مقالاتهاردوير

إنفيديا: العملاق التكنولوجي الذي يقود مستقبل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة

تعد شركة إنفيديا واحدة من القوى الدافعة وراء التحولات التكنولوجية الكبرى في القرن الحادي والعشرين، وذلك بفضل إسهاماتها الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي (AI). بفضل التقدم المستمر في قدرات الحوسبة والتعلم العميق، أصبحت حلول إنفيديا جزءاً لا يتجزأ من تشكيل مستقبل التكنولوجيا، حيث تؤثر بشكل مباشر على مجموعة واسعة من الصناعات. تعتمد الشركات والمؤسسات الكبرى حول العالم على تقنيات إنفيديا، وخاصة الذكاء الاصطناعي المقدم من الشركة، بالإضافة إلى تطوير أنظمة مستقلة، وابتكار تجارب تفاعلية لم يكن من الممكن تصورها في السابق؛ وكل هذا بفضل إنفيديا. إذن، كيف تساهم تقنيات الذكاء الاصطناعي من إنفيديا في تشكيل مستقبل التكنولوجيا؟

في السنوات الأخيرة، وضعت إنفيديا نفسها في قلب ثورة الذكاء الاصطناعي، حيث تعتبر وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) من أهم العناصر في أنظمة الحوسبة المتقدمة في العالم. حيث تم تصميم تقنية الذكاء الاصطناعي من إنفيديا لتسريع الحوسبة العميقة والحوسبة عالية الأداء.

كما تم تطوير منتجات الشركة الرئيسية، مثل وحدة A200 Tensor Core GPU، لتقديم أداء لا مثيل له في مراكز البيانات، حيث تدعم الاحتياجات الحوسبية الضخمة للذكاء الاصطناعي الحديث. مع اعتماد الشركات بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتوجيه استراتيجيات أعمالها، أصبحت تقنيات ومكونات إنفيديا أمرًا لا غنى عنه.

إنفيديا

في يوم 18 يونيو، حققت إنفيديا إنجازاً تاريخياً عندما أصبحت الشركة الأعلى قيمة سوقية في العالم، وهو ما يُعدّ صعوداً هائلاً، خاصةً أنها لم تكن ضمن قائمة أفضل 20 شركة قبل بضع سنوات. في غضون عامين فقط، تجاوزت قيمتها السوقية شركات عملاقة مثل Microsoft وApple، وهو صعود سريع لم يحدث في تاريخ الشركات من قبل – وبالرغم من أن إنفيديا لم تحتفظ طويلاً بالقمة، إلا أن ما حققته يظل إنجازًا ضخمًا. – هذا النجاح الهائل كان بفضل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الهامة التي تقدمها الشركة، بالإضافة إلى الشرائح المتخصصة التي توفر القوة الأساسية لهذه التقنيات.

نجاح إنفيديا في مجال الذكاء الاصطناعي يستند إلى خبرتها الطويلة في تكنولوجيا وحدات المعالجة الرسومية (GPUs). كانت إنفيديا في الأصل شركة متخصصة في تصنيع GPUs للأجهزة لعرض الرسوميات عالية الجودة في ألعاب الفيديو؛ ومع ذلك، تطورت هذه الوحدات لتصبح معالجات متعددة الاستخدامات قادرة على التعامل مع مجموعة واسعة من المهام، خاصةً تلك التي تستخدم تقنية تُعرف باسم الحوسبة المتسارعة لتنفيذ عمليات حسابية متكررة بالتوازي دون التدخل في مهام وحدة المعالجة المركزية الأخرى (CPU)؛ وهذا يجعلها مثالية للذكاء الاصطناعي وتعليم الآلي.

إنفيديا

ثروة إنفيديا الحقيقية جاءت عندما أدرك الباحثون في مجال الذكاء الاصطناعي أن GPUs يمكن أن توفر القوة الحسابية الضخمة المطلوبة لتقنيات التعلم الآلي مثل الشبكات العصبية بكفاءة أكبر. مع زيادة الطلب على منصات الحوسبة المكلفة مثل هذه، ازدادت أرباح إنفيديا بشكل كبير.

من بين التطورات المتوقعة بشدة في مجموعة GPUs من إنفيديا هي معمارية Blackwell. من المتوقع أن تكون شرائح Blackwell محورية في أداء مراكز البيانات، حيث ستوفر تحسينات كبيرة في الكفاءة وقوة المعالجة. ستكون هذه الشرائح أساسية للشركات التي تحتاج إلى التعامل مع أعباء عمل الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، مثل مجالات معالجة اللغة الطبيعية والرؤية الحاسوبية والمحاكاة العلمية.

قدمت إنفيديا مجموعة من الابتكارات التي تعيد تعريف تجربة الألعاب بشكل كامل. من بين هذه الابتكارات، التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي مثل تتبع الأشعة في الوقت الحقيقي وDLSS (Deep Learning Super Sampling)، التي تحول بالفعل كيفية لعب الألعاب من خلال تقديم رسومات مذهلة وتجربة لعب أكثر سلاسة.

تقنية DLSS (Deep Learning Super Sampling) هي تقنية متطورة طورتها إنفيديا لتحسين أداء وجودة الرسومات في الألعاب. تعتمد هذه التقنية على الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق لرفع دقة الصور في الوقت الفعلي، مما يسمح بعرض صور ذات جودة عالية دون التأثير الكبير على أداء المعالج الرسومي. هذه التقنية قادرة على تحقيق تحسينات على أداء الإطارات تصل إلى 300% أو أكثر من المعدل الأداء الأصلي.

إنفيديا

بالإضافة إلى ذلك، قدمت إنفيديا تقنية DLSS 3.5، التي تأتي مع ميزة Ray Reconstruction الجديدة. تعتمد هذه التقنية على الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة تتبع الأشعة في الألعاب، مما يسمح بحساب وتتبع الأشعة بشكل دقيق، وهذا يجعل الصور أكثر وضوحًا وتفصيلًا، ويُعزز من استقرار تفاصيل المجسمات وآثار الإضاءة عليها، مما يقلل من التشويش ويجعل المجسمات أكثر واقعية، مع الحفاظ على معدل إطارات مرتفع.

إحدى التقنيات الجديدة التي تم تضمينها في DLSS 3.0 هي تقنية DLSS Frame Generation، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء إطارات إضافية بين الإطارات التي يتم توليدها بواسطة وحدة معالجة الرسومات (GPU). هذا يعزز من معدل الإطارات بدون التأثير على جودة اللعبة الأصلية.

في معرض COMPUTEX 2024 السابق، عرضت إنفيديا تقنيات NVIDIA ACE للذكاء الاصطناعي التوليدي، بما في ذلك تقنية “البشر الرقميين” (Digital Human) التي تُمكن من إنشاء شخصيات ديناميكية وواقعية لاستخدامها في الألعاب والتطبيقات الأخرى. هذه التقنية تُمكن برمجة الشخصيات للتصرف بأساليب متنوعة، مثل التفاعل مع أفعالك كلاعب، ومتابعة أجنداتها الخاصة. يمكن لهذه الشخصيات أيضًا تكوين علاقات وتفاعلات واقعية معك أو حتى مع شخصيات غير قابلة للعب أخرى، مما يخلق تجربة ألعاب أكثر ديناميكية.

إنفيديا

واحدة من الفوائد الرئيسية لتقنيات NVIDIA ACE هي قدرتها على التكيف مع أفعالك كلاعب. على سبيل المثال، إذا كنت عدوانيًا بشكل خاص، فقد تصبح شخصيات اللاعبين أكثر حذرًا ودفاعًا، والعكس صحيح. هذا يخلق شعورًا بالتحدي والتشويق، مما يحافظ على انشغالك واستمتاعك باللعبة. أخيرًا، يمكن لشخصيات اللاعبين غير القابلة للعب التي تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي أن تعزز جانب السرد في اللعبة، من خلال منح هذه الشخصيات شخصياتها ودوافعها وأجنداتها الخاصة، مما يتيح إنشاء قصص معقدة ومثيرة.

أعلنت إنفيديا أيضًا في ذلك المعرض عن منصة Isaac Robotics، التي تمثل طفرة في تطوير الروبوتات بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي. هذه المنصة تمكن الروبوتات من فهم وتحليل البيئة المحيطة بها بدقة عالية، مما يجعلها أدوات فعالة وآمنة في المصانع والمستودعات. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت إنفيديا نموذج Earth 2 المتطور لمحاكاة الأرض والتنبؤ بالأحداث الطبيعية المستقبلية، مما يتيح دقة غير مسبوقة في التنبؤ بالطقس والكوارث الطبيعية. أخيرًا، أعلنت إنفيديا عن تعاونها مع AMD لإطلاق سلسلة RTX AI Laptops، التي تستهدف تعزيز تجارب الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، ومن المتوقع أن تحدث ثورة في طريقة تفاعل المستخدمين مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

على الرغم من التقدم الهائل الذي حققته إنفيديا في الذكاء الاصطناعي، إلا أنها لم تنس مجتمع الألعاب. فقد كشفت عن مشروع G-Assist، وهو مساعد شخصي يعمل بتقنية RTX. مشروع G-Assist ليس بديلاً عنك في اللعب، بل هو رفيق آلي يساعدك في تحسين أداء جهازك وكفاءة اللعب من خلال تقديم المساعدة الفورية في اللعبة وتقديم اقتراحات لإعدادات اللعبة.

إنفيديا

بالإضافة إلى تقنية RTX Remix، وهي أدوات قوية للمعدلين لإحياء الألعاب الكلاسيكية المبنية على DirectX 8 وDirectX 9، بإضافة تقنيات حديثة مثل التتبع الإشعاعي وDLSS 3.5، وتحسين الأصول والمواد بدقة فيزيائية. تعتمد هذه الأدوات على منصة NVIDIA Omniverse، ومنذ إصدار RTX Remix Toolkit، استخدمها أكثر من 20,000 معدل لتحسين أكثر من 100 لعبة. كما جعلت إنفيديا أدوات RTX Remix مفتوحة المصدر، مما يتيح للمعدلين استخدامها بحرية وتكاملها مع أدوات أخرى مثل Blender وHammer، بالإضافة إلى توفير حزمة تطوير برمجيات لتوسيع استخدامها في تطبيقات وألعاب جديدة.

من خلال تحليل كل ما سبق، يتضح أن إنفيديا لا تزال تتصدر المشهد التكنولوجي بفضل إسهاماتها الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. إن التقدم الهائل الذي أحرزته الشركة لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة سنوات من البحث والتطوير المستمر في مجال الحوسبة الرسومية والذكاء الاصطناعي. بفضل تقنياتها المبتكرة، تساهم إنفيديا بشكل كبير في تشكيل مستقبل التكنولوجيا عبر مجموعة واسعة من الصناعات، من الألعاب إلى الروبوتات والطب. ومع استمرار الشركة في دفع حدود الممكن في مجال الذكاء الاصطناعي، يبدو أن إنفيديا ستكون في طليعة الشركات التي تقود العالم نحو مستقبل أكثر ذكاءً وابتكارًا.

Mohamed Ibrahim

مُحرر في Games Mix و Hardware Specialist، ومهتم بعالم التكنولوجيا الكمبيوتر والهواتف الذكية، وأعشق عالم الألعاب بكافة أنواعه منذ نعومة أظفاري خاصًة ألعاب القصص التي تتميز بتفاصيلها الدقيقة والرائعة، وطريقة اللعب الممتعة، كما أنني أحب معظم ألعاب اللعب الجماعي مثل League of Legends و Valorant.
زر الذهاب إلى الأعلى