منذ أن أعلنت يوبي سوفت عن Assassin’s Creed Shadows، كان واضحًا أن هذا القرار يحمل تحديات كبيرة، خاصة مع المنافسة القوية التي فرضتها ألعاب أخرى تناولت الفترة نفسها بأسلوب مميز، ولنا في Ghost of Tsushima خير مثال، والعام الماضي أثبتت لنا Rise of the Ronin أن هذا النوع من الألعاب ليس بالسهولة أبداً أن تنجح فيه، فماذا عن Assassin’s Creed Shadows؟ اللعبة التي تعول عليها Ubisoft في الوقوف على قدميها مرة أخرى بعد الأزمة الخانقة التي وقعت فيها..
بعد أن قضيت في اللعبة حوالي 65 ساعة، استطاعت خلالهم إنهاء القصة واستكشاف جانب كبير من المحتوى الإضافي، أقدم لكم مراجعتي لـ Assassin’s Creed Shadows، وأيضاً أناقش معكم موضوع مهم، وهو: هل كانت اللعبة مجرد محاولة لركوب الترند، أم أن لها بصمتها الخاصة؟ وهل أعادت السلسلة للمسار الصحيح؟

الفترة التاريخية لأحداث قصة Assassin’s Creed Shadows
تدور الأحداث خلال حقبة Sengoku، التي امتدت من منتصف القرن الخامس عشر حتى أوائل القرن السابع عشر، وكانت واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في تاريخ اليابان. شهدت هذه الفترة تفكك سلطة الشوغونية الإقطاعية، مما أدى إلى صعود قادة عسكريين طموحين مثل أودا نوبوناجا، الذي سعى إلى توحيد اليابان تحت حكمه.
خلال هذه الفترة، كانت اليابان مسرحًا للمعارك المستمرة والتحالفات المتغيرة، حيث تنافس أمراء الحرب (الدايْميو) على السيطرة على الأراضي. كما كانت فترة شهدت تغيرات ثقافية كبيرة، حيث بدأ الأوروبيون في الوصول إلى اليابان حاملين معهم الأسلحة النارية والمبشرين المسيحيين. ضمن هذا السياق المضطرب، يظهر ياسوكي، الذي يُعتقد أنه جاء مع البرتغاليين كعبد، قبل أن يلفت انتباه نوبوناجا، ليصبح أول ساموراي من أصل أفريقي مسجل في التاريخ.
من ناحية أخرى، كانت مقاطعة إيجا معقلًا لعشائر الشينوبي (النينجا)، الذين لعبوا دورًا رئيسيًا في التجسس والعمليات السرية خلال هذه الفترة. كانت أساليبهم في القتال غير تقليدية مقارنة بالساموراي، مما جعلهم أدوات فعالة في الحروب الخفية وصراعات النفوذ.
في ظل هذه الأحداث المتشابكة، يجد ياسوكي وناوي نفسيهما في قلب معركة ليس فقط من أجل البقاء، بل أيضًا من أجل إثبات نفسيهما في عالم يسيطر عليه النبلاء والمحاربون المخضرمون.

قصة Assassin’s Creed Shadows (بدون حرق) – حبكة تاريخية تميل إلى السياسة
تبدأ القصة بشكل قوي ومثير، وربما تكون من أفضل الافتتاحيات في تاريخ السلسلة، لكن مع تقدم الأحداث، تنحرف القصة نحو حبكات سياسية متشعبة، مما قد يُضعف تركيز اللاعبين على الخط الرئيسي. المشكلة الأكبر تكمن في مدة القصة التي تمتد لأكثر من 50 ساعة، ما يجعل السرد يتعرض للكثير من التمطيط. كان بالإمكان اختزال القصة إلى 15-20 ساعة للحصول على تجربة أكثر تماسكًا وتأثيرًا.
لكن على الرغم من ذلك، شخصيات “ياسوكي” و”ناوي” تمتاز بعمق واضح، حيث لكل منهما شخصيته الفريدة وأسبابه الخاصة للقتال. علاقتهما تتطور بشكل جذاب، ما يضيف بعدًا إنسانيًا مميزًا للتجربة. لكن القصة التي تدور في الزمن الحاضر تبقى نقطة ضعف، حيث تتبع نهج التشويق دون تقديم خاتمة مُرضية.
أسلوب اللعب في Assassin’s Creed Shadows: تنوع في الأفكار وتنفيذ متفاوت
تواصل Shadows تقديم تجربة مشابهة للأجزاء السابقة بعد أن تحولت إلى RPG، لكنها تعود ببعض التعديلات مثل تقليل تأثير الخيارات على مسار القصة، وتقليص حجم العالم لصالح تجربة أكثر تركيزًا. أحد أبرز عناصر التغيير هو وجود شخصيتين قابلتين للعب بأسلوبين مختلفين: ناوي تعتمد على التخفي والاغتيالات، بينما ياسوكي يركز على القتال المباشر. هذه الديناميكية تمنح التجربة تنوعًا كان مفقودًا في بعض الإصدارات السابقة.
لكن رغم هذا التنوع، فإن تصميم المهام يكرر نفسه بشكل ملحوظ، حيث تعتمد معظمها على التسلل إلى موقع معين أو مواجهة زعيم، دون تقديم الكثير من اللحظات السينمائية القوية أو التنوع في التحديات. لوحة المهمات (Objective Board) التي تعتمد على اغتيال أهداف محددة كانت فكرة واعدة، لكنها تتحول إلى نمط متكرر، شبيه بما قُدم في Assassin’s Creed Unity ولكن بمعدات وأفكار أقل
تحسينات الباركور ملحوظة، إذ أصبح أكثر سلاسة من فالهالا، لكنه لا يصل إلى مستوى Unity. شخصية ناوي تتميز بسرعة وخفة، بينما ياسوكي أقل مرونة ولا يستطيع التسلق بنفس الكفاءة، مما يضفي واقعية على أسلوب كل منهما. إضافة الخطاف كانت خطوة مثيرة للاهتمام، لكنها لم تستغل بالشكل الأمثل، حيث تقتصر على نقاط محددة بدلاً من استخدامها بحرية
أما بالنسبة للتسلسل، فقد شعرت ببعض خيبة الأمل، رغم أن اللعبة تأخذ التسلل على محمل الجد. واحدة من الشخصيتين القابلتين للعب هي ناوي، وهي نينجا مكرسة بالكامل لأسلوب التخفي. وخلال الديمو، بعد الجزء التمهيدي الذي اضطررت فيه للعب بشخصية ياسوكي (المقاتل القوي)، تمكنت من اللعب بناوي طوال الوقت، ولم تمانع اللعبة في اختياري لها في كل فرصة.
بفضل حجمها الصغير مقارنة بياسوكي المدرع، تتمتع ناوي بقدرة أفضل على تجنب أنظار الأعداء. يمكنها التسلل عبر الفجوات الضيقة، والاختباء في الصناديق، واستخدام خطاف التسلق للوصول إلى الأسطح غير القابلة للتسلق. ولكن بالمقابل، ياسوكي غير قادر على تنفيذ أي من هذه المهارات، مما يجعله غير مناسب تمامًا لأسلوب التسلل المعتاد في Assassin’s Creed.

من المفترض أن يكون أحد أهم العناصر الجديدة في Shadows هو نظام الإضاءة الدينمايكي الجديد، حيث يجعلك الظلام غير مرئي للأعداء، بينما يجعلك الضوء أكثر وضوحًا. يتم تمثيل ذلك بشريط على شاشة العرض يتغير حسب موقعك. كما يمكنك تدمير الفوانيس لإغراق المناطق في الظلام. نظريًا، هذه ميكانيكية مثيرة، ولكن أثناء اللعب لم أشعر أن الضوء يؤثر كثيرًا على أسلوبي المعتاد.
على سبيل المثال، حتى عندما كنت واقفًا في مكان مكشوف بشريط رؤية ممتلئ، لم يكن الأعداء يرونني إلا إذا دخلت في نطاق رؤيتهم التقليدي. بمعنى آخر، التسلل لا يزال يعتمد بشكل أساسي على خطوط الرؤية المعتادة وليس على نظام الإضاءة كما كنت آمل.
هناك تغيير إيجابي يتمثل في توزيع الأعداء، حيث أصبحت اللقاءات أكثر تحديًا مما كانت عليه في Mirage. فوجئت أكثر من مرة بدوريات ذات أنماط رؤية متداخلة، مما جعل التسلل أكثر صعوبة، وكان الحراس أكثر تصميمًا على العثور علي عند اكتشافهم لي. ولكن رغم ذلك، لا يزال بإمكانك تجنبهم بسهولة عبر التسلل إلى السطوح واستخدام الرؤية النسرية.
هناك أيضًا تغيير آخر وهو أن نظام استكشاف الأعداء لم يعد يعتمد على الطائر الجاسوس كما في الأجزاء الأخيرة، بل يتم عبر التكبير بالمنظور الثالث، مما يجبرك على التحرك جسديًا لاستكشاف البيئة والتخطيط. هذا تغيير جيد يجعلك تقضي وقتًا أطول في تحليل الموقف قبل التحرك، لكنه لا يغير بشكل جذري طريقة تنفيذ عمليات التسلل.
تمتلك ناوي ترسانة من الأدوات مثل الكوناي (سكاكين الرمي) للقتل السريع، وقنابل الدخان لإخفاء الحركات والهروب، وأجراس يمكن رميها لجذب انتباه الأعداء. كلها أدوات مفيدة، ولكنها مألوفة للغاية ولم تقدم أي ميكانيكيات جديدة مبهرة.
حتى إحدى الميزات التي تبدو جديدة، مثل القدرة على استدعاء مقاتل ضخم لمهاجمة هدف معين، ليست سوى إعادة تدوير لفكرة سهام الجنون من الأجزاء السابقة، والتي كانت تجعل الأعداء يهاجمون بعضهم البعض.
رغم أن ناوي تتمتع بشجرة مهارات تتيح تخصيص قدراتها، إلا أن معظم الترقيات تركز على القتال وليس على التسلل. وهذا محبط لأنني كنت آمل أن أجد ترقيات تسمح لي باستخدام الفخاخ أو التخفي المتقدم، ولكن أقرب ما وجدته كان قدرة تسمح بإبطاء الزمن لبضع ثوانٍ.
والأسوأ من ذلك، أن بعض المهام تجبرك على مواجهة زعماء في قتال مباشر. كان من الأفضل أن يتم إعادة تصميم هذه المواجهات لتكون تحديات اغتيال خفية، بدلًا من فرض معارك طويلة ذات أنظمة قتال تبدو وكأنها مصممة لياسوكي وليس لناوي.

الرسوم والصوتيات: مستوى تقني مبهر
رسوميًا، تعد Shadows واحدة من أجمل إصدارات السلسلة، حيث تقدم يوبي سوفت بيئة غنية بالتفاصيل مستفيدة من قوة أجهزة الجيل الحالي. تغير الفصول يضيف عمقًا بصريًا مذهلًا، سواء عبر تساقط أوراق الكرز في الربيع أو الأمطار الغزيرة في الخريف. المشاهد السينمائية متقنة، وتعابير الوجوه تعكس المشاعر بدقة عالية.
الصوتيات تواصل تميز السلسلة، بمزيج من الألحان اليابانية التقليدية ولمسات Assassin’s Creed الكلاسيكية. الأداء الصوتي للشخصيات الرئيسية كان مميزًا، وأضاف الكثير للشخصيات، مما جعلها أكثر واقعية وتأثيرًا.
الخلاصة: خطوة للأمام ولكن مع بعض العثرات
تحقق Assassin’s Creed Shadows تقدمًا كبيرًا من الناحية التقنية والسردية، وتقدم تجربة لعب متنوعة بفضل البطلين، لكنها لا تخلو من المشكلات، خصوصًا التكرار في المهام وإطالة القصة. إذا كنت من محبي السلسلة، فستجد الكثير مما يعجبك هنا، لكن إذا كنت تبحث عن تجربة جديدة تمامًا، فقد لا تقدم Shadows ما يكفي لكسر القالب الذي استقرت عليه السلسلة في السنوات الأخيرة.
يمكنني القول إن Assassin’s Creed Shadows قد تكون أفضل تجربة تخفي في حقبة ألعاب تقمص الأدوار الخاصة بالسلسلة. وجود شخصية مكرسة بالكامل للتسلل يعني أن يوبيسوفت تعطي هذا الجانب اهتمامًا أكبر من ذي قبل. ولكن رغم كل وعودهم بنظام تخفٍ يشبه Splinter Cell، لا أرى أي قفزة حقيقية في ميكانيكيات التسلل.
بالنسبة للاعبين الذين تعبوا من حقبة السفن والفايكنج والقتال المباشر، فإن عودة التسلل إلى الواجهة قد تكون كافية. ولكن بالنسبة لمن كانوا يأملون في رؤية تجربة تخفٍ متطورة ومبتكرة، فإن Shadows تبدو وكأنها Assassin’s Creed تعود فقط إلى أسلوبها المعتاد، بدلًا من أن تستكشف آفاقًا جديدة في عالم التسلل.
ملخص المراجعة
القصة - 8
أسلوب اللعب - 8
تجربة العالم المفتوح - 7
الجرافكس والأداء التقني - 9
الصوتيات - 8
8
عظيمة
لعبة Assassin's Creed Shadows حاولت استعادة هوية السلسلة عبر قصة سينمائية رائعة، لكنها لم تقدم قفزة كبيرة في تجربة اللعب. ورغم أن اللعبة ممتعة لمحبي السلسلة، فإنها لم تتمكن من ترك بصمة مميزة في فئة الألعاب المستوحاة من حقبة الساموراي، مما يجعلها تبدو أكثر كمحاولة لإعادة تنشيط السلسلة، مثل Mirage، بدلاً من إحيائها بشكل مبتكر.