مقالات

كيف أصبح Elon Musk أضحوكة منصات التواصل الاجتماعي؟!

خلال الأشهر الماضية أثار Elon Musk جدلاً واسعاً منذ أن بدأ بالتخطيط للاستحواذ على Twitter، ووسط شكوك الكثيرين حول جدية الملياردير لإتمام الصفقة، إلا أنه أثبت جديته عندما أتم صفقته منذ ثلاثة أسابيع تقريباً. ينتظر الجميع حالياً التغييرات التي ستحدث لمنصة Twitter خصوصاً حرية الرأي، ويترقبون اعتلائها على عرش المنصات أثناء احتضار منصة Facebook.

لكن يبدو أن أهداف Musk السامية -كما يدعي- تواجهها بعض العوائق، ويبدو أن سقوط عصر هيمنة Facebook بصعود نجم حرية Twitter لن يتحقق قريباً، فقد بدأ Elon Musk بإحداث تغييرات مثل رفع سعر اشتراك Twitter Blue وإضافة علامة توثيق جديدة نتج عنها تبعات كارثية وتلقي انتقادات لاذعة، وكل ما يفعله Musk إلقاء تغريدات ساخرة وإحداث تغييرات حمقاء. فما الذي يحدث؟ وكيف أصبح Musk أضحوكة منصات التواصل الاجتماعي؟

لقد جاء الملاك البريء لتحرير عصفور Twitter من قفص الحرية وقضبان الاستبداد!

Elon Musk, Twitter

عندما أتم Elon Musk صفقة الاستحواذ على Twitter بدأ حملة طرد جماعية لكبار الموظفين والمسؤولين التنفيذيين بالشركة وغرد قائلاً: “لقد أصبح الطائر طليقاً”، وكأنه لم ينفق 44 مليار دولار إلا لتحرير Twitter من الأشرار الذين يمنعون العصفور الأزرق من نيل حريته! ونقصد هنا حرية الرأي التي تشدق بها Musk مراراً وتكراراً في تغريداته وتصريحاته، وهو بالمناسبة ما يجعلنا متفائلين بشأن هذه المنصة العملاقة، ولكننا لا نعرف شيئاً عما يحدث في الكواليس، فما المقابل من هذه الحرية يا Musk؟

أما الديمقراطية، فإن Musk يدعي أنها الشعلة السامية التي يحملها عالياً ويسير بها متباهياً، فقد صرح أنه لن يحظر حساب الشخص الذي تتبع مسار طائرته احتراماً لحرية التعبير رغم أن ذلك قد يهدد سلامته الشخصية. لكن يبدو أن Musk يترك ذراعه أحياناً لتبرد من حرارة الشعلة، وهذا ما اتضح بعد انتشار أنباء عن أنه يقوم بإلغاء الحظر من بعض الحسابات بدون علم أصحابها، ولا تتعاطف معه لأنه ليس بحاجة للمتابعين!

قد يتخذ Elon Musk من الحرية ستراً ملائكياً لخططه الشيطانية، فقد طرد كبار المسؤولين مثل المدير التنفيذي السابق Parag Agrawal والشريك المؤسس Jack Dorsey رغم أنهما من أعمدة المنصة تقريباً فقط لمجرد اختلاف وجهات النظر، كما أنه يريد إضافة مزايا بدون انتظار موافقة لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية بعد مراجعتها لمعايير الأمن مما دفع جميع مسؤولي الأمن بالمنصة لتقديم استقالتهم، وهذا قد يهدد خصوصية الشخصيات العامة وكبار المسؤولين الحكوميين حول العالم لأن Musk قد يستغل بياناتهم لمصالحه الشخصية، لذا فإن تحرير الطائر من قفصه قد يكون بغرض نقله لقفص أضيق!

Elon Musk المسكين بحاجة لدفع الفواتير وتقليل التكاليف!

Elon Musk, Twitter

مثل أي مستثمر، يهدف Elon Musk لتعويض المليارات التي دفعها للاستحواذ على Twitter بأي شكل من الأشكال، ولم يجد Musk أفضل من رفع سعر خدمة Twitter Blue لتكون 8 دولار بدلاً من 5 دولار. لكن استخدم Musk خدعة معروفة لإقناع المستخدمين بهذا السعر، فقد طلب جعل سعر الخدمة 20 دولار شهرياً وتوقع أن يواجه اعتراضاً شديداً، وبالفعل غرد الكاتب المليونير Stephen King أنه إذا أصبح السعر 20 دولار سيغادر المنصة، وهنا رد عليه Musk بأنهم يحتاجون لدفع الفواتير!

تبقى تنفيذ الجزء الثاني من خطة رفع سعر خدمة Twitter Blue، ليعلن Musk السعر الجديد، ألا وهو 8 دولار مقابل توفير توفير علامة توثيق جديدة، ولكن المسرحية الهزلية لم تنته عند ذلك، فقد اعترض بعض الأثرياء على السعر الجديد بينما اقترح آخرون مثل نجيب ساويرس أن يُدفع السعر لمرة واحدة سنوياً بغض النظر عن القيمة رغم علمهم التام بأن Musk لن يستمع لأي رأي معارض. دعنا من السعر ولكن ما هذا؟! أثرى الأثرياء يشكون من بضعة دولارات لن تتسبب في افقارهم ولو دفعوا مقابل الخدمة لمئات السنين بينما قد تكون الخدمة سبباً لانتهاء مسيرة بعض صناع المحتوى بسبب الربح بالسالب!

Elon Musk, Twitter

التكاليف عالية؟ هيا لنقوم بطرد نصف الموظفين! نعم، الأمر ليس مقتصر على كبار المسؤولين بشركة Twitter فحسب، فقد أكدت Twitter أنها قامت بتسريح 50% من موظفيها لتوفير تكاليف بقيمة مليار دولار مما دفع الآلاف منهم لرفع دعاوى قضائية ضد الشركة بتهمة عدم منحهم حقوقهم الكاملة بما يخالف قواعد قانون العمل. المضحك أن Emily McGarvey الصحفية بجريدة BBC صرحت أنهم حاولوا التواصل مع أحد موظفي الاتصالات لدى Twitter بشان ما حدث فأخبرهم أنه من ضمن الموظفين المُسرحين! أيضاً قدم الشريك المؤسس السابق Jack Dorsey اعتذاراً للموظفين بعد فصل نصفهم وأنه يشعر الأسف حيالهم.

حسابات مزورة بعلامات توثيق تتسبب في خسائر بالمليارات.. إنها Twitter منصة العجائب!

ظن Elon Musk أن إضافة علامة توثيق لخدمة Twitter Blue سيزيد من إقبال المستخدمين عليها رغم رفع سعرها، ولكن بدأ ينقلب السحر على الساحر لأن الكثير من الحسابات الوهمية الموثقة – لاشتراكها بالخدمة- بانتحال صفة الحسابات الرسمية، لدرجة أنه تم إنشاء العديد من الحسابات باسم Elon Musk نفسه وبعضها كان موثقاً بعلامة Twitter Blue، بل أن الممثلة الكوميدية Kathy Griffin غيرت اسم حسابها ليكون Elon Musk ليتم حظرها من المنصة، كما حذر Musk من انتحال صفة أي حساب بدون أن يتضمن اسم الحساب كلمة “Parody” أي المحاكاة الساخرة.

لم تتوقف محاولات انتحال صفة الحسابات الرسمية، وهذا دفع منصة Twitter لإضافة علامة توثيق “Official” لبعض الحسابات الرسمية لحمايتها من أي انتحال للصفة ولو كان الحساب المُنتحل موثقاً بعلامة Twitter Blue، ولكن المضحك أنه قد تم إزالة هذه العلامة ثم إعادتها ثم إزالتها مجدداً، ومؤخراً أعلن Elon Musk عن إيقاف خدمة Twitter Blue مؤخراً بسبب انتحال صفة العديد من الحسابات، ولكن قد تعود الخدمة بحلول نهاية الأسبوع.

هل توقفت مهزلة انتحال صفة الحسابات الرسمية الموثقة عند هذا الحد؟ بالطبع لا، فقد بدأت بعض الحسابات المزورة الموثقة بانتحال صفة الحسابات الرسمية لتضرب ثقة المستخدمين في علامة توثيق Twitter عرض الحائط! فقد انتحل حساب مزور صفة شركة Eli Lilly ونشر تغريدة بأن دواء الإنسولين أصبح مجانياً وهذا تسبب في خسائر فادحة لأسهم أكبر ثلاث شركات لتصنيع الإنسولين في العالم ومن بينهم شركة Eli Lilly، كما انخفضت قيمة أسهم Twitter بنسبة 3.2%، والطريف أن حساباً موثقاً آخر نشر تغريدة يدعي فيها بأنه الحساب الرسمي للشركة قبل أن يُحظر!

تغريدات ساخرة تجعل Elon Musk أضحوكة منصات التواصل الاجتماعي بامتياز!

لا أجد اختلافات جذرية بين Mark Zuckerberg و Elon Musk سوى خفة الظل بعد النجاح بالتأكيد. أيضاً، لعلك لاحظت أن Elon Musk بعد استحواذه على Twitter قد تصدر المشهد بين مُلاك المنصات، وينشر العديد من التغريدات الساخرة ويدخل في نزاعات غير مباشرة مع المشاهير، كما أنه يتفاعل بتغريدات وردود عديدة تدعو للشك بأن معظم ما يقوم به ليس من كتابته شخصياً!

لدى Elon Musk أساليب لا أتوقعها في فنون الرد، فقد رد على أخبار حظر الممثلة الكوميدية Kathy Griffin قائلاً بأنه تم حظرها لانتحالها شخصية ممثلة كوميدية، ويقصد أنها ممثلة فاشلة وأن انتحالها لشخصيته لم يكن مضحكاً! ما زلت أضحك من رد Musk حتى أثناء كتابة هذه الفقرة، ويا له من موقف محرج لا أتمناه لألد أعدائي. أيضاً بعد انتقاد الكثيرون لتخبط Twitter في قراراته ومنها علامة التوثيق التي تم إضافتها وإزالتها مرتين، غرد Musk بأن Twitter سيفعل الكثير من الأشياء الغبية خلال الأشهر القادمة! وغرد بعدها ساخراً أنه يحب أن يشكو الناس من Twitter على Twitter.

لا يمكننا إنكار أن Elon Musk رجل عبقري ويعلم جيداً ما يفعله أو كما نقول باللهجة المصرية “دماغع توزن بلد” وليس مغفلاً أو متهوراً، فنحن نتحدث عن أغنى رجل في العالم وأكثرهم تأثيراً. رغم أن مقالتنا تتضمن جانباً من السخرية، إلا أنها تحمل تذكيراً بحقيقة سوداوية مفادها أن Musk مجرد مستثمر هدفه الأول والأخير جني الأموال بدليل أنه رفع سعر اشتراك Twitter Blue ويريد إضافة متجر للمنتجات ودعم تحويل الأموال، ولكنه لا يهتم بحقوق الإنسان والديمقراطية كما يدعي وإنما يستخدم هذه المبادئ لمصلحته الشخصية فحسب.

Mohamed Tahazohier

رئيس قسمي التقنية والهاردوير في Games Mix ومدير محتوى بفروعها. خبرة تفوق 5 سنوات في التقنية وخصوصاً الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب. مهتم بصناعة الألعاب، ومحب لألعاب الشوتر والخيال العلمي. مؤسس صفحة تطبيقك على فيسبوك.
زر الذهاب إلى الأعلى