منذ اللحظة الأولى التي تم فيها الكشف عن لعبة Black Myth Wukong، جذبت اهتماماً واسعاً من قبل مجتمع اللاعبين بفضل الرسوميات القوية والمبهرة التي استعرضت في العروض الترويجية الأولى. اللعبة التي طورتها استوديو Game Science، كانت ولا تزال محط أنظار الكثيرين، ليس فقط بسبب قوة الرسوميات التي تعتمد بشكل كامل على تقنيات محرك Unreal 5، بل أيضاً بفضل استخدامها لتقنيات Nvidia، مما أضاف إلى مظهر اللعبة المزيد من الواقعية والإبهار البصري. لكن السؤال الذي يدور في أذهان العديد من اللاعبين الآن: هل أوفى مطورو اللعبة بالوعود التي قدموها في العرض الدعائي الأول؟ وهل حققت اللعبة مكانتها كواحدة من الألعاب التي تقدم أفضل الرسوميات -إن لم تكن الأفضل- في الفترة الأخيرة؟ إليكم تحليل تقني لأداء لعبة Black Myth Wukong.
رسومات مذهلة مع تقنية Nanite ولكن…
تقنية Nanite، التي تعد جزءًا من مجموعة تقنيات محرك Unreal 5، كانت من العوامل الرئيسية التي ساهمت في إبهار اللاعبين عند مشاهدة العرض الترويجي الأول للعبة. هذه التقنية تسمح لمطوري Game Science بإنشاء عوالم مليئة بالتفاصيل الغنية وذات مظهر واقعي غير مسبوق في عالم ألعاب الفيديو، كل هذا مع الحفاظ على الأداء الجيد وعدم التضحية بمعدل الإطارات. تقوم Nanite بتغيير مستوى التفاصيل بشكل تلقائي ومستمر، مما يمنع ظهور العناصر بشكل مفاجئ عند تغيير مستوى التفاصيل في معظم النماذج ثلاثية الأبعاد، وهذا ما يوفر عرضًا أكثر استقرارًا وسلاسة بالمقارنة مع الألعاب الأخرى.
تعتبر تقنية Nanite نقلة نوعية في مجال النماذج ثلاثية الأبعاد، حيث تسمح بإنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد تحتوي على مليارات المضلعات دون أن يكون لذلك تأثير سلبي على الأداء؛ ونتيجة لذلك، تتمتع اللعبة برسومات مذهلة بتفاصيل دقيقة للغاية للأسطح والهياكل، وتظهر هذه التفاصيل بمستوى عالٍ جدًا من الجودة الهندسية، مما يجعل من الصعب على اللاعب اكتشاف أي حواف هندسية على أي سطح تقريبًا عند تقريب الكاميرا على المجسمات داخل اللعبة.
لكن على الرغم من قوة هذه التقنية والإمكانيات الهائلة التي توفرها، إلا أن هناك بعض الجوانب السلبية البسيطة التي يمكن ملاحظتها في الرسوميات. على سبيل المثال، للأسف الشديد، تقنية Nanite لا تعمل بشكل مثالي مع النباتات، وهذا يعني أن الشجيرات والأوراق تظهر بتغييرات في مستوى التفاصيل عند الاقتراب منها، مما يؤدي أحيانًا إلى اختفائها تمامًا أو ظهورها بمستوى تفاصيل غير واضح. يمكن أن يُعزى هذا العيب إلى استخدام اللعبة لمحرك Unreal 5.0 بدلاً من Unreal 5.1 الذي أضاف بعض التحسينات والإصلاحات لتلك المشكلة.
أحد العناصر الأخرى التي تستحق الذكر فيما يخص رسومات لعبة Black Myth Wukong هو قرار المطورين بالتخلي عن استخدام تقنية الخرائط الظلية الافتراضية (Virtual Shadow Maps أو VSMs) إلا في حالة تفعيل خيار التتبع الأشعة الكامل (Full RT). هذه التقنية الحديثة تعتبر من التطورات التي أضافتها شركة Epic Games إلى محرك Unreal، وهي مصممة لتقديم ظلال عالية الدقة وواقعية، مع تأثير أقل على أداء اللعبة، مما يجعلها مثالية للألعاب التي تحتوي على تفاصيل هندسية دقيقة وعوالم مفتوحة واسعة.
تقنية VSMs تعمل بشكل جيد جدًا مع تقنية Nanite في محرك Unreal، حيث تدمج عملية التظليل مع عملية الترصيع الخاصة بـ Nanite، مما يحسن من أداء وجودة الظلال مقارنةً بالطرق التقليدية؛ ولكن للأسف، وجد المطورون أن استخدام هذه التقنية كان سيشكل تحديًا كبيرًا من حيث الأداء، خاصةً مع الاعتماد الكثيف على النباتات في بيئة اللعبة، مما كان سينتج عنه حمل ثقيل على بطاقات الرسوميات، ولهذا السبب تم استبعادها كخيار افتراضي، ويمكن تشغيلها فقط من خلال تفعيل خيار التتبع الشعاعي الكامل (Full RT).
وبالطبع، بدون تشغيل التتبع الأشعة الكامل، فلن تكون تقنية VSMs متاحة، ونتيجة لذلك يمكن ملاحظة بعض المشاكل في الظلال مقارنة بالعناوين الأخرى التي تستخدم محرك Unreal 5. فقد تظهر الظلال بشكل غير واضح تمامًا، وأحيانًا قد يظهر كما لو أن هناك عدم استقرار في الظل نفسه، لكن إذا كانت الظلال قريبة من الشخصية الرئيسية، فقد تكون واضحة قليلاً ولكن الفرق ليس كبيرًا بشكل ملحوظ. وهذا بالطبع يمكن أن يؤثر بشكل كبير على اللاعبين الذين يستخدمون بطاقات رسوميات لا تدعم تقنية تتبع الأشعة، أو يلعبون على أجهزة مثل PS5، وحتى لو كنت تملك بطاقة تدعم تقنية تتبع الأشعة لكنها من شركة AMD، قد لا يكون من الحكمة تشغيل التتبع الأشعة الكامل عليه نظرًا لسوء الأداء العام لهذه التقنية مع بطاقات AMD.
تضيف الإضاءة والانعكاسات عمقًا جديدًا للعبة من حيث الرسومات
من الجوانب التي تألقت فيها لعبة Black Myth Wukong هو استخدامها لتقنية Lumen، التي تعد من أبرز تقنيات محرك Unreal 5، لخلق إضاءة واقعية بشكل مذهل. هذه التقنية تحاكي بدقة كيفية تفاعل الضوء مع البيئة المحيطة، بما في ذلك انعكاسه على الأسطح المختلفة وامتصاصه من قبل المواد المختلفة. ما يجعل تقنية Lumen مميزة هو قدرتها على تقديم إضاءة ديناميكية تتغير مع حركة اللاعب وتفاعله مع العالم، مما ينتج عنه تجربة بصرية غامرة لم يسبق لها مثيل.
مع تشغيل التتبع الاشعة الكامل، يتم تحسين تفاصيل الإضاءة بشكل أكبر بفضل التتبع الاشعة المستند إلى تقنية ReSTIR. الجزء الكبير من اللعبة يحدث في مناطق خارج ضوء الشمس المباشر، وبفضل تقنية Lumen أو التتبع الأشعة، تبدو جميع الزوايا المظلمة والمداخل المضاءة بالشمس مذهلة. تفاصيل الإضاءة غير المباشرة رائعة بشكل عام، مما يضيف إلى اللعبة لمسة من الواقعية التي تزيد من متعة استكشاف العالم المحيط.
تتبع الأشعة الكامل في اللعبة يعزز الإضاءة بشكل أكبر، مع تحسينات ملحوظة في الإضاءة المنتشرة التي تظهر على الأسطح الخشنة. فبدلاً من الاعتماد على تقنية SDFs، يستخدم مسار تتبع الأشعة الكامل هندسة عالية الجودة لعرض تفاصيل دقيقة مثل النباتات الصغيرة أو الأوراق التي تظهر فقط في مساحة الشاشة، وبالتالي قد تبدو أحادية اللون في التظليل أو غير مضاءة بشكل كافٍ. مع تفعيل التتبع الأشعة الكامل، يتم تتبع جميع التفاصيل الدقيقة تقريبًا بالأشعة، لذا سترى تظليلًا دقيقًا أو إضاءة مرتدة داخل هذه النباتات، مما يجعلها مدمجة بشكل أفضل في محيطها للحصول على مظهر نهائي عالي الجودة. إذا أخذت الوقت لاستنشاق البيئات المحيطة بك، فستلاحظ إضافة رائعة تعزز من تجربة اللعب بشكل عام.
كما أن تقنية تتبع الأشعة تعالج مشكلة حجب الضوء على الأشجار، مما يعطي بعض المناطق مظهرًا مظلمًا بشكل مفرط. لكن مع التتبع الأشعة الكامل، يتم تقليل التعتيم الزائد وزيادة إضاءة السماء والشمس التي تسقط على المجسمات، مما يضيء تلك المناطق المعتمة بشكل مفرط، ليمنحها مظهرًا أكثر واقعية وطبيعية.
الفرق الأكبر الذي يمكن ملاحظته مع تفعيل التتبع الأشعة الكامل يتعلق بالانعكاسات. المواد الخشنة مثل الأحجار والصخور يتم تمثيلها بدقة أكبر وبشكل واقعي أكثر، مما يسمح لك غالبًا برؤية المزيد من تفاصيل السطح في أي مشهد معين.
كما أن الماء يلعب دورًا كبيرًا في إبراز تفاصيل اللعبة، حيث أن أي لعبة تدعم تقنية تتبع الأشعة لا يمكن أن تكون مكتملة بدون وجود ماء يتم تمثيله بشكل واقعي. لعبة Black Myth Wukong قدمت انعكاسات قوية وواقعية للغاية على سطح الماء، ولكن مع عدم تفعيل تتبع الأشعة، سترى انعكاسات ضبابية وتشوهات على الماء بسبب استخدام تقنية SSR فقط. لكن مع تشغيل تتبع الأشعة الكامل، يتم حل معظم المشاكل المتعلقة بتقنية SSR، حيث يتم ضمان وجود جميع الانعكاسات بشكل كامل للشخصيات والتأثيرات التي تحدث على سطح الماء.
الإضافة النهائية في وضع تتبع الأشعة الكامل هي القدرة على توليد تأثيرات ضوئية موجهة بالأشعة في الوقت الحقيقي. أي جسم مائي في اللعبة يظهر تأثيرًا ديناميكيًا حيث يتم إعادة توجيه الضوء بواسطة سطح الماء. هذا يعني أنك تستطيع رؤية الماء يعيد إضاءة المنطقة المحيطة به، أو أنماط متماوجة على قاع الأنهار تتماشى مع تشوه سطح الماء. حتى أن حركات شخصيتك في الماء تغير عرض التأثيرات الضوئية أيضًا، مما يجعلها تتغير وتتموج بشكل واقعي للغاية.
يا تفاصيلك Game Science
بجانب ميزات التقنية الأساسية التي أتاحها محرك Unreal 5، هناك أيضًا بعض التفاصيل الأخرى المثيرة التي أضافها مطورو Black Myth Wukong، والتي تستحق الثناء بشكل خاص. على سبيل المثال، واحد من أول الأشياء التي قد تلاحظها عندما تبدأ اللعبة هو وجود ضباب كثيف يحيط بمنطقة البداية. ومع كل خطوة تخطوها، يتحرك الضباب بشكل فيزيائي رائع، وهذا يُظهر مدى القوة الهائلة للتأثيرات الجسيمية الفيزيائية التي لم نر مثلها من قبل في ألعاب الفيديو. إليكم فيديو توضيحي:
التفاعل البيئي الذي قدمته Game Science في اللعبة يظهر بوضوح عندما تقوم بالمشي بين النباتات، أو عندما تدمر الأسوار والصخور، أو حتى عند استخدام الضربات الخاصة للشخصية الرئيسية. هذا التفاعل يضيف مستوى عالٍ من الواقعية، حيث يمكن للشخصية أن تقوم بتدمير بيئات كاملة، وستجد أن كل شيء في البيئة تقريبًا له تفاعل فيزيائي مناسب. إليكم فيديو توضيحي:
التفاصيل التي أضافها المطورون تظهر أيضًا في الشخصيات، حيث يتم عرض الشخصيات بجودة مذهلة في المشاهد السينمائية، وهذا ينطبق أيضًا على الأعداء في اللعب المفتوح، حيث يمكنك رؤية تفاصيل دقيقة على وجوههم وملابسهم. هذه التفاصيل تشمل نسيجًا عالي الجودة، فضلاً عن الرسوم المتحركة الثانوية الرائعة التي تضاف إلى الحركة الرئيسية، مثل الشعر الذي يتحرك مع الرياح أو القماش الذي يتفاعل مع الحركة.
الأداء التقني: هل استغلت اللعبة تقنيات Nvidia لتقديم تجربة سلسة؟
مواصفات الجهاز الذي قمنا باختبار اللعبة عليه:
المعالج: Intel Core I5-12400F.
البطاقة الرسومية: Nvidia RTX 4070 Super 12GB.
الرامات: بحجم 16GB من نوع DDR5 بتردد 4800MT\s.
التخزين: SSD بحجم 1TB.
تم الاختبار اللعبة على دقة FHD وأقصى أعدادات رسومية مع أقصى إعدادات Full RT على الجهاز الحاسوب إليك نتائج الاختبارات:
أقصى إعدادات – دقة أصلية
- أقصى معدل الإطارات: 45 إطارًا في الثانية.
- متوسط معدل الإطارات: 35 إطارًا في الثانية.
أقصى إعدادات – تفعيل تقنية DLSS على 66%
- أقصى معدل الإطارات: 60 إطارًا في الثانية.
- متوسط معدل الإطارات: 75 إطارًا في الثانية.
أقصى إعدادات – تفعيل تقنية DLSS على 66% + FG
- أقصى معدل الإطارات: 105 إطارًا في الثانية.
- متوسط معدل الإطارات: 130 إطارًا في الثانية.
أقصى إعدادات – تفعيل FG فقط
- أقصى معدل الإطارات: 65 إطارًا في الثانية.
- متوسط معدل الإطارات: 85 إطارًا في الثانية.
على الرغم من أن اللعبة حققت تقدمًا كبيرًا في جودة الرسوميات، إلا أن أدائها كان مخيبًا للآمال. لقد اعتمدت بشكل كبير على تقنيات Nvidia لتحسين الأداء والتي أنقذت التجربة بشكل فعلي؛ ومع ذلك، كانت هناك مشكلات متكررة مثل الانهيارات المفاجئة أثناء اللعب وانخفاض معدل الإطارات بشكل غير مبرر.
الخاتمة
في نهاية المطاف، يمكن القول إن لعبة Black Myth Wukong تقدم تجربة بصرية مذهلة تجعلها واحدة من الألعاب الأكثر إبهارًا على الإطلاق. من خلال الاعتماد على تقنيات Unreal 5 وNvidia، تمكنت Game Science من خلق عوالم وشخصيات تبدو واقعية للغاية، مما يجعل اللاعبين يشعرون كما لو أنهم يعيشون داخل هذه العوالم؛ ومع ذلك، هناك بعض السلبيات الطفيفة، مثل مشاكل مع تقنية Nanite عندما يتعلق الأمر بالنباتات، والظلال التي قد لا تكون واضحة تمامًا في بعض الأحيان؛ ومع ذلك، تظل هذه اللعبة تحفة فنية تقدم تجربة استثنائية لعشاق الألعاب، وتضع معيارًا جديدًا للجودة في الألعاب القادمة.
