لطالما تصدرت الولايات المتحدة مشهد الألعاب بعوالم متنوعة لمعظم الولايات تقريباً وأشهرها مثل نيويورك وسان فرانسيسكو. نال قطعة من الكعكة كوكب يدعى اليابان ولكن ماذا تعني اليابان للمطورين؟ ولمَ هي الثانية في ألعاب الفيديو، كلها تساؤلات تتغذى على خلايا مخي وأنا أؤمن بأن أي شيء يدعوني للتفكير، فمن العادل الاكتراث له. كيف أثرت الثقافة اليابانية في الألعاب؟
اليابان غيرت من ألعاب الفيديو بشكل جذري تمامًا بثقافتها الخاصة والمليئة بالميثولوجيا، الألعاب اليابانية لا تجعلك فقط تعيش أجواء المغامرة الخيالية في عالم افتراضي، لكنها تحاول بجميع السبل إيصال ثقافة الشعب وتصرفاته والكثير من المعلومات العامة عن البلدة، أينعم لُعْبَة مثل Ghostwire: Tokyo أو أي لُعْبَة تحاكي الأجواء اليابانية الفريدة لا تعطيك تلك المعلومات جرعةً واحدة ولكن في الوقت ذاته تتشكل خلفية ولو بسيطة عن هذا الكوكب الشرقي.
لولا مساهمات اليابان، لما كانت لدينا صناعة ألعاب فيديو.
من كتاب حرب المنصات
غالبًا ما يرفض الكثير من الناس أي محتوى الياباني حيث يدعوه دائمًا بالجنون، ولكن هذا هو الحال غالبًا بسبب المراجع الثقافية أو التلميحات التي لا يستطيع الأشخاص غير اليابانيين فهمها فورًا، حتى أي لُعْبَة غير المألوفة بشكل أغرب ستبدو أكثر منطقية بمجرد أن يفحص اللاعب أصل عناصر معينة في اللعبة وهذا بالضبط ما سأفعله، سأريكم عدة حالات من الأساطير والفولكلور في ألعاب الفيديو اليابانية.
كانت الأفلام والكتب والبرامج التلفزيونية تستفيد من هذه الأساطير لعقود من الزمن، ولكن لم تبدأ ألعاب الفيديو في الاستفادة منها إلا مؤخرًا إلى حد ما. يمكن أن يأتي هذا في شكل إعادة صياغة رواية مباشرة لقصة تم تناقلها عبر العصور أو إعادة تصوير حديثة لمشكلة أو حرب حدثت ماضيًا. أيًا كان الحال، فإنها تؤدي إلى ظهور بعض الألعاب الرائعة.
ميثولوجيا الفولكلور الياباني
الميثولوجيا لحقت بلعبة السولز Sekiro: Shadows Die Twice التي تدور أحداثها في حقبة Sengoku اليابانية وهي غارقة في الأساطير التي نشأت من تلك الحِقْبَة. تستوحي العديد من الشخصيات والزعماء في اللعبة من الأشخاص والمخلوقات الموجودة في الحكايات الشعبية اليابانية. يمكن رؤية أحد الأمثلة الأكثر وضوحًا وبروزًا من خلال Tengu of Ashina.
يعد كل شيء إشارات مباشرة إلى المخلوقات الأسطورية المعروفة باسم Tengu، يمكن العثور على Tengu في الفولكلور الياباني وقد اتخذت المخلوقات في الأساس شكل طيور جارحة ومع مرور الوقت، بدأوا في تطوير سمات وخصائص أكثر تشابهًا مع البشر وفي الحكايات الشعبية الحديثة، الكائنات هذه تشبه بشكل لا يصدق الشخصية الموجودة في Sekiro.
ملكة الشمس، أسطورة بدأت في صناعة المجد
يبدو أننا من دون أن نرى الثقافة اليابانية، لن تولد Tomb Raider أو على الأقل سيكون أمر احياء العنوان مجددًا متطلب مجهودات أكبر في العثور على أساطير أُخرى، تدور أحداث اللعبة في جزيرة “ياماتاي” وتتركز حبكة أحداثها حول “ملكة الشمس” ، “هيميكو” كل من هذه التفاصيل مأخوذة من الفولكلور الياباني.
يُعتقد أن “هيميكو” كانت ابنة الإمبراطور “سوينين” وحكمت منطقة “ياماتاي”، هناك الكثير من الجدل في اليابان حول الموقع الفعلي لـ”ياماتاي”، مع توقع العديد من المواقع المحتملة، يقال أيضًا أن “هيميكو” كانت الكاهنة العليا لواحد من أقدس وأقدم الأضرحة في اليابان وعلى الرغم من أن قدراتها السحرية التي تم التلميح إليها في اللعبة لها القليل من الأسس الذي بُنيَّت عليها، حتى في الفولكلور.
قدسية الساموراي التي هُجّنَت بالنينجا!
مبدئيًا الألعاب هي أحد السبل المهمة لمعرفة اليابان بعيون مطورين يابانيين على عكس أي أعمال فنية أُخرى، أبرز مثال يمكننا التحاكي به لأيام هو عنوان Ghost Of Tsushima، الذي يقدس دور الساموراي ولهب الإنتقام الذي تغلب على شرف الساموراي فقط لحماية بلدته وقريته “تسوشيما”.
في كُل تفصيلة نرى الحبكة مثل اعتمادهم على الرياح في حياتهم اليومية، وفنون القتال المثيرة للفضول ونبرة الغضب التي يتحدث بها اليابانيون وقتها، كل ورقة شجر ملونة سقطت أمام عيناي جعلتني متلهفًا لركوب أقرب طائرة وإلى جزيرة تسوشيما التي ألهمت السياحة في فترة وجيزة.
هناك الكثير من الأساطير اليابانية في لُعْبَة تتمحور حول عصر “كاماكورا” باليابان، ولكن من الضروري أن يكون لديك فهم أساسي للأساطير اليابانية.
البوشيدو وتواجدها النشط!
العامل المشترك الذي جذبني بين تلك العناوين هو التركيز على الـ “بوشيدو”، الكلمة تعني في الأصل “طريق المحارب”، وهي مبادئ تخطو عليها قصص الفولكلور الياباني، وأيضاً محاربي “الساموراي”، هذه المبادئ بمثابة ميثاق شرف الساموراي لأنها لا تركز فقط على الفنون القتالية.
من أهم ما يميز تلك الثقافة المزروعة في أغلب الألعاب المحاكية للشعب الياباني القديم هي جعل البطل الساموراي متميز بثقافته دومًا، حتى لو كان ذلك يظهر بشكل دون مباشر، لكن هذا يهر في معلوماته الغزيرة عن بعض الأعداء وتخزينه لبعض القصص أو حتى الحركات كما في Ghost Of Tsushima لينفذها في أرض الواقع.
هناك الكثير من الحالات المستعصية في عقيدة “البوشيدو” الخاصة بـ الساموراي والشرف في الألعاب التي تناقش هذه العقيدة بمختلف أساطيرها، نرى ملكة الشمس وجيشها اللامتناهي متمسك جداً حتى الموت بشرفه كمحارب، ويمكننا أن نرى تحول الساموراي من عقيدته وتجرده عن عقيدته لسبيل أسمى وهذا الشرف والولاء للعقيدة يسمى بالـ “تشوجو”.
مناقشة الألعاب اليابانية لتلك الأساطير والديانات
تعتبر الأساطير فريدة من نوعها بمعنى أنها تتكون أساسًا من ديانتين لا تزالا موجودتين وممارسة حتى اليوم، في حين أنها مستوحاة من عدد من التقاليد الثقافية، أكثرها هيمنة هي “الشنتوية” و”البوذية“، “الشنتو” هي الديانة الأصلية لليابان وهي تعتمد إلى حد كبير على تبجيل الأرواح.
يمكن رؤية تشابك الأساطير والتاريخ في إضفاء الطابع الأسطوري على العصور الوسطى، المحاربين مثل الفرسان والساموراي. غالبًا ما يتم تصوير فرسان العصور الوسطى على أنهم الرجال الشرفاء الذين سعوا جاهدين ليعيشوا صفات الفروسية مثل الشجاعة، والولاء، والشرف والعدالة حين كان بعض فرسان العصور الوسطى يسعون بلا شك إلى التمسك بهذه القيم، إلا أن الكثير منهم غالباً ما ارتكب فظائع مروعة ولم تتبع مدونة الفروسية ومع ذلك، كما ناقشنا بعض أعمال بطل لعبة Ghost Of Tsushima نرى أن العمل النبيل يمكن التخلي عنه دوماً.
الثقافة اليابانية في الألعاب غزت الأكاديميات!
الثقافة اليابانية وصلت إلى مرحلة لم أكن أتصورها شخصياً في الألعاب، روح الشخص التي تحررت من الوحش، المعروفة باسم “ميتاما” في ألعاب مثل Shantae و Toukiden (احدى اساطير الفولكلور) سوف تساعد اللاعب من خلال إضفاء قوته على أسلحة اللاعب، كُل هذا قد أدى بنا إلى طرق أكثر جدية للتحليل من بعض أبرز الأكاديميات.
منذ ظهور دراسات الألعاب كمجال أكاديمي دَوْليّ قابل للتطبيق في عام 2001، استمر الباحثون في معاناتهم مع أحد أهم الأسئلة الأساسية في الألعاب الموضع بها تلك الثقافة والميثولوجيا حيث ادعي “نيكولاس إسبوزيتو” خلال عام 2005 أنه يمكن تعريف الألعاب على أنها أنشطة خيالية، لا يمكن التنبؤ بها، وغير مرتبطة بحدود الوقت والمكان أو أي من والقواعد.
وعلى عكس تلك الكلمات، قال “توماس مالابي”:
الألعاب هي أنشطة يمكن أن تستوعب أي عدد ونوع الإستكشافات وليست حرة في جوهرها، و بالتالي، قابلة للفصل من التجربة اليومية
استخدام القواعد كعنصر تعريف يجعلنا نستند إلى استخدام خصائص الألعاب في كل تعريف تقريبًا في دراسات الألعاب، ويمكن ملاحظة ذلك بواسطة تعريف اللعبة بشكل بسيط على أنها شيء تفاعلي تطوعي يتبع بها اللاعبون القواعد التي تقيد سلوكهم، وتُحدث صراعًا مصطنعًا.
الكلمة الأخيرة
تبين أن ألعاب الفيديو تحتوي على عناصر مختلفة من الأساطير، لكن الأساطير ليست موجودة في ألعاب الفيديو فحسب، بل تمتلك ألعاب الفيديو أيضًا قوة في صنع أسطورة، حيث أكد العلماء في دراسات الألعاب مرارًا وتكرارًا دور ألعاب الفيديو في بناء الأساطير وإعادة بناء وسرد أي أسطورة.
تعتبر إعادة صياغة أي أسطورة وتحديداً اليابانية لشدة تعقيدها المفتاح لفهم كيف أن ألعاب الفيديو تناقش قضايا مهمة أو حتى حدثت ولم يعفى عليها الزمن، دائماً تكمن قوة صناعة الأساطير في الجوانب التفاعلية والغامرة لألعاب الفيديو، لذا نرى اليوم استثمار رهيب في الجانب السردي لألعاب الـ AAA.
كُل هذا قد ساعد وسوف يساعد في المستقبل الصناعة بشكل ضخم، أيًا كان الموضوع التي ستتحدث عنه الألعاب القادمة التي تحتاج فحص دقيق، المهم منها لحياتنا الآن أو حتى الغير مفيدة، من المؤكد أن المستفيد في الأخير هو اللاعب الذي سينقض على فئة هدفها بشكل ما أو بآخر إثراء اللاعب بثقافة معينة وهذا هو الجانب الأكثر إشراقًا في ألعاب الفيديو .. والذي لن يموت.