مقالات

ألف كوكب و 4 مدن: Starfield تثير الجدل حتى قبل أن تصدر- كبسولة الجيمينج

منذ الإعلان عن لعبة Starfield في عام 2018، مشروع Bethesda الكبير الجديد، بعد كارثة Fallout 76 كان الكثير من اللاعبين مترقبين بحذر تصريحات وإعلانات اللعبة، حتى جاء Summer Game Fest الأخير ورفع التوقعات بشكل كبير. لأن في النهاية، مجتمع اللاعبين يحب أن يتم إبهاره، كما أن العقل الجمعي يمتلك ذاكرة قصيرة بعض الشيء. ولكن بعد أيام من عرض وصلت مدته ل15 دقيقة من أسلوب اللعب، خرج Todd Howard مخرج اللعبة بتصريحات أثارت الجدل. فما هي تلك التصريحات، وكيف يجب علينا التعامل مع حماسنا تجاه ستارفيلد؟ كل ذلك نناقشه في مقال اليوم.

كيف ولماذا أثارت ستارفيلد الجدل؟

قبل أيام من Xbox-bethesda Showcase كان قد تم تسريب خبر ظهور اللعبة، ضمن مجموعة من التسريبات كان مفادها بأن مايكروسوفت استجابت لغضب اللاعبين من تأجيلهم للعبتي Starfield و Redfall وقرروا عرض مشاهد من أسلوب اللعب من اللعبتين في مؤتمرهم، على عكس ما كان مخطط له في البداية.

حاز التريلر على إعجابي شخصيًا، وصديقي أحمد يسري الذي كان يشاهد معي الحدث، ولكن في نهاية ذلك الاستعراض المطول قال المخرج الشهير -والمثير للجدل أيضًا- Todd Howard بأن اللعبة تحتوي على 1000 كوكب قابلين للاستكشاف.

إنها القنبلة الذي يحب Todd Howard أن يلقيها على مسامع المتابعين في كل مرة، خبر جاء تاثير علي شخصيًا كالصاعقة، كيف ولماذا وما نوع الهاردوير القادر على تحمل هذا الكم من المحتوى؟

إنه خيار تصميمي غريب، ووعد يرفع سقف التوقعات بعد أن كان اللاعبين يترقبون بحذر، جن جنونهم وتحمسوا للعبة بشكل غير مشروط، قد يضر باللعبة، وهو شيء من الواضح أن تود هاورد لا يفهمه حتى الآن. لم يطلب أحدًا من ستارفيلد أن تكون اللعبة الأضخم في تاريخ ألعاب الفيديو، ولكن إذا وعدت أن تكون لعبتك هكذا، فيجب أن ترتقي للتوقعات لأن شيء أقل من التوقعات الخرافية التي سيضعها لك اللاعبون ستكون بمثابة فشل بمقاييس الجماهير.

انزعج مجتمع اللاعبون على تويتر وReddit من ذلك الوعد الذي يبدو صعب المنال، وعادت إلى الأذهان في الحال تجربة No Man’s Sky التي حظيت بإطلاق كارثي وانتقادات لاذعة بسبب استخدامها لتقنية الProcederal Generation أي توليد البيئات التلقائي، وهو ما كان المفترض أن يجعل اللعبة مختلفة ولكنه ساهم بشكل أو بآخر في أن تكون خالية من المحتوى بشكل كبير.

تشبيهات اللعبتين ببعضهما لم تتوقف عند هذا الجانب، وإنما امتدت لأكثر من جانب في اللعبة منها شكل وزاوية الكاميرا أثناء التحليق بالفضاء، وكيفية جمع الموارد من أسطح الكواكب والتضاريس عليها.

مع وضع كل ذلك في عين الاعتبار، خرج تصريح رسمي من حساب Bethesda على تويتر يخبر اللاعبين بأن شخصية بطل اللعبة لن تحظى بأداءًا صوتيًا، وهي خطوة للوراء من بعد إصدار Fallout 4 الذي امتلك البطل فيه أداءًا صوتيًا.

لماذا كل هذا الجدل من أجل تفاصيل صغيرة؟

يتفق أغلبنا على أن لعبة Skyrim مثلًا هي واحدة من أفضل ألعاب الRPG في التاريخ، وإذا أخبرت أحد اللاعبين قبل صدورها بأن الشخصية الرئيسية لن تمتلك مؤديًا صوتيًا، سيرد عليك -غالبًا- ويقول : دعنا ننتظر ونرى. إذا لماذا ذلك الحديث الزائد والتخوف من Starfield بالتحديد.

أعتقد أننا كلنا لم ننسى بعد تجربة Fallout 76 السيئة، وكونها آخر لعبة RPG ضخمة من Bethesda يجعل معظم اللاعبين متخوفين من Starfield وأي قرار جرئ من المطور. على الجانب الآخر هناك من اعرفهم ممن يفضلون بأن تكون الشخصيات التي يلعبون بها صامتة، حتى يستطيعون تخيل كل ما يريدونه.

شخصيًا لا أحب الشخصيات الصامتة، والدليل القاطع لدحض أسطورة أن البطل الصامت يزيد من اندماج اللاعب في القصة هي ألعاب مثل Cyberpunk 2077 و Mass Effect و حتى Far Cry 6 التي أعادت البطل المتكلم بعد إصدارات من الصمت.

V from Cyberpunk 2077

الثلاث ألعاب المذكورة تشترك في كونها ألعابًا ستتذكر البطل بعد أن تنهيها، وتتذكر لحظات درامية في قصتها لا لشيء إلا لأنك تعاطفت مع البطل فيها. لعبة مثل Starfield بهذا الحجم قد يصيبها الملل بعد فترة من اللعب بسبب غياب تفاعل الشخصية، خصوصًا وأن 40 ساعة من مهمات القصة فقط هو وقت طويل نسبيًا، فما بالك إذا قمت بصب اهتمامك على المحتوى الجانبي أيضًا؟

ستارفيلد , Starfield

لعبة مثل The Outer Worlds من استوديو Obsidian أعتبرها البعض مرجعًا لنجاح الألعاب ذات البطل الصامت، لكنني أظن بأنها ليست كذلك بسبب حجمها. فاللعبة تمتد لعشرين ساعة فقط من القصة، ليس في محور أحداثها شخصية البطل، بل أنه كان مُعدًا ليتناسب دوره مع فكرة أن يظل طوال أحداث اللعبة متلقيًا لا يحرك الأحداث وإنما هي التي تحركه.

The Outer Worlds

في Starfield الوضع حتمًا سيكون مغايرًا لكبر حجم العالم. أقرب مثال أجده للعبة Starfield هي Cyberpunk من حيث حجم العالم وغناه بالتفاصيل التي ستحتاج إلى مرآة تنعكس عليها أحوال ذلك العالم، وفي حالة Cyberpunk كان قد نجح V (البطل) في ذلك بشكل رائع.

هناك تفاصيل أخرى اغضبت اللاعبين منها تصريح Todd Howard بأن التحليق من وإلى الكواكب لن يكون يدويًا وإنما هناك مقطع سينيمائي يظهر لك حين تختار الإقلاع أو الهبوط. تفصيلة مثل هذه جعلت اللاعبين يتساءلون حول أولويات المطور في لعبته، هل كانت الأولوية أن تكون Starfield مجرد Skyrim أو Fallout في الفضاء أم تقديم أشياء جديدة تدفع حدود صناعة الألعاب للأمام؟

هل Starfield هي قبلة الحياة لشركة Bethesda أم سايبربانك جديدة؟

الإجابة هي قطعًا لا. لا أعتقد أن Starfield ستصل إلى مرحلة Cyberpunk أو Fallout 76، وذلك لأنها ببساطة لعبة قادمة لخدمة الجيم باس من اليوم الأول. لن يكن أي لاعب مجبرًا على دفع سعر كامل لإقتناءها، وبالتالي هي تجربة وإن خرجت لنا بشكل مخيب للآمال، فهي لن تكلفك الكثير، على عكس Cyberpunk التي تطلب اقتناءها دفع سعرها كاملًا.

هناك أيضًا ضمانة أخرى، وهي إكس بوكس نفسها! فهم لا يتركون ألعاب الطرف الأول الخاصة بهم تخرج بشكل غير لائق وقد حدث ذلك مع Halo infinite التي ظهرت بشكل سيء في عرض أسلوب اللعب الأول لها، وتم تأجيلها عام وخرجت بعده بشكل عظيم، وهناك أمثلة عديدة أخرى. إكس بوكس لديهم مقاييس مرتفعة وعلينا الإعتراف بذلك.

إثباتًا لما أقوله، فقد صرح المخرج Todd Howard بأن Starfield أصبحت قابلة للعب من البداية للنهاية، وهي الآن في مرحلة الاختبار والصقل حتى الإصدار، وهو ما يجعلنا نطمئن بعض الشيء على سير عملية التطوير، ومآل الأمور في النهاية. بشكل عام أظن Starfield فرصة عظيمة لBethesda لتعود لأحضان اللاعبين كونها أحد أفضل الشركات التي تخرج ألعاب من نوع RPG. كان هذا الجانب الإيجابي للموضوع الذي يجعلني أظن بأن Starfield ستكون طريق العودة لهوارد ومن خلفه Bethesda ، ولكن..

لنضع الأمور في نصابها الصحيح، ولكن لماذا الوعود المبالغ فيها؟

لا أتفهم حتى الآن حب Todd Howard في رفع سقف التوقعات بشكل مفاجئ. تجربة كان يجب أن يتعلم تجنبها منذ Fallout 4 ولكنه لم يتعلمها. فكما ذكرت في السطور السابقة، لم يطلب أحدًا من Starfield أن تحتوي على ذلك العدد من الكواكب والبيئات، وأن تكون اللعبة الأكبر في التاريخ، ولكن مع وعدها بأن تكون كذلك، أصبح هناك تحديًا صعبًا عليها الفوز فيه.

خلال التصريحات اللاحقة للمخرج Todd Howard قال بأن اللعبة تمتلك 4 مدن كبيرة تدور فيهم الأحداث، أحدهم هي مدينة New Atlantis التي ظهرت في العرض الدعائي، وهو ما أثار ريبة اللاعبين. 4 مدن رئيسية فقط، مع 1000 كوكب قابلين للاستكشاف؟ هل يعني ذلك أننا أمام كم هائل من المساحات الخالية، والمغطاة بالموارد القابلة للجمع؟

ستارفيلد , Starfield

في الحقيقية، أتفهم تمامًا هذا التخوف، ولكن رد هاورد كان ذكيًا أيضًا حيث قال بأن اللاعبون لا يعرفون بأن استوديوهات Bethesda تعاملت مع خواص الProcedural Generation بشكل مستمر في الماضي حتى في ألعابها الناجحة، وأنه عندما تفشل لعبة ما في تقديم شيء مرضي باستخدام هذه التقنية، يعد ذلك سوء استخدام للتقنية، لا أن التقنية نفسها ضعيفة.

ستارفيلد , Starfield

يضيف هاورد قائلًا أنه عندما تبني بحرص الأنظمة التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي في التوليد العشوائي للبيئات تنجح في الحصول على نتائج مرضية، وهو ما فعلوه في Starfield. كما أن الأمر مغاير لألعاب أخرى صدرت سابقًا، فتقنية التوليد العشوائي لن تقوم بتوليد مجموعة من الكواكب تختلف بين كل لاعب و آخر، بل أن الألف كوكب سيكونون متشابهين لدى كل اللاعبين. وأن لعبة Starfield تعتبر أكثر لعبة تم بناء أنظمة مختلفة فيها، واختبار تفاعل تلك الأنظمة مع بعضها، حتى أكثر من جميع ألعاب الاستوديو السابقة.

ستارفيلد , Starfield

كانت هذه الردود ذكية بقدر كونها محيرة أيضًا لأنها تفتح المجال لأسئلة من نوع آخر. مثل : هل Bethesda على وشك إعطاء المطورين درسًا في كيفية استخدام تقنية التوليد العشوائي للبيئات؟ أو هل الكم فعلًا بكل هذه الأهمية؟ خصوصًا وان هاورد قد صرح قائلًا بأن مدة أحداث القصة ستصل إلى 40 ساعة من اللعب، وهو حجم ليس بكبير مقارنة بألعاب rpg كبيرة أخرى، فالسؤال الأكثر واقعية هنا هو هل كان العمل على تقديم بيئات بهذه الضخامة أمرًا مهمًا؟

ستارفيلد , Starfield

وأخيرًا يا صديقي، لعبة Starfield مشروع طموح بلا شك من شركة كبيرة تحاول العودة مجددًا للصدارة، مسلحة بوجود مايكروسوفت والإكس بوكس جيم باس بجانبها، وهما سلاحان قويان يجعلان المعادلة تميل لصالح Bethesda بشكل كبير، كما أن الجماهير تتعطش للحصول على لعبة RPG جديدة خصوصًا لو كانت في الفضاء، ولكن هل تنجح Starfield بعد أن رفعت سقف توقعاتنا جميعًا؟ هنا أستطيع أن أخبرك أخيرًا، أنني مجرد كاتب يسرد الحقائق والأراء، ولا أعرف شيء عن المستقبل، ولكني اتمنى، أنا الذي كتبت مقالًا كاملًا عن لماذا أعشق Fallout 4! فلننتظر ونرى.

كبسولات جيمينج سابقة:

هل أساءت Zelda للدين الإسلامي؟
“ما لا يُدرك كله لا يترك كله” الطموح الزائد لمشروع Sleeping Dogs

Ryse Son Of Rome من يريد المتعة فليذهب إلى السيرك

Mostafa Argoun

رئيس التحرير ومدير المحتوى بالموقع،أحب ألعاب الفيديو منذ زمن بعيد، وأول لعبة قمت بتجربتها كانت لعبة فيلم هرقل (Hercules) علي الحاسب الشخصي. أحب ألعاب الRPG وخصوصًأ التي تهتم بالقصة وتفرعاتها، ولا مانع من ألعاب اللعب الجماعي التي تقدم شيئًا جديدًا، وتحترم وقت اللاعبين. أعمل في صحافة الألعاب منذ عام 2012 وأحب الكتابة كهواية جانبية.
زر الذهاب إلى الأعلى