منذ اللحظة الأولى التي تعرّفتُ فيها على سلسلة Forza Horizon، أدركتُ أنها ليست مجرد لعبة سباقات أخرى، بل مشروعٌ يحمل طموحًا يتجاوز بكثير مجرد اجتياز خطوط النهاية. لطالما تميّزت بطابعها الفريد؛ لا تسير على خُطى غيرها، بل ترسم لنفسها مسارًا خاصًا يجعل من القيادة تجربة تنبض بالحياة، وتُعبّر عن ذوق كل لاعب وشخصيته بطريقتها الخاصة؛ ومع كل إصدار، كنت ألاحظ كيف توسّع Playground Games رؤيتها وتفتح آفاقًا جديدة، تجعل من القيادة مغامرة حقيقية مفعمة بالإثارة، لا مجرد ممارسة روتينية خلف عجلة القيادة.
يأتي إصدار Forza Horizon 5 ليُجسّد هذا التوجّه بوضوح، لكنه هذه المرة يحمل طابعًا استثنائيًا… إذ يشق طريقه إلى جمهور PlayStation لأول مرة، بعد أن ظلّ لسنوات حكرًا على منصات Xbox؛ وهنا، لا يمكن تجاهل أهمية هذا الانتقال؛ ليس فقط لأنه يفتح الباب أمام جمهور جديد، بل لأنه يُعيد طرح سؤال جوهري: هل ستنجح اللعبة في الحفاظ على هويتها وروحها الأصلية رغم هذا التغيير الجذري في البيئة التي نشأت فيها؟

شهدنا منذ أيام قليلة انتقالًا ناجحًا للعبة Indiana Jones and the Great Circle على PS5، حيث استطاعت أن تُثبت نفسها وتكسب إعجاب الجمهور، رغم انتقالها إلى بيئة مختلفة؛ وهذا النجاح يُمهّد الطريق أمام تجربة Forza Horizon 5، التي تجد نفسها اليوم في موقف مشابه؛ اختبارٌ ليس فقط لقدرتها على الوصول إلى جمهور جديد، بل على التأثير فيه وكسب ثقته.
إصدارها على PS5 يُعد لحظة مفصلية، وفرصة لتوسيع جمهورها خارج القاعدة المعتادة، ومع الإرث الكبير الذي تحمله خلفها، تبدو التوقّعات مرتفعة… لكن، هل استطاعت أن تفي بها؟ إليكم مراجعة وتقييم لعبة Forza Horizon 5 (نسخة PS5)
قصة اللعبة
لا تمتلك اللعبة “قصة” بعينها تقليدية مثل ألعاب المغامرات، لكنها تملك إطارًا مختلفًا يجعل تجربتها فريدة.
تبدأ رحلتك كلاعبٍ مخضرم في عالم Horizon، قادمًا من نجاحاتك في بريطانيا (Forza Horizon 4)، لتجد نفسك هذه المرة في أرضٍ جديدة تنتظر استكشافها. تصل إلى المكسيك على متن طائرة شحن، لتنطلق بسيارتك من الجو إلى الأرض في افتتاحية ملحمية، تُشبه أكثر مشاهد أفلام الأكشن.

لكن هذه ليست مجرد سباقات؛ فالمهرجان يسعى للتوسّع في كل أنحاء البلاد، من الصحارى إلى الغابات المطيرة، ومن المدن الاستعمارية إلى البراكين الخامدة. وستكون أنت القائد الميداني لهذا التوسّع، حيث تقوم بجمع المتسابقين، واستكشاف الطرق، وصناعة لحظات لا تُنسى في كل منطقة تزورها.
تُكلّف بمهام متنوعة: تصوير مشاهد أفلام، تسلّق المرتفعات الوعرة، قيادة سيارات كلاسيكية وسط العواصف الرملية، بل حتى مساعدة السكان المحليين في مشاريعهم الخاصة. ومع كل تحدٍّ، تبني سمعتك، وتُفتح أمامك فصول جديدة من المهرجان، وتُمنح حرية تشكيل تجربتك كما تحب.
محتوى اللعبة
من اللحظة الأولى التي بدأتُ فيها رحلتي في Forza Horizon 5، شعرت أنني لا أعيش مجرد تجربة سباق تقليدية، بل أنني داخل عالم متكامل نابض بالحيوية والتفاصيل. منذ الدقائق الأولى، يتّضح أن اللعبة صُمّمت لتمنح اللاعب شعورًا حقيقيًا بالحرية والانغماس، وكأنك جزء من مهرجان لا ينتهي.

الخريطة التي تقدّمها اللعبة لا تُعدّ الأكبر في تاريخ السلسلة فحسب، بل هي الأثرى من حيث التنوّع والثراء البصري. يمكنك أن تنتقل بسلاسة من مدينة مكسيكية مفعمة بالألوان والحياة، إلى غابة مطيرة يكسوها الضباب، ثم إلى صحراء مترامية الأطراف تخترقها العواصف الرملية التي تُحدث تحوّلًا مفاجئًا في ظروف السباق. هذا التنقّل المستمر بين البيئات يمنح كل سباق طابعًا خاصًا، ويُبعد عنك شبح التكرار والملل، ويجعلك دائمًا في حالة ترقّب لما ينتظرك خلف الأفق.

أما عن السيارات، فهنا يكمن سحر اللعبة الحقيقي. لا نتحدّث فقط عن أكثر من 850 سيارة مرخّصة بدقة مذهلة، بل عن تجربة تجعلك تشعر أن لكل سيارة “شخصية” خاصة بها. التصميم الخارجي يُحاكي الواقع بأدق تفاصيله، لكن الأجمل أن الصوت والانسيابية وأسلوب القيادة يختلف من سيارة لأخرى، وكأنك تختبر كل مرة أداة جديدة للتعبير عن نفسك على الطريق. ومع خيارات التخصيص الواسعة، تجد نفسك لا تكتفي بتغيير الألوان أو العجلات، بل تذهب إلى أعماق أداء المحرّك، نظام التعليق، وحتى صوت العادم، لتصنع تجربة قيادة فريدة لا تشبه سواها.
وما يجعل هذه التجربة أكثر تميّزًا هو الكم الهائل من الأنشطة التي تُقدَّم للاعب بشكل مفتوح وغير إلزامي. اللعبة لا تقيّدك بنمط واحد، بل تمنحك الحرية الكاملة لاختيار ما تريد فعله، في الوقت الذي يناسبك. يمكنك خوض سباقات تقليدية على الطرق المُمهَّدة أو الانطلاق في تحديات على الطرق الوعرة تتطلب تحكّمًا عاليًا في السيارة، أو حتى دخول عالم سباقات الشوارع الليلية حيث تتداخل الموسيقى مع أضواء المدينة في أجواء ساحرة. وهناك المهام القصصية التي تتنوع بين توثيق السيارات الكلاسيكية، والتقاط صور نادرة، والمشاركة في أفلام أكشن كسائق محترف، وكلها تضيف لمسة سينمائية للتجربة.

ولم تخلُ اللعبة من لحظات الجنون الممتعة، كالقفز من منحدرات شاهقة في تحديات الخطر، أو مطاردة اللافتات المخبأة في أماكن يصعب الوصول إليها، أو التنافس في سباقات Drift تتطلب مهارات دقيقة في الانزلاق والتحكم. حتى نمط The Eliminator، الذي يجمع بين سباقات السيارات والبقاء، جاء ليقدّم تجربة مختلفة تمامًا، مليئة بالإثارة والتحدّي، إذ تبدأ بسيارة بسيطة وتسعى للنجاة في خريطة تتقلص تدريجيًا بينما تتحدى الآخرين في مواجهات مفاجئة.

وحين ترغب في التعبير عن خيالك، يمكنك أن تتحول من لاعب إلى مخرج سباقات بفضل أداة EventLab التي تتيح لك تصميم فعالياتك الخاصة، وإنشاء مضامير وتحديات تتماشى مع أسلوبك، ثم مشاركتها مع مجتمع اللاعبين، لتصبح جزءًا من الإبداع الجماعي الذي تزدهر به اللعبة.
ولم تتوقّف المفاجآت عند هذا الحد، فقد أتت اللعبة مدعومة بتوسعتين كبيرتين أضافتا أبعادًا جديدة للتجربة. توسعة Hot Wheels أخذتني إلى عالم خيالي مذهل، حيث تجري السباقات على مسارات معلّقة في الهواء بتصاميم حلزونية مجنونة وألوان براقة، وشعرت كأنني داخل لعبة أطفال بحجم العالم. أما توسعة Rally Adventure فقدّمت لي مغامرة في أعماق الجبال والوديان، حيث تتحداني الطبيعة نفسها على مسارات وعرة، بأسلوب أقرب إلى سباقات الرالي الحقيقية، مع خريطة جديدة تمامًا تشعرك بأنك تلعب لعبة مختلفة ولكن بنفس الروح.
أسلوب اللعب
- منذ اللحظة الأولى التي جلستُ فيها خلف عجلة القيادة في Forza Horizon 5، أدركتُ أنني لا أخوض مجرد لعبة سباق تقليدية. كانت التجربة مختلفة منذ أول ثانية، وكأن اللعبة لا تريد منك فقط أن تقود، بل أن تعيش القيادة كجزء من يومك، بأسلوب مريح ومليء بالإثارة في آنٍ واحد.
- هنا، لا تُفرض عليك قوانين معقّدة، ولا تُلقي اللعبة بثقل المحاكاة فوق كاهلك، بل تمنحك حرية مطلقة وتقدّم أسلوب لعب يُوازن ببراعة بين الواقعية والمرح، دون أن يفقد أيٌّ منهما بريقه.

- بمجرد أن أمسكتُ بذراع التحكّم، شعرتُ بانسجام فوري بيني وبين السيارة. لا حاجة لفترة تكيّف أو تدريب طويل؛ كل شيء بدا طبيعيًا وغريزيًا. كل مركبة تختبرها تملك طابعًا خاصًا لا يُشبه غيرها، سواء من حيث الصوت أو الأداء أو حتى الإحساس على الطرق المختلفة. تشعر أن كل سيارة لديها شخصية، وتلك الشخصية تتغيّر مع تغيّر البيئة من حولها.
- أكثر ما يجعل أسلوب اللعب متجدّدًا هو التنوع الكبير في الأنشطة التي تضعها اللعبة بين يديك. لم أكن مقيدًا بمسار معيّن أو نوع واحد من التحديات، بل كنت أتنقّل بحرّية بين سباقات الشوارع، واستعراضات القيادة، والاختبارات الزمنية، والمغامرات على الطرق الوعرة.

- الطقس والمواسم الديناميكية كان لهما دورٌ مؤثر في تعزيز الإحساس بالحياة داخل اللعبة. قد تبدأ سباقًا في جوٍّ مشمسٍ مثالي، ثم تتحوّل الأجواء فجأة إلى عاصفة ممطرة أو ضباب كثيف يفرض عليك إعادة التفكير في أسلوب قيادتك. هذا التغيّر المستمر يضيف عنصر المفاجأة ويكسر الرتابة، لتبقى كل تجربة قيادة جديدة ومختلفة، حتى وإن كنت على الطريق نفسه.
- وعندما ترتكب خطأ أثناء أحد السباقات، سواء كان تصادمًا أو فقدانًا للتحكم في منعطف صعب، تمنحك اللعبة فرصة فورية لإصلاحه عبر خاصية “إرجاع الوقت”. هذه الميزة تضيف طابعًا مرنًا على السباقات، وتُجنبك الشعور بالإحباط من خسارة سباق بسبب لحظة عابرة. بدلًا من إعادة السباق بالكامل، يمكنك ببساطة العودة بضع ثوانٍ للوراء ومواصلة اللعب بسلاسة، مما يجعل الإيقاع العام للتجربة أكثر انسيابية ومتعة.

- أما على مستوى التحدّي، فقد كانت المنافسات ممتعة، سواء ضد الذكاء الاصطناعي أو عبر الإنترنت. الذكاء الاصطناعي يحاول التأقلم مع أسلوب لعبك، لكن في بعض الحالات شعرتُ أن التوازن مفقود قليلًا؛ فبعض السباقات كانت أسهل بكثير من غيرها، بينما وجدتُ نفسي أواجه صعوبات مبالغًا فيها في أماكن أخرى دون سبب واضح. ورغم ذلك، ظلت المواجهات ممتعة وتحمل روح التنافس.

- العنصر الذي نقل تجربتي إلى مستوى جديد تمامًا كان الدعم الرائع الذي تقدّمه اللعبة لخصائص وحدة تحكّم PS5 DualSense. لم تكن القيادة تفاعلًا بصريًا فقط، بل أصبحت تجربة حسّية كاملة. تقنية Haptic Feedback قدّمت لي إحساسًا حقيقيًا بكل تفصيلة تمرّ بها السيارة، من ارتطام الإطارات بالحصى، إلى الارتجاجات الطفيفة عند الهبوط من ارتفاع. وميزة Adaptive Triggers أضافت بُعدًا واقعيًا آخر؛ إذ شعرتُ أن زر الكبح نفسه يُقاومني حين أضغط عليه بقوة، وكأنني أحاول إيقاف سيارة تنزلق على طريق زلق في الحياة الواقعية.
إيجابيات التجربة
- اللعبة تقدم تجربة قيادة تجمع بين الواقعية والمتعة دون أن تميل لإحداهما على حساب الأخرى، ما يجعلها مناسبة للمبتدئين والمتمرسين على حدٍّ سواء. كل سيارة تشعر أنها مختلفة فعلًا، وتستجيب بذكاء لطبيعة الطريق والتضاريس.
- خريطة ضخمة ومتنوعة بصريًا؛ حيث أن الانتقال السلس بين الصحارى، والغابات، والمدن، والجبال يجعل كل سباق تجربة جديدة بحد ذاته. البيئة ليست مجرد خلفية، بل عنصر تفاعلي يغيّر مجريات اللعب ويضيف عمقًا بصريًا فريدًا.

- تشكيلة سيارات هائلة مع تخصيص دقيق؛ أكثر من 850 سيارة مرخصة من شركات حقيقية، مع إمكانية تخصيص تشمل كل جوانب الأداء والمظهر. تشعر أن لكل سيارة “شخصية”، ويمكنك ضبطها بما يناسب أسلوبك الخاص.
- فعاليات متنوعة وتفاعلية؛ تتراوح بين سباقات تقليدية، واستعراضات، وتحديات زمنية، ومهام شبه سينمائية، مع دعم لأداة EventLab التي تتيح لك إنشاء محتوى خاص بك ومشاركته مع اللاعبين.

- التغييرات المفاجئة في الطقس وتبدّل المواسم تؤثّر بوضوح على أسلوب القيادة، حيث قد تتحوّل الأجواء فجأة من مشمسة إلى ممطرة أو مغبرة، مما يُغيّر ظروف السباق ويضيف عنصر مفاجأة يجعل كل جولة مختلفة عن الأخرى.
- دعم DualSense مذهل؛ الـHaptic Feedback والـAdaptive Triggers يقدمان تجربة قيادة حسّية وواقعية.
سلبيات التجربة
- ذكاء اصطناعي غير متوازن؛ أحيانًا تكون بعض السباقات سهلة للغاية، وأحيانًا أخرى صعبة بشكل غير مبرر، مما يُفقد بعض الجولات توازنها المطلوب.

- قصة سطحية أو شبه غائبة؛ رغم أن اللعبة تُقدّم مهامًا سردية جذابة، إلا أنها لا تملك “قصة” حقيقية تقودك، وهو أمر قد لا يُرضي محبي ألعاب التقدّم القصصي المتكامل.
هل أنصحك بشراء لعبة لعبة Forza Horizon 5 (نسخة PS5)
بكل تأكيد.
سواء كنت لاعبًا جديدًا على السلسلة، أو من المتابعين القدامى الذين انتظروها على PlayStation، فهذه اللعبة تستحق مكانها في مكتبتك. تجربتي مع Forza Horizon 5 على PS5، أستطيع أن أقول بكل ثقة إنها ليست مجرد لعبة سباق، بل تجربة متكاملة تُجيد المزج بين الحرية والمتعة، وبين الواقعية والخيال، بأسلوب يجعل كل لحظة تقضيها خلف عجلة القيادة تستحق.
مُلخص المراجعة
أسلوب اللعب - 9
التجربة البصرية والسمعية - 9
الفيزيائيات وتجربة القيادة - 9
التخصيص والتعديل - 9
الأداء التقني - 9
9
تحفة فنية
لعبة Forza Horizon 5 ليست مجرد لعبة سباق، بل تجربة قيادة تنبض بالحياة والإبداع. مع تنوّع مذهل في المحتوى، وتكامل رائع مع قدرات PS5، تُثبت اللعبة قدرتها على إبهار جمهور جديد دون أن تفقد هويتها.