مقالات

تسعير ألعاب الفيديو المجحف: كيف أثرت الدولارات السبعين على الصناعة؟

“أن تدفع مقابل ألعاب الفيديو”؛ عبارة لن تجدها في قواميس عددٍ لا بأس به من اللاعبين، وخصوصًا في الدول التي لا تُعاقب أو تُجرم من يحصلون على الألعاب بطرق غير شرعية، وهذا الحال مستمرٌ منذ ظهور فكرة “الكراك” ومنذ أن كانت الألعاب أرخص مما هي عليه الآن، فما بالك بعصرٍ أصبح السعر المتعارف عليه للألعاب المدعوة بالـ AAA هو 70 دولارًا؟

وقلت الألعاب المدعوة بالـ AAA لأن ما بها من مشاكل فنية وتقنية، ناهيك عن المشاكل الأخرى، لا يجعلها تصلح لأن تكون ألعاب AAA، فضلًا عن صلاحيتها لأن تكون بـ 20 دولارًا من الأساس؛ فهي لا ترتقي لأكثر من هذا السعر بسبب مشاكلها الواضحة، فما الذي أصاب المطورين أو الناشرين أو أيًا كان المسؤول عن هذه المهزلة؟ لماذا تُسعَّر الألعاب بهكذا أسعار؟ وما تأثير هذه الأسعار على مبيعات الألعاب؟ كل هذا وأكثر سنعرفه اليوم.

السعر الرسمي الجديد للألعاب

في شهر فبراير الماضي، أعلنت شركة نينتندو أن إصدارة زيلدا الجديدة (Zelda: Tears of Kingdom) ستأتي بـ 70 دولارًا مثل نظيراتها من ألعاب الـ AAA التي تصدر للجيل الجديد من البلايستيشن والإكس بوكس، لتعلن بذلك -بشكل غير مباشر- أن زمن الـ 60 دولار المستمر منذ عام 2006 تقريبًا قد ولَّى وأننا على أعتاب حقبة جديدة لن تقل أسعار الألعاب الضخمة فيها عن الدولارات السبعين.

ولكن ما سبب ارتفاع الأسعار هذا؟ بحسب المحلل نيل ماكر، والذي يعمل بشركة Morningstar، فإن السبب الرئيسي يُعزى إلى ارتفاع أجور المبرمجين، ولكن بالطبع هناك أسباب أخرى نعرفها جميعًا مثل جائحة كورونا والتضخم وزيادة تعقيد الألعاب وعملية تطويرها، ولا ننسى العرض والطلب.

بالنسبة للمطورين، فمن البديهي أن يصب رفع الأسعار في صالحهم، ولكن بالنسبة لنا كلاعبين، فالأمر مدعاة للغضب ويجعلنا نشفق على أنفسنا، خصوصًا أن الكثير من ألعاب الـ AAA تأتي بمشاكل كارثية في الفترة الأخيرة، وبالتحديد على الحواسيب الشخصية، وأبرز مثال على ذلك هي لعبة Star Wars Jedi: Survivor الصادرة حديثًا ومن قبلها Forespoken وCyberpunk 2077 والقائمة تطول.

بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى هذا التسعير المجحف والذي لم يضع حدًا لمشاكل ألعاب الـ AAA الفنية، وبما أن الأمر أصبح واقعًا لا مناص منه، دعونا نناقش تبعات هذا التسعير على الفترة القادمة، ولكن قبل ذلك دعونا نجيب على سؤال في غاية الأهمية..

هل تستحق ألعاب الـ AAA هذه الأسعار؟

بالنسبة لبعض مدمني ألعاب الفيديو، أو Hardcore Gamers، والذين لا يستحلون تحميل الألعاب بطرق غير شرعية، فالأمر يستحق، وهناك طبعًا من يصل الأمر بهم إلى دفع المزيد من الأموال في الـ microtransactions الموجودة داخل اللعبة نفسها، وحتى أن البعض قد يشتري نفس اللعبة لأكثر من مرة مثلما فعل الكثيرون مع نُسخ GTA V الثلاثة بداية من جيل PS3 وXbox One وحتى PS5 وXbox Series X|S.

ولكن 70 دولارًا ليس رقمًا هينًا خصوصًا في عالمنا العربي ذو الأجور المتدنية والتكاليف الباهظة، والكل أصبح يبحث عن الطريقة المُثلى لإنفاق أمواله، وبهذا الخصوص، لنفترض أنك تملك 70 دولارًا الآن وتريد استثمارها في وسائل ترفيه تُسلّي بها وقت فراغك، هل ستشتري بها لعبة قد تكون مليئة بالمشاكل الفنية، لا سيما وإن كنت من لاعبي الـ PC، أم تشترك لأشهر عديدة في خدمات مثل نيتفلكس أو ديزني بلس؟

ولأن شركات الألعاب تعرف خطورة هذه المقارنات، قرروا الاستثمار في الخدمات المدفوعة مثل Xbox Game Pass وPlayStation Plus، وبشكل شخصي أرى أن هذه الخدمات هي أفضل طريقة لمواجهة غلاء الألعاب؛ فخدمة الجيم باس بالتحديد توفر لك الكثير من الألعاب ذات الأسعار الباهظة باشتراك شهري زهيد ومنذ اليوم الأول، وفوق كل هذا، مع باقة ضخمة من الألعاب الأخرى.

تأثير التسعير الجديد على صناعة ألعاب الفيديو

Credits: Push Square

يتجلى تأثير زيادة أسعار الألعاب في انخفاض مبيعات ألعاب البلايستيشن 5، ففي العام الماضي، باعت سوني 264.2 مليون لعبة وهذا أقل مما باعته في 2021 بحوالي 39 مليون وِحدة، وهذا انخفاض كبير في المبيعات. نفس الشيء تقريبًا ينطبق على عائدات الألعاب، والتي انخفضت نتيجة لانخفاض مبيعاتها من 269.30 مليون وحدة في 2021 إلى 220.70 مليون في 2022.

الخلاصة، إن زيادة أسعار الألعاب إلى 70 دولارًا، بل وجعل هذا السعر رسميًا، من شأنه أن يغير الكثير من المفاهيم لدى اللاعبين؛ ستزداد اشتراكات الخدمات المدفوعة، وستقل مبيعات الألعاب بشكل واضح ما دام السعر مرتفعًا والمشاكل الفنية كما هي، بل وتزداد على الحواسيب الشخصية.

Ahmed Safwat

أتساءل إلى أين ستصل بنا التقنية في المستقبل، وأنطلق من هذا التساؤل إلى محاولات بائسة، ولكن شغوفة، للبحث عن الجواب من خلال كلمات عن الألعاب والتقنية.
زر الذهاب إلى الأعلى