مقالات

لماذا تغضب الدبلجة المصرية اللاعبين؟ نظرة خاصة على التعريب العامي ومشاكله

انتشرت في الأيام الماضية عروض دعائية جديدة لحصرية بلايستيشن 5 القادمة، Marvel’s Spider-Man 2، بالدبلجة العربية، والتي ستكون باللهجة المصرية كاللعبتين السابقتين وليس الفصحى. انتشر الجدل حول جودة الدبلجة وتأثيرها على التجربة، وهي لهجة لا يفهمها جميع العرب، وأنه الدبلجة بالفصحى كانت لتصبح أفضل كثيرًا، وهو جدال يطول دبلجة الألعاب بشكل عام.

أتفهم تمامًا تلك الآراء، وبالفعل الدبلجة لا تبدو بالمستوى المطلوب، كما أعتقد أن دبلجة اللعبتين السابقتين، الجزء الأول وجزء (مايلز)، كانتا دون المستوى أيضًا، على الرغم من اعتقادي أن اللهجة المصرية هي الاختيار الأمثل للعبة عن بطل خارق هزلي بطابع خفيف مثل Spider-Man.

في هذا المقال نلقي نظرة على دبلجات سابقة باللهجة المصرية لألعاب سوني، بالأخص ألعاب Spider-Man، ولا يعني بالضرورة أن دبلجة Spider-Man 2 ستكون بنفس المستوى المحبط.

أداءات ركيكة، ترجمات حرفية، ونقص للتعابير العامية، جميعها تلقي اللوم على اللهجة المصرية

من الوهلة الأولى عند تجربة الدبلجة المصرية في ألعاب Spider-Man الأخيرة، يمكن ملاحظة فقر الأداء الصوتي في الأساس قبل النظر إلى اللهجة نفسها، فالممثلون يقرؤون عبارات متتالية دون إحساس كافٍ ولا إعطاء اللحظات حقها، الأمر الذي يمكن ملاحظته جليًا عند المقارنة بين الأصوات العربية وأصوات اللغات الأخرى.

الأمر لا يتوقف هنا، حيث توجد ترجمات حرفية بالجملة، خاصةً ترجمات النكات والمزحات التي لا يمكن بأي حال من الأحوال ترجمتها بشكل حرفي، ضف على ذلك أن العامية المصرية بحرٌ من المزحات والتعبيرات المضحكة البسيطة وغير المتكلفة، وبالرغم من ذلك قلما سمعت تعبيرًا مصريًا دارجًا لا ترجمة حرفية متكلفة وأحيانًا غير مفهومة.

دبلجة spiderman 2

حين تمزج الأداءات الضعيفة للممثلين، الذين تشعر أنهم لا يتلقون أجرًا كافيًا وبالتالي لا يأبهون بمستوى الأداء التمثيلي، تلك مع ضعف مستوى الترجمة والوقوع في فخ الترجمات الحرفية ونقص التعابير العامية، كل ذلك كفيل أن يُفشل أي دبلجة بأي لهجة كانت، فنحن نتحدث عن أساسيات للدبلجة غير موجودة.

المعضلة تكمن في “رسمنة” العامية المصرية.. المصريون لا يتحدثون هكذا!

لعل العامل الأهم خلف ضعف مستوى الدبلجة العربية بالعامية المصرية في ألعاب سوني الأخيرة هو محاولة جعل العبارات المترجمة رسمية بأكبر قدر ممكن، وهو ما لا يمكن أن يفلح ببساطة. اللهجة المصرية في ذاتها معاكسة تمامًا للكلام الرسمي، وتعتمد أكثر على التعبيرات السريعة الذكية والقصيرة التي تعطي معاني مختلفة.

كوني مصريًا، حين أستمع للدبلجة المصرية في تلك الألعاب أشعر وأنها لهجة مختلفة عن لهجتي، بكلام منمق بشكل زائد عن الحد لا يستخدمه مصري واحد في حياته اليومية، وفرص كثيرة ضائعة لاستخدام تعبيرات مصرية قادرة أن ترفع من مستوى الدبلجة درجات ودرجات

دبلجة spiderman 2

لنا في أفلام ديزني المدبلجة بالعامية المصرية أمثلة بارزة، فأفلام كارتونية مثل Toy Story و “شركة المرعبين المحدودة” وغيرها الكثير، كانت مدبلجة بالعامية المصرية، وبالرغم من ذلك يمكن التصديق أنها كُتبت بالعامية المصرية في الأساس ولم تُترجم إليها فحسب، الأمر الذي يرجع إلى جودة الكتابة وحسن استخدام التعبيرات المصرية والبعد عن الترجمات الحرفية أو استخدام مصطلحات غير دارجة في اللهجة.

أخيرًا.. بين الفصحى واللهجة المصرية: أيهما الأفضل للألعاب؟

سيظل هذا الجدال قائمًا لا محالة، ذلك لأنها تفضيلات شخصية في المقام الأول. لكن يجب الإشارة إلى أن الطابع العام للعبة وأجواءها لهما عامل كبير في تحديد اللهجة المناسبة، فلعبة مثل Spider-Man، هذا البطل الخارق المعروف بخفة الظل وإلقاء النكات بين الحين والآخر، من المنطقي أن يتم اختيار اللهجة المصرية عند الدبلجة إلى اللغة العربية.

على النقيض نجد God of War Ragnarok تستخدم دبلجة بالفصحى، وذلك بسبب أجواء اللعبة الحادة والجادة وطابع (كريتوس) المعروف، فهي لعبة تليق بها هيبة العربية الفصحى. الأمر ذاته يسري على Assassin’s Creed Mirage التي ستكون مدبلجة بالفصحى.

دبلجة الألعاب

لذلك أقول أنني لست معترضًا على مبدأ اختيار اللهجة المصرية في تعريب ألعاب Spider-Man، ولكن الاعتراض على جودة تنفيذ ذلك التعريب، الذي يبدو عليه الاستسهال أو عدم الاهتمام ببساطة، وإذا كانت الدبلجة بالفصحى بنفس هذا المستوى وهذه الأخطاء، كانت لتصبح محبطة هي الأخرى. وكما ذكرت هناك أعمال فنية أيقونية شكلت طفولتنا ويحبها الوطن العربي بأكمله، كانت أعمالًا مدبلجة بالعامية المصرية، ولكنها كانت دبلجة بجودة أسطورية، وهو ما جعل منها أعمالًا تعلق في الأذهان.

Seif Fayed

المدير السابق لقسم الألعاب بالموقع. مهتم أكثر بألعاب التصويب من منظور الشخص الأول. لعبة تصويب جيدة ذات قصة جذابة مكتوبة بإتقان هي الخلطة السحرية بالنسبة لي. أول لعبة جذبتني لألعاب التصويب كانت Black على PS2.
زر الذهاب إلى الأعلى