم خوضهم للتجربة بعد. إنه حقًا مستقبل مجنون يا صديقي!