مقالات

GPT-3 – آخر صيحات عزو الذكاء الاصطناعي لعالمنا!

كلما سمعنا عن ابتكار جديد من ابتكارات الذكاء الاصطناعي المجنونة يراودنا سيناريو أفلام خيال علمي جسدت مساوئ التطور الذي سيصل إليه الذكاء الاصطناعي في المستقبل إذا لم يخضع لرقابة فعالة من البشر، وقد يبدو هذا الأمر مستبعداً في الوقت الحالي ولكن لا يمكن لأحد إنكار أننا نشهد حالياً مقدمات كافية لتقود العالم نحو ما نخشى حدوثه خلال بضعة عقود، وهو ما بدا واضحاً منذ حادث LaMDA الذي انتشر خبره كالنار في الهشيم وطرح تساؤلات ونظريات يشيب لها شعر الأجنة في بطون أمهاتها!

حسناً قد أكون بالغت قليلاً في وصف ما أريد إيصاله إليك، ولكن يجب أن تضع هذا الاحتمال نصب عينيك وخذها من باب نصيحة مسافر عبر الزمن يحذرك مما سيحدث بعد 100 عام أو روبوت صديق للبشر كتب هذه المقالة ونشرها بواسطتنا، ويبدو الاحتمال الثاني أكثر منطقية! هل خطر ببالك أنني قد أكون ذكاءً اصناعياً يسيطر على جهاز الكاتب، ولما لا أكون الكاتب نفسه؟! كفانا مزاحاً وعبثاً ودعنا لا نستبق الأحداث، انتشرت خلال الفترة القليلة الماضية العديد من برامج الذكاء الاصطناعي منها ما يصنع صوراً حسب وصف المستخدمين مثل MidJourney ومنها ما يؤدي مهام مكتوبة مثل ChatGPT.

نموذج اللغة هو المكون السري لإعداد طبق ChatGPT!

تُعرف برامج الذكاء الاصطناعي المعتمدة على اللغة باسم نماذج اللغة، وقد تطورت بشكل كبير مع ظهور المحولات “Transfromers” المبنية على نماذج اللغة الكبيرة “Large Language Model”، وقد قدمت Google أول المحولات عام 2017 عبر ورقة بعنوان “Attention Is All You Need” أي الانتباه هو كل ما تحتاجه، وحلت هذه المحولات الكثير من عيوب برامج الشبكة العصبية المتكررة “RNN” أهمها استغراق الأخيرة وقت كبيراً في التدريب. منذ ذلك الحين ظهرت العديد من المحولات وهو ما قاد لابتكار نماذج معالجة اللغة الطبيعية “Natural Language Processing”، وأشهرها نموذج BERT من تطوير Google.

Credit: Medium

تنقسم نماذج معالجة اللغة الطبيعية لثلاثة أنواع أساسية؛ فهم اللغة الطبيعية “Natural Language Understanding” ووظيفته القيام بالتشفير أي أنه Encoder ذومنها نموذج BERT، وتوليد اللغة الطبيعية “Natural Language Generation” ووظيفته فك التشفير أي أنه Decoder ومنها نموذج GPT ، ونموذج يقوم بوظيفة النوعين السابقين معاً ومنها نموذج BART. قد تظن أن BART هو النموذج الأكثر تميزاً بحكم جمعه بين وظيفتين، ولكنه ليس أفضل من نموذج GPT من OpenAI الذي يزداد ذكاؤه بشكل هائل مع كل تحديث لنماذج اللغة خاصةً مع الإصدار الثالث الذي صدر عام 2020، ألا تريد إلقاء نظرة عليه؟

نموذج GPT-3 ينقل نماذج اللغة لمستوى غير مسبوق من التطور

ChatGPT, GPT-3

نال GPT-3 صيتاً واسعاً منذ إطلاقه عام 2020 نظراً لقدرته على كتابة جمل بشكل ممتاز بشكل يقترب من الإنسان بل يتفوق عليه في كثير من الأحيان! لا يختلف GPT-3 عن GPT-2 من حيث الوظيفة أو طريقة العمل فكلاهما محول مولد مُسبق التدريب “Generative Pretrained Transformer”، ولكن يتميز GPT-3 بامتلاكه 175 مليار متغير بينما يمتلك GPT-2 مليار ونصف متغير فقط، كما أن الأول مُدرب على كم أكبر من البيانات يبلغ 45 تيرابايت منها 570 جيجابايت من بيانات الكتب والموسوعات والمقالات ونصوص الويب مقارنةً بـ40 جيجابايت فقط للثاني، أي أننا نتحدث عن فارق متغيرات يبلغ 117 مرةً وفارق حجم بيانات يبلغ 1,125 مرةً!

GPT-3, GPT-2
Credit: SIGMOID

بالطبع ازدياد عدد المتغيرات وحجم البيانات لهذا الحد معناه زيادة الموارد الحاسوبية وارتفاع التكلفة بشكل جنوني لدرجة أن كل تدريب مُسبق لنموذج GPT-3 يكلف 12 مليون دولار! لكن كيف يتم تدريب نموذج اللغة من الأساس؟ توجد طريقتين لفعل هذا؛ أولهما Fine Tuning المُخصصة للمهمة المطلوب حلها أي أنها لا تصلح للمهام المُتطلبة لتدريبات إضافية ولا تكون بياناتها كافية، وثانيهما Few-shot Learning غير المخصص لمهمة معينة أي أنها تصلح لجميع المهام تقريباً بدون تدريبات إضافية، وهذا يتطلب تزويد النظام بوصف للمهمة المطلوبة وأمثلة لها والمشكلة المراد حلها على هيئة أمر “Prompt”. بالتأكيد الطريقة الثانية تحقق أداءً أفضل من الطريقة الأولى حيث يمكن صنع أوامر لأداء المهمة المطلوب حلها مثل طباعة رمز تعبيري معين بناءً على جملة معينة!

Credit: Medium

العمليات الحاسوبية وراء الكواليس تكشف عن عبقرية نموذج GPT-3

إذاً كيف يعمل نموذج GPT-3 بالضبط؟ ببساطة يتلقى النظام أسئلة وأوامر معينة ليقوم بتنفيذها في أسرع وقت ممكن وبأقل أخطاء ممكنة، ولكن وراء الكواليس تتم مجموعة من العمليات الحاسوبية المعقدة. نموذج اللغة قائم على مبدأ الاحتمالية أي تخمين الكلمة القادمة في الجملة وهو أشبه باقتراحات البريد الإلكتروني للكلمات أثناء كتابة الرسائل أو النص التنبؤي بلوحة مفاتيح الهواتف الذكية بغض النظر عن مستوى الذكاء، ولكي يتمكن من فعل ذلك تم إخضاع النموذج لمراحل من الاختبارات الخاضعة للرقابة تتلخص في الخطوات المُدونة بالصور أعلاه.

ChatGPT, GPT-3
Credit: OpenAI

خلال المرحلة الأولى يتم إعطاء النموذج مدخلات معينة منها على سبيل المثال السؤال عن أنواع أشباه الموصلات ويكون لدى الفريق المسؤول عن تدريبه الإجابة الصحيحة ولكنهم لا يخبرون النموذج قبل إجابته على السؤال معتمداً على ما لديه من بيانات تدرب عليها، فإن أخطأ يخبرونه بالإجابة الصحيحة ليتعلمها ليتمكن من بناء معرفته. بعد ذلك في المرحلة الثانية يقدم النموذج إجابات متعددة ثم يقوم أحد أعضاء الفريق المسؤول عن تدريبه بترتيب هذه الإجابات من الأفضل للأسوأ بغرض تدريب النموذج على المقارنة. ما يميز هذا النموذج عن غيره أنه يستمر في التعلم ذاتياً أثناء تخمين ما يجب أن تكون عليه الكلمة التالية مما يحسن استيعاب النموذج للأوامر والأسئلة حتى يكون على دراية تامة بأي سؤال يمكن توجيهه إليه.

إذاً كيف يُستخدم نموذج GPT-3؟!

يجب عليك إنشاء حساب عبر موقع OpenAI لتتمكن من استخدام كلاً من Chat-GPT و DALL-E، علماً بأن الموقع يعاني من الضغط بسبب عدم استيعاب الخوادم لجميع المستخدمين المتزامنين، فإذا لم يستجب الموقع فقم بإعادة فتحه ثانيةً، ولا تجرب تحميل أي تطبيق باسم ChatGPT إلا إذا أردت تسريب جميع بيانات جهازك! لسوء الحظ لا يمكن الوصول للموقع بمعظم الدول العربية، وثمة حلان، أولهما استخدام بريد إلكتروني لإحدى الدول المدعومة في إنشاء حساب OpenAI، وثانيهما استخدام VPN والحصول على رقم هاتف لإحدى الدول المدعومة.

OpenAI, GPT-3

لإنشاء حساب OpenAI، قم بالدخول عبر الرابط من هنا، وقم بإدخال عنوان البريد الإلكتروني وتعيين كلمة السر، تأكد من وصول رسالة التوثيق للبريد الإلكتروني واتبع تعليماتها. بعد توثيق حسابك قم بملء بيانات اسمك ورقم هاتفك، ضع الرمز الذي تم إرسالة على رقمك في الخانة المخصصة لذلك، وهكذا أصبح لديك حساب OpenAI.

اقرأ أيضاً:

Mohamed Tahazohier

رئيس قسمي التقنية والهاردوير في Games Mix ومدير محتوى بفروعها. خبرة تفوق 5 سنوات في التقنية وخصوصاً الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب. مهتم بصناعة الألعاب، ومحب لألعاب الشوتر والخيال العلمي. مؤسس صفحة تطبيقك على فيسبوك.
زر الذهاب إلى الأعلى