مقالات

Ryse Son Of Rome من يريد المتعة فليذهب إلى السيرك – “كبسولة الجيمنج”

تعتبر Ryse Son of Rome واحدة من الألعاب التي تداعب فانتازيا المحارب الروماني بداخلي، والتي لطالما أردت أن أضع يدي على لعبة تقدمها لي بالشكل المثالي. تضعني في دور محارب شديد البأس وقوي البنيان أخوض معه معارك الإمبراطورية الرومانية التوسعية، أو أدافع عنها. Ryse Son Of Rome كان من المفترض أن تكون هذا العمل الفني الذي يلبي ذلك الاحتياج لدى جميع اللاعبين ولكنها عوضًا عن ذلك كانت الابن العاق لاستوديو Crytek الناجح، والذي يتمنى العاملين فيه أن تبتلعه سطور التاريخ ولا يتذكره أحد. كيف ولماذا حدث ذلك؟ هو موضوعنا اليوم، وسنبدأ معه سلسلة جديدة تحت مسمى “كبسولة الجيمينج” نتطرق في كل جزء منها لموضوع جديد.

كبسولة الجيمينج Ryse Son Of Rome

بداية الفكرة: طموح كبير لتقديم ما لم يره اللاعبون من قبل على الصعيد البصري

في 2006 كانت صناعة الألعاب قد وصلت لمرحلة النضج. الإعلام بدأ في أخذ الصناعة على محمل الجد، المستثمرون بدأوا بالإيمان بإمكانيات الصناعة وضخ الأموال فيها، والشركات الرائدة في الصناعة كانت تبحث عن كل ما هو جديد في الجانب التقني للصناعة لنيل استحسان الجماهير، وصناعة “الحدث الجديد أو The Next Big Thing”

كبسولة الجيمينج Ryse Son Of Rome

كانت رؤية مايكروسوفت في ذلك الوقت أن تقوم بالاستثمار في تمويل مشاريع لاستوديوهات غير مملوكة لها، على أن تكون تلك العناوين حصرية لمنصات إكس بوكس، أملًا في توسيع مكتبة حصريات المنصة التي كانت تقترب من نهاية عمرها (Xbox 360) والنجاح في العبور إلى الجيل التالي (Xbox One) بمكتبة حصريات تضمن لهم منافسة سوني التي كانت تقدم حصريات ثابتة المستوى بشكل دوري في ذلك الوقت. امتلكت مايكروسوفت سلاسل رائعة مثل Gears Of War و Halo و Dead Rising و Forza Horizon ولكن دون هؤلاء، لم تمتلك الكثير. اتجهت لمجموعة من الاستوديوهات ومنها استوديو Crytek الألماني، والذي اقترح عليها عنوانين.

كبسولة الجيمينج Ryse Son Of Rome

الأول كان عنوان MMORPG يطمح لمنافسة Word of warcraft والتي كانت قد وصلت لأوج شعبيتها في الفترة نفسها. عنوان Crytek حمل عنوانًا مبدأيًا وهو Kings. على أن يمتلك عالمًا دينامكيًا مفتوحًا. والمشروع الثاني كان للعبة أكشن وتقمص (RPG) من المنظور الأول، برسوم “جبارة” وأسلوب سينمائي كان الهدف الأول والأخير من خلال هذه المشروع تقديم لعبة فيديو تقترب من مستوى أفلام السينما في طريقة السرد.

World of Warcraft Classic spacing 'new' content out more | Rock Paper Shotgun

في البداية كان المشروع الأول مثيرًا للاهتمام لصناع القرار في مايكروسوفت بسبب رواج هذا النوع من الألعاب (MMORPG) وحجم ما تحققه من أرباح طائلة، ولكن مع بعض الدراسة صرفت مايكروسوفت نظرها عن الفكرة نظرًا لإحكام Blizzard سيطرتها على السوق وقتها وصعوبة المنافسة. اتجهت الأنظار إذاً إلى المشروع الثاني، لعبة سينيمائية ترفع سقف صناعة الألعاب، وتقدم جودة رسومية وتقنية غير مسبوقة؟ لقد كان وقع ذلك على آذانهم كالموسيقى، وأعتبروا أن هذا العنوان يمتلك كل المقومات ليكون العنوان الرئيسي الجديد لمنصتهم، ويزيد في مبيعاتها (Console Seller).

بدأ الاستوديو في تحضير نسخ أولية في عام 2006، ولكنه احتاج لبعض الوقت (حتى عام 2009) لإثبات نفسه بأنه جدير بالاستثمار من خلال إصدار ألعاب أخرى أهمها Crysis الأولى. في 2009 بدأ التطوير الفعلي للعنوان مع الإعلان عن تاريخ إصدار في 2011.

مرحلة الخطر: خلافات داخلية تسببت في الشكل الذي كانت عليه اللعبة

بدأ التطوير على أن تكون اللعبة تجربة منظور أول قابلة للعب فقط باستخدام جهاز Kinect. بالفعل وصل الاستوديو لصناعة ديمو كامل قابل للعب خلف الأبواب المغلقة، ولكن المفاجأة كانت الأراء شديدة السلبية التي تلقتها اللعبة حتى من مطوريها أنفسهم، ومن أشد المتحمسين للعبة، وهنا كانت المشكلة الكبيرة.

جاءت ردود الأفعال هذه بسبب نظام التحكم الصعب والذي اعتبره كل من جرب اللعبة “مٌرهق” بالمعنى الحرفي للكلمة. لقت تطلب التحكم في المعارك -والتي تمثل 90% من أسلوب اللعب- أرجحة.

كانت تلك لحظات فارقة في تاريخ المشروع، لأن إدارة إكس بوكس أصرت على إصلاح اللعبة وإيجاد طريقة لتحسين نظم التحكم أو تسهيل اللعبة بشكل أو بآخر، ولكن هنى ذلك الكثير من الوقت والموارد المهدرة في مشكلة كان السبب فيها ضعف التكنولوجيا التي كانوا يتعاملون معها متمثلةً في جهاز Kinect.

أحد الأمثلة المُضحكة حول نظام التحكم باللعبة كان إجبارك على الركض في مكانك لتتمكن من الركض داخل اللعبة في حركة لم يتقبلها الكثيرون عند الإعلان عنها في E3. إنه لشيء رائع أن تمارس الرياضة بالطبع لكن جلسات اللعب على جهاز ألعابك من المفترض أن تكون ممتعة في المقام الأول، أما جلسات اللعب مع Ryse كانت مرهقة ولم يتحمل أحد أكثر من ساعة واحدة حسب تعليقات لاحقة لبعض المطورين والتسريبات الداخلية.

كبسولة الجيمينج Ryse Son Of Rome

رأى المطورون أنه لا بد من إضافة نظام تحكم بأزرار يد التحكم عوضًا عن نظام التحكم بجهاز Kinect وهو عكس ما كان يريده الإداريون في مايكروسوفت. يرجع السبب لذلك لأنهم أرادوا إنتاج لعبة بميزانية ضخمة لجهاز Kinect لأن حتى ذلك الوقت لم يكن هناك عنوان يجعل اللاعبون يشعرون بأن امتلاك ذلك الجهاز “ضروري” إنما بعض العناوين الموجهة للأطفال، بميزانيات صغيرة. كان جهاز Kinect جهازًا مهمشًا من مجتمع اللاعبين رغم إيمان مايكروسوفت الكبير به في البداية. مع الوقت وافق الإداريون على أن تتحول اللعبة للمنظور الثالث بأسلوب تحكم عادي، مع التركيز على وعدها الأساسي، أن تكون اللعبة الأكثر سينيمائية، محاولة محو الخط الفاصل بين السينما والألعاب، أو على الأقل جعله خطًا رفيعًا! لقد فقد المطورون الكثير من الوقت في معركة خاسرة، وأدركوا أن تاريخ الإصدار مستحيل أن يبقى كما هو (2011). وبالفعل صدرت اللعبة في 2013 كلعبة إطلاق لمنصة Xbox One التي كان لها نصيبها من التعثر الإداري في تسيير مرحلة ما قبل الإصدار، وهو ما يستحق مقالة كاملة منفصلة.

كبسولة الجيمينج Ryse Son Of Rome

ولكن، هل المنتج النهائي من Ryse Son Of Rome يجعلنا نصفها بلعبة سيئة؟

المنتج النهائي كان نسخة مهترئة من الفكرة الأساسية. هناك مقومات الرؤية التي كان يملكها المطور في بادئ الأمر، عنف وأكشن، ورسوم جبارة. ولكن على حساب بقية العناصر وهي تنوعية أسلوب اللعب، وحجم المحتوى. ضربت تلك العيوب لعبتنا في مقتل ربما لأنها لم تكن لعبة ترتقي لمقاييس وقت صدورها وهو عام 2013، كما أن الترويج لها ظل سنوات يركز على جودة الرسوم وملحمية الرحلة.

كبسولة الجيمينج Ryse Son Of Rome

لعبة Ryse Son Of Rome تقدم تجربة أكشن من المنظور الثالث، خطية على غرار Uncharted، تدور قصتها حول البطل Marius الذي يقود فيلق من الجيش الروماني للدفاع عن بلاده من غزو بربري عنيف. تبدأ اللعبة بداية ملحمية تجعلك تظن انك على أعتاب تجربة لا تنسى، ولكنها سرعان ما تتحول إلى تجربة نمطية حبيسة للتكرار والاعتيادية.

القصة تتحول إلى قصة شخصية في ظل حرب ملحمية، وهو أمر يضعف من قيمة ما يتم تقديمه من أحداث تخص الحقبة التاريخية الهامة من وجهة نظري. هناك من أعجبهم الأمر ولكني لم أكن منهم. فالقصة ركزت على ذكريات الشخصية للحظات ما قبل الغزو إلى لحظات الغزو الأولى. كيف وصلنا إلى هنا؟ هذا هو السؤال الذي تجيب عنه اللعبة خلال أحداثها، وهو ليس بالسؤال الذي يغريك لتفتش عن إجابته بالقدر الذي يفعله “ماذا حدث فيما بعد”.

تعتبر الرسوم هي الجانب الأقوى في اللعبة والأكثر استقرارًا، ربما لأن لا يمكن للقرارات الإدارة تغيير جودته. لقد قدمت Ryse: Son Of Rome أفضل تمثيل بصري للإمبراطورية الرومانية حتى يومنا هذا من حيث الجودة والتفاصيل والمؤثرات. إنها تمثيل عملي للحروب في ذلك الزمن أكثر من أي لعبة أخرى، ولذلك قد يجد بعض الناس فيها جمالًا لم يستطع اللاعبون وقت الإصدار رؤيته. عليك دائمًا الحكم على الألعاب بنفسك، ما أنقله لك هو مجرد رأي شخصي.

أما عن أسلوب اللعب، فيمكنني وصف اللعبة بأنها حاولت تقديم شيء مشابه لألعاب Batman: Arkham City من قتال سريع الإيقاع يعتمد على الحركات المصممة بعناية (Animations) والتي تصور عنف تلك المعارك بشكل عظيم من تقطيع الأطراف إلى تناثر الدماء، بجانب نظام صد ضربات فعال. مشكلتي كانت أنه لا يوجد أي تحدٍ يجعلني أقلق من عدم تنفيذ الضربات بالشكل الصحيح. السهولة المفرطة، وعدم وجود ما يمكنك أن تخسره كانت العيوب الكبرى التي قتلت تمامًا متعة المعارك بالنسبة لي. ضف إلى ذلك غياب التنوعية في أسلوب اللعب، حتى وإن وجدت بعض المحاولات لتقديم لحظات ملحمية (Set pieces) لتغيير الإيقاع كل فترة، إلا أنها لم تجعلني أنسى شعور الملل، لأنني ببساطة كنت قد رأيت كل شيء لدى اللعبة لتقدمه في أول ساعتين، وهي تجربة تقدم 4-6 ساعات في مجملها مقابل سعر كامل، وهو أمر آخر يمكننا إضافته لقائمة العيوب.

الحظ السيء يلاحق حصريات Xbox One

تمتلك حصريات الجيل السابق الخاصة بمنصة الإكس بوكس حظًا سيئًا، ربما بسبب كيفية إدارة تلك العناوين في مراحل التطوير، ورغبة مايكروسوفت الشديدة والمُلحة لتسويق جهاز Kinect حتى آخر لحظة، أو ربما لأنها حصريات طرف ثالث تم ممارسة الضغوط على الاستوديوهات التي قامت بتطوريها عوضًا عن توفير مناخ مستقر لهم.

Kinect Adventures Demo - Microsoft's E3 2010 Press Conference - YouTube

هناك حصريات أخرى عوملت بشكل سيء ولم تلقى النجاح والرواج الذي كان متوقعًا منها Quantum Break و Crack down 3 و Dead Rising 3 و 4، وهي ألعاب جميعها تمتلك إمكانيات وأفكار كبيرة كان من الممكن أن تؤدي إلى ألعاب عظيمة، ولكن يبقى القاسم المشترك بين كل هذه العناوين الواعدة هو مايكروسوفت وكيفية إدارتها السيئة. تغير ذلك كله مع مجيء Phil Spencer الذي عمل جاهدًا لشراء استوديوهات كبيرة لتكون ملكًا لمايكروسوفت وتعمل على حصريات خاصة لمنصتهم، مثل استوديوهات Bethesda و Activision و Ninja Theory و Obsidian و غيرهم.

مواعيد العاب ومشاريع Xbox القادمة بحسب "توقعات" المسرب الشهير Klobrille - ايلدر بلايرز

لقد أصبح المستقبل مشرقًا لحصريات إكس بوكس في عصر Phil Spencer الذي تدين له شركة مايكروسوفت بالكثير لإنجاح منصتهم “إكس بوكس” والعودة بها من بعيد، وتغير مجال صناعة الألعاب بشكل ثوري عن طريق تقديم خدمة Xbox Game Pass الذي يراها البعض -وأنا منهم- مستقبل الصناعة على أصعدة عدة. يمكننا أن نتوقع عدم رؤية سيناريو مشابه للعبة Ryse: Son of Rome قريبًا مع أي لعبة مملوكة لشركة مايكروسوفت، ولكن ماذا عن مستقبل العنوان؟

لقد أشارت بعض التقارير الصحفية بأن مايكروسوفت عرضت على Crytek شراء العنوان ليكون حصرية من حصريات إكس بوكس للأبد، ولكن الأخير رفض وقرر أن تبقى اللعبة في غياهب المجهول، آملين في إعادة إحيائها مرة أخرة لاحقًا، دون إشارة على اقتراب ذلك الموعد حيث تعمل Crytek حاليًا على تطوير لعبة Crysis 4 كما أعلن في وقت سابق من هذا العام، وعلى تحسين لعبته الخدمية الناجحة Hunt: Showdown. مصير حزين نالته لعبة كانت واعدة فقط لأنها لم تحظ باستقرار عملية التطوير. إنه “جحيم التطوير كما يسمونه”.

ماذا عن فانتازيا المحارب الروماني؟

“من يريد المتعة فليذهب إلى السيرك” هو عنوان وجدته معبرًا عن تجربتي مع Ryse وكأنها جملة يوجهها المطور للاعبين طوال أحداث اللعبة. لقد تحطمت أحلام فانتازيا الحرب الرومانية التي كانت لدي على صخرة لعبة استوديو Crytek المتخبطة، ولكن لحسن الحظ جاءت يوبي سوفت بلعبة Assassin’s Creed Odyssey في 2017 لتقدم ولو جزءً من هذه الفانتازيا التي لطالما أردتها.

Ubisoft Assassin's Creed Ubisoft Quebec #Odyssey #Odyssey Assassin's Creed Odyssey #1080P #wallpaper #hdwallpap… | Assassinas, Figuras históricas, Assassin's creed

أعتقد أن سلسلة أساسينز كريد تحولت من سلسلة بقصة مترابطة إلى ملعب لتلبية الرغبات الدفينة لكل لاعب ذو خيال واسع. إذا أردت أن تعيش فانتزايا الفايكنجز فهناك لعبة لذلك من السلسلة نفسها، وإذا أردت أن تعيش تجربة الحروب في الإمبراطورية الرومانية فهناك أيضًا Odyssey التي تقدم ذلك بشكل شبه متكامل مع إدخال بعض العناصر الخيالية على القصة والعالم.

تقدم أساسينز كريد أوديسي تجربة تدوم 100 ساعة تقريبًا (40 ساعة من القصة) بينما تقدم Ryse حوالي 6 ساعات كحد أقصى، وقد صدر العنوانين بالسعر الكامل، فهل يستويان مثلًا؟ ليس دفاعًا عن Odyssey، ولكن وصفًا لمدى مأساوية وضع لعبة Ryse Son of Rome وكونها نقطة سوداء في تاريخ استوديو كان بإمكانه فعل أكثر بكثير مما كان.

في النهاية، Ryse Son of Rome كانت عنوان إطلاق سيء لمنصة Xbox One ولكنها وبعد تخفيض سعرها مع مرور الوقت عنوان يستحق التجربة لما قدمه من رسوم جبارة وتفاصيل تنافس بعض الألعاب ذات الميزانيات الكبيرة في وقتنا الحالي، وهو الوعد الوحيد الذي نجح المطور في الإيفاء به. إنها لعبة تستحق التجربة ولكن بلا آمال مرتفعة. طن على علم بأنها لعبة خطية متكررة تمتلك بعض نقاط القوة كالرسوم وسينيمائية القصة مثلًا، حينها لن تعيش مأساة كالذي عاشها هؤلاء الذين جربوها وقت الإصدار.

Mostafa Argoun

رئيس التحرير ومدير المحتوى بالموقع،أحب ألعاب الفيديو منذ زمن بعيد، وأول لعبة قمت بتجربتها كانت لعبة فيلم هرقل (Hercules) علي الحاسب الشخصي. أحب ألعاب الRPG وخصوصًأ التي تهتم بالقصة وتفرعاتها، ولا مانع من ألعاب اللعب الجماعي التي تقدم شيئًا جديدًا، وتحترم وقت اللاعبين. أعمل في صحافة الألعاب منذ عام 2012 وأحب الكتابة كهواية جانبية.
زر الذهاب إلى الأعلى