مقالات

لعبة Ready or Not: محاكاة تكتيكية مذهلة!

في زمن غلبت فيه ألعاب التصويب سريعة الوتيرة واستحوذت على ساحة ألعاب التصويب، أمثال Call of Duty و Battlefield وغيرها من ألعاب الباتل رويال أيضًا، قلما تجد لعبة تصويب تكتيكية رفيعة المستوى بتجربة من طراز عالٍ، نعم هناك Escape From Tarkov و Hunt: Showdown مثلًا، ولكنها بعيدة كل البعد عن شعبية ألعاب التصويب سريعة الوتيرة على الرغم من جودة كل منهما.

هو أمرٌ مفهوم إذا سألتني، فتلك الألعاب السريعة تقدم تجارب مليئة بالحماس والإثارة بمستويات تكفي لتدمير أجهزة قياس الأدرينالين، فهل جربت اللعب في خريطة Shipment من Call of Duty أو الانخراط في أجواء الحرب بكل الطرق الممكنة على طريقة Battlefield الفريدة؟

خريطة Shipment من Call of Duty

كل ذلك جعل من ألعاب التصويب التكتيكية بطيئة الوتيرة وذات النسق الواقعي جواهر مدفونة، فهي لا تزال ألعاب تقدم تجارب لا تقل جودة عن ألعاب التصويب سريعة الوتيرة بفضل أجوائها المميزة، أو على الأقل كونها اتجاهًا مختلفًا عن ألعاب التصويب المنتشرة مع التيار حاليًا. هي ألعاب يقدّرها عشاقها القليلون بشدة ولا يكلف أحد آخر نفسَه عناء الالتفات إليها، واليوم لدينا إحدى تلك الجواهر، أعتبرها أكثر من مجرد لعبة، فهي ترقى لمستوى المحاكاة كاملة التفاصيل و”التحابيش”، على الرغم من كونها لا تزال في مرحلة الوصول المبكر، ولم تصدر بشكل كامل بعد.

ما هي Ready or Not؟

Ready or Not من تطوير ونشر VOID Interactive، وهي اللعبة الأولى للاستوديو الأيرلندي. لا تزال في مرحلة الوصول المبكر على منصة Steam فقط حاليًا، ولم يُحدد موعد الإصدار الكامل بعد. نسخة الوصول المبكر متاحة مقابل 40 دولار عبر Steam.

هي لعبة تصويب تكتيكية من منظور الشخص الأول، تحاكي السيناريوهات المختلفة لفرق العمليات الخاصة والتدخل السريع بشكل واقعي في كل جانب من جوانبها تقريبًا.

محتوى اللعبة يقوم على عدة مستويات متنوعة، عددها 14 مستوى -وقت كتابة المقال-، يمكن الاختيار بينها لإتمام إحداها في كل مرة، سواءً باللعب فرديًا رفقة زملاء أغبياء من الذكاء الاصطناعي، أو باللعب رفقة أشخاص حقيقيين، بحد أقصى 5 لاعبين في الفرقة.

لكل مستوى أهداف رئيسية، إكمالها يمنحك نقاط، مع مراعاة توقيع عقوبات بالخصم من النقاط في حال خالفت قواعد الاشتباك مثلًا، أي أنه لا يجوز إطلاق النار على عدو خاضع ومستسلم، كما أنه بالتأكيد لا يجوز الإطلاق على المدنيين حتى لو كان بالخطأ.

أسلوب اللعب: الواقعية أولاً!

فيما يتعلق بأسلوب اللعب، فإن Ready or Not تتسم بالواقعية في كل شيء فعليًا، من تحريك الشخصيات إلى أسلوب استخدام الأسلحة والعناصر التكتيكية، كل شيء موضوع في عباءة الواقعية بطريقة رائعة.

ذلك مدعوم بأنظمة تجعل اللعب التكتيكي يتجلى هنا، فهناك آلية الـ Low-Ready أو عدم التأهب التي تجعلك تتحرك بخفة وسرعة مع عدم إمكانية استخدام السلاح لصالح التحرك أسرع، كما أن الأعداء يموتون بطلقة أو اثنتين واللاعب أيضًا كذلك.

على الرغم من كل تلك الواقعية، إلا أن أسلوب اللعب ممتعٌ للغاية، ولم أشعر أنني مقيد بالحركة البطيئة أو بواقعية الأسلحة وصعوبة استخدامها. هي معادلة صعبة بالتأكيد، ولكن الاستوديو نجح في تحقيقها.

إتقان تصميم الخرائط وتنوعها يغمسك في الأجواء مباشرةً

كون Ready or Not تقوم على لعب مستويات مختلفة مرارًا وتكرارًا، فبالتأكيد عامل الجذب الأول يجب أن يكون جودة تلك الخرائط واختلاف كل منها عن الأخرى.

لعبة ready or not

في 14 خريطة متوفرة وقت كتابة هذا المقال، لكل منها أجواؤها وتوجهها الفني الخاص بها، وهو أمر يمكن ملاحظته بسهولة في كل جانب من جوانب تصميم الخريطة. كما أن هناك نسخ نهارية وليلية من الخريطة نفسها، ما يزيد من التنوعية أكثر.

تصميم الخريطة ليس خطيًا، فاللعبة تضعك على مشارف الخريطة، وتتركك لتتعامل مع الهدف كما لو كنت ضابط قوات خاصة حقيقيًا، فإذا كنت ذاهبًا لحيّ من عصابات المخدرات، تضعك اللعبة في الشارع ويمكنك البدء بأي منزل من المنازل والتنقل بينها بحرية، دون وجود أهداف تخبرك أين تذهب، أو حتى خريطة مصغرة. عليك الاستعانة بزملائك وبوعيك بالبيئة من حولك كيلا تجد نفسك تائهًا وحدك!

بخلاف عشاق هذا النوع من الألعاب، قد يجد البعض هذا القرار التصميمي مرهقًا للاعب، ولكن على عكس ذلك، أظنه عاملًا مهمًا من عوامل الواقعية هنا والذي بدوره يساعد على غمس اللاعب في الأجواء، فإذا تتساءل كيف يمكن التعامل مع مكان ضخم دون وجود خريطة أو أهداف تخبرك أين تذهب، تساءل كيف تتعامل القوات الخاصة في الحقيقة مع هذا الأمر؟ ستجد الإجابة في Ready or Not، وهي استخدام عصيان مضيئة كيميائيًا “Chemlight” يمكنك إلقاؤها في المكان الذي انتهيت من استكشافه حتى لا تعود إليه مجددًا وتتساءل إذا كنت قد أتيت هنا من قبل أم لا.

لعبة ready or not

“أين المحتوى يا رجل؟!”

لعب 14 مستوى فرديًا أو رفقة لاعبين آخرين فقط لا غير قد يجعل Ready or Not تبدو بلا محتوى فعلي، فما من قصة أو أطوار لعب مختلفة -حتى الآن-، إلا أن الأمر عكس ذلك تمامًا؛ لأن عناصر الواقعية والتنوعية في المستويات، بالإضافة إلى عنصر التحدي لحصد نقاط أعلى في كل مرة تلعب فيها، ومع قوة الذكاء الاصطناعي وتغير سلوكه في كل مرة تلعب فيها، كلها عوامل تزيد من قابلية إعادة لعب المستوى ذاته أكثر من مرة دون الشعور بالملل.

ضف على ذلك نقطة أخرى هامة، وهي أن لكل مستوى 5 صعوبات مختلفة، وهي ليست صعوبات بالمعنى المتعارف عليه، بل كل صعوبة تغير من الأهداف ومن سلوك الأعداء زيادةً على جعل إكمال المستوى أصعب بالتأكيد. فأقل صعوبة: Barricaded Suspects تجعل الهدف هو القضاء على الأعداء جميعهم وإحضار غرض ما من الخريطة أحيانًا، وصعوبة أخرى: Bomb Threat تزيد من حرارة الأجواء بإضافة قنبلة موقوتة يتعين على فريقك إبطالها مع القضاء على جميع الأعداء، والصعوبة الأعلى: Hostage Rescue تجعل هناك رهينة محتجزة لإنقاذها.

لعبة ready or not

ذلك يأخذنا لنقطة أخرى، وهي إمكانية إتمام كل مستوى بطريقة مختلفة تمامًا في كل مرة، فتارةً تقوم بخطة ما للاقتحام من مكان ما، وتارةً أخرى تخطط لفعل أمر مغاير وفقًا للعتاد المتوفر لديكم والهدف المطلوب منكم، وهو ما يأخذنا إلى النقطة التالية.

خيارات التخصيص العميق تزيد من متعة التجربة والانغماس فيها

لعبة ready or not

Ready or Not لديها نظام تخصيص كامل حينما يأتي الأمر للعتاد، فبجانب إمكانية تخصيص سلاحيْك، الأساسي والثانوي، يمكن مثلًا اختيار نوع الخوذة، بين خوذة الرؤية الليلية وخوذة مضادة للمقذوفات وأخرى مضادة للقنابل المضيئة “Flash Grenades”، وحتى قناع للحماية من الغازات. لكل منها فائدتها حسب المستوى الذي تنوي اللعب فيه.

لعبة ready or not

كما يمكن اختيار أنواع الذخيرة وعدد الخزائن التي تريد حملها، فإذا نفذت تلك الخزائن لن تجد ذخيرة أخرى حتى تنهي المستوى! والمزيد من التخصيص الكامل لكل ما يمكنك حمله كضابط قوات خاصة، وحتى تخصيص شكل العتاد والملابس.

لعبة ready or not

ذلك بدوره يضيف قيمة زائدة لإمكانية إعادة لعب المستوى ذاته أكثر من مرة، ففي مرة تلعب بـ Shield لتتقدم صفوف زملائك وتوفر الحماية، وفي مرة أخرى أنت من يقوم بالاستطلاع باختلاس النظر خلف الأبواب، والمزيد من السيناريوهات المختلفة في ظل تنوع أنواع العتاد ووظائفه.

الذكاء الاصطناعي من أهم عناصر التجربة

في لعبة كهذه لا يقل الذكاء الاصطناعي أهميةً عن غيره من عناصر التجربة المحورية، فهي لعبة تعاونية Co-op، أو لعبة PvE، كما تريد أن تسميها، المهم أن الذكاء الاصطناعي هو ما يمثل التحدي أمام اللاعب هنا، فإذا كان غبيًا أو بمستوى غير مستقر، ذلك كفيل بإفساد التجربة من اللحظات الأولى.

لعبة ready or not

الذكاء الاصطناعي هنا ينقسم لجانبين:

  • الذكاء الاصطناعي للأعداء: ممتاز ولم أواجه مشاكل معه طوال ساعات لعبي، فالأعداء يتحركون باستمرار وسيقومون بالالتفاف من حولك إذا لم تنتبه، ويكشفون ما حولهم بسهولة، كما يمكنهم سماع الأصوات ومعرفة إذا ما كنت تقترب منهم ليتأهبوا. أيضًا يقومون بأمور عشوائية وغير متكررة، فمثلًا عندما يخضع أحدهم وتقترب لتقيده قد يخرج سلاحًا آخر أو سكينًا حتى ويطعنك به بشكل مفاجئ. تمركز الأعداء وسلوكهم غير ثابت ومتغير في كل مرة تلعب فيها المستوى ذاته باختلاف الصعوبات.
  • الذكاء الاصطناعي للزملاء (عند اللعب فرديًا): هو الجانب السيئ للذكاء الاصطناعي في Ready or Not، حيث يقومون بأمور غريبة وغير مفهومة، وقد يتركونك ولا يتبعون الأوامر فجأة لتجد نفسك وحدك وسط الأعداء، كما يقفون بمواجهة الحائط عند اقتحام غرفة، كما أن طلقاتهم ليست ذات مفعول ملحوظ أمام الأعداء!
لعبة ready or not

باختصار: الذكاء الاصطناعي للأعداء رائع ويزيد من التحدي، خاصةً بعد التحديثات الأخيرة التي حسنت منه أكثر، والذكاء الاصطناعي للزملاء يحتاج للعمل بكل تأكيد.

في النهاية: مستقبل مشرق ينتظر Ready or Not

أقضي وقتًا رائعًا في Ready or Not، وهي حقًا تجربة تكتيكية رائعة ينتظرها مستقبل مشرق، إذا ما استمر الاستوديو على نفس الوتيرة من دعم اللعبة بتحديثات دورية ضخمة، وبإضافة محتوى باستمرار، فمثلًا سيكون من الرائع وجود طور قصة قوي في مثل هذه الأجواء التكتيكية.

لعبة ready or not

على الرغم من ذلك فهي ليست خالية من العيوب، فالأداء التقني يحتاج لتحسين أكثر، فاللعبة جيدة رسوميًا ولكنها ليست جبارة مقارنة بأدائها التقني. أيضًا، الذكاء الاصطناعي للزملاء كما ذكرنا، وخوادم اللعبة تحتاج لتكون أكثر استقرارًا، فخلال تجربتي للعبة واجهت بعض مرات لم أكن قادرًا على الدخول إلى مباراة جماعية. لحسن الحظ أن الاستويدو يقوم بإصلاح المشكلات باستمرار، وهذا هو الغرض من إطلاق لعبة في مرحلة الوصول المبكر على أي حال.

إذا كنت من عشاق ألعاب التصويب التكتيكية، فلابد أن تعطي Ready or Not فرصة، وإذا كنت محبًا لألعاب التصويب بشكل عام ولا مانع لديك من تجربة لون مختلف من تلك الألعاب عما هو منتشر حاليًا، فأنصحك بـ Ready or Not بالتأكيد، حتى وهي لا تزال في مرحلة الوصول المبكر، ومقابل 40 دولار.

Seif Fayed

المدير السابق لقسم الألعاب بالموقع. مهتم أكثر بألعاب التصويب من منظور الشخص الأول. لعبة تصويب جيدة ذات قصة جذابة مكتوبة بإتقان هي الخلطة السحرية بالنسبة لي. أول لعبة جذبتني لألعاب التصويب كانت Black على PS2.
زر الذهاب إلى الأعلى