مراجعة Life is Strange Remastered Collection

سلسلة Life is Strange هي واحدة من أروع الألعاب -إن لم تكن أفضلهم- التي تركز على الجانب القصصي وسرد القصة بطريقة سينمائية ممزوجة مع أسلوب اللعب بطريقة فريدة حيث تصنع قراراتك الفارق، ورسومات غير معهودة كثيرًا تتميز بها السلسلة، فهي تلك التجربة التي تبحث عنها عندما تودُّ الاسترخاء واللعب دون بذل مجهود أو تركيز كبير حتى تندمج مع التجربة في أجواء هادئة، فتعيش مع قصة مكتوبة ومعروضة بطريقة مميزة وإبداعية، حيث تعتمد الأحداث بشكل كبير على اختياراتك. السلسلة من نشر Square Enix ومن تطوير استوديو Deck Nine و DontNod Entertainment، ويُذكر أن العنوان الأول منها حصل على جائزة BAFTA المقدمة من الأكاديمية البريطانية لأفضل لعبة.

الحزمة التي نتحدث عنها اليوم تتضمن لعبتين: العنوان الرئيسي الأول من السلسلة “Life is Strange” والذي صدر لأول مرة في 2015 على هيئة حلقات متتابعة، والعنوان المشتق “Life is Strange: Before The Storm” الذي صدر في 2017 في صورة حلقات أيضًا. الآن نحصل على نسخة محسنة من كليهما في حزمة واحدة. لنلقِ نظرة شاملة على كلتا اللعبتين، وبالأخص على تلك التحسينات من الناحية الرسومية والتقنية على حدٍ سواء، وهل هناك إضافات تُذكر أم مجرد إصلاحات لمشكلات كانت موجودة سابقًا؟

علامَ تحصل عند شراء حزمة Life is Strange Remastered Collection؟

عند شرائك لحزمة Life is Strange المحسنة، والتي تأتي بسعر 40 دولارًا، تحصل على التالي:

• Life is Strange Remastered
• Life is Strange: Before The Storm Remastered
• الأغاني الأصلية من كلتا اللعبتين
• أزياء إضافية لـ Chloe في Before The Storm
• حلقة “Farewell” الإضافية في Before The Storm

عمود التجربة الأساسي: القصة المميزة (بدون حرق)

قصة Life is Strange

قصة Life is Strange تروي أحداث الطالبة الجامعية الهادئة والخجولة “Max Caulfield” صاحبة الـ18 عامًا في خمس حلقات، كل منها تدوم لساعتين أو أكثر تقريبًا. تكتشف Max أن لديها قوة خارقة واستثنائية تمكنها من الرجوع بالزمن لتغيير قراراتها أو لتصحيح أخطاء الماضي، ومع محاولة فهمها لمصدر قوتها وسبب وجودها أصلًا، تسعى Max لتفسير الرؤى والكوابيس التي تراودها حول نهاية العالم وحلول كارثة على مكان تواجدها: مدينة “Arcadia Bay”، وخصوصًا عندما تعلم أن تلك الكارثة ستحدث في خلال أسبوعٍ واحد. كل ذلك بصحبة صديقتها المفضلة “Chloe Price”. لكن للأسف، الأمور لا تسري كما يُراد، وعبث Max بالزمن لا يمر مرور الكرام.

القصة خرافية بالتأكيد، دون ثغرات أو مفارقات كبيرة، وبالأخص أن القصة تتناول موضوعًا شائكًا أصلًا من حيث المنطقية: السفر عبر الزمن، ولكن القصة تعطيك أسبابًا ومبررات لأغلب ما يحدث -ليس كل شيء يتم تفسيره-، حتى وإن لم تكن أكثر الأسباب منطقيةً.

أحداث القصة التي تمتد لـ 5 حلقات، كل حلقة تستغرق 3 ساعات تقريبًا لإنهائها، مليئة بالعواطف والمشاعر المختلطة المؤثرة، بين الفرح والحزن والتعاطف والغضب والصدمة، القصة تؤدي ذلك بامتياز، وبالأخص بعد البناء الهادئ والرائع للأحداث والشخصيات -الرئيسية والفرعية- منذ البداية.

تعقيبي الوحيد على القصة هو زيادة الأمور تعقيدًا نحو النهاية دون وجود مبررات كافية لما يحدث، فمنذ البداية ورغم أنك تجد نفسك في صلب الأحداث مباشرة، إلا أنه كانت هناك مبررات منطقية للأحداث والظواهر “الخارقة”، ولكن نحو النهاية تزداد الأمور تعقيدًا في عدم وجود أسباب ومبررات كافية من اللعبة كما ذكرت، مما يجعل بعضَ ما يحدث يصعب تفسيره حتى بمعايير عالم Life is Strange، وهو ما أعتقده ليس أكثر من كسل من المؤلفين.

قصة Life is Strange: Before The Storm

قصة العنوان المشتق Before The Storm تقع أحداثها قبل ثلاث سنوات تقريبًا من أحداث العنوان الرئيسي الأول في السلسلة، حيث نتعرف أكثر على حياة Chloe المراهقة ابنة الـ16 عامًا وصراعاتها مع ماضيها واكتشاف ذاتها، بينما نتعرف على حقيقة علاقتها بـ Rachel والصعوبات التي تواجههما.

على عكس الجزء الأول، قصة هذا الجزء ليست على نفس القدر من التشويق والإثارة في الأحداث وحتى الشخصيات الجانبية. القصة الرئيسية تعلنها وتجعل الأمر واضحًا منذ البداية عن وجود تلك “الأجندة” التي نعلمها جميعًا، وعلى عكس قصة الجزء الأول، تلك “الأجندة” هنا إجبارية ولا يمكن تفادي سريان الأحداث في ذلك الاتجاه عن طريق الاختيارات مثلًا. للأسف، هذا الجانب هو ما تعوّل عليه القصة تعويلًا أساسيًا مما يجعلها فقيرة بشكلٍ كبير من نواحٍ كثيرة مقارنةً بالجزء الأول.

القصة في هذا الجزء وقعت في فخ الإسهاب والحشو غير المبرر، فأحداثها التي حُكيت في ثلاث حلقات كان الممكن تقديمها في حلقة واحدة طويلة، فتلك الحلقات الثلاث كان لابد أن يتم تقديم الشخصيات الجانبية الجديدة بشكل أكبر للتعرف إليهم أكثر وعلى علاقة كل منهم بأبطال قصتنا كما كان الحال في الجزء الأول، لكن معظم القصة هنا تعتمد على عدد من الشخصيات الجانبية التي تم تقديمها سابقًا في الجزء الأول، دون حتى التعمق في هذه النسخة الأصغر عمرًا منهم، مع “حشو” الكثير من المشاهد بين “Rachel” و “Chloe” التي لا يضيف أغلبها الكثير في العلاقة بينهما. أي أنه حتى الجانب الأساسي الذي تراهن عليه القصة بشكل كبير -وهو فقير في حد ذاته- ليس بالجودة المنتظرة.

أسلوب السرد المتنوع والفريد

قوة القصة وروعتها ليس لها أن تتجلى سوى مع سردٍ مميز، وهو ما تقدمه سلسلة Life is Strange. إيقاع الأحداث وحرارتها يزدادان بشكلٍ تصاعدي في كل حلقة بشكلٍ ملحوظ ومثير للإعجاب، حتى يصل الحماس والفضول إلى القمة في نهاية كل حلقة، حتى تحتد الأجواء تمامًا في الحلقات الأخيرة بأكملها.

السرد هنا يعتمد على المحادثات مع الآخرين والتفاعل مع العالم من حولك، فقراءة المنشورات ومتابعة نشاط إحدى الشخصيات وعلاقتها مع شخصية أخرى مثلًا، كلها تُكسبك معلومات أكثر عن عالم اللعبة وشخصياتها، معلومات مهمة وأساسية في فهمك للقصة بشكل طبيعي، وليست مجرد محتوى جانبي. أيضًا عندما تتحدث الشخصية الرئيسية “Max أو Chloe” مع نفسها، دائمًا ما تكون تلك المحادثات مع النفس مفيدة ومهمة في معرفة الأحداث، بالإضافة إلى قراءة مذكرات “Max” ومحادثاتها مع أصدقائها من الهاتف يساعدك على معرفة الشخصية أكثر وفهمها من زوايا متعددة.

إحدى مميزات أسلوب السرد هنا هي الاستغلال الأمثل لقدرة العودة بالزمن، فاللعبة تضعك في أكثر من مناسبة في مكانٍ سبق وتواجدت فيه من قبل، ولكن هذه المرة أنت تعلم الكثير والكثير عن كل شخصية متواجدة، بل وتعلم مصير كل واحدة منهم! بالطبع هنا تختلف نظرتك للمشهد كليًا عن المرة السابقة، وهو ما تعلمه اللعبة وتركز عليه، مما ينعكس على حواراتك الجديدة مع نفس الشخصيات، فأنت عائد إليهم من المستقبل يا صديقي!

التحسينات الرسومية

الآن وبعد 7 سنوات تقريبًا من إصدار الجزء الأول، ما التحسينات التي تقدمها الحزمة المحسنة؟ وهل تستحق الشراء أم الاكتفاء بالنسخ الأصلية من اللعبتين سيؤدي الغرض؟

التحسينات التي أُعلن عنها بشكل رسمي

• تزامن حركة الشفاه مع الكلام المنطوق بشكل واقعي.
• تعبيرات وجه جديدة تعبر عن مشاعر الشخصية بواقعية أكثر، مما يجعل التجربة أفضل بكثير.
• تحسين جودة نماذج الشخصيات بجودة تصل إلى 4k.
• تحسين نظام الإضاءة بالكامل.
• تعديل طفيف لنظام الألغاز.

كيف تبدو هذه التحسينات فعليًا داخل اللعبة؟

• وجوه “بعض” الشخصيات تم تحسينها بشكلٍ ملحوظ فعلًا مع وجود تفاصيل جديدة في ملامحها.
• تعبيرات الوجه كحركة العين والحاجب أيضًا تحسنت كثيرًا، مما ينقل مشاعر الشخصيات بشكل أكبر.
• تزامن حركات الشفاه تم تحسينه كثيرًا بالفعل.
• اتجاه النظر ومكان العين أصبح أكثر واقعية، ففي الأجزاء الأصلية كانت الشخصيات تبدو وكأنها تنظر في اتجاه ليس من المفترض أن تنظر فيه.
• حركة الشعر أصبحت أكثر واقعية، والشعر المُبلل أيضًا أصبح أفضل من ذي قبل.
• الدموع أصبحت أكثر واقعية.

ولكن للأسف ليست جميع التحسينات كما ظنناها، مع وجود كم كبير من الأخطاء التقنية “Glitches” التي لم تكن موجودة أصلًا في العناوين الأصلية، كما أن بعض التحسينات تقتصر على عناصر محدودة في اللعبة مما يجعلها غير مكتملة، وهو ما نتناوله في السطور التالية.

سلبيات الحزمة المحسنة من Life is Strange

– أخطاء تقنية بالجملة فيما يتعلق بالإضاءة. في أحيانٍ كثيرة تظهر الشخصية مضيئة للغاية أو مظلمة للغاية عند تغير زاوية الإضاءة. إضاءة الكشاف غير واقعية إطلاقًا وتظهر كأن الهاتف مضيء من زاوية مختلفة تمامًا.

– ظهور بقعة بيضاء في منتصف الشاشة في أكثر من مناسبة.

– التحسينات البصرية لا تشمل سوى الشخصيات الرئيسية وبعض الأماكن، ونحو نهاية القصة نجد أن المستوى الرسومي ينخفض بشكلٍ ملحوظ.

– تعطُّل الترجمة في أوقات كثيرة وظهور الكود البرمجي الخاص بها.

– تزامن حركة الشفاه مع الكلام عند الشخصيات الثانوية هو الآخر ليس بنفس جودته في الشخصيات الرئيسية، وبعض الشخصيات والمشاهد تبدو وأنها لم يتم تعديل أي شيء فيها.

– عدم إضافة أية مشاهد جديدة، ولم يتم تحسين المشاهد الموجودة من الناحية السينمائية.

– عدم إمكانية تخطي المشاهد عند لعب نفس الحلقة مجددًا في وضع الـ Collectible.

في الحقيقة أن أغلب هذه المشاكل يسهل حلها بتحديثات مستقبلية، والجدير بالذكر أن الاستوديو أكّد أنه سيتابع ردود الأفعال من اللاعبين ويعمل على إصلاح أية مشاكل أو أخطاء.

أخيرًا.. هل أنصحك بشراء الحزمة المحسنة من Life is Strange؟

هذا يتوقف عليك عزيزي القارئ، فإذا سبق لك ولعبت الأجزاء الأصلية وتود استعادة الذكريات، أنصحك بلعب الأجزاء الأصلية مجددًا وعدم شراء هذه الحزمة.

أما إذا لم يسبق لك أن تلعب هذين اللعبتين، بالتأكيد أنصحك بالحزمة المحسنة، فعلى الرغم من الأخطاء التقنية، هي تجربة تستحق أن تخوضها بالطبع، وإذا نويت ذلك أنصحك بإحضار الكثير من المناديل للتعامل مع الدموع التي حتمًا ستسقط، وألا تُصاب بالملل وأن تتحلى بالصبر في البدايات.